التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

إزاحة الستار عن أنظمة “الراديو المعرَّف برمجياَ”… قفزة إيران الكبرى في الاتصالات الاستراتيجية 

تعتبر أنظمة الاتصالات بمثابة الجهاز العصبي في القوات العسكرية وقوات إنفاذ القانون في أي بلد، وكان وجود نظام اتصالات آمن وموثوق به يعتبر أحد ميزات القوة العسكرية المتقدمة منذ القدم.

يتكون نظام الراديو التقليدي بشكل أساسي من أجزاء مختلفة تم تصميمها وصنعها كأجهزة، ومن بين هذه الأنظمة أجزاء مثل الممازج والمرشحات ومزيلات التشكيل والكواشف والمضخمات الإلكترونية.

في جميع أنحاء العالم، يتطلع مصممو الأنظمة العسكرية إلى جعل هذه الأنظمة أصغر حجماً وأخف وزنًا، وأنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية ليست استثناءً.

ومع تطور البلدان والصناعات المختلفة في مجال الإلكترونيات والبرمجيات، أصبحت مكونات أنظمة الاتصالات أصغر حجماً وأخف وزناً، كما تم تغيير جزء من الأجهزة إلى برامج. ومن أهم التدابير الأساسية لرفع مستوى أنظمة الاتصالات، هو تطوير أنظمة الراديو المعرَّف برمجياً.

تم الكشف عن أحد أهم الإجراءات الإيرانية في هذا المجال يوم الخميس الـ 2 من كانون الثاني، حيث شهد هذا اليوم م الكشف عن خط إنتاج المنتجات الإلكترونية الاستراتيجية في وزارة الدفاع ودعم القوات المسلحة.

بطبيعة الحال، إن حضور رئيس أركان القوات المسلحة في حفل إزاحة الستار، أظهر أهمية وقيمة هذه المنتجات، لكن إلقاء نظرة على الخطب والصور في الحفل لا يكشف عن أي شيء خاص، باستثناء صورة تظهر فيها الطبيعة الرئيسية للمنتجات المعنية في خط الإنتاج هذا، لأنه في النصب المتعلق بافتتاح هذا الخط، تم ذكر قاعة إنتاج أجهزة الراديو المعرَّف برمجياً؛ وهي قضية يمكن أن تكون قفزةً كبيرةً إلى الأمام في قدرات الاتصالات السلكية واللاسلكية للقوات المسلحة والبنية التحتية التكنولوجية.

كما ذكرنا سابقًا، يعدّ تخفيف الأنظمة العسكرية والاتصالات، أحد الأهداف المهمة لمصممي هذه الأقسام. وفي هذا المجال، تعد أجهزة الراديو المعرف برمجياً واحدة من أهم الخيارات وأكثرها حيويةً، والتي تسمى SDR باختصار، وهذا المصطلح يشير إلى (Software-defined radio).

راديو البرمجيات هو نظام راديو للاتصالات يحوِّل المكونات التي عادةً ما تكون أجهزةً وعتاداً (على سبيل المثال، المازج والمرشح والتعديل والكاشف والمضخم الإلكتروني) إلی برمجيات.

ويمكن للأنظمة القائمة على نظام SDR بشكل عام إظهار الإشارات في مجموعة متنوعة من الأشكال والمواصفات، من حيث مختلف الترميز والتردد والتعديلات.

باستخدام نظام الراديو المعرَّف برمجيًا، سنحقق تصميماً بخوارزمية أبسط من الأنظمة التناظرية القديمة، مع المزيد من الأجهزة. يسمح استخدام قاعدة البرمجيات للراديو بتغيير الميزات والمعلمات مثل التردد بسهولة. وإلى حد ما، يمكن القول إن هذه الخطوة قريبة من طريقة التشغيل في رادارات ذات الصفيف الضبابي النشط.

من خلال الاستفادة من هذا النظام، يتم تقليل المكونات الضرورية في نظام الاتصالات من أجزاء مثل الهوائيات إلى المعالجات، ما يعني تخفيف الوزن وتقليل المساحة المطلوبة لتركيب هذا الجهاز. في الوقت نفسه، يتطلب الحصول على الراديو المعرَّف برمجيًا استخدام المعالجات الرقمية وأجهزة الكمبيوتر متعددة النواة عالية السرعة.

كما أن الوصول إلی هذه التقنية تجبر الدولة أو الصناعة المعنية على الدخول في مسار استخدام التقنيات الرقمية، والدخول في مجال أجهزة الكمبيوتر العملاقة.

أين تُستخدم أجهزة الراديو المعرَّف برمجيًا؟

تُستخدم هذه المجموعة من التكنولوجيا اليوم في مختلف القطاعات مثل أنظمة التحكم في الحركة الجوية والملاحة، وأقمار الاتصالات السلكية واللاسلكية، والتصوير الرقمي، والإلكترونيات الجوية، وأنظمة التحكم والأجهزة الدقيقة، وبالطبع في القطاع العسكري.

عندما يتم تحديث نظام الاتصالات العسكرية عادةً، يجب استبدال اللوحات الإلكترونية المختلفة. والإجراء الذي يستغرق وقتًا طويلاً وهو مكلف، والذي قد لا يكون ممكنًا في ظروف الحرب وميدان المعركة إذا لزم الأمر، ويمكن أن يؤدي الفشل في الترقية أيضًا إلى فقدان الاتصال بين الوحدات المحلية والهزيمة في نهاية المطاف.

والآن، مع استخدام أجهزة الراديو المعرَّف برمجيًا، أولاً وقبل كل شيء، تتطلب ترقية النظام سلسلةً من البرامج(في شكل برامج كمبيوتر وترميز) والتي يمكن تنفيذها بسرعة.

يمكن للراديو استقبال وإرسال مجموعة واسعة من الإشارات. في الوقت نفسه، نظرًا لإزالة العديد من مكونات الأجهزة، أصبحت الأنظمة الجديدة أخف وزنًا وتتمتع بقدرات نقل أفضل في ساحة المعركة.

ذكرنا أن التغيير السريع في التردد في هذه الأجهزة اللاسلكية أمر ممكن. فمن ناحية، يجعل هذا الأمر مقاومة النظام للحرب الإلكترونية ومحاولات العدو لتعطيل واعتراض المحادثات أكثر صعوبةً، ومن ناحية أخری، فإن القوات الصديقة يمکن أن تتمتع باتصالات لاسلكية تكتيكية قصيرة المدى إلی اتصالات استراتيجية بعيدة المدى في شكل نظام.

على سبيل المثال، في عام 2017، وبناءً على طلب الجيش الأمريكي، تم إطلاق مشروع يسمى PEO C3T. من المقرر أن يدخل المشروع حيز التشغيل الكامل في الجيش الأمريكي بحلول عام 2028. والأساس الرئيسي لهذا المشروع هو استخدام أنظمة إتصالات البرمجيات الأساسية وثنائية القنوات.

في نظام الاتصالات هذا، ستتم مواضيع مثل إرسال واستقبال الصوت والفيديو والبيانات في وقت واحد مع نظام واحد، ولن يحتاج الجنود إلى حمل أنظمة إضافية.

وإذا أردنا ذكر بعض النماذج والمصنعين المشهورين في هذا المجال، فيمكننا الإشارة إلى اللاسلكيات المحمولة باليد من طراز AN/PRC-148 من إنتاج شركة “تاليس”، وهي مجموعة أوروبية وفرنسية. يستخدم نظام الاتصالات السلكية واللاسلكية هذا، وهو أحد أكثر الأنواع استخدامًا في حلف الناتو، نظام الراديو المعرَّف برمجيًا.

والنموذج الآخر هو SDR VQ1 من شركة “ليوناردو” الإيطالية، والذي يتم تقديمه في الغالب للمركبات التكتيكية والدروع، وهو نظام اتصالات رباعي القنوات مع نظام الراديو المعرَّف برمجيًا.

ما بدأ إنتاجه الرسمي والصناعي في إيران، هو أحد الأنظمة التي تتمتع بنوع من التكنولوجيا المتطورة والأندية الخاصة والفريدة في مجال الاتصالات العسكرية، والتي لا تعلن فقط عن دخول نظام اتصالات متقدم إلى إيران، ولكن أيضًا يظهر أن أجزاءً مختلفةً من التقنيات المختلفة في مجال الإلكترونيات والاتصالات والبرمجيات والأجهزة قد تطورت ونضجت، وأن تكاملها في الوضع الحالي قد وصل إلى هذا الإنجاز الدفاعي المهم؛ إنجازٌ قد لا يتم نشره، على الأقل في الوضع الحالي، ولكن من الواضح أنه ستكون له آثار مدهشة ومهمة للغاية على زيادة القدرة القتالية للقوات المسلحة لجمهورية إيران الإسلامية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق