دمية الإمارات في جنوب اليمن تعلن عن نيتها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل
لقد كشفت العديد من الاحداث الميدانية التي وقعت في بعض المحافظات الجنوبية خلال السنوات الماضية عن الدور الإماراتي المخرب في تقويض الاستقرار وتعميق الانقسامات في اليمن، إلى جانب ارتكاب العديد من الانتهاكات، سعيا لتحقيق ابو ظبي أهدافها الخبيثة في المنطقة. وأكدت تلك التقارير على أن الإمارات تتجاهل الأهداف التي وضعتها حليفتها السعودية عند تشكيلها للتحالف العسكري في اليمن. وذكرت تلك التقارير أن مزاعم الرياض كانت تتمثل بهدف إعادة الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” إلى منصبه، والقضاء على “انصار الله”، ولكن يبدو أنه كان لأبوظبي أهدافا مغايرة، حيث وجهت أنظارها نحو الجنوب، وعمدت إلى تدريب وتجنيد أجهزة أمنية تخدم طموحاتها الجيوسياسية. وعلى صعيد متصل، ذكر العديد من المراقبين، أن الأهداف طويلة المدى التي رسمتها الإمارات باتت واضحة لكل المتابعين لهذا الملف، وهي تقسيم اليمن وخلق دولة في الجنوب حليفة لها. وبذلك، ستتمكن الإمارات من تأمين خطوط التجارة عبر ميناء عدن الجنوبي نحو باقي أنحاء العالم، إلى جانب استغلال الموارد الطبيعية في اليمن، وبسط الهيمنة على المنطقة.
وأضاف اولئك المراقبون، أن النظام الإماراتي يركز على تقديم نفسه كقوة تسعى لفرض الاستقرار في البلاد من أجل تبرير حضوره في اليمن. وغالبا ما تعمل أبو ظبي على تضخيم عمل المنظمات الإغاثية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها في اليمن، وتنفي في المقابل التقارير التي تؤكد ضلوعها في عمليات تجسس واعتقال غير قانونية، معتبرة أن هذه التقارير ليست إلا أخبارا زائفة. ولفت اولئك المراقبين إلى أن أبو ظبي قامت قبل عدة سنوات بإنشاء قوة لها داخل الأراضي الجنوبية من اليمن تمثلت بالمجلس السياسي الجنوبي وذلك من أجل خدمة المصالح الإماراتية في المحافظات الجنوبية وجزيرة سقطرى ولقد برز المجلس الانتقالي الجنوبي قبل عدة سنوات على الساحة اليمنية عندما أعلن انفصال الجنوب ودخلت قواته التي أسستها وسلحتها الإمارات في حرب ضد قوات حكومة الرئيس المستقيل “عبد ربه هادي منصور” المدعومة من تحالف العدوان السعودي. وعلى صعيد متصل، كشف العديد من التقارير، أن أبو ظبي نجحت في تجنيد العديد من قادة وجنرالات المناطق الجنوبية والساحل الغربي، وباتوا سواعدها المنفذة لأجندتها في الجنوب والغرب على حد سواء، وذلك من خلال الاستعانة بستار المساعدات الإنسانية التي تقدمها لتلك المناطق. وقد بلغت السيطرة الإماراتية على الشريط الساحلي حد أنه بات من الخطورة بمكان على أي قيادي أو مسؤول هناك أن يتحدث عما يدور في تلك البقعة، فالحديث في مثل هذه الأمور قد يكلف الشخص حياته، فضلًا عن اليمنيين الذين أصبحوا غرباء في وطنهم لا يعرفون ما يدور بداخله في ظل تعدد الأجندات وتباين المصالح.
وفي وقتنا الحالي، يرى العديد من الخبراء والسياسيين، أن المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح كالخاتم في أيدي الإمارات تلعب به وتحركه كيفما تشاء، حيث سمح هذا المجلس الانتقالي للقوات الإماراتية باحتلال جزيرة سقطرى وإدخال قوات إسرائيلية إليها من أجل نهب ثرواتها وإنشاء قاعدة عسكرية لهم لمراقبة المنطقة والدليل الأخر لتبعية هذا المجلس الانتقالي للدراهم الإماراتية يتمثل فيما أعلن عنه رئيس هذا المجلس الانتقالي “عيدروس الزبيدي” قبل عدة أيام، حيث كشف أنه من الممكن تطبيع العلاقات مع إسرائيل. قال “الزبيدي”، إن التطبيع مع إسرائيل مسألة واردة عندما تكون لدينا دولة وعاصمة تخص الجنوب العربي. وأوضح أنه لا توجد اتصالات مع إسرائيل وأفاد بأنهم باركوا تطبيع بعض الدول العلاقات مع تل أبيب، مشيرا إلى أنه لا توجد مساع الآن في هذا الصدد. وبيّن أنه إذا أصبحت لهم دولة ذات سيادة عاصمتها عدن فإنه من حقهم أن يعرضوا التطبيع مع إسرائيل، مشددا على أنه حق سيادي لهم.
وعقب هذا التصريحات بتلويح المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، بالتطبيع مع إسرائيل حال تحقق انفصال الجنوب عن الشمال، تواصلت الإدانات اليمنية، حيث قال “مختار الرحبي” مستشار وزارة الإعلام في حكومة “منصور هادي”، عبر حسابه بتويتر إن حديث الزبيدي “موقف شاذ”. وأوضح أن “مواقف كل اليمنيين رافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني”. وأشار إلى أن الزبيدي والانتقالي “يمثلان ثلاث مناطق بالجنوب وليس كله وعبارة عن أداة بيد الإمارات”. فيما تساءل، وكيل وزارة الإعلام في حكومة “منصور هادي”، “محمد قيزان”، عبر حسابه بتويتر: “هل سيكون لحكومة منصور هادي موقفا واضحا إزاء هذه التصريحات؟”. بينما خاطب “صلاح باتيس”، عضو مجلس الشورى اليمني، “الزبيدي” قائلا: “وضعت الجميع أمام خيارين لا ثالث لهما إما دولة اتحادية قوية وإما تمزيق اليمن إلى دويلات تتسابق نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني”.
وعلى صعيد متصل، رصدت بعض التقارير الاخبارية ردود فعل معظم المكونات السياسية الجنوبية حيال تصريح رئيس المجلس الانتقالي، بشأن التطبيع مع إسرائيل. حيث وصف رئيس تجمع القوى الجنوبية “عبد الكريم السعدي”، تلويح المجلس الانتقالي بالتطبيع مع إسرائيل بـ”الكارثي”، نظرا لإضافته عقبات جديدة أمام تحقيق أهداف ثورة الجنوب اليمني. ودعا “السعدي”، المجلس الانتقالي إلى ترتيب الأولويات بـ”تحرير القرار السياسي والعسكري من التبعية للكفيل الإقليمي (في إشارة للإمارات) قبل اللهاث وراء التطبيع”. ومضى قائلا: “يجب أولا التطبيع بين الفصائل الجنوبية المتصارعة باليمن، لاستعادة الجنوب كدولة مستقلة، قبل طرح مقترح التطبيع الذي يقرره أو يرفضه الشعب”. وبدوره استنكر القيادي البارز في الحراك الجنوبي، العميد “علي السعدي”، حديث رئيس المجلس الانتقالي باسم شعب الجنوب، منتقدا تبعية المجلس للإمارات. فيما اعتبر الكاتب السياسي الجنوبي “صلاح السقلدي”، أن الحديث عن التطبيع مع إسرائيل في هذا الظرف القاهر لجنوب اليمن “أنانية مفرطة وخذلان صريح”. وقال “السقلدي”، في تغريدة عبر حسابه على تويتر: “مهما كانت المبررات والمكاسب، فالسياسة ليست خساسة وغل وانسلاخ عن الأخلاق والمبادئ كما يعتقد البعض، بل هي قيم تحكم الساسة، أو هكذا يجب أن يكون”. فيما اعتبر السياسي والشاعر الجنوبي “عباس ناصر مسعود”، تصريحات التطبيع بـ”الضربة القاسمة” للمجلس الانتقالي التي تفقده الكثير من شعبيته في الجنوب. وقال “مسعود”: “لا شك أن مثل هذه التصريحات الاستباقية في القضايا القومية لها نتائج كارثية على قضية جنوب اليمن”.
وفي المقابل، بارك جنوبيون هذه التصريحات وقال “صلاح بن لغبر” تأييداً لـ”الزبيدي” باركنا مسار السلام في المنطقة، وعندما نستعيد دولتنا فإن التطبيع مع إسرائيل وارد طارحاً تساؤلاً يقول وما المانع؟!! وهو ما واجهه ناشطون معارضون للخطوة بردود أفعال غاضبة. وسبق لنائب رئيس هيئة المجلس الانتقالي “هاني بن بريك” أن غرد في أغسطس 2020 مباركاً للإمارات تطبيعها مع إسرائيل ومبدياً الاستعداد للانضواء في طريق التطبيع على خطى الإمارات كما تحدثت أخبار أخرى في يونيو 2020 عن وصول وفد إسرائيلي إلى جزيرة سقطرى بدعوة من الإمارات.
وفي الختام يمكن القول أنه على مدى العقد الماضي، وضعت دولة الإمارات السياسة الخارجية العدوانية على جدول أعمالها لتوسيع نفوذها في المنطقة والقرن الإفريقي. ولتحقيق هذا الهدف، صار من الضروري على الإمارات أن تسيطر على خليج عدن، لأنه من خلال عدن يمكن أن تصل إلى مضيق “باب المندب” وشمال إفريقيا وتنظر دولة الإمارات العربية المتحدة للحراك الجنوبي الانفصالي كأداة لتحقيق أهدافها ومصالحها الخبيثة في اليمن ومن جهة أخرى تقوم أبو ظبي بالاستثمار طويل الأمد على الرئيس المستقيل “منصور هادي” وذلك لاستخدامه كلعبة على التراب السعودي، لتنظيم وتعزيز قوى المجلس الانتقالي في جزيرة سقطرى، وتحقيق توازن ضد منافسيها ولهذا فقد فتحت هذه السياسة الباب أمام الكيان الصهيوني في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى تعّقد المعادلات أكثر في جنوب اليمن.
المصدر/ الوقت