ما الرسالة التي وجهتها العفو الدولية إلى الملك سلمان
لم يأت قرار وزارة التعليم السعودية في إقصاء جميع المعلمين المخالفين فكرياً، بجديد فقد اعتاد الشعب السعودي والمراقبون للوضع هناك على مثل هكذا قرارات، والمضحك في الأمر، الاتهامات الجوفاء التي وجهت لبعض المدرسين، بأنهم منغلقون وأصحاب أفكار متشددة وإخوانية تحاول النيل مما أسموها خيارات الانفتاح الثقافي والديني والسلوكي في البلاد، لكن الحقيقة أنَّ القيادات الحاكمة في بلاد الحرمين، هي منبع التشدد والانغلاق والتعصب وفق ما يقول محللون، وإنَّ هذا القرار خير دليل على ذلك، فمن غير المعقول بالنسبة لحكام المملكة أن يتقبلوا رأياً مخالفاً لسياساتهم وتوجهاتهم.
إقصاءٌ عاجل
منح وزير التعليم السعودي “حمد آل الشيخ ” ، مدراء التعليم في البلاد، حق “الإبعاد الفوري” للعاملين في المدارس، ممن لديهم مخالفات فكرية، وتكليفهم بأعمال إدارية مؤقتة خارج عملهم، لحين البت في القضية، ونقلت وسائل إعلام سعودية عن آل الشيخ أنه لن يسمح باستغلال المؤسسات التعليمية للترويج للفكر المتطرف أو ما يخالف سياسة وتوجهات المملكة، على حد قوله، وأوضح إلى أن المملكة حازمة في معالجة ما سماها المخالفات الفكرية وخلو المكتبات والمراجع العلمية والمقررات من أي إشارة إلى كتب المنتمين للفكر الإرهابي ومن ضمنهم جماعة الإخوان المسلمين، وفق ما ذكر، و لم يوضح وزير التعليم السعودي ضوابط وشروط استبعاد المدرسين المعاقبين بسبب مخالفتهم الفكرية.
وفي هذا الصدد، عبر ناشطون سعوديون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، عن غضبهم وسخطهم من هذا القرار، ووصفوه بالـ “كَمَّاشة” التي تضيق الخناق على حرية الرأي والتعبير في البلاد أكثر فأكثر، مشددين على أنَّ هذا القرار سوف يعطي الصلاحية المطلقة لمدراء التعليم، في الشروع بتصفية الحسابات الشخصية والتقارير الكيدية.
من الجدير بالذكر أنَّ وزير التعليم السعودي، أقال عميد كلية الشريعة بالرياض من منصبه، في فبراير/شباط الماضي، بسبب استضافة أشخاص “مخالفين فكرياً”، وفقاً لوسائل الإعلام السعودية.
وفي 8 مارس/آذار الماضي، علقت السلطات الدراسة في المؤسسات التعليمية حتى إشعار آخر، ضمن تدابير احترازية اتخذتها السلطات للحد من تفشي فيروس كورونا، ويخشى أن تكون هذه الفترة، فرصة سانحة للقضاء على الآراء المخالفة بشتى الطرق.
انتقادات دولية
تواجه المملكة العربية السعودية انتقادات دولية كثيرة فيما يتعلق بأوضاع حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الاستبداد الوحشي في التعاطي مع المخالفين لسياسة النظام الحاكم، رغم الادعاءات الحكومية بالشفافية في تنفيذ القانون.
على مستوى آخر، دعت منظمة العفو الدولية السلطات السعودية في تغريدات نشرتها عبر تويتر، يوم الجمعة المنصرم، إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الناشطات المحتجزات في سجون المملكة قبل عامين، بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاعتقال السلطات ناشطين بارزين في مجال حقوق الإنسان ، عام 2018.
و وجهت المنظمة رسالة إلى الملك سلمان بن عبد العزيز جاء فيها: “لا يمكنك القيام بإصلاحات في البلاد بالتزامن مع الزج بقوى التغيير من نشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان مثل لجين الهذلول وسمر بدوي ونسيمة السادة خلف القضبان” ، ، ودعت السلطات السعودية لإطلاق سراح جميع سجناء الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان على الفور دون أيّ شروط مسبقة.
يأتي هذا التقرير من “منظمة العفو الدولية” بعد وفاة الناشط السعودي لحقوق الإنسان “عبد الله الحامد” داخل المعتقل، في 24 أبريل / نيسان ، حيث سجنته السلطات في إطار حملة اعتقالات للنشطاء في 2017.
وكانت مديرة أبحاث الشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية، “لين معلوف” ، عبرت عن حزنها، بسبب مرور عامين على الزج بالنساء الشجاعات خلف القضبان، متحدثة عن المعاناة النفسية والجسدية للسجينات، بالإضافة إلى التعذيب والاعتداء الجنسي والحبس الانفرادي، موضحة أنَّ الوقت قد حان لكي تتوقف السلطات السعودية عن استخدام القضاء كسيف ضد الناشطات في البلاد.
و تقول منظمة العفو الدولية أنَّه يجري محاكمة 13 ناشطة سعودية بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان ، بما في ذلك 5 ناشطات رهن الاعتقال، وهُنَّ (لجين الهذلول، و مر بدوي، ونسيمة السادة، و نوف عبد العزيز، و مايا الزهراني) .
في الحقيقة، تصر السلطات السعودية على حكم البلاد بالسيف والنار، أسلوب استبدادي لا شك في أنَّه سيشعل قريباً، نار الغضب الشعبي التي ستأكل الأخضر واليابس في بلاد لا يسمح للمواطنين فيها بالتعبير عن أبسط حقوقهم، والسؤال الذي يطرح نفسه، من سيصدق هُراء التصريحات الحكومية في بلاد الحرمين، بعد قضية الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”، الذي قطعت أوصاله في القنصلية السعودية في اسطنبول، فقط لأنه خالفهم الرأي؟
المصدر/ الوقت