تعديلات قانون الطوارئ المصري في ظل كورونا
وافق البرلمان المصري يوم الثلاثاء الماضي مبدئياً على تعديلات قانون الطوارئ، وبموجبها يتمتع الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” بسلطات جديدة وأوسع لمكافحة فيروس کورونا.
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الصحة المصرية أن 264 شخصاً توفوا حتى الآن بسبب مرض کورونا، وبلغ عدد المصابين 3490 شخصاً. ومع ذلك، يرى المنتقدون أن الأهداف الجديدة لمنح سلطات خاصة للرئيس أكثر من مجرد مكافحة الفيروس، ويوجهون لها سهام انتقاداتهم.
تفاصيل اللوائح الإصلاحية
في جلسة علنية صباح الثلاثاء الماضي، وافق البرلمان المصري على مسودة مشروع تعديلات قانون الطوارئ، وأرجأ الاستنتاج النهائي إلى جلسة الأربعاء.
التعديلات التي أدخلت على قانون الطوارئ، والتي كانت قد قدمت من قبل الحكومة المصرية لزيادة سلطات الحكومة لمواجهة کورونا، تمنح الرئيس سلطات أوسع.
يجب تطبيق هذه التعديلات إذا تمت الموافقة عليها نهائياً، علی القانون رقم 162 المعتمد عام 1958. ويمكن لهذه الإصلاحات تقييد أو حظر الاجتماعات والتجمعات والاحتفالات والمظاهرات وحتى الاجتماعات الخاصة.
وتنص المسودة على منح صلاحيات للرئيس أو من ينوب عنه، مثل إغلاق الوزارات والإدارات والمدارس والجامعات، وعدم دفع تكلفة خدمات الماء والكهرباء، سواء جزء من التكلفة أو كلها.
وبناءً على أحكام هذا المشروع، يجب على القوات المسلحة المصرية وقوات الأمن الامتثال للأوامر الرئاسية في هذا الصدد، وفي هذه الحالة يحق للقوات المسلحة الاعتقال القضائي على الجرائم التي تكتشفها.
كما تؤكد هذه التعديلات على ضرورة إجبار الأشخاص الذين يدخلون مصر من الخارج على الامتثال لشروط الحجر الصحي من قبل المؤسسات ذات الصلة، وتفرض بعض القيود على تصدير سلع معينة أيضاً.
وفي أجزاء أخرى من أحكام هذه التعديلات، يمكن أيضًا ملاحظة حظر شراء وبيع بعض السلع، وتحديد أسعار بعض السلع والخدمات أيضاً.
النواب الموافقون على هذه المسودة، يعتقدون أنها ستساعد على مكافحة فيروس کورونا، وإلی جانب تسريع عملية قمع هذا الفيروس، فإنها لصالح الطبقات الضعيفة والمحتاجة إلى مزيد من الاهتمام والرعاية.
يشار إلی أن قانون حالة الطوارئ ينطبق عندما يكون النظام العام والأمن في بلد أو منطقة ما مهددين، ويكون استقرار الحكومة وأمنها على المحك.
أهداف الحكومة المصرية من مشروع تعديلات قانون الطوارئ
تسعى الحكومة المصرية إلى زيادة سلطاتها للسيطرة على الوضع بشكل أفضل، من أجل تقليل التكاليف الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، هذا في حين أن القوات المسلحة المصرية وقبلها نواب في البرلمان، حاولوا تقديم مساعدة مالية للحكومة المصرية، من خلال تخصيص أموال لصندوق “تحيی مصر”.
من البديهي أن حكومة مصر المدينة، التي نفذت مشاريع واسعة النطاق في المجالات المدنية والاقتصادية للبلاد، من خلال الحصول على قروض من المؤسسات الدولية، قد عقدت الآمال على أرباح هذه المشاريع لتسديد جزء من ديونها، ومن المؤکد أنها ستعاني من خسائر اقتصادية مضاعفة بسبب الظروف التي يفرضها تفشي فيروس کورونا.
لذلك، من الواضح أن الحكومة المصرية ستستخدم جميع أدواتها لخفض التكاليف الاقتصادية لفيروس كورونا، وهكذا في المقام الأول فإن هدف الحكومة من تقديم مشروع تعديلات قانون الطوارئ إلى البرلمان، يمكن اعتباره بأنه يأتي في سياق زيادة السلطات لتقليل تكلفة التعامل مع فيروس كورونا.
من ناحية أخرى، وبالنظر إلی مناورة الإخوان المسلمين في قضية كورونا، ودعوة هذه الجماعة لجميع المصريين للانضمام إلى حملة “الشعب الواحد”، هناك مخاوف لدى الحكومة المصرية من أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى لاستخدام الظروف الخاصة الحالية لضرب الحكومة.
ويأتي ذلك في الوقت الذي خاطبت فيه جماعة الإخوان المسلمين ولأول مرة منذ أحداث عام 2013، والتي أدت إلى الإطاحة بحكومة محمد مرسي، رئيس الغرف التجارية ورئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، وهما من المسؤولين المصريين، وقدمت لهما التوصيات لمواجهة كورونا.
لذلك، هذه التحركات جعلت جهاز الأمن المصري أكثر تخوفاً من حملة الإخوان المسلمين، خاصةً وأن أنشطتها الدعائية والإعلامية تنبع بشكل رئيسي من تركيا، وبالتالي فقد سعت الحكومة إلى زيادة سلطاتها الأمنية للتعامل مع أي اضطرابات محتملة.
وتتضاعف أهمية هذا الأمر عندما نری أن جهاز الأمن المصري، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك وعلی الرغم من قوانين مكافحة کورونا من أجل حظر التجمعات، يشعر بقلق متزايد بشأن احتمال اندلاع احتجاجات ومسيرات ضد الحكومة المصرية، بقيادة الإخوان المسلمين.
لذلك، يمكن اعتبار هذه العوامل أيضًا من النوايا الأخرى للحكومة المصرية لتقديم خطة التعديلات على قانون الطوارئ إلى البرلمان.
ماذا يقول معارضو الحكومة المصرية؟
معارضو حكومة عبد الفتاح السيسي، الذين يسمون أحداث عام 2013 بـالعودة إلى فترة ما قبل الثورة عام 2011، وهم يعتقدون أن السيسي يتحول بسرعة إلى مبارك آخر، وهو أكثر ديكتاتوريةً منه في إدارة السلطة، يرون أن الحكومة المصرية ومن خلال استغلال الظروف الحالية في مصر، أي مواجهة فيروس کورونا، تعتزم زيادة سلطات الرئيس أكثر من ذي قبل، وتتصرف في اتجاه بقائه في السلطة لوقت طويل.
کما يعتقدون أن هذا الأمر يتماشى مع إکمال التعديلات الدستورية السابقة في مصر، وأن هذا لا يسعى سوى لهدف واحد وهو بقاء السيسي في سدة الرئاسة في مصر مدی الحياة.
ومع ذلك، يبدو أن السلطات المخصصة للرئيس في تعديلات قانون الطوارئ، تأتي علی الأرجح للتعامل مع الخسائر الاقتصادية لفيروس کورونا وفرض ظروف أمنية أكثر صرامةً خلال شهر رمضان المبارك، قبل أن تکون محاولةً لإطالة فترة رئاسة عبد الفتاح السيسي.
المصدر / الوقت