نهاية عمل المحكمة السياسية في قضية “رفيق الحريري”..فشل في تحقيق الأهداف
أعلنت المحكمة الدولية بعد التحقيق في حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق “رفيق الحريري” ، وبعد إنفاق أكثر من 600 مليون دولار على التحقيق في القضية المكونة من 2600 صفحة على مدى السنوات الـ15 الماضية ، وبعد إصدار بعض الأحكام المتحيّزة سياسياً، بأنه لا يوجد أدلة تشير الى ضلوع سوريا وحزب الله في اغتيال الحريري.
وعلى عكس الادعاءات السابقة بأن حزب الله والحكومة السورية متورطان بشكل مباشر في هذا الاغتيال ، أقرت محكمة العدل الدولية في لاهاي في جلستها يوم أمس عدم وجود دليل على ذلك ، ومع ذلك ، أصدرت محكمة لاهاي أيضًا بعض الأحكام السياسية التي تهدف إلى استرضاء الأطراف الخارجية ، بما في ذلك أمريكا وبعض التيارات في الداخل اللبناني ، بما في ذلك تيار 14 أذار ، واصدار حكم ادانة على عضو حزب الله “سليم عياش”.
وقضت المحكمة المذكورة بأن سليم عياش متورط شخصياً في عملية الاغتيال، كما ان بعض الأحكام التي أصدرتها محكمة لاهاي جعلتها سياسية أكثر من كونها قانونية، وفي هذا الصدد، قال “عمار بلال”، عضو الدائرة التشريعية في وزارة العدل السورية، إنّ محكمة لاهاي تصرّفت بناءً على تصريحات السياسيين وليس على أسس قانونية مهنية.
وهناك نقطة أخرى مهمة بشأن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وهي أنه في هذه المحكمة السياسية البحتة، تظهر وثائق حزب الله في لبنان أن الكيان الصهيوني متورط في هذا الحادث، والتي لم يتم فحصها من قبل المحكمة، حيث تجاهلت محكمة لاهاي باستمرار الوثائق التي قدّمها حزب الله على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية.
ومن ناحية أخرى، اكتفت المحكمة بالنظر فقط في المستندات التي قدّمها تيار 14 آذار، لذلك، من الواضح تمامًا أن محكمة العدل الدولية في تعاملها مع اغتيال رفيق الحريري كانت سياسية بالكامل ولم تتبع أيّاً من المبادئ القانونية المهنية والبديهية ، ولو كانت هذه المحكمة قد وضعت الشفافية والعدالة على جدول أعمالها وفحصت وثائق حزب الله ، لكان قد تم تحديد الفاعلين الرئيسيين في اغتيال رفيق الحريري وكشف دور تل أبيب في هذه الحادثة على الملأ ، ومن الواضح أن المحكمة التي أقيمت تحت الضغط الأمريكي لن يكون لها مكان في إدانة الصهاينة.
وبالإضافة إلى ما قيل، من المهم الإشارة إلى أن محكمة العدل الدولية في قضية اغتيال رفيق الحريري ، رغم الجهود الكثيرة لإدانة عدد كبير من أعضاء حزب الله في القضية ، فقد فشلت في النهاية في تحقيق هذا الهدف ، وعلى مدار الفترة الماضية ، ذكرت المحكمة أسماء العديد من أعضاء حزب الله فيما يتعلق بالقضية ورأت أنها يمكن أن تدينهم جميعًا بسهولة ؛ ومع ذلك ، فمع مرور الوقت وعدم القدرة على الوصول إلى الأدلة دفع محكمة لاهاي إلى الاعتراف بفشلها في إدانة أعضاء حزب الله على نطاق واسع.
ومن ناحية أخرى ، كما ذكرنا سابقًا ، بدأت محكمة العدل الدولية في التحقيق حول حادثة اغتيال الحريري بضغوط خارجية من الولايات المتحدة الامريكية وضغط داخلي من حركة 14 آذار ، في حين ان قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق “رفيق الحريري” كان من السهل جداً ان يتم التحقيق بها من قبل المحاكم المحلية في هذا البلد ، ورغم كل هذا ، لا يزال الأمريكيون غير قادرين على إدانة حزب الله والمقاومة في محاكمهم التي شكلوها بأنفسهم.
حيث تم تشكيل المحكمة المذكورة والمدعومة من الولايات المتحدة الامريكية بهدف تدويل وعولمة قضية اغتيال رفيق الحريري ، وزيادة الضغط على حزب الله بالإضافة إلى خلق أزمة داخلية في لبنان ، ولكن في نهاية المطاف لم يتحقق أي من هذه الأهداف ، وخلص مسؤولو المحكمة إلى أن اطالة امد التحقيق في هذه القضية أكثر من هذا لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضرر لمحكمة لاهاي.
وبالطبع، لا ينبغي إغفال أنّ الأمريكيين حقّقوا هدفين رئيسيين من خلال عقد محكمة دولية للتحقيق في اغتيال رفيق الحريري، أولاً، استطاعوا إخفاء هويات منفّذي الاغتيال الرئيسيين، وهم حلفاؤهم، وثانياً ، فرضوا تكلفة باهظة على لبنان على مر السنين الماضية ، التكلفة التي كان من الممكن أن تغطي جزءًا من الأزمة الاقتصادية الأخيرة في البلاد ، وبناءً على آخر الأخبار ، دفعت الحكومة اللبنانية مرغمة نصف مبلغ الـ 600 مليون دولار للتحقيق في قضية اغتيال الحريري.
والنقطة الأخيرة التي يجب ملاحظتها هي موقف رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري نجل رفيق الحريري من الحكم الصادر عن محكمة لاهاي ، حيث أعلن سعد الحريري انه سيقبل بالحكم الصادر عن المحكمة ، وفي هذا الصدد ، لا بد من القول انه لم يكن أمام الحريري سوى اتخاذ مثل هذا الموقف ، لأن المحكمة كانت قد تشكلت بضغط من التيار الذي يتبع له ، وبطبيعة الحال لم يستطع إدانة المحكمة ، والذي كان هو أحد العوامل الرئيسية في تشكيلها.
المصدر/ الوقت