التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

ما هي التنازلات التي تقدّمها تركيا لإقناع العراق 

لقد أعلن المسؤولون في أنقرة أنهم لا ينوون وقف الغارات الجوية والهجمات البرية على مواقع حزب العمال الكردستاني في العراق.

هذا في حين أن هذه الهجمات لم تشمل فقط أعضاء حزب العمال الكردستاني، حيث أصبح جزء من القرويين وسکان مناطق واسعة من إقليم كردستان ومناطق من سنجار يعيشون في ظروف صعبة، وباتت مراعيهم وقراهم غير آمنة.

وفي ظل هذه الظروف، تسعى الحكومة العراقية إلى تقديم شكاويها علناً ​​إلى الأمم المتحدة، من أجل إنشاء آليات قانونية للضغط على تركيا.

موعد لتقديم تنازلات وأخذ نقاط

في الأيام الأخيرة، دعا وزير الخارجية التركي “مولود تشاووش أوغلو” وزعيم حزب الشعب الجمهوري “كمال كليجدار أوغلو”، رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي” إلى إيلاء مزيد من الاهتمام بحقوق التركمان العراقيين وإعطائهم حصةً في حكومته.

ولكن يبدو أنه لم تکن هناك حاجة إلى وساطة أنقرة، حيث كان الكاظمي يرغب منذ فترة طويلة في اتخاذ إجراءات لاستخدام قدرات التركمان وتلبية مطالبهم. ولهذه الغاية، رشح “حسن أوزمن البياتي” أحد قادة التركمان العراقيين، لمنصب وزارة الدولة لشؤون مجلس النواب، لتنعقد جلسة منح الثقة له.

العديد من وسائل الإعلام العربية والكردية والتركية حللت خطوة الكاظمي بأنها تلبية لطلب مسؤولي أنقرة. لكن الحقيقة هي أنه في الظروف الحالية حيث تجاهلت تركيا السيادة السياسية لبغداد بطرق مختلفة، لا يوجد سبب لتقديم تنازلات لها، وبالتالي يجب اعتبار هذا التزامن نوعًا من المصادفة.

وبالمناسبة، فإن تركيا هي التي تبحث عن تنازلات في الظروف الصعبة، إذ تشير التقارير إلى أن وفدًا تركيًا دخل علی الخط لإرضاء الحكومة العراقية، وقدم تنازلات للعراقيين حتى يتمكنوا من ثني حكومة الكاظمي عن رفع دعوى قضائية ضد أنقرة.

تركيا وضرب عدة عصافير بحجر واحد في العراق

أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية “أحمد الصحاف” أن وفداً تركياً برئاسة نائب وزير الخارجية “يافوز سليم كاران” التقى بوفد عراقي برئاسة “عبد الحكيم هاشم”، وقرروا أن تمنح تركيا من الآن فصاعداً تسهيلات تأشيرة المطار لسفر المواطنين العراقيين إلى تركيا، بدلاً من وضع شروط صارمة للزيارات القنصلية.

علی الرغم من أن هذا الأمر قد يبدو تنازلاً كبيراً في الظاهر، ولكن بالعودة إلى أرشيف الأخبار حول العلاقات بين بغداد وأنقرة، من السهل أن نرى أنه كان ينبغي تحقيق هذا الوعد في وقت أقرب.

حيث قال وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” للصحافيين قبل 17 شهراً بعد اجتماعه مع “أسعد العيداني” محافظ البصرة: “في أقرب وقت ممكن سنلغي مرةً أخری شرط الحصول على التأشيرة للأخوة والأخوات العراقيين لدخول تركيا”.

بالطبع في الوقت ذاته، قال جاويش أوغلو رداً على عتب العراق المائي من تركيا واستهلاك المياه من دجلة والفرات: “إن تركيا لم تكن سبب أزمة المياه في العام الماضي في العراق. بناءً على طلب العراق، لم نبدأ تشغيل سد “إليسو” وقمنا بتأجيله لمدة عام، ما كلف تركيا مليون دولار يومياً. من يقدم مثل هذه التضحية لأخيه؟”.

في تحليل أهمية هذا القرار التركي، يمكن القول:

1. تسعى أنقرة إلى الحفاظ على علاقات منخفضة التكلفة مع بغداد، ولا تنوي تقديم تنازلات كبيرة في هذا الطريق.

2. يعد تقديم تأشيرة مطار للمواطنين العراقيين للسفر إلى تركيا، خطوةً في اتجاه تعزيز المصالح الاقتصادية لأنقرة.

في تركيا وفي عام 2019، تم بيع ما يقرب من 40 ألف وحدة من المنازل والفيلات للأجانب، وهو ما يمثل زيادةً بنسبة 14٪ مقارنةً بعام 2018.

ومن المثير للاهتمام أنه تم بيع 7506 وحدة من جميع هذه الوحدات السكنية للعراقيين، وفي عامين متتاليين أي في 2018 و2019، سجل العراقيون رقماً قياسياً في قائمة المشترين الأجانب للسكن في تركيا.

لذلك، فإن إصدار تأشيرات المطار للمواطنين العراقيين ليس خدمةً، بل هو وسيلة لتشجيع المزيد من العراقيين على السفر إلى تركيا، وشراء المساكن والممتلكات، وكذلك زيادة عدد السياح العراقيين الذين يزورون العراق.

أهمية التقارب بين أربيل وبغداد

في السنوات الأخيرة، وسع إقليم كردستان العراق علاقاته السياسية والأمنية والاقتصادية مع تركيا، وأبرم حتى صفقات نفطية غير قانونية.

لكن الهجمات المستمرة للجيش التركي الآن على أجزاء من شمال العراق وإقليم كردستان، شكلت تحديات ومخاطر كبيرة لحكومة كاظمي وكذلك للحكومة المحلية في أربيل، وأربيل وبغداد بحاجة إلى التعاون والتنسيق أكثر من أي وقت مضى.

الحقيقة هي أن الظروف السياسية والأمنية والاجتماعية تمر بمشكلات خاصة في العراق، كدولة خرجت لتوها من الحرب ضد الإرهاب، وخسرت البنی التحتية المهمة بعشرات المليارات من الدولارات في الحرب ضد داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، وأيضاً كدولة تواجه أنواع المشاكل الاقتصادية وعجز الموازنة والتحديات السياسية والحزبية، واتخاذ موقف متشدد ضد تركيا يحتاج إلى تفكير عميق.

لكن الواضح هو أن إقليم كردستان بحاجة إلى دعم الحكومة المركزية لضمان أمن مواطنيه، وأن المحادثات الأخيرة بين وزارة الدفاع وقادة قوات البيشمركة في بغداد يجب متابعتها بشکل أكثر جديةً.

كما أن هناك حاجةً وضرورةً سياسيةً وحزبيةً أخرى في هيكل إقليم كردستان العراق، وهي أن أحزاب الإقليم يجب أن يکون لها موقف وهدف واحد حيال تركيا وحزب العمال الكردستاني، وتتبنی ترتيبات لا تسمح لحزب العمال الكردستاني بتحويل جغرافية إقليم كردستان إلى ساحة تهديد لأمن جيرانه.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق