التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

بریان هوك: اذاعة صوت أمريكا الناطقة الفارسية، تحولت الى صوت ايران 

عندما يفشل ترامب وإدارته في التصدي للقانون بشأن قضية ما – محلية او أجنبية على حد سواء – والمضي قدمًا فيها، يلجؤون الى الصاق التهم بالآخرين. وقد لقت ايران هي الأخرى نصيبها من هذه الاتهامات، ويحاول ترامب شخصيا ربط أي شخص يعارضه بإيران، أو يُظهر بشكل أو بأخر أن هذا الشخص أو هذه المؤسسة تبدي تساهلًا تجاه ايران.
وقبل بضعة أيام فقط، مع تصاعد الخلاف بين ترامب وشركة تويتر بسبب التغريدات الكاذبة والخاطئة لرئيس الولايات المتحدة، أرفقت هذه المنصة الاجتماعية إحدى تغريدات ترامب بتحذير يدعو لتقصي الحقائق بشأنها. وبعد هذه الخطوة، دعا رئيس الولايات المتحدة، الذي يقضي مؤخرا الكثير من الوقت على الشبكات التواصل الإجتماعي، وخاصة تويتر، إلى إغلاق صفحة المرشد الأعلى الإيراني على تويتر بحجة كونه معاديًا للصهيونية، بدلاً من الرد على أكاذيبه على الشبكة الافتراضية.
بالطبع ، لم ينتهي هذا الأمر هناك، لأنه قبل بضعة أيام، أعلن برايان هوك، المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، بحجة أن قناة VOA الفارسية غير نشطة في متابعة أهداف الحكومة الأمريكية، أن هذه القناة التلفزيونية ليست “صوت أمريكا” بل أنها “صوت إيران”!
وقال في مقال نشر في نيويورك بوست، إن على قناة صوت أمريكا الناطقة بالفارسية القيام بأداء أفضل في مواجهة الدعاية الإيرانية. وقال أيضا إن ميزانية القسم الفارسي من القناة، تبلغ 17 مليون دولار وتُدفع من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين لكن ليس بإمكان المشاهدون الإيرانيون والأمريكيون الحصول من خلالها على معلومات موثوقة وواقعية حول إيران.
وعلى الرغم من ان جهود برايان هوك الرئيسية كانت تنصب حول اثبات وجود نفوذ ايراني على الأعضاء الإيرانيين في القناة ليظهر بذلك أن برامج القناة فشلت في تحقيق أهداف ترامب ضد إيران، إلا أنه أضاف أن هناك أسبابًا أخرى قد تؤدي الى خفض ميزانية القناة بالإضافة إلى إمكانية إغلاقها من قبل إدارة ترامب، الأمر الذي يشير الى الغرض الحقيقي لدونالد ترامب من ممارسة الضغط على الشبكة. وفيما يلي بعض الأمثلة لهذه الأسباب.

1- الانحياز لمواقف الجمهورية الإسلامية
القضية الأكثر أهمية التي قادت حكومة الولايات المتحدة منذ فترة طويلة لخفض ميزانية صوت أمريكا في عدد من المراحل هي أن صوت أمريكا ينحاز الى بعض أنصار الجمهورية الإسلامية.
وكتب برايان هوك حول هذا الموضوع: “كان الرئيس آخر شخص يعبر عن إحباطه من برنامج صوت أمريكا”. وأن “مجلس السياسة الخارجية الأميركية” غير الحزبي أجرى في عام 2017 تقييمًا مستقلًا للبرامج الفارسية، ووجد تحيزًا في تقاريرها للسياسة الخارجية الإيرانية قائلا إنها “تقدم للجمهور الدعاية الموالية للنظام، بدلاً من التقارير الموضوعية. ويشير التقرير أيضًا إلى أن العديد من التوصيات المقدمة للشبكة لمتابعة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران لم يتم اتباعها..
ويضيف: في الوقت نفسه، كنت مستاء للغاية من أنه خلال المظاهرات للشعب الإيراني في نوفمبر من العام الماضي، كانت هذه القناة تبث أفلامًا وثائقية عن الحياة البرية. “صوت أمريكا لم يتمكن بالتأكيد من توفير تغطية مستقلة للأحداث في إيران.”
هذا على الرغم من حقيقة أنه في عام 2010 ، أثناء رئاسة باراك أوباما تم طرد العديد من مديري شبكة صوت أمريكا بحجة محاباتهم مع مواقف إيران. ومنذ ذلك الحين، تم استبدال مديري الشبكة عدة مرات، ولكن مع ذلك لم يكن هناك أي تغيير في سياسات القناة. ومن المثير للاهتمام أن قناة صوت أمريكا لديها أقل نسبة مشاهدة بين القنوات الفضائية في إيران بسبب عدم معرفة مدراء هذه القناة بثقافة ومواقف الشعب الإيراني تجاه القضايا الحالية.
وفقًا لتقرير عام 2012 الصادر عن معهد VOA Farsi Media Research Institute ، فإن تأثير VOA وراديو “فردا” على الجماهير الناطقة باللغة الفارسية محدود جدًا، ووفقًا للإحصاءات المنشورة ، فإن حصة VOA وراديو فردا من حيث جذب الجمهور ، كان 1.5 في المائة.
ووفقًا للتقرير، فإن القسم الفارسي من اذاعة صوت أمريكا التابع لحكومة الولايات المتحدة، والذي كانت ميزانيته في ذلك الوقت تبلغ تبلغ 23 مليون دولار سنويا، كان جمهوره أقل من 5 في المائة. من ناحية أخرى، بالمقارنة مع الإحصائية بين عامي 2010 و 2011 ، فقد انخفض عدد المشاهدين من VOA من 6.19 إلى 1.6 في المائة.

