خطيبة خاشقجي تعيد قضيته للنور والمتهم الأول “ابن سلمان”.. هل تحصد عدلاً
عبثاً تحاول السعودية ممثلة بولي العهد السعودي التنصل من جريمة تقطيع الصحافيّ السعوديّ المعروف، جمال خاشقجي، الذي كان مقيماً في أمريكا ويكتب في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكيّة، حيث رفعت خطيبة خاشقجي، المواطنة التركيّة خديجة جنكيز، دعوى قضائيّة بشأن جريمة مقتله، في إحدى محاكم العاصمة الأمريكيّة واشنطن، وتتهم جنكيز، محمد بن سلمان، بإصدار أمر قتل خاشقجي، وهي التهمة التي وجِّهت للسعوديّة من جهات حقوقيّة ودوليّة عدة، فيما تنفيها الرياض رسمياً.
الهروب المستحيل
باعتبار أنّ الصحافيّ خاشقجيّ كان يقيم في أمريكا، فإنّ قضية تقطيعه ترتبط ارتباطاً وثيقاً بواشنطن، حيث عادت القضيّة إلى الواجهة من جديد بدعم وتأييد من شركة “جينر آند بلوك” للمحاماة ومنظمة “DAWN” الأمريكيّة، اللتين قدمتا دعوى قضائية ضد ولي العهد السعودي و28 شخصاً آخرين، بالنيابة عن خطيبة خاشقجي أمام القضاء الأمريكيّ.
منظمة “الديمقراطية الآن في العالم العربي” التي أسسها خاشقجي قبل مقتله، تدعي كذلك على المتهمين، التسبب بتعطيل نشاطاتها، وتوجه اتهامات لولي العهد بإصداره أوامر القتل بهدف وقف ترويج خاشقجي عبر منظمته للديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي.
وفي الوقت الذي تسعى الدعوى القضائية إلى تحميل ولي العهد السعوديّ المسؤولية المباشرة عن جريمة تقطيع خاشقجي، تهدف إلى الحصول على وثائق تكشف حقيقة ما جرى، وخاصة أنّ وزير الخارجيّة الأمريكيّ، مايك بومبيو، ادعى في وقت سابق، أنّ بلاده لا تتستر على جريمة قتل خاشقجي، مضيفاً إنّها ستتخذ المزيد من الخطوات بشأن التحقيق في تلك القضية، بعد أن أصدرت واشنطن أوامر بمنع نحو 20 مسؤولاً سعودياً من دخول البلاد وجمّدت أرصدة نحو 17 شخصاً آخرين.
دعوى ناجحة
بما أنّ فرص نجاح الدعوى القضائية كبيرة جداً وفق محللين، فهذا يعني أنّ ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، الذي أدخل نفسه بالكثير من الأزمات الداخليّة والقضايا الخارجيّة المعقدة، سيتحمل المسؤولية المباشرة عن اغتيال الصحافيّ جمال خاشقجي، رغم محاولته إغلاق ملف الجريمة عبر سلسلة أحكام أصدرتها السعودية حول تلك القضيّة.
وقد وصفت خديجة جنكيز الأحكام النهائيّة التي صدرت عن القضاء السعوديّ بالـ “مهزلة”، متهمة سلطات البلاد بإغلاق الملف دون الكشف عن هويّة المخططين الفعليين للجريمة، مؤكّدة أنّ المجتمع الدوليّ لن يرضى بتلك الأحكام التي تهدف إلى إغلاق ملف الاغتيال دون أن يعرف العالم من هو المسؤول الحقيقيّ عن تلك الجريمة.
وفي وقت سابق، أشارت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة الأمم المتحدة، إلى أنّ المحاكمة التي أجرتها الرياض في تلك القضية، افتقرت للشرعيّة والمحاسبة، موضحة أنّ القضية شابها خلل في تحديد المسؤولين الحقيقيين عن الجريمة، واعتبرت مقررة الأمم المتحدة المعنيّة بحالات الإعدام خارج القضاء، أغنيس كالامار، أنّ الأحكام الصادرة عن السلطات السعودية، بلا شرعية قانونيّة أو أخلاقيّة، لأنّها جرت بعد عمليّة قضائيّة ليس فيها أيّ نزاهة أو عدالة أو شفافيّة.
وفي سلسلة تغريدات سابقة لها عبر تويتر، بيّنت كالامار أنّه تم الحكم بالسجن على 5 مغتالين مرتزقة مدة 20 عاماً، إلا أنّ المسؤولين رفيعي المستوى، الذين يقفون وراء إعدام خاشقجي لا يزالون أحراراً، منوهة أنّه لم يتم التطرق إلى اسم ولي العهد السعوديّ، الأمير محمد بن سلمان، وكانت المفوضية قد أعدت تقريراً خاصاً بطلب من الأمين العام للأمّم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قبل عام تقريباً، حول قضية اغتيال خاشقجي، وتوصلت إلى استنتاج يقول أنّ هناك أدلة كافيّة على ارتباط وليّ العهد السعوديّ بتلك الجريمة البشعة.
إضافة إلى ذلك، أدانت منظمة “أطباء بلا حدود” الأحكام السعوديّة، ووفق وكالة الصحافة الفرنسيّة، أشار الأمين العام للمنظمة، كريستوف دولوار، أنّ تلك المحاكمة التي غاب عنها الجمهور والصحفيون لم تسمح لأحد بمعرفة الحقيقة، ولا بكشف ما حصل في مسرح الجريمة أيّ القنصليّة السعوديّة باسطنبول، ومن أصدر الأمر بارتكاب جريمة الدولة تلك.
وتشير المعطيات، إلى أنّ الأحكام النهائية للسلطات السعوديّة جاءت بعدما أعلن أبناء القتيل خاشقجي عن عفوهم عن قتلة والدهم في أيار المنصرم، بعد ضغوط أو إغراءات من قبل محمد بن سلمان، وفق مواقع إخباريّة.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الصحفيّ السعوديّ، جمال خاشقجي، المقيم في أمريكا منذ عام 2017 والمعروف بانتقاداته للسلطات السعودية، قد اغتيل في 2 تشرين الأول عام 2018، داخل قنصليّة بلاده في اسطنبول التركيّة على يد فريق اغتيال سعوديّ خاص، فيما لم يتم حتى الآن العثور على جثته.
كذلك، تقود تركيا تحركات دوليّة مختلفة للحيلولة دون إغلاق القضية قبل تحقيق العدالة ومحاكمة المسؤولين عن تلك الجريمة التي نُفذت على أراضيها، ومطلع تموز الماضي، بدأت محكمة تركيّة في إسطنبول محاكمة غيابيّة لعشرين سعودياً متهماً باغتيال خاشقجي، بينهم النائب السابق لرئيس الاستخبارات، أحمد عسيري، والمستشار السابق في الديوان الملكيّ، سعود القحطاني، المقربان من ولي العهد، وقررت المحكمة عقد الجلسة الثانيّة في 24 تشرين الثانيّ الجاري، بعد الموافقة على لائحة اتهام قدمتها خطيبة خاشقجي، تطال 20 سعودياً، بتهم التعذيب الوحشيّ والقتل والتحريض.
المصدر/ الوقت