التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

محاربة داعش في سوريا… تفتح ابواب الحرب الاقليمية وجميع سيناريوهات محتملة 

 اخذ التحالف الدولي الذي دعت اليه الولايات المتحدة الامريكية لإنقاذ العراق من خطر الانهيار الامني بعد هجوم تنظيم ما يسمى (الدولة الاسلامية/ داعش) الكاسح في العاشر  من حزيران الماضي، طابعا اكثر شمولية، بعد ان اضاف الرئيس الامريكي، باراك اوباما، سوريا المتضررة من حرب مستمرة لأكثر من ثلاث سنوات، في خطوة عدها المؤيدون متأخرة عن موعدها، فيما عبر المعارضون عن خوفهم من تفاقم الازمة في الشرق الاوسط، سيما وان الصراع الاقليمي الدائر حول سوريا قد يزيد من حدة المشاكل والاقتتال بين هذه الاطراف في حال ادت العمليات العسكرية التي قامت وتقوم بها الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها بتقوية احد اطراف النزاع على حساب الطرف الاخر.

وتحدث بعض السياسيين والمحللين، وبعض الشخصيات القريبة من مصادر القرار الامريكي والسوري، عن وجود نوع من التنسيق بين الطرفين، على الرغم من النفي الامريكي والصمت السوري تجاه القيام بهكذا تنسيق، فيما اشارت ايران”الحليف القوى لنظام الاسد” بان الولايات المتحدة الامريكية ابلغتها مسبقا بنيتها ضرب اهداف تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، بعد ان تراجعت الولايات المتحدة عن تصريح سابق باستبعاد ايران من اي دور في التحالف الدولي، مؤكدا ان ايران من الممكن ان تمارس دورا فعالا في الجهود الرامية للقضاء على هذه الجماعات المتطرفة.

ويبدو ان الولايات المتحدة الامريكية، حائرة بين نظام (حكومة بشار الاسد) متماسك، استطاع الصمود امام موجة الخسائر المتلاحقة، التي تعرض لها في بداية الازمة السورية من قبل جميع الفصائل المسلحة، وتحول من خندق الدفاع الى المبادرة والهجوم، بعد ان استطاع استعادة العديد من المدن الحيوية، خصوصا المناطق المحاذية للحدود اللبنانية، وبين معارضة سورية تصفها بالمعتدلة، لكنها تعاني الكثير من الضعف والتمزق، اضافة الى تلقيها العديد من النكسات العسكرية والسياسية، بعد ان تم اختراقها من قبل جماعات اسلامية متطرفة.

ومع اصرار الولايات المتحدة الامريكية على رفض التعاون مع نظام الاسد، اضافة الى تأكيدها مواصلة الدعم اللوجستي والسياسي للمعارضة، فإنها ما زالت تبقي الباب مفتوحا على جميع الاحتمالات، من اجل القضاء على التهديد الارهابي الاكبر بحسب ما تراه.        

بين سوريا وامريكا

فقد قالت الحكومة السورية إنها تلقت رسالة من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سلمها وزير الخارجية العراقي تفيد أن الولايات المتحدة وحلفاءها يعتزمون توجيه ضربات جوية لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا قبل ساعات من بدء الهجوم، وقالت دمشق إن أي غارات داخل سوريا يجب أن تجري بموافقتها، ولم تندد بالهجمات التي شنتها الولايات المتحدة بمساعدة دول خليجية إلى جانب الأردن ضد تنظيم الدولة الإسلامية والمتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة، وقال محلل سوري استضافه التلفزيون الحكومي إن الغارات الجوية لا تعتبر عدوانا لأن الحكومة أبلغت بها مسبقا.

وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان أذاعه التلفزيون الرسمي إن وزير الخارجية وليد المعلم تلقى رسالة من نظيره الأمريكي عبر وزير خارجية العراق، والحكومة العراقية التي يقودها الشيعة حليف وثيق لدمشق، ولم يصدر على الفور أي تعليق من الولايات المتحدة التي تقاطع الرئيس السوري بشار الأسد وتصفه بأنه جزء من المشكلة، وجاء في البيان “وزير الخارجية تلقى رسالة من نظيره الأمريكي عبر وزير خارجية العراق يبلغه فيها أن أمريكا ستستهدف قواعد داعش (الدولة الإسلامية) وبعضها موجود في سوريا”، وتعهدت دمشق في البيان بمواصلة حملتها ضد الدولة الإسلامية التي استولت على مساحات كبيرة في شمال وشرق سوريا، وأضاف البيان أنها ستستمر في مهاجمة التنظيم في مناطق استهدفتها الغارات التي قادتها الولايات المتحدة.

وقال الجيش الأمريكي في البيان الذي تحدث عن ضربات جوية ضد اسلاميين في سوريا إن القوات الأمريكية ضربت أيضا أهدافا للدولة الإسلامية في العراق “باستخدام طائرات هجومية لتنفيذ أربع غارات جوية”، وأطلع مستشار الأمن الوطني العراقي الأسد على جهود محاربة الدولة الإسلامية في أول اجتماع من نوعه منذ ان شنت الولايات المتحدة غارات على التنظيم في العراق، وقال البيان إن سوريا “تؤكد أنها كانت وما زالت تحارب داعش (الدولة الاسلامية) في الرقة ودير الزور وغيرها من المناطق، فإنها لن ولم تتوقف عن محاربة التنظيم بالتعاون مع الدول المتضررة منه بشكل مباشر وعلى رأسها العراق”.

وقال سياسي لبناني كبير له صلات وثيقة بالحكومة السورية إن الولايات المتحدة لن تستطيع القول علانية إنها تنسق مع الأسد، وأضاف “من المؤكد إنه إذا كانت هذه الغارات الجوية جادة فإنها ستقوي أعداء (الدولة الإسلامية) وفي مقدمتهم النظام السوري، وقال المحلل علي الأحمد الذي استضافه التلفزيون السوري إن إبلاغ دمشق بالهجمات يعني إن الغارات الجوية ليست عملا عدوانيا ولا اعتداء على السيادة السورية، وأضاف المحلل إن الدفاع الجوي السوري يراقب كل الأهداف والطائرات الحربية، وتابع أن هذا لا يعني أن سوريا جزء من غرفة العمليات المشتركة، وذكر أن سوريا ليست جزءا من التحالف لكن يوجد “عدو مشترك”.

وقال مسؤولون امريكيون بارزون إن الدفاعات الجوية للجيش السوري ستواجه ضربة انتقامية إذا حاولت دمشق الرد على ضربات جوية امريكية تستهدف مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، واثارت موافقة الرئيس الامريكي باراك اوباما على استخدام القوة الجوية ضد معاقل الجماعة المتشددة في سوريا تساؤلات بشان هل سيرد الرئيس السوري بشار الأسد بطريقة ما، وقال مسؤولون أمريكيون كبار تحدثوا الي الصحفيين انه ينبغي للاسد ألا يتدخل لأن الولايات المتحدة لديها معرفة جيدة بمواقع الدفاعات الجوية السورية ومنشآت القيادة والسيطرة، وقال أحدهم انه إذا اظهر جيش الاسد انه يمثل تهديدا للقدرة الامريكية للعمل في المنطقة فانه سيضع الدفاعات الجوية السورية في خطر.

وأكدت الولايات المتحدة انها لن تنسق مع حكومة الاسد بأي طريقة في قتالها ضد تنظيم الدولة الاسلامية، وموقف اوباما المعلن منذ وقت طويل هو انه يريد ان يرى رحيل الأسد عن السلطة خصوصا بعد استخدامه اسلحة كيماوية ضد شعبه العام الماضي، لكن الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا قد يكون لها تأثير غير مباشر يستفيد منه الاسد لأن المتشددين يقاتلون الحكومة السورية في حرب اهلية مستمرة منذ اكثر من ثلاث سنوات، وتريد واشنطن تدريب وتجهيز المعارضة المسلحة السورية التي تعتبرها معتدلة للسيطرة على الاراضي التي ستتيحها الضربات الجوية الامريكية.

الدولة الإسلامية تختفي

فيما اختفي تنظيم الدولة الإسلامية عن الأنظار في معقله السوري منذ أجاز الرئيس باراك أوباما توجيه ضربات جوية أمريكية له في سوريا، فلم يعد يظهر في الشوارع وأعاد نشر أسلحته ومقاتليه وحد من ظهوره الإعلامي، وفي مدينة الرقة على بعد 450 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من دمشق يقول سكان إن الجماعة تنقل معدات كل يوم منذ أشار أوباما في 11 سبتمبر أيلول إلى إمكانية توسيع الهجمات الجوية على مقاتليها بحيث تمتد من العراق إلى سوريا، ونشطاء التنظيم الذين كانوا يردون في العادة على أسئلة على الإنترنت أغلقوا صفحاتهم، ولم يبدر رد فعل مباشر من زعماء الجماعة على أوباما ولم يرد ذكر للكلمة التي أدلى بها في التسجيل المصور الذي بثه التنظيم مؤخرا لذبح الرهينة البريطاني ديفيد هينز بيد أحد مقاتلي الجماعة.

وبينما تسعى الولايات المتحدة لتجميع تحالف من أجل قتال الدولة الإسلامية تحاول الجماعة الجهادية على ما يبدو أن تحيط استراتيجيتها بأكبر قدر ممكن من الغموض، وحين واجهوا ضربات جوية أمريكية في العراق ترك مقاتلو الدولة الإسلامية الأسلحة الثقيلة التي جعلتهم أهدافا سهلة وحاولوا الاندماج وسط سكان المناطق المدنية، وربما كانت الجماعة تفعل نفس الشيء في سوريا توقعا لغارات مماثلة، وفي الرقة أخلت الجماعة المباني التي كانت تدير منها شؤونها وأعادت نشر أسلحتها الثقيلة وأخرجت أسر المقاتلين من المدينة، وقال أحد سكان الرقة عبر الإنترنت “يحاولون أن يبقوا في حالة حركة”، وأضاف الساكن الذي طلب عدم نشر اسمه خوفا على سلامته “لديهم خلايا نائمة في كل مكان، ولا يجتمعون إلا في إطار محدود جدا”.

ووعد رئيس هيئة الأركان الأمريكية بحملة “مستمرة ومتواصلة” على الدولة الإسلامية في سوريا، وربما تكون واشنطن ترصد بالفعل مواقع التنظيم في الرقة، وكان أوباما قد أجاز الشهر الماضي القيام بطلعات مراقبة فوق سوريا وأظهرت لقطات صورها نشطاء هذا الشهر طائرة أمريكية الصنع بلا طيار فيما يبدو وهي تحلق فوق المدينة، والمقاتلون ليسوا في سبات، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتتبع أحداث العنف في سوريا إنهم أسقطوا طائرة حربية سورية قرب الرقة باستخدام مدافع مضادة للطائرات، إلا أن ساكنا آخر قال “تتخذ الدولة الإسلامية الآن خطوات دفاعية تكتيكية من خلال تحريك أصولها لأماكن مختلفة بحيث لا تتمركز كل أسلحتها الثقيلة في مكان واحد”. بحسب رويترز.

ومدينة الرقة والمحافظة التي تقع بها هي القاعدة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وأخرج مقاتلو الجماعة آخر قوات حكومية من المنطقة حين سيطر التنظيم على قاعدة جوية، ومنذ سيطرت الجماعة على مدينة الموصل العراقية في يونيو حزيران وسعت سيطرتها على محافظة دير الزور السورية الحدودية المجاورة، وأوفت الجماعة بوعدها بإعادة رسم الشرق الأوسط فأعلنت الخلافة في أرض على جانبي الحدود بين البلدين، وفي الرقة تولت الدولة الإسلامية إدارة شؤون جوانب كثيرة من الحياة المدنية ووضعت يدها على كل شيء بدءا من المرور وحتى المخابز في محاولة لإقامة دولة تديرها وفقا لتفسيرها الخاص المتشدد للإسلام، وقال ساكن آخر في المدينة التي كانت تؤوي نحو 200 ألف مواطن قبل الحرب الأهلية إن الدولة الإسلامية تحاول إعطاء انطباع بأن الأمور تجري كالمعتاد حتى بعد أن قللت من وجودها بالشوارع، وأضاف “يعطون الانطباع بأنهم لا يكترثون”.

وساطة عراقية

بدوره أطلع مستشار الأمن الوطني العراقي الرئيس السوري بشار الأسد على جهود التصدي لتنظيم الدولة الاسلامية في اول اجتماع من نوعه منذ بدأت الولايات المتحدة ضربات جوية ضد التنظيم المتشدد في العراق، ورفضت الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى فكرة التعاون مع سوريا في قتال تنظيم الدولة الاسلامية الذي استولى على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وترى الحكومات الغربية الاسد جزءا من المشكلة وتقول انه يجب ان يترك السلطة، لكن الحكومة في بغداد كانت الى جانب ايران وجماعة حزب الله اللبنانية حلفاء مهمين للأسد منذ اندلاع الانتفاضة ضد حكمه في 2011.

ويبين الاجتماع بين مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض والأسد أن الحكومة العراقية تهدف الى الحفاظ على تلك العلاقات، وتشير أيضا الى نطاق التعاون المحتمل غير المباشر بين سوريا والغرب في المعركة ضد تنظيم الدولة الاسلامية عبر اطراف ثالثة مثل العراق، وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) ان الفياض وضع الاسد “في صورة آخر تطورات الاوضاع في العراق والجهود التي تبذلها الحكومة والشعب العراقي لمواجهة الارهابيين”، واضافت أن اللقاء أكد “على اهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين في مجال مكافحة الارهاب الذي يضرب سوريا والعراق ويهدد المنطقة والعالم”، ولم يصدر تعليق فوري من بغداد، وسيطر مقاتلو الدولة الاسلامية على مدينة الموصل العراقية الشمالية في يونيو حزيران ولهم سيطرة فضفاضة على الاجزاء الشمالية والغربية من البلاد وعلى نحو ثلث سوريا المجاورة.

وقال جوشوا لانديس وهو خبير في شؤون سوريا في جامعة اوكلاهوما الأمريكية إن من المرجح أن تستخدم واشنطن ودمشق العراق للتواصل بصورة غير مباشرة بشأن تنظيم الدولة الاسلامية، وقال “نحن نتحدث الى الحكومة في العراق وهم سيتحدثون الى الحكومة في سوريا ولن يحتاج الامر اكثر من ثوان للتواصل”، واضاف “انا متأكد أن ضباط المخابرات الامريكية سيضعون ذلك في اعتبارهم ويبعثون برسائل عبر العراقيين”، وقال الرئيس الامريكي باراك اوباما إنه لن يتردد في ضرب تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، وقالت الحكومة السورية إن اي تحرك عسكري يتخذ دون موافقتها سيعتبر عملا من اعمال العدوان. بحسب رويترز.

وقال الاسد لفياض أن جهود مكافحة الارهاب يجب أن تبدأ بالضغط على الدول التي تدعمه وتموله في اشارة الى دول خليجية عربية مثل السعودية وقطر تتهمها دمشق برعاية جماعات مسلحة متشددة، وتقود الولايات المتحدة (التي تدعم مقاتلين اكثر اعتدالا يحاربون الاسد) جهودا لتشكيل تحالف دولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية، وحضر العراق مؤتمرين في الايام القليلة الماضية لحشد الدعم الدولي في هذا الشأن لكن سوريا لم تدع الى اي منهما، وقال مسؤول لبناني تربطه علاقات وثيقة بالحكومة السورية إن فياض عبر عن استياء حكومة بغداد من استبعاد سوريا من الجهود ضد التنظيم المتشدد وهو موقف مشابه لموقف حليفي الاسد ايران وسوريا، وقال المسؤول الذي اطلع على فحوى المحادثات إن العراقيين ابلغوا الاسد أن الادارة الجديدة في بغداد بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي ستواصل التعاون الذي كان قائما حين كان نوري المالكي رئيسا للوزراء.

وقال المسؤول إن هذا التعاون سيستمر كما كان ايام المالكي وربما يكون اوثق “بالنظر الى ان سوريا والعراق في خندق واحد في مواجهة خطر تنظيم الدولة الاسلامية”، وحثت روسيا الحكومات الغربية والعربية على تجاوز نفورها من الاسد والتواصل معه لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية، وانتقدت ايران الجهود الامريكية وقال الزعيم الايراني الاعلى آية الله علي خامنئي انه شخصيا رفض عرضا من واشنطن لاجراء محادثات مع ايران بشأن محاربة التنظيم، وقال الصحفي اللبناني القريب من دمشق سالم الزهران إن حلفاء الاسد يعملون على صياغة ردهم، واضاف مشيرا الى مناقشات وملاحظات خلال رحلة حديثة الى طهران أن جماعة حزب الله وايضا ايران وروسيا يبحثون عن سبل جديدة للعمل مع سوريا للتصدي للتهديد، وقال إن السوريين واللبنانيين والروس كانوا هناك وعقدت اجتماعات بشأن استراتيجية فعلية للمواجهة.

هزيمة داعش وثقة المعارضة

من جانب اخر وقبل أن تتمكن الولايات المتحدة من إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا عليها أن تفوز بثقة المعارضة السنية المعتدلة التي تتهم واشنطن بأنها تركتها في وضع جعلها أقل عدة وعتادا من الإسلاميين وأبعد من أي وقت مضى عن القدرة على الاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وقال الرئيس الأمريكي في خطاب حدد فيه خطته لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسعى لتغيير خريطة الشرق الأوسط إنه سيدعم المعارضة السورية وإن السعودية وافقت على خطة لاستضافة برنامج أمريكي لتدريب مقاتليها.

غير أنه بعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الحرب الأهلية تكافح جماعات المعارضة التي لا تتبنى تفسيرات متشددة للاسلام لتحقيق بعض المكاسب في ساحة القتال التي تهيمن عليها الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، ويقول بعض الخبراء إن المعتدلين في صفوف المعارضة السورية يواجهون خطر الاختفاء تماما، وفي بعض المناطق خاصة في معركة حاسمة للسيطرة على حلب تحارب المعارضة مقاتلي الدولة الإسلامية والقوات الحكومية في آن واحد، ومقاتلو المعارضة في حاجة ماسة للسلاح، غير أن بعض المقاتلين على الأرض يتشككون في التحالف مع الدول الغربية التي يرون أنها خذلتهم وهم يحاربون دولة تدعمها إيران وروسيا، وقال أحد قادة المعارضة في لواء يعمل في إطار الجيش السوري الحر “ما الذي يدعوني لتصديق أوباما ووضع نفسي في مواجهة مع الإسلاميين في الوقت الذي يقف فيه عدوي الرئيسي الأسد متفرجا؟”.

ويسلط هذا الحذر الضوء على الصعوبات التي تواجه الدول الغربية وهي تدرس كيفية التصدي للدولة الإسلامية في سوريا بعد أن اجتاح التنظيم مساحات كبيرة من الاراضي العراقية في يونيو حزيران وأعلن قيام دولة خلافة، وفي حين تمكنت الولايات المتحدة من التعاون مع الحكومة العراقية والقوات الكردية في مواجهة الدولة الإسلامية في العراق وبدأت شن ضربات جوية على التنظيم فليس لها شركاء مماثلون في سوريا، كذلك فإن المعارضة السورية المعتدلة ضعيفة كما أن السياسة الغربية تجاه سوريا قائمة على فكرة رحيل الأسد عن السلطة وقد رفض الغرب عروض التعاون التي قدمتها دمشق.

ولأن الجماعات التي تقاتل الحكومة السورية أصبح يغلب عليها الطابع الإسلامي فإن بعض مقاتلي المعارضة على الارض يخشون الآن أن ينظر إليهم كعناصر يدعمها الغرب، بل إن مقاتلا في محافظة دير الزور التي يسيطر عليها التنظيم قال إن البعض بدأ يسعى لاستطلاع آراء رجال الدين فيما إذا كان من الصواب القتال إلى جانب الولايات المتحدة إذا شنت ضربات جوية ضد الدولة الإسلامية في سوريا على سبيل المثال، ويسعى أوباما لتكوين تحالف بمشاركة الدول الإسلامية السنية في المنطقة للتصدي لخطر الدولة الإسلامية، وقال المقاتل الذي اضطر في الآونة الأخيرة لتسليم سلاحه للدولة الإسلامية “السؤال هو هل السعودية أو أي دولة إسلامية أخرى بدلا من أمريكا والغرب قادرة على مساعدتنا على القتال؟”. بحسب رويترز.

لكن الدول الغربية وبعض الدول العربية يخشون أن تكون مهاجمة الدولة الإسلامية دون التصدي للاسد وقوفا إلى جانبه وجانب الاقلية العلوية التي يمثلها، وقال محمد سرميني المسؤول بالمعارضة الذي التقى مسؤولين أمريكيين إن الدولة الإسلامية على رأس جدول الاعمال الأمريكي مع المعارضة السورية منذ سقوط الموصل في أيديها في يونيو حزيران الماضي، وأضاف “قلنا لهم إن المشكلة ليست في الدولة الإسلامية وحدها بل في النظام”، وبالنسبة لمقاتلي المعارضة كان تنظيم القاعدة حليفا أفضل من الغرب في بعض الأحيان خلال الحرب الأهلية التي سقط فيها ما يربو على 190 ألف قتيل، ففي بعض المناطق اشتبكت جماعات غير إسلامية مع جبهة النصرة لكنها حاربت معها في مواجهة قوات الاسد في بعض المعارك.

وكانت الدول الغربية قررت في أوائل الحرب الاهلية في سوريا ألا تسلح المعارضة بالأسلحة التي تحتاج إليها للاطاحة بالاسد وخاصة الصواريخ المضادة للطائرات التي يمكنها أن تحول ميزان القوى في المعركة وذلك خشية سقوط الأسلحة في أيدي المتطرفين، ويقول مسؤولون فرنسيون إن باريس زودت مقاتلين تعتبرهم معتدلين في نهاية العام الماضي بقواذف صاروخية لكن ما أحرزته جماعات إسلامية متشددة من تقدم أرغمها على التوقف، ولم تلق مطالب المعارضة بفرض منطقة حظر طيران لحمايتهم من سلاح الجوي السوري أي صدى إذ سعت روسيا في مجلس الامن على الدوام لمنع أي عمل يضعف موقف الأسد.

وتقول المعارضة السورية إن النتيجة تمثلت في انهيار نفوذهم وفي الصعود السريع للفصائل الإسلامية التي تمتعت بدعم أكبر لا سيما من بعض المتبرعين الأثرياء في الخليج، وتتردد قصص كثيرة عن انضمام مقاتلين أو حتى ألوية كاملة كانت تحت لواء الجيش السوري الحر إلى الفصائل الإسلامية بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية، ويقول مقاتلون إن الكثيرين أخذوا هذه الخطوة لأن الفصائل الأقل تشددا لم تكن لديها ببساطة الموارد اللازمة لمواصلة القتال، ومن بين حلفاء واشنطن في أوروبا كانت فرنسا هي أكثر الدول تعبيرا عن الشعور بالاحباط لعدم دعم المعارضة المعتدلة بصورة أكثر فعالية.

وقال دبلوماسي فرنسي كبير “منطقنا هو أن الحل لمواجهة الدولة الإسلامية وفظائع بشار الاسد يتمثل في زيادة الدعم للمقاتلين المعتدلين في سوريا الذين ما زالوا على قيد الحياة، ونحن نشعر أن الأمريكيين يتفقون معنا نظريا لكن الشكوك تحيط بموقفهم من الناحية العملية”، وقد طلب أوباما من الكونجرس الموافقة على صرف 500 مليون دولار لتدريب المعارضة السورية وتزويدها بالسلاح في إطار استراتيجية ترمي لاضعاف الدولة الإسلامية تدريجيا وصولا إلى القضاء عليها، وتدير المخابرات المركزية الأمريكية عملية سرية محدودة لتدريب جماعات صغيرة من معارضي الاسد وتزويدها بالعتاد، وقامت دول عربية من حلفاء واشنطن خاصة قطر والسعودية بدور قنوات رئيسية للدعم العسكري للمعارضة، لكن التنافس فيما بينها أدى في بعض الأحيان إلى دعم جماعات متنافسة، ويقول بعض مقاتلي المعارضة إن الدعم العسكري ازداد بالفعل.

وقد حصلت حركة حازم هذا العام على صواريخ مضادة للدبابات لم يحصل عليها أي من مقاتلي المعارضة السورية من قبل، وقال فارس البيوش من قادة الحركة عبر الإنترنت إن الحركة تسلمت المزيد في الأسابيع الأخيرة ردا على الخطر الذي تمثله الدولة الإسلامية، ولم يذكر البيوش اسم الدولة التي قدمت الصواريخ لكن السعودية كانت مصدر أسلحة مماثلة سلمت في وقت سابق من العام الجاري، وتوقعا لزيادة الدعم الأمريكي بدأت بعض فصائل المعارضة المرتبطة بالجيش السوري الحر تعيد تنظيم صفوفها في وحدات مقاتلة أكبر ضمن هياكل قيادة موحدة، وفي محافظة إدلب بالشمال الغربي أعلنت خمس فصائل تكوين تشكيل جديد أكبر.

وأعلن جمال معروف وهو من قيادات المعارضة البارزة في المحافظة الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، وقال حسام المرعي المتحدث باسم الجيش السوري الحر “الدولة الإسلامية لديها الكثير من الأسلحة ولديها الثروة والنفط، والنظام في الجانب الاخر لديه إيران وروسيا ولذلك فالجيش السوري الحر يحتاج أسلحة أكثر تطورا”، وفي حلب حيث تعمل ميليشيات مختلفة على صد الدولة الإسلامية والقوات الحكومية منذ أشهر يقول مقاتلو المعارضة إنهم على استعداد للعمل مع الولايات المتحدة مادامت الخطة تشمل الاطاحة بالاسد.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق