كيف هزمت إيران كورونا والولايات المتحدة في وقت واحد
كتب الصحفي الكرواتي “إيفان كيزيتش” في مقال نُشر على الموقع الإلكتروني لمركز أبحاث “مؤسسة الثقافة الإستراتيجية”، حول الجهود الكبيرة التي قامت بها المنظمات الحكومية وغير الحكومية الإيرانية، وبمشاركة قوات الشرطة والقوات المسلحة قوات “الباسيج” والمجموعات التطوعية لمواجهة فيروس “كورونا” الذي تفشى خلال الاسابيع الماضية واستغرب هذا الصحفي الكرواتي قيام الولايات المتحدة بوضع هذه المنظمات الإيرانية التي تمكنت من السيطرة على هذا الفيروس الخطير، في قائمة المنظمات الإرهابية. وبدأت هذه المؤسسة الثقافية تقريره بقولها، لقد انتشر فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، مما تسبب في حدوث العديد من الازمات الاقتصادية الشديدة، وانهيار سوق الأسهم، وفقدان ملايين الوظائف، وإلغاء الأحداث الثقافية والرياضية، وانتشار الكثير من المخاوف حول حدوث نقص في المواد الغذائية ووقوع مجاعات ولقد انتشر هذا الفيروس الذي يسبب مرضًا تنفسيًا حادًا إلى أكثر من 200 دولة، مما أدى إلى إصابة أكثر من 3 ملايين شخص وقتل ما يقرب من 240 ألف شخص حول العالم.
وحول هذا السياق، كشفت هذه المؤسسة الثقافية أن إيران أبلغت عن أول حالات الإصابة بفيروس “كورونا” في الـ 19 فبراير الماضي، وفي وقت قصير أصبحت إيران ثاني أكثر الدول تضرراً من هذا الفيروس التاجي الخطير وخلال الاسابيع الاولى، انتشرت العديد من التقارير الطبية التي تفيد بوفات المئات من الاشخاص في البلاد وفي بداية شهر مارس الماضي أصبحت إيران مركز الوباء الثاني بعد الصين وخلال تلك الفترة قامت الحكومة الإيرانية بإغلاق المدارس والجامعات ومراكز التسوق والأسواق والأضرحة المقدسة، وألغت أيضا المناسبات العامة والمهرجانات وأكدت وزارة الصحة الإيرانية خلال تلك الفترة على ضرورة فرض حظر السفر وكل هذه الاوضاع المفاجئة الذي أوجده فيروس “كورونا” تتطلب من إيران شراء الكثير من الأقنعة وأجهزة التنفس الاصطناعي وغيرها من المعدات الطبية، ولكن استيراد هذه العناصر يكاد يكون مستحيلاً بسبب العقوبات الأمريكية الأحادية التي فرضتها على طهران.
ولفتت هذه المؤسسة الثقافية إلى أن إيران اعتمدت على مواردها الخاصة لمواجهة العقوبات القاسية والظروف اللاإنسانية التي لم نشهدها حتى في تاريخ الحروب الاقتصادية وخصصت الحكومة الإيرانية ما يقرب من 24 مليار دولار للحد من تأثير فيروس “كورونا” على الاقتصاد الوطني. وفي أوائل شهر مارس الماضي، قام فريق عمليات من منظمة الصحة العالمية بزيارة إيران وأكدت تقدم إيران السريع في زيادة القدرة على إجراء اختبارات على هذا الفيروس التاجي الخطير. وعندما دخل الفريق، المكون من خبراء ألمان وصينيين، إيران، تم اختبار 22 مختبرًا، وعندما غادر هذا الفريق إيران، وصل عدد المتخبرات داخل إيران إلى 40 مختبرًا. وبعد خمسة أيام، أعلن رئيس معهد “باستور” في إيران، الرائد في مكافحة الأمراض المعدية في إيران، أنه سيتم إجراء 6000 اختبار لفيروس “كورونا” يوميًا في 50 مختبرًا، وبعد أسبوعين أعلن أن هذا العدد قد وصل إلى 20000 اختبار و 100 مختبر.
وذكر التقرير الذي نشرته هذه المؤسسة الثقافية، إلى أنه في الوقت نفسه، تمكنت العديد من شركات الأدوية الحيوية الإيرانية من الحصول على التراخيص اللازمة لإنتاج مجموعات الكشف عن فيروس “كورونا” من السلطات الصحية الإيرانية، وتمكنت تلك الشركات من صناعة 80 ألف جهاز أسبوعيا. وبالإضافة إلى الاختبارات التشخيصية، قام مسؤولو الصحة الإيرانيون بفحص أكثر من 10 ملايين شخص بحلول الـ 15 مارس الماضي وفي الأسبوع التالي، ارتفع هذا الرقم إلى 41 مليون، وبحلول نهاية شهر مارس الماضي، ارتفع هذا الرقم ووصل إلى 65 مليون وفي بداية شهر أبريل، أجرت إيران 250 ألف اختبار لفيروس “كورونا”، أي بما يعادل الفحوصات التي اجرتها فرنسا وبريطانيا مجتمعة.
وأكدت تلك المؤسسة الثقافية على نجاح العديد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية الإيرانية، بما في ذلك منظمة “الباسيج”، وهي منظمة تطوعية، في مكافحة الوباء الذي خلقه فيروس “كورونا” في العديد من المدن والمحافظات الإيرانية. وخلال الفترة الماضية كشفت إيران أيضًا عن برنامج ذكي بإستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل التصوير المقطعي وتم تطوير البرنامج من قبل باحثين أكاديميين إيرانيين في مشروع مشترك في غضون شهر. ووفقًا لأستاذ التكنولوجيا الحديثة في جامعة “شريف” الإيرانية، فإن هذا البرنامج يحتوي على أخطاء تشخيصية أقل من المنتجات الصينية والأمريكية المماثلة.
وذكر تقرير هذه المؤسسة الثقافية، أن باحثون في جامعة شهيد بهشتي الإيرانية تمكنوا من إنتاج أيضًا ناقلات للكشف عن الضوء وأقنعة مكافحة الفيروسات، إلى جانب مجموعات الكشف عن الفيروسات التي تعمل في أقل من 20 دقيقة وأنشأت أيضا الجامعة ست وحدات للبحث العلمي لمساعدة مسؤولي الصحة الإيرانيين على مكافحة انتشار فيروس “كورونا” في البلاد. وتشارك العديد من شركات الأدوية العلمية الإيرانية، بما في ذلك الدكتور “مسعود سليماني”، عالم الخلايا الجذعية الذي تم الإفراج عنه مؤخرًا من الاعتقال غير القانوني في الولايات المتحدة، في تطوير أساليب علاجية ودوائية لهذا الفيروس التاجي الخطير والجدير بالذكر أن الدكتور “سليماني” يسعى إلى استخدام خلايا اللحمية لعلاج المرضى المصابين بفيروس “كورونا”.
وفي سياق متصل، كشف تقرير هذا المؤسسة أن الموظفون التنفيذيون في جمعية الإمام الخميني “ره” يبذلون الكثير من الجهود لتأمين جميع المعدات اللازمة لتلبية احتياجات الناس وتأمين الأدوية الضرورية. وحتى الآن، قدمت هذه الجمعية 25 مليون قناع من ثلاث طبقات وأقنعة N95، وعلى الرغم من الجهود الأمريكية لفرض عقوبات على إيران، إلا أن هذه الاخيرة تمكنت خلال فترة قصيرة من إنشاء خط إنتاج أقنعة طبية. وبالإضافة إلى ذلك، تمكنت أيضا من إنتاج مجموعة وأجهزة اختبار، وتطوير العديد من الأبحاث حول فيروس “كورونا”، وإطلاق خط هاتف خاص مخصص للاستجابة للجمهور، وبهذا الامر تمكنت الحكومة الإيرانية من افشال جميع خطط الولايات المتحدة الاحتكارية.
