سياسة الموت السياسي لترامب تعتمد قذف الاتهامات عبثاً ضد إيران..هل يحقق المهزوم نصراً؟
بعد الضجة السياسية والإعلامية الأمريكية حول إرسال أسلحة استراتيجية مثل قاذفات B-52 وحاملات الطائرات إلى الخليج الفارسي لإرعاب إيران، بدأت الآن مرحلة أخرى من هذه الحرب الدعائية، والتي تتمحور حول الادعاءات المزعومة والمتكررة بوجود صلة وتعاون بين الجمهورية الإسلامية والقاعدة.
وفي هذا الصدد، أدلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في إدارة ترامب المهزومة بمثل هذا الادعاء قبل أيام، معلناً نشر وثائق بهذا الخصوص في الأيام المقبلة.
ليس هذا أول ادعاء كاذب يطلقه مسؤولو البيت الأبيض ضد إيران، وبالتأكيد لن يكون الأخير، علی الرغم من أنه لم يلفت انتباه الرأي العام الأمريكي المحلي وحتى الدولي كما کانت تتوقع واشنطن، بحيث أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن مزاعم بومبيو بأن إيران أصبحت ملاذاً للقاعدة، لا أساس لها من الصحة وأن موسكو ليس لديها معلومات عن هذا التعاون.
هذا الادعاء أثاره جورج دبليو بوش بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية أيضاً، زاعماً أن عدداً من عناصر القاعدة يختبئون في إيران.
وفي أكتوبر 2017 ونوفمبر 2019، أشار بومبيو أيضًا إلى وثائق المخابرات الأمريكية بهذا الخصوص، ولکن لم يتم تقديم أي مستند لإثبات هذا الادعاء حتى الآن، کما أن عداء تنظيم القاعدة الإرهابي التكفيري وحلفاءه للجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة في سوريا والعراق واليمن واضح للجميع وضوح الشمس في النهار.
لكن لماذا أدرك بومبيو ذلك فجأةً ويريد توثيقه في الأيام الأخيرة لإدارة ترامب؟ ولماذا في السنوات الأربع الماضية، كما زُعم أن إيران تدعم الإرهاب، لم ينشر البيت الأبيض وثائقه المزعومة لمنع فشل حملة الضغط الأقصى، أو عدم رفع حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن على إيران، والذي بذل بومبيو في سبيل ذلك کل جهد ممکن؟ أو ليجيب علی العديد من المنتقدين المحليين حتی لا يخسرون في الانتخابات؟
حرف الرأي العام الداخلي
لا شك أن أهم هدف لإدارة ترامب في هذا الاتهام في الوضع الراهن، يعود إلى التطورات الداخلية في الولايات المتحدة وجهود فريق ترامب لصرف الرأي العام.
إن هزيمة ترامب في الانتخابات الأخيرة المثيرة للجدل، إلی جانب ما قام به مؤيدوه في الأيام الأخيرة بمهاجمة واحتلال مبنى الكونغرس، ثم الموافقة على خطة إعادة استجوابه، ستنهي حياته السياسية. وبعد الموافقة على إعادة إقالة ترامب، أصبح الأخير أول رئيس في التاريخ الأمريكي يتم استجوابه مرتين.
يحتاج ترامب الآن إلى إيجاد طريقة للخروج من مأزق الاستجواب والعزل، بقنبلة إخبارية مثل إطلاق صراع عسكري.
وقد يكون تصعيد الوجود العسكري الأمريکي في الأسابيع الأخيرة والادعاء الكاذب بوجود صلات بالقاعدة مع إيران متماشياً مع ذلك، على الرغم من تراجع البيت الأبيض تمامًا عن هذا السيناريو، بعد مؤشرات إيرانية قوية على رد مدوٍّ على أي مغامرة.
تقييد السياسة الخارجية لحكومة بايدن
تركت الهزيمة في الانتخابات الرئاسية الكثير من أجندة السياسة الخارجية لترامب غير مكتملة. وكانت إحدى هذه الأجندة بلا شك إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، والذي استمر في شكل مجموعة 4 + 1 بانسحاب أمريكا منه.
وکان بايدن قد انتقد في شعارات حملته الانتخابية انسحاب ترامب غير القانوني من الاتفاق النووي مع إيران، ووعد بالعودة إلى الاتفاق.
وفي ظل هذه الظروف، من الواضح أن الادعاء الكاذب بأن “إيران أصبحت قاعدةً للقاعدة”، يهدف إلى الحد من قدرة السياسة الخارجية للإدارة المقبلة علی المناورة، سواء فيما يخص الاتفاق النووي أم رفع العقوبات غير القانونية والأحادية الجانب، لأن طهران تطالب أولاً برفع كل هذه العقوبات كشرط مسبق لعودة أمريكا إلى الاتفاق النووي.
سرقة الأموال الإيرانية
لكن من ناحية أخرى، فإن توفير الأساس القانوني لسرقة ونهب أموال الشعب الإيراني المحظورة في الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم لمواصلة الضغط الاقتصادي على إيران، يكمن وراء أهداف مزاعم البيت الأبيض الكاذبة.
في عام 2012، أمرت محكمة في نيويورك بدفع 7 مليارات دولار كتعويض لأسر ضحايا 11 سبتمبر، دون تقديم أدلة، وذلك في دعوى جماعية رفعها الناجون من هجمات 11 سبتمبر الإرهابية على إيران، بتحريض من حكومة أمريكا.
وبعد هذا الحكم، إضافة إلى حظر الأموال الإيرانية في أمريكا، رفعت الحكومة الأمريكية أيضًا دعوى قضائية ضد أصول إيرانية أخرى في دول أخرى؛ وعلى سبيل المثال، في لوكسمبورغ وإيطاليا، حكمت المحاكم لصالح إيران.
لکن هذه السرقة الواضحة مستمرة بأعذار كاذبة حتی يومنا هذا، ويأتي الإعلان عن الارتباط بين إيران والقاعدة في هذا الاتجاه.
المصدر/ الوقت