لماذا قال السيد نصرالله أن النظام السعودي في مراحله الأخيرة؟
قبل عدة أيام وفي مقابلة نشرتها قناة العالم الفضائية كان قد أجراها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مع مؤسسة “نشر اثار قائد الثورة الإسلامية الإيرانية الإمام السيد علي الخامنئي”، قال فيها إن النظام السعودي قد شاخ وربما يكون في مراحله الأخيرة، معتبراً أن الحرب على اليمن والتدخل في الدول الأخرى سيتركان أثراً على مستقبل السعودية.
ومن أبرز النقاط التي ذكرها السيد نصرالله أن “النظام السعودي شاخ وقد يكون في مراحله الأخيرة لأسباب طبيعية”، موضحاً أن من بينها الظلم خلال المئة عام الأخيرة والفساد والقمع واستئثار العائلة المالكة.
وأضاف إن ما سيعجّل نهاية النظام السعودي هو تصرفات المسؤولين الفعليين حالياً في السعودية التي تتعارض مع ما كان عليه الأمر مع من سبقوهم.
واعتبر نصر الله أن إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الحرب على اليمن سيترك أثراً على مستقبل السعودية، فضلاً عن تدخلها الواضح في شؤون الدول الأخرى.
وانتقد الأمين العام لحزب الله الموقف السعودي من القضية الفلسطينية والخطة الأمريكية للسلام، قائلاً: إن الانبطاح والمذلة أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسقطان هيبة حكام السعودية. وأضاف نصر الله إن التاريخ السعودي لم يشهد مثيلاً للوضع الحالي من المهانة والضعف والانكشاف، لذلك فإنهم “لن يبقوا طويلاً بحسب السنن الإلهية والطبيعية”.
وقبل أيام حذّر نصر الله السعودية في كلمة نقلها تلفزيون المنار من أن إيران “ستدمّرها” في حال نشوب حرب، داعياً الرياض وأبو ظبي إلى وقف الحرب في اليمن بدلاً من شراء المزيد من أنظمة الدفاع الجوي لحماية أراضيهما.
واعتبر نصر الله أن استهداف الحوثيين لمنشآت أرامكو النفطية حدث مهم جداً، وهزّ المنطقة وترك صدى وارتدادات مهمة في العالم.
أسباب زوال النظام السعودي في المرحلة المقبلة؟
ما قاله السيد حسن نصرالله يعتمد على سلسلة حقائق ووقائع تشهدها المنطقة على وجه العموم والسعودية على وجه الخصوص، وما جعل السعودية تكتب نهايتها بيدها هي سياستها المتعجرفة والفوقية ونرجسيتها في التعاطي مع الدول وشعبها، كل هذه الأسباب وغيرها أدّت إلى قوقعة السعودية على أنفسها وانغلاق جميع الأبواب في وجهها، ومن بين أهم الأسباب التي ستؤدي إلى نهاية النظام السعودي هي التالي:
أولاً: حرب اليمن وتداعيات هذه الحرب، والتي عجزت السعودية على إنهائها ولم يعد باستطاعتها الخروج منها دون أن تتحمل نتائج ما اقترفت يداها بحق الشعب اليمني، ومع ذلك وعلى الرغم من أن “أنصار الله” أصبحت لهم الكلمة العليا في الحرب اليمنية، قدمت هذه الجماعة مشروعاً “للسلام” ينهي الحرب ويخرج السعودية من هذا المأزق، إلا أن خيار “السلام” سيكون صعباً على السعودية.
السعودية أدركت أنها عاجزة عن إنهاء حرب اليمن وأنها أصبحت متورطة فيها حتى أعلى رأسها، وأنها أصبحت وحيدة في ميدان الحرب، والجميع تخلى عنها، والقضاء على “أنصار الله” أصبح أمراً مستحيلاً، وأن الحصول على مكاسب أمر بعيد المنال بعد أن خذلتها الإمارات في الجنوب، وأن إعادة الشرعية أصبحت أمراً من الماضي، لذلك لم يتبقَ أمامها سوى الاعتراف بالفشل والقبول بالسلام مع “أنصار الله” حتى لو اعتبرت أن الأمر هو انتصار سياسي “ضمني” لجماعة “أنصار الله” بعد الانتصار العسكري الأخير الذي حققوه إلا انه يبقى الخيار الأفضل.
