اقتصاد الكيان وصل حافة الهاوية.. وبالونات غزّة تعمّق جراحه
يظنُّ البعض مُخطئاً أنّ اقتصاد الكيان الإسرائيلي مُزدهر ونشط، وأنّ سُكانه يعيشون في بحبوحةٍ، غير أنّ الحقيقة ليست ورديّة كما كنا نظن، وتسود حالة من الإحباط في الشارع، وهناك مُظاهرات واحتجاجات اجتماعية كبيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تضرب الكيان ناهيك عن الإحباط الذي يعتري سُكّان الكيان نتيجة سياسات الحكومات المُتعاقبة، ويرتبط انهيار الاقتصاد في الكيان بعدّة عوامل منها الانخفاض في تدفقات العملات الأجنبية، وضعف الاستثمار الأجنبي في صناعة رأس المال، فيما تبقى المشكلة الاقتصادية الأكبر هي حالة عدم اليقين السياسي والتخبط الحكومي، والافتقار إلى وحدة سياسية بين ساسة الكيان.
اقتصاد في مهبّ الريح
عبر سني الكيان السبعون الماضية كان اقتصاد الكيان وعلى الرّغم من الأزمات السياسيّة والاقتصادية المُتلاحقة مُستقراً نوعاً ما، غير أنّ جائحة كورونا التي ضربت العالم، كان لها التأثير البالغ على الكيان، وطال هذا التأثير كافة الشركات العاملة هناك، والتي أغلقت أبوابها أمام موظفيها، وما رافق ذلك من ارتفاع مهول بمعدل البطالة، ومن المتوقع كما يرى الخبراء أنّ الناتج المحلي الإجمالي للكيان في العام 2020 سيشهد انخفاضاً خطيراً سيؤثر على الحياة المعيشية لمئات الآلاف من سكّانه.
حكومة الكيان ومن أجل مواجهة هذا التدهور المُتسارع باقتصادها تحاول القيام بإجراء تحفيزيّة، لكن عواقب هذا الدعم ستكون وكما يُجادل بعض الخبراء كارثيّة وستُساهم بتكريس عجز الميزانية لحكومة الكيان والاستقرار المالي على المدى الطويل، من أجل تمويل هذه الإجراءات التحفيزيّة، من المؤكد أن حكومة الكيان ستقترض مبالغ هائلة من دولٍ عدّة، لكن يتعيّن عليها سداد فائدة هذه القروض بالإضافة لأصل المال، وهنا ستواجه القوّة المالية للكيان خفض التصنيف الائتماني لها الأمر الذي سيُسبب انهياراً كبيراً للسندات الحكومية.
خبراء اقتصاديون توقعوا السيناريو الأسوأ الذي سيواجهه الكيان، حيث ستصل نسبة العجز في موازنة الكيان إلى 13.2٪ للعام الجاري 2020، وعجزاً آخر ستصل نسبته إلى 9.2٪ للعام المُقبل 2021، إذن؛ فإنّ الأزمة العميقة التي وجد اليان نفسه بها ستُجبره على إنفاق الكثير من المال، الأمر الذي سيُرافقه ارتفاع كبير في الدين العام، وفي مرحلة لاحقة، سيسأل المستثمرون الذين يشترون السندات من حكومة الكيان أنفسهم ما إذا كانت السياسة التي يتبعها ساسة الكيان منطقية أم أنها غير منطقية، حيث ستُصبح هذه السندات عالية المخاطر بالنسبة للمستثمرين.
أكثر من ذلك؛ تتحدث الأخبار عن عمليات تهريب واسعة للعملة الأجنبية تتم عبر المطارات الموجودة في الكيان، الأمر الذي يشي بأنّ الكيان بات على عتبة انهيار اقتصادي، وبات السؤال الأكثر تداولاً بين أفراد المجتمع هو ليس إذا كان الاقتصاد سينهار وإنما متى.
وهنا يبدو من الواضح أنّ نتنياهو وكابنته الوزارية لم تهتم بالعجز الاقتصادي أو الأزمة الماليّة التي تضرب الكيان، ليُفضل العمل بإجراءات شعبوية رغبةً بإرضاء الجمهور الثائر، أملاً بتقليل الاحتجاجات التي باتت تُحاصره حتى في منزله.
بالونات اقتصادية
على الرّغم من أنّ قوّات الاحتلال تُحاصر قطاع غزّة، وتمنع أبسط مُقوّمات الحياة من الدخول إليه؛ غير أنّ حالة الرّعب التي سببها شُبّان الكيان لمستوطنات الكيان المُحيطة بالقطاع باتت تُساهم بتعميق جراح الكيان الاقتصادية، خصوصاً بعد أن بات إطلاق البالونات الحارقة يسبب خسائر فادحة في اقتصاد تلك المُستوطنات، وباتت النيران تلتهم مساحات واسعة من الأراضي الزراعيّة هناك.
نسبة العاطلين عن العمل في تلك المُستوطنات والتي تصل إلى أكثر من 22% من القوة العاملة، بات ينضمّ إليها يوميا مئات الأشخاص ممن فقدوا عملهم ممن يرفضون العمل في المزارع التي باتت مُهددة بالاحتراق، كما أنّ جائحة كورونا تركت أثرها العميق على اقتصاد تلك المُستوطنات بعد أن أغلقت عشرات الورش والمصانع الصغيرة أبوابها بوجه العاملين، ناهيك عن الضرائب المُرتفعة المفروضة على السُكان الذي رافقه انخفاض شديد بقيمة الشيكل، حيث تقول الأخبار الواردة من الكيان إنّ عمليّات نزوح شبه جماعي من تلك المُستوطنات باتجاه المُدن البعيدة عن الحرائق التي باتت تنتشر بأغلب المُستوطنات القريبة من القطاع.
تجدر الإشارة إلى أنّه وفي منتصف الثمانينيات، مر اقتصاد الكيان الإسرائيلي بأزمة ديون دراماتيكية وتضخم كبير، أجبرت حكومة الكيان حينها على التحوّل إلى الاقتصاد النيوليبرالي، وهو الذي أجبر الكيان لاحقاً على التخلي عن سياسة التدخل المباشر لمصلحة السُكّان لصالح تحرير القيود والخصخصة وبيع مؤسسات الحكومة، الأمر نتج عنه وصول نسبة كبيرة من السُكّان إلى حافة الفقر وذلك نتيجة التحوّل المُتطرف للاقتصاد النيوليبرالي، وبلغ ذروته بارتفاع غير مسبوق في مستويات الفقر وعدم المساواة، حيث احتلّ الكيان المرتبة الأعلى بأكثر الاقتصادات تدهوراً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
المصدر/ الوقت