التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

هل يفتح أردوغان أبواب جهنم على تركيا؟ 

منيب السائح –

الاستدارة القوية في موقف رئيس جمهورية تركيا رجب طيب اردوغان من التحالف الدولي لمحاربة “داعش” ، تكشف ان هناك شيئا ما حدث خلال زيارة اردوغان الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.

اردوغان وقبل توجهه الى نيويورك اعلن وفي اكثر من مناسبة انه يرفض الدخول في هذا التحالف ، وانه يتبنى رؤية تختلف كليا عن رؤية التحالف في التعامل مع الازمة السورية، وانه لا يعترف بأي جهد عسكري لا يفضي في النهاية لاسقاط النظام في سوريا ، الا انه وبعد زيارته لنيويورك واجتماعه بالرئيس الامريكي ونائبه جو بايدن، انقلب على موقفه السابق واعلن ان بلاده ستشارك في التحالف ليس فقط بطلعات جوية والاغارة على مواقع “داعش” من الجو بل انها سترسل قواتها البرية الى سوريا والعراق.

بعد هذا الاعلان طلب اردوغان من البرلمان التركي ان يفوض الحكومة التركية اتخاذ كل الاجراءات العسكرية ومن بينها إرسال قوات برية الى العراق وسوريا لمحاربة المجموعات المتطرفة ، ويوم الخميس 2 تشرين الاول / اكتوبر، حصل اردوغان على موافقة البرلمان والتي جاءت بسهولة كبيرة لهيمنة حزب العدالة والتنمية على البرلمان.

قبل وبعد دخوله التحالف كان هدف اردوغان الاول والاخير في التدخل في سوريا هو اسقاط النظام السوري، وقال ذلك على رؤوس الاشهاد دون ان يختبىء وراء الشعارات والكلام الدبلوماسي والنفاق السياسي ، كما فعلت الدول العربية المشاركة في التحالف مثل السعودية وقطر والبحرين والامارات ، فالرجل لم ينافق احدا ، لذلك يرى اغلب المحللين السياسيين ، ان امريكا افهمت اردوغان ، او انه فهم ، ان الهدف الرئيسي من وراء التحالف والعمليات العسكرية التي يشنها داخل الاراضي السورية هو اسقاط النظام في سوريا ، الامرالذي شجعه على الانخراط في التحالف.

الطريقة التي يتم فيها محاربة “داعش” والتطورات التي تجري على الارض في سوريا وعلى صعيد الاقليم ، تشير في جوانب عديدة منها الى ان هدف التحالف ليس محاربة “داعش” فقط ، وان هناك اهدافا اكبر واهم من “داعش” لهذا التحالف ، فالجميع يعرف ان بلدانا مثل السعودية وقطر والامارات والبحرين وتركيا ، غير مستعدة لدفع اي ثمن مهما كان زهيدا لانقاذ المسيحيين والاكراد وباقي الاقليات الدينية والقومية الاخرى في  سوريا والعراق.

اهداف اردوغان المعلنة في سوريا والتي سيقوم الجيش التركي والطيران التركي تنفيذها تتلخص بايجاد منطقة عازلة داخل الاراضي السورية على طول الحدود مع تركيا ،  تكون بمثابة نواة الدولة السورة المقبلة ، ومركز تجمع للفصائل المسلحة الموجودة الان في سوريا وتلك التي يتم تدريبها في السعودية .

من الصعب فهم سر السياسة التي ينتهجها اردوغان ازاء سوريا ، فهي سياسة أشبه بالمغامرة الى حد بعيد ، ولا يمكن ان تصب على المديين القريب والبعيد في صالح تركيا ، فالاهداف التي حددتها تركيا لتدخلها في سوريا، اهداف صعبة المنال ، وهو ما يؤكده عدم تأييد امريكا علانية لتركيا في هذه الاهداف .

العديد من السياسيين الاتراك المعارضين لاردوغان وحزبه ، يعتبرون سياسته ازاء الازمة السورية بأنها سياسة كارثية ستفتح ابواب جهنم على تركيا ، من دون وجود اي مبرر لهذه السياسة ، لاسيما ان تركيا كانت تربطها علاقات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وثيقة مع سوريا قبل اندلاع الازمة، لذلك يتهمون اردوغان بانه يتحرك بدوافع حزبية وايدولوجية ومذهبية ضيقة ، لارتباط حزبه حزب العدالة والتنمية بفصيل من فصائل المعارضة السورية وهي جماعة الاخوان المسلمين ، وهو ذات السبب الذي دمر لاجله اردوغان علاقات تركيا التاريخية مع مصر.

سياسة اردوغان إزاء الازمة السورية ستعقد من حل المشكلة الكردية المستعصية في تركيا ، فمن الواضح ان تركيا ، ومن وجهة نظر الاكراد، ليست بريئة فيما يجري من اقتتال بين الاكراد ومسلحي “داعش” على اطراف مدينة كوباني الكردية الملاصقة للحدود التركية ، فالاكراد يتهمون تركيا انها وراء ما يجري لا انها تسعى لاستئصال الوجود الكردي في تلك المنطقة او اضعافه بوسيلة “داعش” ، وهو ما يؤكده اصرار “داعش” على دخول المدينة  رغم ان هذه العملية العسكرية سيجعل “داعش” جارا لتركيا ، الامر الذي يؤكد ، من وجهة نظر الاكراد، ان تركيا لا تناصب “داعش” العداء ، وهو ما يفسر تهديد الزعيم الكردي المعتقل عبدالله اوجلان ، للحكومة التركية بان عملية السلام بين حزب العمال الكردستاني والسلطات التركية ستنتهي بمجرد دخول “داعش” مدينة كوباني.

ان الخطط التي يرسمها اردوغان والمجموعة الضيقة المحيطة به ، ليست بالضرورة ان تجد طريقها بسهولة الى التطبيق على الارض ، فهناك العديد من الموانع والعقبات والمشاكل العسكرية والجغرافية والاقتصادية والقومية والدينية والمذهبية والاجتماعية والاقليمية والدولية ، ستتفجر وتبتلع كل ما بناه اردوغان خلال عقد من الزمان في تركيا ، وعندها لن يكون بمقدوره ان يعيد الاوضاع في تركيا الى ما كانت عليه قبل تورطه عسكريا في سوريا والعراق.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق