ضياع مئات المليارات من الدولارات خلال الحرب على الشعب اليمني؛ إنذار بوقوع قحط ومجاعة
بسبب الغزو الذي قادته السعودية على أبناء الشعب اليمني وفرضها حصاراً برياً وجوياً وبحرياً على هذا البلد الفقير، أصبحت العديد من أبناء الشعب اليمني يواجهون مشاكل خطيرة في القطاع الزراعي، بالإضافة إلى إرتفاع مستوى المجاعة في عدد من المناطق اليمنية، وزادت أيضًا البطالة في أوساط الشباب. وفي هذا السياق، حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من انتشار فيروس “كورونا” التاجي في اليمن، قائلة إن البلاد معرضة لوقوع أزمة غذائية كبيرة. وعلى صعيد متصل، قال “عبد السلام بن أحمد”، نائب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو): “لقد تعرض النظام الصحي اليمني لضغوط كبيرة، والآن إذا استمر فيروس كافيد 19 في الانتشار، فسوف ينهار النظام الصحي بالكامل. وبالإضافة إلى ذلك، سيؤثر هذه المرض على نقل الأشخاص والبضائع”.
الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي في اليمن
بحسب وزارة الزراعة في الحكومة اليمنية المستقيلة القابعة في فنادق الرياض، فلقد خسر القطاع الزراعي اليمني أكثر من 16 مليار دولار منذ بداية الحرب وحتى يومنا هذا، وتشمل تلك الاضرار خسارة 2.25 مليار دولار بشكل مباشرة، بما في ذلك تدمير البنية التحتية والمرافق والمعدات وأدوات النقل ولوازم الإنتاج الزراعي. وتقدر الأضرار غير المباشرة بحوالي 13.76 مليار دولار، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالمؤسسات الحكومية والتعاونيات الزراعية والمزارع ، وكذلك فقدان المحاصيل والماشية الحية والصادرات الأجنبية وفقدان اليد العاملة.
الجدير بالذكر أن القطاع الزراعي يُعَد موردًا رئيسًا لنحو ثلثي سكان اليمن؛ حيث يعمل به قرابة ثلاثة ملايين شخص، يمثلون 50% من إجمالي القوى العاملة، وتقدر مساهمته في الناتج المحلي بنحو 20%، غير أنه الآن انخفضت مساهمته إلى ما دون 5%، وهو مؤشر خطير على انزلاق البلاد نحو مجاعة حقيقية“ وفق الخبير الاقتصادي بالبنك المركزي اليمني. وعن الخسائر التي ألحقها الصراع بالقطاع، أشار آخر إحصاء للإدارة العامة للإرشاد والإعلام الزراعي، في فبراير الماضي، إلى استهداف مباشر لنحو 987 موقعًا وحقلًا زراعيًّا، مزروعة بمختلف أنواع محاصيل الحبوب والفواكه والخضروات، بالإضافة إلى مساكن المزارعين، خاصة في محافظات صعدة وحجة والحديدة وتعز. وأما البنى التحتية، فقد استُهدفت بشكل مباشر 20 مبنى ومنشأة زراعية، و3500 من البيوت المحمية في صعدة وعمران، كما تعرض للقصف المباشر ما مجموعه 78 سوقًا ومركز تصدير وتخزين زراعي. وأصابت الخسائر أيضًا مياه الري بالقصف المباشر لنحو 19 منشأة مائية، ما بين سد وحاجز وخزان وقناة ري، كان أبرزها سد مأرب الذي يروي آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى 98 مضخة مياه آبار وغطاسات وشبكات ري حديثة.
وحول هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي “عبدالجليل حسان”، إن “تضرر القطاع الزراعي يعني تضرر حوالي 75 بالمائة من اليمنيين بشكل مباشرة والذين يعملون كمزارعين وفي الأعمال المتصلة بالقطاع الزراعي”. وأشار “حسان” إلى تحذيرات ثلاث منظمات تابعة للأمم المتحدة وهي الفاو وبرنامج الغذاء العالمي واليونيسف التي قالت إن نتائج التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لليمنيين أصبح في وضع خطر جداً. وأضاف أن “ثلثي السكان يواجهون خطر الجوع ويحتاجون إلى مساعدات لإنقاذ أرواحهم وإنقاذ سبل العيش”، داعياً المنظمات الإنسانية إلى مساعدة اليمنيين والعمل من أجل وقف الحرب.
العواقب المعيشية لحصار اليمن
تستمر قوات تحالف العدوان السعودي في تدمير البنية التحتية الزراعية لليمن وتواصل أيضا حصارها الجائر على أبناء هذا الشعب المظلومين، بحيث أنه أصبح من المستحيل دخول أي مواد غذائية أو دوائية إلى اليمن؛ وهذا الامر أدى إلى إرتفاع أسعار الوقود، وبطبيعة الحال، أثرت هذه الزيادة على تكلفة المنتجات الزراعية. إن الحصار الذي تفرضه دول العدوان الغاشم على اليمن وعلى رأسها السعودية تسبب بأكبر كارثة إنسانية عرفتها البشرية وحصد مئات الآلاف من اليمنيين أغلبهم من النساء والأطفال، أما الأحياء منهم يعيشون في خطر مواجهة الموت نتيجة شحة الغذاء والدواء وارتفاع مستويات الفقر وغلاء الأسعار وانتشار الأمراض الوبائية التي سببها عدوان غاشم وحصار جائر تمارسه دول عدوانية تعاني من أزمة أخلاقية وحالة من انعدام الضمير وتسعى جاهدة إلى ذبح شعب من الوريد إلى الوريد في ظل تخاذل أممي وصمت دولي مخز تجاه مأساة اليمن.
وعلى صعيد متصل، تصنف بعض المنظمات الحقوقية والانسانية هذا الحصار الذي تنتهجه دول العدوان على اليمن المخالف لكل المواثيق الدولية والقانونية كجرائم حرب من الدرجة الأولى ولقد أكدت تلك المنظمات أيضا أن ما تقوم به دول العدوان من حصار على اليمن يعد جريمة ضد الإنسانية ومخالفا لكل المواثيق الدولية بالنظر لما خلفه من آثار وتداعيات كارثية على اليمنيين طوال خمس سنوات. وحول هذا السياق، أكد فريق الخبراء الدوليين والإقليميين بشأن اليمن أن الحصار الاقتصادي والحصار العسكري كأسلوب حرب المفروض على اليمن من قبل العدوان ، خلف آثاراً مدمرة على أكبر أزمة إنسانية في العالم وأن قيود الوصول إلى اليمن المفروضة من قبل العدوان، مثل الحصار البحري وإغلاق مطار صنعاء الدولي، كلاهما فرض قيوداً على الواردات وحرية التنقل، وساهما بشكل كبير في تدهور الاقتصاد اليمني وعززا الأزمة الإنسانية الحالية، بما في ذلك زيادة عرقلة إيصال إمدادات الإغاثة. ولفت التقرير إلى أنه بالنظر إلى أن حوالي 80 في المائة من جميع واردات اليمن تتدفق عبر ميناءي الحديدة الصليف وأن حوالي ثلثي سكان اليمن يعيشون في المناطق التي يخدمها مطار صنعاء مباشرة، فإن الإغلاق المستمر للموانئ يضع عبئاً هائلاً على توافر الغذاء في السوق ويزيد بشكل كبير من خطر المجاعة على نطاق واسع في اليمن.
وبحسب التقارير الدولية فإن اليمن سيبقى هذا العام البلد الذي يشهد أكبر أزمة إنسانية كما في الأعوام السابقة حيث أشارت إلى أن هناك أكثر من 22 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة” في اليمن، منهم “18 مليونا” يعانون من “انعدام الأمن الغذائي. لافته إلى أن أكثر من 8 ملايين يعانون من “انعدام خطير للأمن الغذائي، وأن هناك أكثر من خمسة ملايين طفل معرضون لخطر الموت جوعا. وفي ظل استمرار الحصار الجائر وانعدام الأمن الغذائي تشير العديد من التقارير الدولية إلى أن وضع التغذية للأطفال في اليمن يواجه بصورة متزايدة مخاطر التعرض لتبعات وخيمة في مختلف المراحل العمرية حيث أصبحت معدلات سوء التغذية الحاد في الوقت الراهن عند مستويات بالغة الخطورة في كافة أرجاء البلاد، حيث يتناول 15 في المائة فقط من الأطفال الحد الأدنى المقبول من الغذاء والذي يحتاجونه لأجل بقائهم على قيد الحياة ونموهم وتنميتهم، حيث يُقدر عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد بحوالي مليوني حالة ممن هم دون الخامسة ويشمل ذلك 360.000 طفل مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم، وفي ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية يواجه ما يتراوح بين 1.8 وَ 2.8 مليون طفل خطر الوقوع في براثن انعدام الأمن الغذائي الحاد مع إمكانية تعرض عدد أكبر بكثير من ذلك لسوء التغذية الحاد الوخيم المهدد للحياة.
الجدير بالذكر أن قوات تحالف العدوان السعودي وحكومة الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” لم تكترث بجميع هذه التقارير وإنما واصلت هجماتها البربرية على المناطق السكنية والزراعية في عدد من المدن والمحافظات اليمنية، الامر الذي أدى إلى انهيار ما يعادل 80 في المائة من البنية التحتية الاقتصادية والسكنية والزراعية في اليمن وهذا الامر ينذر بوقوع كارثة ومجاعة كبرى خلال الفترة المقبلة في هذا البلد الفقير.
المصدر / الوقت