2. الفساد المالي والأخلاقي في صوت أمريكا
من أسباب إنتقاد براين هوك الأخرى لـ VOAهو افتقار القناة للشفافية في مقابل التمويل الضخم الذي تتلقاه. وكتب هوك: “هناك سوء إدارة واسع النطاق في هذه المنظمة”. ولم تتمكن VOA الفارسية من خلق بيئة عمل وعملية شفافة، وهذا هو الحال منذ عقود.
وفي تقرير صادر في عهد إدارة أوباما عام 2009 يشير أن موظفي VOA الفارسية لديهم أعلى مستويات من عدم الرضا عن عملهم واشتكوا مرارًا من الوساطات والتدخلات في التوظيف.
وينطبق التقرير أيضًا على ظروف صوت أمريكا في الوقت الحالي، حيث استمرت هذه الشكاوى والمخاوف في العمل منذ عام 2009 بسبب سوء السلوك وسوء الأخلاق. ووفقًا لتقارير حكومية، تم اختيار القسم الفارسي من VOA ، إلى جانب المؤسسة المسؤولة عن الإشراف على القناة، وكالة الولايات المتحدة لوسائل الإعلام الدولية (USAGM)، كأسوأ مكان عمل بين وكالات الدولة.
ومن الأمثلة على الوساطات العائلية في صوت أمريكا، والتي تم تناولها في تقرير عام 2012 من قبل معهد أبحاث الكونغرس الأمريكي، هي كالتالي:
1- توسيع الوساطات العائلية في توظيف الموظفين من خلال تجاهل عملية الاختيار المهني 2- وساطات في منح فرصة الظهور الإعلامي لمجاميع خاصة من الإصلاحيين بسبب الصداقات التي تجمعهم وعدم منح هذه الفرص لمجموعات مهمة أخرى 3- توظيف الأصدقاء والمعارف دون المؤهلات والخبرة اللازمة للعمل في وسائل الإعلام وكذلك عدم الاهتمام بطلبات المتقدمين الجديرين الآخرين.
وقال التقرير “إن العديد من موظفي صوت أمريكا ليس لديهم خلفية إعلامية أو صحفية، بل إنهم هاربون سياسيون من إيران وهم من التيار الإصلاحي فقط، مثل علي أفشاري وأحمد باطبي وفريبا داودي مهاجر وغيرهم من موظفي صوت أمريكا.
ويستشهد التقرير أيضًا بالبرامج VOA غير الأخلاقية ويقول: “على الرغم من أن الحديث عن الجنس مقبول في الثقافة الغربية وحيث ان المجتمع الإيراني مجتمع منفتح وحر، إلا أن العائلات الإيرانية لديها بالفعل بنية خاصة ومحافظة لذلك فإن عرض برامج ذات محتوى جنسي، هو ليس في المصلحة العامة للدبلوماسية الأمريكية، وهو كذلك لا يساعد على جذب الجمهور، ويؤدي عمليًا الى ابتعاد الجمهور الإيراني عن القناة الأمريكية هذه.
قبل ست سنوات، اي في عام 2014، تسربت فضيحة المدراء التنفيذيين ومقدمو برامج VOA مرة أخرى إلى وسائل الإعلام، وسبب بفضيحة أخلاقية لمدراء القناة. كما انعكست قصة اعتداء مهدي فلاحتي على احدى مقدّمات برامج هذه القناة بسرعة في الأخبار المتعلقة بالقناة.

