بايدن يتحرك ضد السعودية والأخيرة تبدأ بالمجاملة
على عكس سياسات دونالد ترامب المتهورة في الشرق الأوسط، بدأ الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن ولايته محاولاً إعادة الموقف الأمريكي إلى مسار معتدل وإعادة النظر في الجغرافيا السياسية الإقليمية.
ولاية ترامب الذهبية بالنسبة لابن سلمان
قدمت استراتيجية ترامب غير التقليدية خلال فترة ولايته سلسلة من الأفعال الخطيرة والمبادرات الفاشلة التي غيرت المشهد السياسي في الشرق الأوسط. حيث انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران. كما نقلت السفارة الأمريكية إلى القدس في خرق للإجماع الدولي وقلصت الوجود العسكري الأمريكي في منطقة يعتقد ترامب أنها فقدت الكثير من أهميتها الاستراتيجية.
كما أدت علاقات ترامب الشخصية مع الأنظمة في منطقة الشرق الأوسط إلى تحرير أيدي القادة والأنظمة الملكية العربية، ولا سيما الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان.
المثير للانتباه هو التناقض بين باراك أوباما وترامب في علاقاتهما تجاه السعودية ودول الخليج الفارسي حيث أثارت علاقات باراك أوباما حينها وخاصة بعد إبرام صفقاته مع إيران مخاوف المملكة العربية السعودية وجيرانها.
أما ترامب وفي آخر أيام ولايته وسعياً منه لتغيير قواعد اللعبة في منطقة الشرق الأوسط قام ببيع طائرات مقاتلة من طراز أف -35 بقيمة تزيد عن 10 مليارات دولار إلى الإمارات ، كمكافأة على تطبيعها مع الكيان الاسرائيلي إسرائيل.
المسؤولون السعوديون فضلوا دورة رئاسة ثانية لترامب
السعوديون ينظرون إلى ترامب على أنه عمل لحماية أهم مصالحهم الإقليمية، من خلال فرض عقوبات قصوى على إيران … وعن طريق دفع مبيعات الأسلحة إلى المملكة. ولذلك كانوا يرغبون في بقائه ولكن مع قدوم بايدن واستلامه زمام الأمور في أمريكا بدأت المخاوف السعودية بالظهور إلى العلن شيئاً فشيئاً كما بدأت وعود بايدن ضد المملكة تدخل حيز التنفيذ.
حكومة بايدن تبدأ مسلسل الضغط على ابن سلمان
حيث قالت جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض في الـ 5 من شباط 2021 إن الولايات المتحدة تتوقع أن تحسن السعودية سجلها في حقوق الإنسان، بما في ذلك الإفراج عن النشطاء المدافعين عن حقوق المرأة والسجناء السياسيين الآخرين. وسلطت تعليقات ساكي الضوء على نية الرئيس الأمريكي جو بايدن جعل حقوق الإنسان قضية رئيسية في العلاقات الأمريكية السعودية التي تعهد خلال حملته الانتخابية بإعادة تقييمها.
وتجنبت ساكي الإجابة عن سؤال حول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة ستفرض عقوبات على السعودية بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي كان يكتب في صحفية واشنطن بوست، على أيدي عناصر سعودية في قنصلية المملكة بإسطنبول عام 2018.
ووصفت المتحدثة مقتل خاشقجي بأنه “جريمة مروعة” وكررت عزم الإدارة رفع السرية عن تقرير استخباراتي أمريكي عن الجريمة التي قالت وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.أيه) إنها تمت بموافقة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وربما أمر بها.
ومن دوره أعلن الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن اتخاذ موقف أكثر حزماً مع المملكة إذ أعلن إنهاء الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الشعب اليمني منذ عام 2015.
جو بايدن الذي قال في حملته الرئاسية عام 2020 إن السعودية دولة “منبوذة” وهذا المصطلح عادةً ما يقتصر على كوريا الشمالية وفنزويلا، وقائديهما كيم جونغ أون ونيكولاس مادورو. كان يناهض سياسات بن سلمان وكان قد وعد حينها بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن وها هو الآن يبدأ تنفيذ وعوده.
الرياض تجامل بايدن وتحتفظ بورقة رابحة!
بعد تصريحات بايدن الأخيرة والتي كانت تعبر عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ارتفعت بعض الأصوات من المملكة لتكيل المديح لبايدن وتشكره على ذكر السعودية في خطابه! وكأن الخطاب كان موجهاً لمديح السعودية!
حيث عقب نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي، جو بايدن بأن الحرب في اليمن يجب أن تتوقف. وقال في تغريدة على صفحته الرسمية بتويتر: “نرحب ببيان الرئيس بايدن الذي يؤكد الالتزام بالعمل مع الأصدقاء والحلفاء لحل النزاعات والتعامل مع الاعتداءات مع إيران وأذرعها في المنطقة كما هو الحال خلال الـ7 عقود، نتطلع للعمل مع أصدقائنا في الولايات المتحدة حول هذه التحديات..”
كما علق وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، على الكلمة التي ألقاها الرئيس الأمريكي وغرد ابن فرحان عبر حسابه الرسمي على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي أن بلاده “تتطلع إلى التعاون مع مبعوث الولايات المتحدة إلى اليمن المعين حديثاً، تيم لاندركينغ، من أجل تحقيق هدفنا المشترك المتمثل في حل سياسي شامل في اليمن كجزء من رؤيتنا المشتركة لمنطقة سلمية ومزدهرة”، بحسب قوله.
وأضاف وزير الخارجية السعودية في تغريدة أخرى إلى أن “المملكة ترحب بالتزام الولايات المتحدة الذي عبرت عنه كلمة الرئيس بايدن بالتعاون مع المملكة العربية السعودية في الدفاع عن أمنها وأراضيها”.
ومن جانبها قالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس” في بيان رسمي إن المملكة “تتطلع إلى العمل مع إدارة الرئيس بايدن في سبيل التوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن”، وترحب بما أعلنه “حيال التزام الولايات المتحدة بالتعاون مع المملكة للدفاع عن سيادتها والتصدي للتهديدات التي تستهدفها”.
يبدو أن مسلسل المجاملات السعودية للإدارة الأمريكية الجديدة قد بدأ بالفعل ولكن السعودية و محمد بن سلمان لا يزال يحتفظ بورقة رابحة من أجل التحكم في الضغوط الأمريكية وشدتها على المملكة وهذه الورقة هي “الموافقة على تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي”، بعد توسط إدارة ترامب في العلاقات الدبلوماسية بين الكيان الإسرائيلي والإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
ومن الواضح أن محمد بن سلمان إذا ما قرر اتخاذ خطوة أخرى نحو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، فسوف ستكون هذه الوسيلة لتنشيط علاقته المتدنية للغاية مع إدارة بايدن وربما تكون ورقة إنقاذ حياته على خلفية تورطه في مقتل الخاشقجي.
المصدر/ الوقت