فضائح الولايات المتحدة على لسان رئيس الوزراء؛ دروسها وعبرها للعراق اليوم
كشف “حيدر العبادي”، رئيس الوزراء العراقي السابق والرجل الذي حصل على شرف هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي، في بيان، عن العديد من الفضائح والمؤامرات التي قامت بها الولايات المتحدة داخل الاراضي العراقية خلال السنوات الماضية ولفت إلى أن تلك الخطط والمؤامرات تسببت في حدوث العديد من الازمات للمواطنين العراقيين والتيارات السياسية، ولقد جاءت هذه التصريحات الهامة عقب خروج الآلاف من أبناء الشعب العراقي في احتجاجات سلمية للمطالبة باخراج جميع القوات الأجنبية وعلى رأسها القوات الأمريكية من كافة الاراضي العراقية.
رئيس الوزراء السباق يفضح الدور الخبيث للولايات المتحدة وبعض الدول العربية في العراق
أكد “حيدر العبادي”، في جزء من ما كشف عنه، أنه في الوقت الذي هاجم فيه “داعش” العراق، لم تقدم الولايات المتحدة أي مساعدة للعراق، ولا حتى دولار واحد ولفت إلى أن الولايات المتحدة لن تساعد العراق، إلا إذا تلقت شيء في المقابل. وفي جزء آخر من خطابه، ناقش دور الشهيد “قاسم سليماني” في القضاء على عناصر “داعش” التي كانت منتشرة في العديد من المناطق العراقية، وأكد أن إيران كان لها دوراً كبيراً في القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي وقال: “لقد كان للشهيد سليماني دور كبير في القضاء على تنظيم داعش”.
وفي سياق متصل، اتهم رئيس الوزراء الأسبق “حيدر العبادي”، دولا خليجية واطرافا عراقية لم يسمهم بدفع أموال وتشكيل جماعات ضغط في الولايات المتحدة للإساءة للعراق. وقال “العبادي”، إن “بعض الدول الخليجية، فضلا عن اطراف عراقية كانت تشكل جماعات ضغط في أمريكا من اجل الإساءة للعراق وتدفع الأموال من اجل الإساءة للعراق”. وأضاف “العبادي”، أنه “يجب ان يعلم الجميع اننا في مركب واحد وصحوتنا جاءت متأخرة”، مشيرا إلى أن “المجتمع العراقي تحول ادوات لصراع لا يمت له بصلة”. ومن جانب آخر أكد “العبادي” أن “دخول قائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني الى العراق كان بعلمي و أعلنت ذلك في امريكا لانني كنت مقتنعا بذلك”.
الكشف عن أبعاد المؤامرة الأمريكية في العراق
مما لا شك فيه أن أهم نقطة في تصريحات “حيدر العبادي” يمكن ملاحظتها في تصريحاته هي حول دور الولايات المتحدة الخبيث في العراق وتظهر الحقائق الميدانية أيضًا أنه عندما سيطر “داعش” على العاصمة العراقية بغداد، واصلت الولايات المتحدة اتباع استراتيجية سلبية في ذلك الوقت، والآن أصبح من الواضح للجميع أن البيت الأبيض لم يكن ليدخل في حرب مع تنظيم “داعش” الارهابي، إلا بعد الضغوطات التي مارسها قادة كردستان العراق وجماعات الضغط الصهيونية . أساسا، إن “أبو بكر البغدادي” ومنظمته الارهابية صناعة امريكية، وهم يتحركون في اتجاه الخطط الشريرة التی ترسمها لهم الولایات المتحدة في منطقة غرب آسيا.
وفي قتنا الحالي، ها هو “حيدر العبادي” يكشف في تصريحاته عن أبعاد جديدة للقضية، بما في ذلك الكذب الأمريكي حول التعاون المالي التي قدمته للحكومة العراقية خلال حربها مع “داعش”. الجدير بالذكر أن المسؤولون السياسيون الأمريكيون أثاروا مرارًا وتكرارًا هذه القضية في السنوات الأخيرة وزعموا أنهم قدموا الكثير من الأموال للحكومة العراقية، بصفتهم حلفاء للجيش وقوات الأمن العراقية، لكن رئيس الوزراء العراقي الآن يشير الآن إلى أن الحقيقة هي أنه لم يتم دفع أي دولار حتى الان للحكومة العراقية ولم تساعد واشنطن بغداد وهذا يدل على أن الأمريكيين كذبوا فيما يتعلق بتقديم مساعدات مالية للعراق.
كما أن تصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق التي ركزت على تحليل سلوك وتصرفات الأمريكيين في الوضع الحالي هي أيضا ذات أهمية كبيرة وذلك لان قوات الأمن العراقية لا تزال تخوض حربًا واسعة النطاق مع فلول داعش في مناطق واسعة من الصحاري الغربية والشمالية الغربية وعلى الحدود مع سوريا. وتجري محاولات لإعادة إحياء مؤامرة “داعش” لتأجيل طرد القوات الامريكية من الأراضي العراقية بعد موافقة البرلمان العراقي العام الماضي. ومن المؤكد أن تصريحات “العبادي” ستلعب دورًا مهمًا في تعزيز دور واشنطن في عودة “داعش” للعراق.
في الواقع، ما يحذر منه “حيدر العبادي” الآن، هو أنه لا ينبغي على السياسيين العراقيين أبدًا الوثوق بالسياسات والوعود الأمريكية في المقام الأول. ويُظهر الغزو الأمريكي للعراق منذ عام 2003، أن سيادة العراق ومصالحه الوطنية لم تكن ذات أهمية بالنسبة لواشنطن على الإطلاق، وفي أوقات مختلفة، اتبع البيت الابيض مؤامرات لتعزيز سياساته. ونتيجة لذلك، يبدو أن تصريحات “حيدر العبادي” تزيد من الطلب العام لطرد الأمريكيين من العراق.
السعودية والإمارات؛ الأعداء يتسترون في ملابس الود والاخوة
يبدو أن تصريحات “حيدر العبادي” قد علّمت السياسيين العراقيين الحاليين درسًا آخر، وهو تحديد الإستراتيجية الصحيحة للعلاقات مع دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. فخلال فترة ولاية رئيس الوزراء “العبادي”، اتصلت به السعودية والإمارات مراراً وتكراراً، حتى أنهما وعدتا بالاستثمار والتعاون مع بغداد، ولكن التصريحات الاخيرة التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي السابق تؤكد أن الإمارات والسعودية تآمرا على السيادة الوطنية للعراق.
ومن المرجح أن “العبادي” أثار قضية دعم الرياض وأبوظبي للجماعات الإرهابية (داعش) وكذلك استفتاء 2017 بشأن استقلال الأكراد وحقيقة الأمر أنه في الوقت نفسه، كان هناك دليل على أن هاتين الدولتين الخليجيتين بذلتا الكثير من الجهود لتقسيم العراق وتدمير وحدته. ومع ذلك، وفي سياق جديد ، نرى أن “محمد بن سلمان”، في خطوة مهمة وكأول زعيم سياسي، قام بإرسال تهنئة لرئيس الوزراء العراقي الجديد “مصطفى الكاظمي”. ولهاذ فإنه يمكن القول أن تصريحات “العبادي” هي درس لـ”مصطفى الكاظمي” والمسؤولين الحكوميين العراقيين، الذين أصبحوا أكثر حساسية من سياسات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتان تهتما بمصالحهم الوطنية في تحديد علاقاتهم مع دول المنطقة.
الدروس والعبر في قصة التعاطف بين “العبادي” وأمريكا
مما لا شك فيه أنه خلال الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2018، اعتقد معظم المراقبين السياسيين أن “حيدر العبادي” سيرأس المنطقة الخضراء مرة أخرى، لأنه أدار الفترة الصعبة من الحرب مع تنظيم “داعش” الإرهابي وأنهى بنجاح قصة تقسيم العراق التي كان ينوي الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي القيام بها. وفي ذلك الوقت، كان “العبادي” متعاطفًا نسبيًا مع السياسات والاستراتيجيات الأمريكية في العراق. ويبدو أنه في ذلك الوقت، كان “العبادي” يعتزم ضمان إعادة انتخابه بدعم من الولايات المتحدة وعلى الرغم من أن هذا الامر يعتبر الآن اتهامًا له من خصومه، إلا أن الحقائق على الأرض وتصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق تظهر أنه كان لديه موقف متعاطف مع واشنطن وأدلى مرارًا وتكرارًا ببيانات تتعارض رسميًا مع إرادة المقاومة.
ويمكن اعتبار تصريحات “حيدر العبادي” الآن قصة إرشادية للسياسيين والفصائل السياسية في العراق وذلك حتى لا يرتكبوا خطأ استراتيجيًا مرة أخرى عند تعاملهم مع الولايات المتحدة. إن الحقيقة الواضحة هي أن الولايات المتحدة ليس لديها صداقة مع أي شخص أو فصيل سياسي في العراق، وما يدفع استراتيجيتها في العراق هو الاستخدام الفعال للأفراد لتحقيق أهدافها الخبيثة في هذا البلد الغني بالموارد النفطية. وحان الوقت الآن لقبول جميع الفصائل السياسية العراقية حقيقة أن تكرار قصة تعاطف “حيدر العبادي” مع الولايات المتحدة لن يكون لها نتائج أفضل من نهايته كرئيس للوزراء.
المصدر/ الوقت