الأزمة الاقتصادية تنهش الجسد السعودي.. والاجراءات الحكوميّة تزيد طين الأزمة بلة!
جراء إغلاقات العزل العام المرتبطة بانتشار فيروس كورونا المستجد، تأثر الاقتصاد السعوديّ بشكل سلبيّ كبير، حيث أظهرت تحليلات اقتصاديّة الثلاثاء الفائت، أنّ اقتصاد السعودية انكمش 4.2% في الربع الثالث مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم، في انكماش أصغر مقارنة مع الربع الثاني، في الوقت الذي توقعت فيه وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانيّة، انكماش الاقتصاد السعوديّ بما يزيد قليلا على 4% هذا العام نتيجة انخفاض إنتاج النفط، وتراجع النشاط الاقتصادي في الفترة الحاليّة.
نظرة مستقبليّة سلبيّة
بالتزامن مع التراجع الاقتصاديّ في السعوديّة والذي يزدادُ سوءاً يوماً بعد يوم، عدلت وكالة فيتش، الاثنين الماضي، النظرة المستقبليّة للسعودية إلى سلبيّة، وعزت ذلك إلى ضعف الأوضاع الماليّة والميزان الخارجيّ للمملكة، موضحة أنّ البلاد قد تشهد زيادة عجز الميزانية إلى 12.8% من الناتج المحليّ الإجماليّ هذا العام مقابل 4.5% في 2019، ما يعكس تراجعاً يقدر بـ 33% في عائدات النفط، وانخفاضا بنسبة 5% في العائدات غير النفطيّة، مقابل زيادة بنسبة 1% في الإنفاق مقارنة بالعام الفائت.
وبما أنّ السعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم، فهي أيضاً أكبر المتضررين اقتصادياً جراء جائحة فيروس كورونا، وتراجع أسعار النفط الخام، حيث قضت أزمة الفيروس المستجد وما تبعها من إغلاق وهبوط كبير في أسعار النفط، على الأحلام الوردية للاقتصاد السعوديّ، وأصبح المواطن السعوديّ يعيش في متاهة لا مخرج منها، وخاصة بعد الإجراءات الحكوميّة التي ضاعفت ضريبة القيمة المضافة، وأخفضت العلاوات للموظفين في القطاع الحكوميّ بشكل كامل، ما أثر بشكل سلبي خطير في الاستهلاك، وأضر بالقطاع الخاص في البلاد.
والمقلق في الأمر أن الاجراءات الحكوميّة تزيد طين الأزمة الاقتصادية بلة، فقد وصفت الكثير من التحليلات، خطط ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان بالـ “فاشلة” ، بسبب عجزه عن إخراج الاقتصاد السعودي من دائرة النفط، وإخراجه السعودية من حلبة المنافسة مع بقية الدول الخليجيّة، خاصة فيما يتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبيّة.
واعتبر محللون اقتصاديون أنَّ السعودية تعيش أخطر فترة اقتصادية في تاريخها، وحذروا من التحولات الاقتصادية الجذريّة، مشددين على أنَ قرارات السلطات السعودية تعتبر ضربة لقطاع التجزئة المنكوب أساساً في البلاد، فيما أشارت “فيتش” أنّه من المتوقع أن ينخفض صافي الأصول الأجنبيّة إلى 60% من الناتج المحليّ الإجماليّ بحلول 2022 مقابل 72% في 2019-2020، بسبب إصدار الديون والسحب من الاحتياطيات.
وادعت وزارة الماليّة السعوديّة في بيان، أنّه بالرغم من النظرة المستقبليّة السلبيّة، فإن تصنيفات المملكة تبدي “متانة ملحوظة” مع ثلاثة تأكيدات متتاليّة للتصنيف من وكالات التصنيف الائتمانيّ الثلاث الرئيسة منذ بدء الأزمة في مارس/ آذار 2020، وأضافت أنها ستظل ملتزمة بقوة بتعزيز الأوضاع في الأجل المتوسط والاستدامة الماليّة، بحسب مواقع إخباريّة.
ضربات قاسية
ضربات قاسية يتلقاها الاقتصاد السعوديّ، بسبب انخفاض أسعار النفط بنسبة 50% نتيجة حرب الأسعار هذه السنة، والجميع يعلم أنَّ النفط هو التجارة الرابحة الوحيدة في مملكة آل سعود بسبب الاعتماد الاقتصاديّ الكليّ على الايرادات النفطيّة، ولم يستطع محمد بن سلمان بعد ما يزيد عن أربعة أعوام من خطته الاقتصاديّة، أن يغير من واقع الأمر شيئاً، بل أدخل البلاد في طريق مجهول مليء بالمشاكل الماليّة التي لم تعشها البلاد في أي مرحلة سابقة.
ويعكس الوضع الاقتصادي في السعوديّة حجم التحديات الخطيرة التي تواجهها الرياض، حيث أنها لن تستطيع الصمود في التنافس السياحيّ والاستثماريّ مع بقية الدول الخليجيّة التي لديها مستوى متدن من ضريبة القيمة المضافة، و بنى تحتية أفضل، وتتمتع بحرية أكبر، كالإمارات مثلاً.
إضافة إلى كل ما ذُكر، من المؤكد أن القرارات المتشنجة وغير المدروسة التي تصدر عن ولي العهد محمد بن سلمان، تشكل خطراً آخر على الاقتصاد السعودي، وتزيد احتمالية بروز مشكلات داخليّة ربما تكون مواقع التواصل الاجتماعيّ منطلقاً لها، لأن هذه القرارات “غير الصائبة” كما يقول البعض، لن تحظى بتأييد شعبيّ أبداً، وهذا الموضوع ليس بتلك الأهميّة بالنسبة لحكام المملكة، فما الضير بالنسبة لهم إن تضررت أحوال السعوديين الاقتصاديّة، لا انتخابات ستحدث، ولا رأي المواطن يهمهم، ولا سلطاتهم تتوقف عن إسكات أي صوت معارض في الداخل أو الخارج.
المصدر/ الوقت