ثانياً: تخلي أمريكا عن آل سعود، وكان واضحاً في الهجوم الأخير على منشآت أرامكو، حيث لم تقدم على أي خطوة تُظهر أنها تدافع عن الرياض، ولم تقم بأي عمل يتناسب مع كمية المبالغ الهائلة التي حصل عليها ترامب من النظام السعودي مقابل تقديم الحماية، بل اكتفت واشنطن بتحميل طهران مسؤولية ما حصل دون أن تتجرأ على اتخاذ أي خطوة ضد إيران على عكس ما كان يأمل ابن سلمان، الذي لم يقتنع حتى اللحظة بأن أمريكا لا تحارب بالنيابة عن أحد وأكثر ما يمكن أن تقوم به هو إطلاق تصريحات فارغة من أي عمل فعلي على الأرض، لأن ما يهم واشنطن هو النفط فقط، ولطالما أنها تحصل على هذه المادة التي سوّدت وجه النظام السعودي وأغرقت المنطقة في حروب طويلة الأمد، فليس هناك أي مشكلة بالنسبة لها، وكان هذا الأمر واضحاً حيث أمر ترامب السعودية بعد هجمات أرامكو بالاستفادة من احتياطات النفط للحفاظ على سعر النفط العالمي.
ابن سلمان منزعج من ردة فعل واشنطن، ولكن ماذا بوسعه أن يفعل؟، هل كان يتوقع أن تحرّك أمريكا أساطيلها وتضرب إيران؟، إن كان بوسعها أن تفعل ذلك لن تتردد لحظة واحدة، لكنها اختبرت إيران وقدراتها خلال هذا الصيف، من خلال محاولة اختراق أجوائها، أو من خلال احتجاز ناقلة نفط لها، وغيرها من الاختبارات التي باءت جميعها بالفشل، بعد أن تمكّنت طهران من إحباط هذه المحاولات.
ثالثاً: الاقتصاد السعودي يواجه مجموعة تحديات تنذر بهلاك هذا الاقتصاد، حيث يتعرّض اقتصاد السعودية في الوقت الراهن إلى خسائر فادحة لم تشهدها البلاد منذ عدة عقود، ويظهر هذا الأمر في هروب الشركات والمستثمرين من السعودية وإفلاس الكثير من الشركات، وانخفاض سعر النفط الذي وجه صفعة قوية لاقتصاد السعودية، وتراجع مؤشر الأسهم السعودية، وعدم وجود أي دخل أو نمو في المجالات غير النفطية؛ كل هذه التفاصيل وغيرها لا يمكن عزلها عن سياسة ابن سلمان الفاشلة في إدارة البلاد.
وبحسب آخر الإحصاءات فقد تعرّضت 50 شركة في السعودية إلى خسائر فادحة وبلغت خسائر 32 منها 100% واقتربت خسائر إحدى الشركات من 10 آلاف في المئة، في حين تجاوزت خسائر 4 شركات ألفاً في المئة، وتراجعت أرباح أكثر من 88 شركة، وهذا يمثل أغلبية الشركات المدرجة في السوق.
رابعاً: الإمارات وجّهت طعنة في الظهر للسعودية، والسبب يعود إلى تجاهل السعودية لما تقوم به الإمارات في اليمن، وعلى الرغم من أن مخطط الإمارات كان واضحاً بتقسيم اليمن والسيطرة على الموانئ فيها، إلا أن السعودية بقيت صامتة أمام سياسة آل زايد على اعتبار أنها تتوافق مع السياسة السعودية في معاداة “أنصار الله” ولم تستهدف حتى ذلك الوقت القوات التابعة لها، إلا أن المعادلات جميعها تغيرت بعد أن سيطرت القوات المدعومة من الإمارات على عدن، واستهدفت هذه القوات بشكل مباشر القوات المدعومة من قبل السعودية، وبدا المشهد وكأن هناك حرباً بالوكالة بين البلدين وأن الطلاق بينهما على وشك الحصول، لولا السياسة الناعمة للإمارات التي امتصت الغضب السعودي وأصدرت عدة بيانات تؤكد فيها عدم الانقلاب على السعودية في اليمن، وأنهما على قلب رجل واحد في اليمن وتبيّن فيما بعد أنهما على قلب رجل واحد في تقسيم اليمن، ومع ذلك بقيت المشكلات بين الإمارات والسعودية عالقة في اليمن طالما أن منصور عبد ربه هادي يحرّض السعودية على الدفاع عن “الشرعية” وعن قواته في وجه الاستهدافات الإماراتية ضد قواته هناك.
المصدر / الوقت