كما افتتحت جمعية الامام الخميني “ره” أيضًا أكبر مصنع لتصنيع الاقنعة والواقيات في جنوب غرب آسيا بطاقة إنتاجية يومية تبلغ 4 ملايين قناع مجهز بفلتر “نانو” يوفر مستوى عال من الحماية. كما أعلنت مؤسسة “بركات”، التابعة لهذه الجمعية، إنشاء خط إنتاج أقنعة من ثلاث طبقات يمكن أن ينتج 1.5 مليون قناع في اليوم، وستتمكن قريبًا من إنتاج 3 ملايين قناع في اليوم، وبالتالي سوف تتم تلبية معظم احتياجات الشارع الإيراني. ومنذ تفشي هذا الفيروس الخطير في العديد من المدن والمحافظات الإيرانية، قامت شركة في شمال غرب إيران تابعة لمؤسسة “بركات”، بإنتاج ما بين 2000 و 2500 قطعة من الملابس المعزولة يوميًا وتوزيعها على المستشفيات الإيرانية وقامت بإنشاء ورش إنتاج الأقنعة في عدد كبير من المدن الإيرانية، والتي وفقًا لأحد مسؤولي مؤسسة “بركات” تقع في مناطق محرومة ومناطق ريفية، تنتج أيضًا 70.000 قناع في اليوم.
وفي سياق متصل، ذكر التقرير أن ارتفاع الحاجة إلى الأقنعة الطبية، أدى إلى ظهور أشياء غريبة في إيران، حيث تم تحويل الأماكن المقدسة مثل المساجد والأضرحة بشكل مؤقت إلى ورش عمل لصنع الأقنعة. وعلى سبيل المثال، تم إنشاء ورشة نسائية في مزار الإمام “زاده المعصوم” الواقع جنوب في جنوب طهران، لخياطة أقنعة طبية، وتم إنشاء أيضا ورشة للرجال في هذا المكان المقدس لصنع وخياطة قفازات بلاستيكية قوية مزودة بأجهزة عزل حراري وتم تطبيق هذه الفكرة أيضا في ضريح “شاه جراغ” الواقع في مدينة شيراز، حيث يتم إنتاج 3000 قناع يوميًا في هذا المكان. واليوم، يمكن تسمية ضريح “شاه جراغ”، الذي يعتبر واحدة من أجمل المساجد في العالم من حيث العمارة والبلاط، أجمل مصنع للأقنعة الطبية في العالم.وأصبح “مول إيران”، الذي تم بناؤه خلال السنوات الاقتصادية الصعبة الماضية التي مرت بها إيران، مستشفى بسعة 3000 سرير لعلاج الاشخاص المصابين بفيروس “كورونا”. كما وفرت القوات المسلحة الإيرانية آلاف الأسرة في المستشفيات في جميع أنحاء البلاد. وقام الحرس الثوري الإيراني ببناء 24 مستشفى ثابتًا و 13 مستشفى متنقلًا، إلى جانب 380 عيادة عسكرية، لمكافحة هذا الفيروس التاجي الخطير التتويج.
وفي ختام هذا التقرير، أكد هذا الصحفي الكرواتي على أنه نتيجة لكل هذه الجهود التي قامت بها المنظمات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية الإيرانية، فلقد تمت السيطرة على هذا الفيروس الخطير وعدد المرضى في إنخفاض مستمر كل يوم. ووفقًا لأحدث إعلان صادر عن وزارة الصحة الإيرانية، فلقد أصيب أكثر من 97000 شخص في إيران بفيروس “كورونا” وتوفي 6200 شخص. وخلال الشهر الماضي، انتقلت إيران من المرتبة الثانية إلى العاشرة بعد الولايات المتحدة، وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا. وعند مقارنة الاوضاع داخل إيران بجميع هذه البلدان باستثناء الصين، فإن إيران لديها أقل عدد من الحالات وأقل عدد من الوفيات وعلى عكس العديد من البلدان، فلقد انخفض معدل الاصابة بفيروس “كورونا” ومعدل الوفيات في إيران.
المصدر/ الوقت