3. عدم المماشاة مع أكاذيب ترامب حول فيروس كورونا
قال برايان هوك إن هذه ليست الخدمة الوحيدة لصوت أمريكا الناطقة بالفارسية التي لم تحقق أداءً جيدًا، بل أن الخدمات الأخرى لم تحقق أداءً جيدًا فيما يتعلق بموضوع فيروس كورونا، وأنها أصبحت أداة دعائية للحكومة الصينية ومعلوماتها الخاطئة.
الرئيس الأمريكي، الذي خفض ميزانية منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة بذريعة تحيز المنظمة للحكومة الصينية، يريد الآن التظاهر بأن وسائل الإعلام التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية قد تعاونت أيضًا مع الصينيين ورفضت استخدام نظريات المؤامرة..
كما طرح ترامب ومايك بومبيو، اللذان شكلا فريقًا من شخصين في البيت الأبيض لمهاجمة الصين بذريعة كورونا، مرارًا وتكرارًا بأن فيروس كورونا تم إنشاؤه في مختبر في الصين، ولكن بعد أن شكك العلماء الأمريكيون في النظرية أجبروا على التراجع عن تصريحاتهم.

ما هو السبب الرئيسي؟
هناك قضية أخرى يبدو أنها أهم قضية في جهود إدارة ترامب لإغلاق هذه القناة، وهي معارضة الكونغرس للمرشح المقترح لرئاسة وكالة الولايات المتحدة لوسائل الإعلام الدولية (USGM). هذه المؤسسة، تشرف على التلفزيون الأمريكي ووسائل الإعلام الحكومية، وهي واحدة من الجهات الرئيسية التي تربط الحكومة الأمريكية بوسائل الإعلام.
صرح ترامب مرارًا وتكرارًا أنه لا يثق في وسائل الإعلام الأمريكية، ولكن في نفس الوقت فشلت جهوده للتأثير على تغيير مدرائها. ونظرًا لأن ميزانية صوت أمريكا تُحدد بموافقة الكونغرس، فإن صلاحية اختيار مدير لـ”وكالة الولايات المتحدة لوسائل الإعلام الدولية” يجب أيضًا أن يوافق عليها مجلس الشيوخ الأمريكي.
ومع ذلك، كما ذكر برايان هوك، رشحت إدارة ترامب في 2018 مايكل باك رئيسًا للوكالة، لكن مجلس الشيوخ عارض المقترح. ووفقًا لبرايان هوك، كان ينبغي اعتماد أوراق اعتماد مايكل باك في مجلس الشيوخ، مما أدى الى ظهور تأثير سلبي على أداء صوت أمريكا، وإذا لم يوافق الكونجرس على أوراق اعتماده، فستغلق الحكومة الأمريكية هذه القناة.
الشيء المثير للاهتمام في مايكل باك هو أنه حليف مقرب لستيف بنن، مستشار ترامب السابق في البيت الأبيض والمحافظ القوي في واشنطن ولهذه الأسباب رفض الكونغرس الموافقة عليه هو الأخر لما معروف عنه من انحيازه السياسي والحزبي حيث يرى الكونغرس ضرورة تعيين شخصية مستقلة غير حزبية.
في الوقت نفسه، يبدو أن سبب ترشيح باك هو تشابهه مع ترامب في أداء الأمور الإدارية. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز قبل بضعة أيام أن مكتب المدعي العام الكولومبي من المقرر أن يبدأ تحقيقًا بشأن هذا المًخرج المستقل.
في غضون ذلك، قيل أن ترامب أطلق حملة جديدة لإجبار مجلس الشيوخ على الموافقة على أوراق اعتماد مايكل باك، في حين أن حملته الإعلامية لتهديد الكونغرس بإغلاق VOA تأتي في هذا السياق ايضا. يبدو أن المدراء التنفيذيين في القسم الفارسي في VOA حققوا أقصى استفادة من الاختلافات في الكونغرس الأمريكي بين الديمقراطيين والجمهوريين، ويرون موقفهم مؤمن عليه. وقد أدرك ترامب، الذي اعتبر حتى الآن قناة فوكس نيوز، إعلامه الرئيسي، أن هذه المنصة لا تزال بعض الأوقات تنتقده في القضايا الأساسية، وبالتالي فهو يسعى لستخير قناة خاصة به.
لقد أدت اعتراضات تويتر على تغريدات ترامب الزائفة هذه الأيام، بأنه يجب أن يجد طريقة للنفوذ داخل وسائل الإعلام الأمريكية حتى الانتخابات الرئاسية. ويمكن أن تكون هذه الوسيلة الإعلامية تنتج برامج منخفضة المستوى للأشخاص في البلدان الأخرى!
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق