التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

72 عاماً علی نکبة فلسطين؛ وعد الحرية أقرب من أي وقت مضى 

يتزامن يوم 13 مايو مع الذكرى الـ 72 لظهور الکيان الصهيوني، والذي يعرف بيوم النکبة في تاريخ فلسطين. في مثل هذا اليوم من عام 1948، قرأ “ديفيد بن غوريون” رئيس الجمعية الوطنية الذي کان حينذاك رئيس الوكالة اليهودية(سوخنوت)، ميثاق استقلال “إسرائيل” لأول مرة، لذا فهو يوم الاستقلال بالنسبة للصهاينة.

نشأت فكرة إنشاء حكومة مستقلة في فلسطين، والتي اعتبرها اليهود وطن أجدادهم بسبب حياة النبي موسى(عليه السلام) والنبي سليمان (عليه السلام) فيها، لأول مرة في عام 1882. وعلى الرغم من أن أوروبا لم تتردد في تقديم المساعدة في هذا الأمر، إلا أن الجهود الأولية للاستعمار اليهودي في فلسطين باءت بالفشل في نهاية المطاف.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة بين 1882-1897، كان اليهود أقل انجذابًا إلى فلسطين، وهاجر معظمهم إلى الأرجنتين والولايات المتحدة، وبالتالي فشلت الخطة اليهودية عملياً.

في أوائل القرن العشرين، کان اليهود الفلسطينيون يشكلون أقل من 8٪ من مجموع سكان فلسطين، وکانوا يشکلون 1٪ فقط من السكان اليهود في العالم، وبالكاد کانوا يحتلون 2.5٪ من الأراضي الفلسطينية.

مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، تم رسم منظور جديد للصهاينة. وأدت الحرب العالمية الأولى إلى الاتحاد بين الإمبريالية البريطانية والاستعمار الصهيوني عام 1917. وفي 2 نوفمبر 1917، ومع الإعلان عن وعد بلفور، أعلنت بريطانيا سياستها في دعم إنشاء مركز قومي يهودي في فلسطين.

وخلال الثلاثين عامًا التي تلت عام 1917، فتح هذا الحلف أبواب فلسطين أمام المستعمرين الصهاينة، مما مهد الطريق لشراء واغتصاب ممتلكات الشعب العربي الفلسطيني وطردهم. وأخيرًا، مهد الطريق لتشكيل الحكومة الاستعمارية الصهيونية عام 1948.

ومع قيام هذا الکيان، بدأ تاريخ مآسي ومعاناة الشعب الفلسطيني، وهو مستمر حتى يومنا هذا.

نظرة علی الجرائم التاريخية للصهاينة

إن نظرةً على التاريخ الإجرامي لأداء الصهاينة في فلسطين، تظهر الطبيعة النکبوية لهذا اليوم المشؤوم في التاريخ الفلسطيني. حيث كانت عمليات القتل الجماعي في “دير ياسين” و”عين الزيتون” و”صلاح الدين” في أبريل 1948، بمثابة عمليات قتل متعمدة تهدف إلى طرد الفلسطينيين عن طريق الإرهاب والإرعاب.

في 9 أبريل 1948، قامت مجموعتان إرهابيتان صهيونيتان وهما “الأرغون” و”شتيرن ليحي”، بالمعدات العسكرية الكاملة وبعد الهجوم على قرية “دير ياسين” غرب القدس، بتدمير جميع المنازل وقتل 250 إلى 360 من سكان هذه القرية.

وقال شهود عيان إن الصهاينة مزقوا جثث الشهداء الفلسطينيين ومثلوا بها، وبقروا بطون النساء الحوامل وأحرقوا العديد وهم أحياء، واغتصبوا العديد من النساء والفتيات الفلسطينيات ثم قطعوا رؤوسهن.

وبعد هذه الجريمة، وقعت مجازر مختلفة بحق مدن وقرى فلسطينية أخری أيضاً. على سبيل المثال، في عكريت(1953)، عفر قاسم(أكتوبر 1962)، عكا(يونيو 1956)، حما(أبريل 1961)، قلقيلية وغزة في ديسمبر 1955 ومارس 1962.

لكن واحدة من الجرائم الصهيونية المسجلة في تاريخ القرن العشرين على أنها يوم أسود للفلسطينيين، كانت مذبحة مخيمي “صبرا” و”شاتيلا” للاجئين الفلسطينيين في 16 سبتمبر 1982.

عمليات حرب العصابات الفلسطينية التي تكثفت من لبنان ضد الکيان الإسرائيلي وعرضت کيانهم الغاصب للخطر، دفعت الصهاينة والأميركيين والكتائب المسيحية في لبنان إلی إعداد مؤامرة مشتركة ضد نشاطاتهم في حرب العصابات، بحيث في عام 1982 هاجم الجيش الصهيوني بقيادة “شارون” المجرم وبدعم من الولايات المتحدة وأوروبا، لبنان واحتل بيروت.

أثناء عملية احتلال بيروت، قتل الآلاف من المقاتلين الفلسطينيين والمدنيين، واضطر المقاتلون الفلسطينيون إلى مغادرة لبنان. هذه المذبحة تمت بقيادة رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون ووزير الحرب، بالتعاون مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي “رافائيل إيثان” في حكومة “مانهايم بيغن”.

الكتائب التي کانت تحظی بدعم الکيان الصهيوني، قتلت المدنيين والمواطنين وخاصةً النساء والأطفال، وبقرت بطون النساء الحوامل خلال الهجمات، كما تم اغتصاب العديد من النساء بشكل فردي أو جماعي.

ملف هذه الجرائم البشعة، إلى جانب الإبادة الجماعية التدريجية، والاستيلاء على الأراضي، واحتلال وتدمير منازل الفلسطينيين وتشريدهم، وقتل المدنيين في الحروب التي شنها الکيان الإسرائيلي علی غزة، في عام 2007(حرب 8 أيام)، 2008-2009(حرب 22 يومًا)، وأيضاً 2014(حرب 51 يومًا)، لا يزال مفتوحاً حتى يومنا هذا إلی أن تتوفر الإمکانية لتتضح الحقائق في محكمة دولية مستقلة، لتقديم من تبقی من المجرمين إلى العدالة.

السجل المتناقض لتياري التسوية والمقاومة

من المؤكد أن يوم النکبة يمكن أن يكون فرصةً عظيمةً للعالم الإسلامي والدول العربية للبحث عن جذور الهزائم وأوجه الضعف، إلى جانب اكتشاف سر انتصارات الشعب الفلسطيني والدول الأخرى التي تواجه اعتداءات الکيان الصهيوني.

لقد أظهر الصهاينة منذ أكثر من 70 عامًا أنهم غير مبالين تمامًا بالاتفاقيات والمعاهدات الثنائية والدولية، وأن لديهم رغبة لا تنتهي في احتلال الأراضي الفلسطينية، وأن هذه العملية لن تتوقف حتى الاحتلال الكامل للأراضي الفلسطينية.

في هذه الأثناء، تثبت الدراسة التاريخية أنه كلما تم التأكيد على خطاب التفاوض والتسوية من قبل الدول العربية والفصائل الفلسطينية لمتابعة الحقوق المفقودة وتحقيق السلام مع الصهاينة، فإن النتيجة الوحيدة کانت تزايد غطرسة تل أبيب في انتهاك الحقوق الفلسطينية، وكلما تم تبني استراتيجية المقاومة والانتفاضة بالاعتماد على الخطاب الإسلامي، لم تحقق تل أبيب شيئاً وحقق الفلسطينيون انتصارات كبيرة.

هزيمة الجيش المصري السوري الموحد من الکيان الصهيوني عام 1973، أدت إلى أن تُلقَّب مصر بقيادة “أنور السادات” بأنها أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع الکيان الإسرائيلي عام 1978. وقد مهدت اتفاقية كامب ديفيد للسلام الطريق لمزيد من الاتفاقات بين الصهاينة والدول العربية في مدريد (1991) وأوسلو (1993)، ومن هذه الاتفاقيات وُلدت ما يسمى بمبادرة السلام العربية عام 2002 لتقسيم الأراضي الفلسطينية وحل الدولتين.

وعقب هذه الاتفاقيات، اعترفت السلطة الفلسطينية حديثة المنشأ بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بالدولة الصهيونية المغتصبة. واستمر هذا الاتجاه إلی أن وقع الأردن في عام 1994 اتفاقيةً مع الکيان الصهيوني في منطقة “وادي عربة”، وتم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الثنائية مع فتح السفارة.

تؤكد خطة السلام العربية، التي تأخذ في الاعتبار قراري مجلس الأمن 338 و 342، على ما يلي:

1- إنسحاب “إسرائيل” من الأراضي المحتلة عام 1967، بما في ذلك مرتفعات الجولان المحتلة والقدس الشرقية.

2- تشكيل دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

3- عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.

4- في المقابل، تلتزم الجامعة العربية بإنهاء الصراع مع “إسرائيل” وإقامة علاقات طبيعية معها.

منذ توقيع هذه الاتفاقيات إلی الآن، لم تسفر أي من هذه الاتفاقات عن النتائج المتوخاة للفلسطينيين بسبب العرقلة الإسرائيلية.

في عملية التفاوض، لم يسع الکيان الصهيوني قط إلى حل النزاع، لكنه سعى باستمرار إلى هدفين رئيسيين: أحدهما التفاوض لغرض وحيد هو الحصول على تنازلات والاعتراف بها، كما كان الحال في اتفاقية أوسلو عام 1993، حيث اعترف الجانب الفلسطيني بدولة “إسرائيل” دون أي تنازلات.

والثاني، شراء الوقت لتحسين الوضع وزيادة القدرات ولو باستخدام القوة، مثل توسيع المستوطنات أو اجتذاب المزيد من البلدان، وفي المقابل إضعاف الفلسطينيين أکثر فأکثر.

والآن أيضاً، مع إعلان جميع الأحزاب السياسية والتيارات الرئيسية في الأراضي المحتلة الاعتراف بقرار ترامب القاضي بالاعتراف بالمستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية والاستيلاء الكامل على القدس من قبل الصهاينة، تم إثبات النتائج الكارثية لقبول التسوية للفلسطينيين.

ولكن في مشهد مختلف تماماً، مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني(رحمه الله)، تم ضخ دماء جديدة في عروق الفلسطينيين والدول المضطهدة الأخرى في المنطقة، ضد الصهيونية العالمية والحكومات الخائنة والتابعة في المنطقة.

وهزيمة الکيان الإسرائيلي وانسحابه من جنوب لبنان عام 2000، وانتهاء أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر في حرب الـ 33 يومًا عام 2006، وانسحاب الصهاينة من قطاع غزة عام 2005 حيث كانت المقاومة المسلحة عنصرًا مهمًا وأساسيًا في إطار القرار الاستراتيجي للکيان الصهيوني في الرضوخ لهذه الخطوة المکلفة، جزء بسيط من النتائج الإيجابية لتبني نهج المقاومة.

إقتراب يوم النکبة للصهيونية

بعد مرور 72 عامًا على “يوم النکبة” وولادة هذه الغدة السرطانية في المنطقة، لم يعش الکيان الصهيوني ظروف الضعف والأزمات الداخلية والخارجية كما هو عليه اليوم، بحيث لا يبدو بعيداً الآن وعد الإمام الخميني باجتثاث هذه الغدة السرطانية.

أولاً وقبل كل شيء، ازدادت صحوة الدول الإسلامية والعربية نتيجة التطورات التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية، ومع استمرار هذه العملية تفقد حكومات التسوية القدرة على مواجهة إرادة الشعوب، وقد عادت قضية تحرير الشعب الفلسطيني إلى صدارة العالم الإسلامي. ويمكن رؤية مثال واضح على ذلك في عدم قدرة جبهة الاستکبار على المضي قدماً بخطة صفقة القرن، بالرغم من صمت الدول العربية. بل حتى يمكننا اليوم الحديث عن وعي الرأي العام العالمي بالطبيعة المعتدية والإجرامية للکيان الصهيوني.

من ناحية أخرى، مع انکشاف خيانة العناصر التابعة بين الحكام الفلسطينيين، فإن الأجيال الجديدة سترفع بلا شك علم الانتفاضة والمقاومة، ليس فقط في غزة ولكن في جميع أنحاء فلسطين، وهذا يكشف الأساس الضعيف والعنکبوتي لأمن الکيان الصهيوني.

وقد أظهرت التجربة الأخيرة أن الأحزاب المحلية للکيان في أوقات الأزمات(الهزيمة في غزة أثناء العدوان الأخير)، ليست قادرةً حتى على حل النزاعات الداخلية لتشكيل الحكومة. کما أن الفساد مسيطر على البنية السياسية بحيث أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت يقضي حياته في السجن بسبب الفساد، ويكافح نتنياهو الآن للهروب من دخول السجن. وفي الوقت نفسه، انتشرت الاحتجاجات ضد عدم المساواة والفساد.

من ناحية أخرى، مع تزايد التهديدات، انخفض عدد المستوطنين الذين ينجذبون إلى الأراضي الفلسطينية أملاً في الازدهار والسلام، بل واتخذ مساراً معکوساً. وفي ظل هذه الظروف، يتعين علينا الانتظار حتى يحين يوم النکبة للصهيونية ويوم الحرية لسكان فلسطين الحقيقيين، بمن فيهم ملايين اللاجئين حول العالم، وهو الوعد الذي لن يكون طويلاً.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق