التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الإرهاب في العراق وإشكاليات دول الجوار 

بقلم / عبدالرضا الساعدي 
يبدو بلد مثل العراق أكثر البلدان تأثرا بما يحيطه من سياسات مجاورة تساوي في ردة فعلها تجاه ما يحدث فيه وتعاكسه في الاتجاه . بل هناك  ماهو أفدح من هذا حين تكون هذه الدول مصدرا أساسيا في التدخل في شؤونه ، وربما سببا من أسباب التدهور في أمنه واستقراره ومستقبله ، وكل ما جرى للعراق منذ 2003 وحتى اللحظة يعكس غرائبية وتناقض هذه السياسات تجاه بلد جار ومسلم.
فبلد مثل تركيا تربطه بالعراق علاقات تاريخية واقتصادية وسياسية ؛ يمثل قمة الازدواجية في تعامله مع العراق وهذه  الازدواجیة فی الانتماء والمواقف _ كما يقول أحد المحللين _ (لیس أمراً طارئاً فی ترکیا، بل ربما یکون جزءاً من المکونات الرئیسیة فی اللاشعور والشعور الترکي. .. هذه الازدواجیة سقطت علی مواقفها وسیاساتها وخاصة الخارجیة منها وفیما یتعلق بالموقف من الاحتلال الإسرائيلي والمسألة الفلسطینیة ومن الأوضاع فی المنطقة العربیة ومؤخراً من ما سمی بـ”الربیع العربی” والاعتداءات الإسرائيلية المتکررة علی غزة وإزاء الإرهاب وخاصة النوع “الداعشی” منه!
وقد تکون ترکیا وجدت الحلّ فی تهدئة الأوضاع مع بعض جیرانها والارتماء اکثر فی حضن أوروبا والناتو، خاصة وأنها تستعید بعض مکانتها فی ظل الصراع المتجدد بین الأميرکي والروسی تحت یافطة اوکرانیا…)
بمعنى _ وحسب المحلل نفسه_ أن(ترکیا دلال وتاجر یبحث عن مصالحه وفق منطق براغماتي صرف لا یحسن فهمه کثیرون  ولا فرق عنده ممن یشتری ولمن یبیع وأي بضاعة یروج لها فی سوق السیاسة..!)
ويرى المراقبون والمحلون للشأن العراقي أن تعيد تركيا النظر بسياستها الإزدواجية هذه مع العراق ،
وأن  أي تعاون بین العراق وترکیا سیضمن أمن کلا البلدین لا سيما بعد ان أصبحت المنطقة مرتعا للتنظیمات الإرهابية خاصة داعش. وفی حال لم تنتبه ترکیا الی خطر داعش فإن هذا التنظیم لا شك سینتقل الی الأراضي الترکیة ویعبث فیها فسادا ودمارا کما حصل فی العراق. لذا علی المسؤولین الأتراك إعداد برنامج متکامل لغرض بدء مرحلة جدیدة من التعاون مع العراق، فی المجال الاقتصادی والأمني.
كما أن الجمیع یعلم ان العراق لیس بصدد محاسبة ترکیا علی ما ارتکبت من أخطاء متعددة ضده خاصة فی مجال القضایا الأمنية وتعاونها غیر المشروع مع کردستان العراق فی مبیع منتجاته البترولیة الی دول أخري دون موافقة الحکومة المرکزیة العراقیة. بل کل ما نسمعه من المسؤولین العراقیین أنهم مستعدون الی ابعد حدود فی مجال التعاون البنّاء مع انقرة خاصة فی مجال محاربة الإرهاب والمشاریع الاقتصادیة
.
أما بالنسبة للسعودية الجارة أيضا ، فموقفها من العراق واضح منذ التغيير في 2003 ، السعودية التي كانت إحدى دول الخليج التي تأمل بزوال النظام الصدامي الذي اعتدى على أراضيها ذات يوم في تسعينيات القرن الماضي بعد احتلاله الكويت ، مارست سياسة عدائية قلّ نظيرها تجاه حكومة وشعب العراق ودعمت الإرهاب مع دولة قطر بشكل لم يسبق له مثيل من أجل قتل الأبرياء وتحطيم البنية التحتية للبلد .. ولكن 
 النظام السعودی اليوم  ومعه العدید من الأنظمة الخلیجیة الأخرى بدأت تستشعر الخطر الذی بدا یهددهم من قبل تنظیم داعش الإرهابي، الذی صنعته المخابرات السعودیة والکیان الصهیونی بضوء أخضر من واشنطن و الدول الغربیة الأخرى!!.
وبحسب المتابعين والمهتمين للأحداث فإن (السعودیة ستکون المتضررة الأکبر جراء رعایتها للإرهاب وسیکون نصیبها الفشل کما فشلت هذه الدولة فی جمیع خططها العسکریة ضد سوریا. السعودیة الیوم تعتبر أم الإرهاب فی المنطقة بل فی جمیع الدول الإسلامية ، خاصة سوریا والعراق ولبنان التی تعانی من الارهاب الداعشی والتکفیری وهی مسؤولة عن إراقة الدماء فی هذه الدول ولاشك فإن قادة آل اسعود بسبب دعمهم للإرهاب خاصة تنظیم داعش، یجب ان یحاکموا من قبل المحاکم الدولیة کما هی الحال بالنسبة للکیان الصهیونی المتلطخة أيديه بدماء الآلآف من الأبرياء خاصة النساء والأطفال فی فلسطین).
أما بالنسبة للأردن؛ فالأمر يبدو أكثر إشكالية مع هذا البلد في علاقته مع العراق .. الأردن الذي يحصل على دعم عراقي نفطي وبأسعار رمزية ، جعل من أرضه مسرحا للمعادين والمضادين للعملية السياسية في العراق جملة وتفصيلا !! وآخرها المؤتمر الذي احتضن القوى السياسية التي يطلقون على أنفسهم ب المعارضة
حيث شكل انعقاد هذا المؤتمر نقضا لكل التعهدات التي قدمها الملك الأردني والحكومة الأردنية
.  وقد عدّ المسؤولون العراقيون المؤتمر حينها تجاوزا كبيرا بحق العملية السياسية العراقية لأن الذين حضروا إليه بعضهم مطلوب للقضاء العراقي وآخرون اجتثهم الدستور لأنهم من حزب البعث“.
وفی هذه الظروف التي تجتاح العراق وبسبب سياسات هذه الدول المجاورة نفسها مع غيرها من الدول الخارجية الأخرى ، یزداد الخوف الأردنی اليوم علی مستقبل البلد الذی بات مهدداً من قبل تنظیم “داعش” علی  الخصوص علی الخط الحدودی فی الشمال والشرق، حيث خرج أردنیون قبل فترة وجيزة فی مسیرة تؤید التنظیم الإرهابي فی مدینة معان الجنوبیة، الأکثر توتراً فی علاقتها مع الحکومة، والتی ینظر إلیها علی اعتبارها معقلاً رئیساً للتیار السلفی الجهادی، معربین عن ولائهم لـ “داعش”.
ولقد کان من المتوقع حصول مثل هذه الفعالیات بما حذر رئیس مجلس الأعیان الأردنی السابق، طاهر المصری عن مخاطر هذا التنظیم المحتملة علی البلاد، وطالب بعدم دفن الرؤوس فی الرمال ونبّه علی ضرورة معالجة البیئة السلفیة والجهادیة المتفشیة فی الزرقاء والسلط ومعان ومخیم البقعة ومدن وبلدات أخری.
أخيرا فإن هذه الدول التي كانت سببا في إراقة دماء شعبنا وتدمير بنائه وممتلكاته ستكون ،وفق كل المعطيات الإقليمية والدولية ، هي المحطات القادمة للدواعش وغيرها من الجماعات الإجرامية ـ لأنها مهدت الأرضية لها وفتحت أبوابها مشرعة للدخول إلى أراضينا وبالتالي أصبحت قوى تهدد أغلب هذه الدول ، لأن هذه القوى بالحقيقة ليست لها مبدأ أو دين أو سياسة محددة ، وعلى هذه الدول التي أخطأت بحق العراق وشعبه منذ 2003 وحتى اللحظة ، أن يعيدوا حساباتهم وقراءة علاقتهم مع العراق بشكل إيجابي وسليم ..العراق البلد الشقيق والداعم أبدا لقضايا الأمة وشعوبها ومصيرها .. قبل فوات الأوان
طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق