التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

شربل وهبة؛ هل يساهم الوزير الجديد في انقاذ لبنان 

يمر لبنان بظروف استثنائية لم يشهدها من عقود طويلة، فالأزمات المتلاحقة تكاد تنهش جسد لبنان واللبنانيين الذين تلقوا الضربة القاضية يوم أمس بعد الانفجار الذي هز مرفأ بيروت ليصل دوي الانفجار إلى مساحة تزيد عن 8 كلم مربع ويحصد معه عشرات الشهداء ومئات الجرحى في مشهد يدمي القلب، ليزد على ويلات اللبنانيين ويلات وويلات ويعقد الأزمة التي نهشت اقتصاد البلاد والتي تبعها بطبيعة الحال أزمة سياسية، تغيرت فيها الكثير من الأسماء وبقي لبنان متأزماً، واليوم تسعى حكومة حسان دياب ومنذ توليها زمام الأمور للخروج من الأزمة والانفتاح على الجميع لمساعدة لبنان ولكن المشهد اكثر تعقيداً مما يتخيله اي احد، وقبل يومين جاءت استقالة وزير الخارجية ناصيف حتي بشكل مفاجئ ودون سابق انذار لتزيد من الطين بلة، ولكن دياب تدارك الأمر وعين مع رئيس الجمهورية وزيرا جديداً للحفاظ على سير عمل الحكومة التي تريد لها اطراف خارجية الانهيار والذهاب إلى الفراغ الذي سينهي آمال اللبنانيين ان بقيت لهم آمال بعد كل هذه المصائب التي لحقت بهم.

في الأمس وقبل أن يحدث الانفجار الذي هز بيروت وأخرج نصفها من الخدمة، جرت مراسم لتسليم شربل وهبة منصب وزير الخارجية خلفاً لناصيف حتي، وخلال مراسم التنصيب تحدث وهبة عن برنامجه القادم، ودان منذ البداية الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، مؤكدا تمسك بلاده بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701 ومبدأ ترسيم الحدود.

ادانة وهبة للاسرائيليين تحمل في طياتها الكثير من الرسائل للداخل والخارج، بأن لبنان سيبقى لبنان المقاوم الرافض للخضوع والذل أو الاملاءات الخارجية، كما تشير رسائله بأن المقاومة هي الخيار الأمثل لمواجهة العدو الصهيوني، وهو يعلم بقرارة نفسه أن “حزب الله” هو الحامي الأكبر للبنان وسيادته ونعتقد بأن وهبة سيقف الى جانب الحزب في مقاومته ضد العدو الصهيوني، لأن هذا الخيار “وطني” بامتياز وفيه خير لكل اللبنانيين.

ونقلت “الوكالة الوطنية للإعلام” عن وهبة قوله، خلال مراسم تسلم مهام منصبه بوزارة الخارجية والتي حضرها وزير الخارجية المستقيل ناصيف حِتي: “ستعمل وزارة الخارجية على الورقة التي أقرها مجلس الوزراء بشأن عودة النازحين على أمل تحقيق العودة الآمنة للنازحين إلى ديارهم للتخفيف من العبء عليهم وسنلتزم رفض التوطين وتأمين العودة للفلسطينيين”.

وأكد أنه سيكون “العين الساهرة على أداء العاملين في الوزارة وإنتاجيتهم لتفعيل عمل البعثات الخارجية وترشيد الإنفاق وتقوية المبادرات الخارجية وتشجيع اللبنانيين المنتشرين على الاستفادة من قانون استعادة الجنسية”.

وشدد وهبة على ضرورة العمل على تمتين العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة، ومتابعة تنفيذ مقررات “مؤتمر سيدر” (انعقد في 6 إبريل/نيسان 2018 في العاصمة الفرنسية باريس) مع مجموعة الدول المانحة، ومتابعة تنفيذ الخطة الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة، والمساعدة في تطبيق الورقة التي أنجزها مجلس الوزراء في ملف اللاجئين السوريين (تصرّ الحكومة اللبنانية على تسميتهم بالنازحين)، وتأمين عودتهم الآمنة إلى سورية، مشدداً على رفض التوطين وحق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وأكد الوزير الجديد أنّ لبنان “غير محاصرٍ على الإطلاق”، والزيارات التي يقوم بها رئيس الحكومة حسان دياب تأتي بأوانها عند وجود المبرر وعندما تتاح له الفرصة، فدوره هو في أن يرأس أعمال مجلس الوزراء.

كما أكد وهبة العمل على الدفاع عن الثوابت الوطنية للبنان وفي المحافل الدولية، والحفاظ على أفضل العلاقات مع قوات “اليونيفيل” (قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان العاملة في الجنوب) وتنفيذ القرار 1701 وإدانة الخروقات الإسرائيلية وانتهاكات العدو للسيادة اللبنانية، والتمسّك بمبدأ ترسيم الحدود والحفاظ على “ثروتنا” النفطية في المنقطة الاقتصادية الخالصة، وأحقية لبنان في استعادة مزارع شبعا المحتلة وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر.

وبالمناسبة، قال وهبه “لا شك بأن هذه المسؤولية تأتي في ظروف عصيبة وغير مسبوقة يمر بها الوطن، لكن ذلك حتما يجب الا يثنينا اينما كان موقعنا عن السعي الى تجاوز المحنة والعمل على اصلاح الاوضاع على كل الصعد والتطلع الى ما نصبو اليه جميعا من حلول دائمة لهذه الازمات المتعددة”.

لم يتحدث أحد عن أن استقالة الوزير حتي قد تكون بسبب ضغوط خارجية من هنا وهناك وخاصة من قبل الفرنسيين الذين أرادوا التدخل في الشأن الداخلي اللبناني قبل ان يمنعهم رئيس الوزراء حسان دياب، لكن فرنسا مثل بقية الدول الغربية لا تريد الخير للبنان على ادعاءاتهم الباطلة، وظهر خبث الفرنسيين من خلال السرعة بالاشادة الفرنسية باستقالة حتي، إذ غرّدَ النائب الفرنسي غوندال ريوارد على حسابه عبر “تويتر”، أمس الاثنين، مشيداً بوزير الخارجية المستقيل، الذي وصفه بـ”رجل الدولة الملتزم بالحياد الإيجابي والمتمسّك بالسيادة والإصلاحات والعلاقات العميقة مع فرنسا، والذي أتى إلى الوزارة لخدمة الناس لا نفسه”.

بدوره، وجّه السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه، في تغريدة على حسابه عبر “تويتر”، تحية لـ”الدبلوماسي الكبير” ناصيف حتّي، الذي تمكّن من الحفاظ على علاقة وثيقة معه، معتبراً أنّ “الكرامة، والقناعة والأخلاق والإصلاحات هي عوامل قادت حركته في قصر بسترس (مقرّ وزارة الخارجية)، والعلاقة اللبنانية الفرنسية إلى تحسّن”.

واتجاه ما حصل بين دياب ووزير خارجية فرنسا، لفت الوزير الجديد شربل وهبة الذي شغل منصب مدير الشؤون السياسية والقنصلية في وزارة الخارجية بين عامي 2012 و2017، من تصريحات دياب تجاه فرنسا ووزير خارجيتها، إذ شدد على أن رئيس الحكومة “لم يخطئ، بمعنى أن ليس هناك انزعاج فرنسي حول كلامه الذي علينا أن نعطيه حجمه”، وذلك خلال مقابلة تلفزيونية هي الأولى له خصّها لقناة “أو تي في” المحسوبة على رئيس الجمهورية ميشال عون.

وقال وهبة أيضاً، في المقابلة، أنّ “الحكومة لم تفشل، وهي تسعى وتعمل على اتخاذ القرارات وتنفيذها، والمردود يظهر خطوة ما بعدها خطوة”، وفضل وزير الخارجية استخدام تعبير دولة تمرّ بصعوبات عوض فاشلة، وهو الوصف الذي اعتمده حتّي في بيان الاستقالة.

ورأى وهبة أن لبنان “ليس محاصراً، وهو لديه حضور فاعل في دول العالم وتمثيل دبلوماسي عريق، وعليه أن يدق باب الدول الصديقة والشقيقة لخرق هذه الحالة الصعبة التي يمرّ بها، أما العقوبات المفروضة فهي على أشخاص أو فئات أو أحزاب وليست على الدولة والشعب، هناك إصلاحات علينا نحن أن نقوم بها ونبادر إليها”.

في الختام؛ الامتحان القادم على وهبة صعب جداً ولن يكن سهلا ابدا أن يبني جسورا مع الدول الأجنبية في ظل الاوضاع التي تمر بها لبنان، ولا نعلم ان كان انفجار لبنان بالرغم من كل مساوئه سيساهم في تخفيف الاحتقان السياسي داخل لبنان وخارجه، هذا ما سنعرفة في القريب العاجل.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق