التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

رسالة مفتوحة من کريمة الإمام الخميني(رحمه الله) لقادة الدول الإسلامية حول تداعيات تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني 

بعد عمليات التطبيع المجانية التي أقدمت عليها دولة الإمارات والبحرين، وتکهنات بألا يقتصر التطبيع علی هاتين الدولتين بل تتبعهما دول عربية أخری، وجَّهت الدکتورة زهراء مصطفوي کريمة الإمام الخميني(رحمه الله) والرئيسة والأمينة العامة لجمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني، رسالةً مفتوحةً إلی قادة الدول الإسلامية، حول تداعيات تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، وفيما يلي نص الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ فترة أثيرت مسألة التعاون مع الكيان الصهيوني من قبل بعض الحكومات الإسلامية. بالنظر إلى هذه القضية والشعور بالواجب علينا كمنظمة غير حكومية تدعم الشعب الفلسطيني، فإننا نعتبر أنه من الضروري أن نشارككم أموراً كناصح مشفق ومحذِّر متعاطف.

كما تعلمون، فإن فلسطين أرض إسلامية، وبالنظر إلی المقدسات الإسلامية التي تقع فيها، وعلى رأسها القدس الشريف، وهو القبلة الأولى للإسلام وأرض معراج الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه يتمتع بقدسية وأهمية خاصة لدى المجتمعات الإسلامية.

إن الصهاينة باحتلالهم لهذه الأرض الإسلامية المقدسة، وإقامة کيان صهيوني غير شرعي، رافقته مذابح وتهجير جماعي للشعب الفلسطيني، قد أهانوا عملياً المقدسات الإسلامية، وجرحوا مشاعر أكثر من مليار مسلم.

إن تكوين مبدأ تحرير فلسطين والقدس الشريف والمسجد الأقصى بين المجتمعات الإسلامية، يقوم على هذا الشعور الجريح للأمة الإسلامية، لأن استمرار احتلال فلسطين والقدس الشريف إهانة مستمرة للأمة الإسلامية، کما أن اعتداءات هذا الکيان تشكل تهديدًا دائمًا لأمن ومصالح جميع دول المنطقة، تهديدٌ لم يتم التعامل معه للأسف بشكل حاسم وفعال من قبل الدول الإسلامية خلال 72 عاماً الماضية. وتهجير الشعب الفلسطيني الذي استمر 72 عاماً، مؤشر مهم على فشل وتقاعس قادة العالم الإسلامي في قضية فلسطين.

إن تصرفات بعض قادة العالم الإسلامي في تجاهل احتلال فلسطين ومعاناة العيش تحت الاحتلال وتهجير الشعب الفلسطيني، واتخاذ خطوات نحو إقامة علاقة سياسية مع محتلي فلسطين، يتعارضان في الواقع مع تعاليم الإسلام ونص القرآن الكريم الواضح:{وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرينَ عَلَي الْمُؤْمِنينَ سَبيلاً}، کم هو خيار ضد الأخوة والوحدة الإسلامية، إذ قال الله في کتابه الکريم:{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، ولا شك أنه التخلي عن مهمة الجهاد لتحرير دار الإسلام من احتلال دار الكفر.

يقوم الکيان الصهيوني على التعاليم المنحرفة لليهود، الذين أعلن الله تعالی أنهم ألدّ أعداء المؤمنين:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}، كما أصدر أمرًا حازمًا بأنه لا ينبغي لأحد أن يصادقهم:{ یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَاتَتَّخِذُوا الْیَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِیَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیَاءُ بَعْضٍ}، ويؤكد أن كل مسلم يتجاهل هذا الأمر، هو خارج دائرة الإيمان ويصبح واحداً منهم:{ وَمَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْکُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، وأولئك الذين يتخلون عن صداقة المؤمنين ويقيمون صداقات مع الأعداء يُعتبرون ظالمين، وبالتالي فإن الهداية الإلهية ورحمة الله لن تشملهم أبدًا:{إِنَّ اللَّهَ لَایَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ}.

فإذا سعى مسلم، سواءً أكان فردًا أم حكومةً، إلى صداقة وإرضاء غير المسلم، فعليه أن يعلم أن غير المسلمين، من اليهود والمسيحيين، لن يكونوا أصدقاءً للمسلمين أبدًا، ولن يلتزموا بميثاق الصداقة مع المسلمين، ويطالبونهم فقط بطاعة الأوامر وتنفيذ المطالب:{ وَلَن‌تَرضى عَنكَ الیَهودُ وَلَاالنَّصارى حَتّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم}، ووفقًا لدونالد ترامب، فإن الواجب الوحيد لهؤلاء الأشخاص هو الحلب!

لا شك أن اختيار التعاون مع الکيان الإسرائيلي يعني القبول باحتلال فلسطين والتحالف مع ألدّ أعداء المسلمين ضد المسلمين، وهذا خيار قد جرح مشاعر الأمة الإسلامية، وسيؤدي إلى احتجاجات الشعوب الإسلامية، فضلاً عن إجراءات أشد قسوةً بين الدول الإسلامية ضد من خانوا تحرير فلسطين والقدس الشريف، والذين ارتکبوا هذا الخطأ يجب أن يدفعوا ثمناً باهظاً، ولا ينبغي نسيان المصير المرير لأنور السادات، لأنه من خلال اختيار خيانة الأمة الإسلامية والتسوية والسلام مع العدو الصهيوني، لم يجلب لمصر الازدهار في مختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية فحسب، بل حوّل مصر العزيزة إلى مصر الذليلة أيضًا.

إن مصير الأمم والحكومات، والذي يدعو القرآن لدراسته کثيراً، يوضح أن الحكومات ليست دائمةً، ولكن الشعوب باقية، وأن الشعوب هي التي ستعاقب الحكومات التي تخونها. وعليه، فإن الدول الإسلامية ستنتقم في نهاية المطاف بشدة من الحكومات التي اختارت الصداقة مع عدو الأمة، بل وألدّ أعداء الأمة.

إن جمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني والاتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وهي منظمات غير حكومية وتمثِّل في الواقع صوت وإرادة الشعب الإيراني وجميع أعضائها الحقيقيين والقانونيين والداخليين والخارجيين، تعتبر نفسها ملتزمةً بتحذير جميع الحكومات العربية والإسلامية من العواقب المريرة المترتبة على اختيار خيانة القضية الفلسطينية والتعاون مع العدو الصهيوني. ومما لا شك فيه أن ما سيظهر في مستقبل هذا الاختيار هو العديد من المشاكل السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية الواسعة النطاق لحكوماتكم وشعوبكم. ويعدّ الوجود العسكري والأمني في كامل منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، وخاصةً في منطقة الخليج الفارسي الإستراتيجية، إحدى سياسات الكيان الصهيوني.

إن تأکيد رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي السابق أرييل شارون وجزار “صبرا وشاتيلا” علی “ضرورة الوجود العسكري الإسرائيلي في الخليج الفارسي والسيطرة على نفط المنطقة”، لا يترك أي مجال للشك في أن الهدف النهائي للکيان الإسرائيلي في أدبياته السلمية الخادعة، هو بسط إرادته الاحتلالية في العالم الإسلامي، ونتيجة ذلك هي تعريض مصالح وأمن جميع دول المنطقة للخطر، ولا شك أن البلدان الصغيرة سوف تكون أكبر المتضريين من هذه العواقب.

إننا كناصحين ومشفقين، نحذر جميع الحكومات العربية والإسلامية من الوقوع في فخ هذا الخطأ. ولا شك أن وقوف الدول العربية والإسلامية إلى جانب الشعب الفلسطيني والمحور المتحالف معه، بما في ذلك إيران الإسلامية التي جعلت تحرير فلسطين من الاحتلال أولويةً في سياستها الخارجية، وواصلت هذا الطريق بثبات وصلابة طوال 42 عامًا الماضية، سيسِّرع في تحرير فلسطين، والتحرك نحو إنهاء انعدام الأمن الوطني والإقليمي في ضوء التعاون.

تأكَّدوا أن القوى الاستعمارية ومن خلال توسيع حضورها في المنطقة، لا تسعی إلی توفير أمن ومصالح دول المنطقة، والکيان الإسرائيلي هو نتاج خبرتها الاستعمارية لسنوات عديدة، وهدفها هو الهيمنة على المنطقة بأسرها بمساعدة الصهاينة، وبحسب الرئيس الأمريكي، الاستيلاء على ثروات المنطقة وذبحها في النهاية:{ قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهواءَهُم بَعدَ الَّذی جاءَکَ مِنَ العِلمِ ما لَکَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِیٍّ وَلانَصیرٍ}.

الدكتورة زهراء مصطفوي

الأمينة العامة لجمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني والاتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق