صواريخ “كروز” البحرية الإيرانية تسابق الصوت بسرعتها
يعد تطوير الصواريخ المضادة للسفن الأسرع من الصوت أحد المشكلات التي تواجه البلدان ذات التقنيات العسكرية الخاصة أو البلدان التي لديها منافسين وأعداء مع قوات بحرية متقدمة ومجهزة بأنظمة دفاعية متقدمة. وهذه القضية أصبحت في السنوات الاخيرة من أبرز الأولويات الخاصة، ولكن التصميم والوصول إلى مثل هذه التقنيات المتطورة، ليس شيئًا يمكن لأي دولة أن تدّعي تحقيقه. إن السرعة العالية والنطاق البعيد، والتحليق بالقرب من مستوى المياه وخاصة في المرحلة الأخيرة من الهجوم، والقدرة القتالية القوية مع القدرة على التخطيط للانفجار في ظروف مختلفة، تعتبر من أبرز المواصفات التي يجب توفرها في صاروخ “كروز” مضاد للسفن. لكن في الأيام الأخيرة، قال الأدميرال “أمير خنزادي” قائد البحرية الإيرانية، في مقابلة تلفزيونية حول مستقبل صواريخ القوة المضادة للسفن: “في المستقبل القرب سوف نتمكن من صناعة وانتاج صواريخ فائقة السرعة وسوف نضع في تلك الصواريخ محركات من نوع توربوفان وذلك لكي تزداد سرعة صواريخنا عدة مرات وتصبح أسرع من الصوت”.
وقبل أن نبدأ في مناقشة الصواريخ المضادة للسفن، دعونا نتحدث قليلاً عن إحدى النقاط الرئيسة التي ذكرها قائد القوات البحرية، والمتمثلة في محرك “توربوفان”. إن هذا المحرك التوربيني هو نوع من المحركات النفاثة التي يخرج منها جزء كبير من الهواء الممتص من الثقب النهائي دون الدخول إلى غرفة الاحتراق. ويحتوي محرك “توربوفان” على مروحة ضاغطة كبيرة جدًا أمام المحرك، والتي تنقل نسبة كبيرة من الهواء بعد المرور عبر المروحة إلى المسافة بين المروحة والقشرة. وتعمل التربونات بشكل أفضل من المحركات النفاثة البسيطة؛ ونظرًا لكمية الهواء الكبيرة التي تمر عبر المروحة وكمية الهواء الصغيرة التي تمر عبر قلب المحرك، فإنها تتسارع وتنتج الكثير من الدفع.
يحتوي محرك مروحة محركات “توربوفان” على مروحة خارجية للمحرك النفاث التوربيني الأساسي ، مدفوعة بثلاثة مروحة تربو ، والتي تدفع الهواء من خلال قلنسوة متصلة بالخارج إذا كان الجزء الأساسي باتجاه الجزء الخلفي من الجزء الأساسي حيث يختلط الهواء مع العادم النفاث ، مع ارتفاع درجات الحرارة يصل ، يوسع ، وينتج المزيد من التوجه. تصف الصفات الوصفية مثل “منخفضة” و “عالية” حجم المروحة ، وبالتالي كمية الهواء المسموح بها لتجاوز النفاثة التوربينية الأساسية. ومحرك “توربوفان” هو نوع من المحركات النفاثة التي تستخدم على نطاق واسع لدفع الطائرات. يحرك سوق محركات توربوفان العالمية للطائرات مجموعة متنوعة من العوامل مثل زيادة الاستثمار في حلول التكنولوجيا المتقدمة لتحقيق كفاءة استهلاك الوقود.
السرعة فوق الصوتية والدفعية لمحرك “توربوفان”؛ كيف ستكون تكتيكات القوات المسلحة الإيرانية؟
تُستخدم محركات “توربوفان” بشكل خاص في الأحجام الصغيرة المستخدمة في صواريخ كروز، وذلك من أجل مساعدتها على التحليق بسرعات فائقة وقطع مسافات طويلة. إذا أردنا أن نذكر بعض أشهر صواريخ كروز في العالم التي تستخدم محركات توربينية، فيمكننا الرجوع إلى محرك Williams F107 لصواريخ “تاماهوك”، أو محركات سلسلة 36MT لصواريخ KH-59M أو طرازات TRI-60 المستخدمة في صواريخ “استور شادو” أو RBS-15.
لقد تم تطوير جميع هذه المحركات من أجل انتاج وصناعة صواريخ فائقة السرعة، ووفقا لتصريحات قائد القوات البحرية، فعندما يريد صاروخ كروز مضاد للسفن أن يتحرك بسرعة تفوق سرعة الصوت، فمن الواضح أنه يحتاج إلى المساعدة في المرحلة النهائية. ولفهم هذا الأمر، يمكننا أن ننظر إلى نموذج صاروخي روسي وتجربتهم في هذا المجال. حيث يطير صاروخ كروز الروسي الصنع 3M-54 من عائلة “كلوب” بسرعات منخفضة في المراحل المبكرة والمتوسطة من رحلته، وفي المرحلة الأخيرة وبمساعدة محرك صاروخي، تصل سرعته إلى من حوالي 2.9 إلى 3 ماخ. كما قام الصينيون بطريقة ما بنسخ صاروخ سلسلة YJ-18، حيث يطير هذا الصاروخ المضاد للسفن أيضًا بسرعة منخفضة في المراحل الأولى والثانوية عند خروجه من الغواصة وفي المرحلة النهائية تصل تزداد سرعته وتصل إلى أعلى من الصوت.
وبناءً على ذلك، يمكن التكهن بأن التصميم النهائي للقوات البحرية الإيرانية سوف يركز على وصول الصاروخ إلى سرعات تفوق سرعة الصوت بمساعدة دافع صاروخي قبل دخوله إلى المرحلة النهائية من الطيران. إن هذه الاستراتيجية سوف تفاجئ الزوارق العسكرية وتزيد من احتمال الاصطدام معه. وهكذا، فإن الصواريخ الإيرانية سوف تحلق في المرحلتين الأولية والمتوسطة بسرعة منخفضة وعلى ارتفاعات منخفضة وذلك للاختباء من الأشعة تحت الحمراء، وفي المرحلة الأخيرة، سوف تزداد سرعتها وسوف تصل إلى السرعة فوق الصوتية وذلك لضرب الهدف بشكل مفاجئ. وفي الوقت نفسه، ومع تطوير محركات “توربوفان”، فإن استهلاك الوقود سوف ينخفض، وستتمكن هذه الصواريخ من التحليق لمدى أكبر.
بطبيعة الحال، في السنوات الأخيرة وفي المستقبل، سيكون عدونا الرئيسي في الجنوب المتمثل في المدمرات والسفن الحربية الأمريكية، مجهزة بنظام مراقبة “إيجيس”، ورادارات مجموعة صفيفات SPY ومجموعة من الصواريخ الدفاعية مثل السلسلة القياسية، ومدافع RIM ومدافع متعددة القذائف. وبالطبع، سوف يكون من الضروري كسر هذا الحاجز الدفاعي بصواريخ كروز فائقة السرعة، لكن هذه مهمة صعبة، ولكن هذا التفوق سيكون أسهل بكثير عند صناعة وانتاج صواريخ مضادة للسفن بسرعات تفوق سرعة الصوت، حيث سوف تجبر هذه الانواع من الصواريخ الجانب الآخر على التفكير مرة أخرى قبل البدء في أي مغامرة. دعونا لا ننسى أن العقيدة الدفاعية الرئيسية لجمهورية إيران الإسلامية تتمثل في عدم البدء بدخول في صراع مع العدو وإنما ردعه من خلال إنشاء قوة دفاعية قوية.
لذلك، فإن تجهيز القوات البحرية الإيرانية بالصواريخ سيكون من بين أهم العوامل في تطوير قدرات الردع وإزالة ظل الحرب من البلاد. وفي الوقت نفسه، سيكون تطوير محركات “توربوفان” في الدولة واحدة من أهم الخطوات لتطوير الجيل الرابع والخامس من المقاتلات المتطورة في البلاد، والتي يمكن استخدامها أيضًا لبناء محركات توربينية تجارية وتطوير طائرات ركاب. وتجدر الإشارة إلى أنه في الوضع الحالي، تم الإعلان عن صناعة صواريخ كروز متطورة في البلاد واختبارهارسميًا على بعد حوالي 300 كيلومتر. إن صناعة مثل هذه المحركات سوف يساعد على الوصول إلى سرعات توفق سرعة الصوت قادرة على التحليق إلى مسافات بعيدة ويمكن زيادة المدى الذي تصل اليه صواريخ كروز بسهولة إلى حوالي 500 كيلومتر، وهذه الامر سيدعم الذراع البحرية لبلادنا في كل مهمة قريبة وبعيدة.
المصدر/ الوقت