التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, أكتوبر 9, 2024

اتفاقية “سنجار” ترحيب كردي يثير الشكوك واستغلال انتخابي.. ما القصة 

في 9 تشرين الأول 2020، توصّلت حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية العراقية على اتفاق بشأن إدارة مدينة “سنجار”.

ممثلو الجانبين اتفقوا في اجتماع بحضور مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة إلى العراق “جانين هينيس بلاشارت”، على إنهاء وجود حزب العمال الكردستاني والجماعات المسلحة الأخرى في سنجار وحولها.

كما اتفق الجانبان على عودة الاستقرار وتطبيع الأوضاع في هذه المدينة. وشدد الكاظمي في الاجتماع أيضاً على ضرورة استكمال الاتفاق بشأن القضايا الإدارية والأمنية في سنجار، قائلاً إن ذلك من شأنه تسهيل وتسريع عودة اللاجئين إلى سنجار.

وبموجب الاتفاق، سيختار الوفد المشترك بين بغداد وأربيل محافظاً مقتدراً وذا كفاءة لسنجار. وسيقومون بتجنيد وتسليح 2500 من الأيزيديين، مع إعطاء الأولوية للشباب النازحين في المخيمات، کقوة حماية لمدينة سنجار، ولن يكون أي من أعضاء هذه القوة من المنتسبين إلى حزب العمال الكردستاني.

کما سيكون أمن المدينة من مسؤولية الشرطة المحلية وجهاز المخابرات الوطني العراقي، وسيتم طرد جميع القوات الأخرى من هذه المنطقة، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني. وقد أثار هذا الاتفاق حتى الآن ردود فعل متباينة على المستوى السياسي العراقي.

فمن جهة، أعربت الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان والولايات المتحدة وتركيا والأمم المتحدة عن دعمهم الكامل لهذه الاتفاقية، ومن جهة أخرى، انتقدت بعض الجماعات السياسية المحلية العراقية وكذلك حزب العمال الكردستاني الإرهابية الاتفاق، وأبدت شكوكاً حيال ذلك.

ماذا يريد حزب بارزاني في سنجار؟

على المستوى الابتدائي، يمكن أن يكون الأكراد وفي مقدمتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة “مسعود بارزاني”، أهم لاعب سعيد بالاتفاق بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان بشأن سنجار.

وفي أهم رد فعل كردي على الاتفاق، أصدر مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، بيانًا وصف فيه الاتفاق بين بغداد وأربيل بشأن سنجار بأنه خطوة “إيجابية وصحيحة”، قائلاً: إن “هذا الاتفاق سيؤدي إلی عودة الاستقرار إلی سنجار، ويجعل الأوضاع في المدينة طبيعيةً”.

بالإضافة إلى ذلك، دعم الاتفاق أيضًا “مسرور بارزاني” رئيس وزراء الإقليم، و”نشيرفان بارزاني” رئيس إقليم كردستان.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، لماذا رحَّب أكراد العراق على وجه التحديد باتفاقية سنجار؟ للإجابة على هذا السؤال، يمكننا الإشارة إلى ثلاثة محاور أساسية.

على المستوى الأول، ينوي الأكراد، ولا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني، طرد القوات التابعة لحزب العمال الكردستاني من سنجار، إذ تُعتبر هذه القوات منافسةً لها بين الأكراد.

وعلى المستوى الثاني، يعتزم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي اعتبار الاتفاق مع الحكومة المركزية انتصاراً كبيراً له، واستخدامه كورقة رابحة في الانتخابات البرلمانية العراقية والانتخابات المقبلة في الإقليم.

أما على المستوى الثالث، فيعتزم الحزب الديمقراطي وحزب بارزاني اعتبار الاتفاق الأخير كمقدمة لتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي، لحل الخلافات على الأراضي المتنازع عليها.

وفي المجموع، ينوي تيار بارزاني من ناحية إضعاف منافسه التقليدي في هذه المنطقة، أي حزب العمال الكردستاني، ومن ناحية أخرى الحصول على ورقة رابحة في المنافسات السياسية المستقبلية في الساحة السياسة بإقليم كردستان.

هل بدأ تطبيق المادة 140 من الدستور؟

في السياق الحالي، إن إحدى النقاط الأساسية التي أكدها الأكراد والحكومة المركزية، هي استخدام اتفاقية سنجار كمقدمة لحل الخلاف المستمر منذ سنوات بين أربيل وبغداد، حول تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي.

وفق هذه المادة، يجب أن تتم عملية التطبيع الديموغرافي في المناطق التي يتنازع عليها الأكراد مع الحكومة المركزية على ثلاث مراحل، وأخيراً إجراء استفتاء لتحديد مهمة إدارة هذه المناطق التي تشمل أجزاءً من محافظات “نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى”.

طوال السنوات التي تلت عام 2005، كانت أربيل وبغداد على خلاف بشأن إدارة هذه المناطق المتنازع عليها، وحتى خلال استفتاء الاستقلال الكردي في أيلول 2017، كان للجيش العراقي صراع محدود مع الأكراد بشأن هذه المناطق.

وهکذا، في الوضع الحالي، يمكن اعتبار اتفاقية سنجار في محافظة نينوى، نوعاً من التضخيم والمبالغة وليس خطوةً كبيرةً لتطبيق المادة 140.

حقيقة الأمر هي أن الاتفاق حول سنجار في محافظة نينوى، وهي المدينة التي ارتُكبت فيها جرائم ضد الإنسانية أثناء ظهور داعش، يمكن أن يكون ابتزازًا دعائيًا للأكراد ومصطفى الكاظمي للانتخابات المقبلة، أكثر من كونه اتفاقًا يهدف لحل المشاكل بين الطرفين، وبالتالي لا يمکن تقييم هذه الاتفاقية على أنها تنفيذ أو تحفيز على تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي.

شكوك حول طبيعة الاتفاقية

بعد الإعلان عن اتفاق أربيل – بغداد بشأن سنجار، شككت الجماعات السياسية العراقية بشدة في الاتفاق. حتى إن بعض التيارات السياسية قد قيَّمت الدعم الأمريكي السريع للاتفاق الأخير على أنه مشكوك فيه وغامض.

على سبيل المثال، غرَّد “قيس الخزعلي” الأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق”، رداً على الاتفاق بين بغداد وأربيل حول منطقة سنجار: أن “الاتفاق الأخير الذي حصل بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان بخصوص سنجار، والذي تضمن إخراج الحشد الشعبي الذي حرر سنجار، هو مجاملة سياسية ومكافأة انتخابية على حساب الازيديين”.

في الواقع، هناك شکوك الآن بين القوى السياسية العراقية بأن الغرض من الاتفاقية، هو استغلال انتخابي ومناهضة الحشد الشعبي بطريقة هادفة، لأنه في الاتفاقية المبرمة بين أربيل وبغداد، يُحظر بشكل صريح وجود أي قوة أخرى غير قوات الشرطة في مدينة سنجار، ما يعني أنه على قوات حماية سنجار (YPs) وقوات الحشد الشعبي مغادرة المدينة، الأمر الذي ألقى بظلال من الشك على الطبيعة الوطنية وغير الحزبية لهذه الاتفاقية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق