التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

شمس العلاقات الاقتصادية الأردنية السورية تتحدى إعصار قيصر 

يقوم رئيس غرفة تجارة الأردن، نائل الكباريتي، بزيارة رسمية إلى سوريا على رأس وفد أردني رفيع المستوى وذلك بهدف بحث تطوير العلاقات الاقتصادية بين الأردن وسوريا.

وقال الكباريتي: إن زيارة هذا الوفد الأردني لدمشق تأتي في إطار التواصل بين القطاع الخاص الأردني والسوري. وأضاف الكباريتي إنه سيجتمع مع وزير الاقتصاد السوري لبحث العلاقات الاقتصادية بين البلدين وطرق تفعيلها.

هذه الزيارة ليست الأولى للوفد الأردني حيث سبق أن زار سوريا في فبراير من عام 2020 والتقى حينها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السوري، طلال البرازي، وذلك للهدف نفسه ألا وهو تفعيل وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين الأردن وسوريا.

الاجتماع السابق بين غرفة تجارة الأردن واتحاد غرف التجارة السورية خلص إلى أن القيود الإدارية والإجراءات المفروضة على تبادل السلع والرسوم المالية على حركة الترانزيت، تعتبران أهم قضيتين تواجهان المبادلات التجارية بين الأردن وسوريا.

وأوصى الاجتماع الأخير باستثناء البضائع التي يحتاجها السوقان في البلدين من قيود المنع، وتنفيذ ذلك داخل منطقة التجارة الحرة السورية الأردنية الموجودة داخل الأراضي السورية.

الأردن تثأر من سوريا في التبادل التجاري

اعتبرت صحفية أردنية، في مقال لها مؤخراً أن العلاقات الاقتصادية بين سوريا والأردن كانت ثأرية فيما يخص التبادل التجاري بين البلدين عبر معبر نصيب – جابر.

وأضافت إن العلاقات التجارية بين سوريا والأردن تمرّ بأسوأ أحوالها بعد جمود أصاب حركة معبر نصيب- جابر الحدودي البري الذي يربط البلدين. على الرغم من حاجة البلدين إلى بعضهما البعض في التبادل التجاري. هذا التوتر ازداد سوءاً بعد سلسلة من القرارات كان آخرها قرار أردني بحظر استيراد المنتجات السورية، رداً على قرار أصدرته دمشق انطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل، أدى إلى توقف حركة حافلات نقل البضائع.

وكانت الحكومة الأرنية قررت إيقاف الاستيراد من سوريا على مبدأ المعاملة بالمثل، بعد فشل محاولة الأردن في اقناع الحكومة السورية باستيراد الصناعات الأردنية.

إلا أن الجانب السوري كان متحفظاً في الرد على هذا القرار، ومن دون إبداء أي تعليق رسمي حول القرار الأردني الأخير. وكان الإجراء الوحيد من الجانب السوري هو زيادة الإجراءات التفتيشية للشاحنات الاردنية إذ تمكث هذه الحافلات أياماً حتى تتمكن من دخول الأراضي السورية، الأمر الذي ردته المصادر السورية إلى إجراءات احترازية.

ضغوط خارجية والأردن ينفي

وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني طارق الحموري نفى أن يكون قرار الحكومة الأردنية بمنع استيراد السلع السورية ناتجاً عن ضغوطات خارجية. وبرر الوزير الأردني هذا القرار بأنه جاء بسبب عدم استجابة الجانب السوري لتسهيل دخول المنتجات الأردنية إلى أسواقها.

وأكد الحموري استعداد الأردن إعادة النظر بالقرار وإعادة تسهيل دخول المنتجات السورية إلى السوق الأردنية إذا قام الجانب السوري بتسهيل دخول المنتجات الأردنية إلى أسواقها.

قانون قيصر و الأردن بين نارين

مع دخول قانون “قيصر” الأمريكي للعقوبات علی سوریا حيز التنفيذ ، أصبحت العلاقات الأردنية ـ السورية أمام فجوة جديدة رغم خطوات كثيرة لتحسين مستواها لم تؤت ثمارها، وسط تشكيك الحكومة السورية بمواقف الجانب الأردني تجاه أزمة دخلت عامها العاشر.

هذا القانون یتضمن سلسلة عقوبات اقتصادية ضد سوريا وحلفائها والشركات والأفراد المرتبطين بها، ويستهدف معاقبة سوريا وحرمانها من مصادر التمويل، بهدف الضغط عليها للرضوخ الى الشروط الأمريكية في مفاوضات تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الدائرة بسوريا.

واشنطن تحذر عمّان من التعامل مع دمشق

قانون العقوبات الآمریکی لن يؤثر على سوريا فقط بل سيمتد لهيبه ليطال الأردن، الذي كان يرتبط بعلاقات تجارية كبيرة مع سوريا قبل الحرب، ثم رجعت بشكل “محدود” بعد إعادة فتح المعبر الحدودي بين البلدين (“جابر” على الجانب الأردني و “نصيب” على الجانب السوري) في تشرين الأول 2018.

وکانت واشنطن وعبر ملحقها التجاري بعمان، حذرت الأردن من التعامل تجارياً مع سوريا، وتحمل تبعات ذلك، وبينها تطبيق قانون “قيصر”.

ولكن أعضاء في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان) استنكروا حينها، عبر مذكرة وقعوا عليها، حديث الملحق التجاري الأمريكي، معتبرين إياه تدخلاً سافراً وتعدياً على السيادة الأردنية.

يذكر أن الأردن يرتبط مع سوريا بحدود برية طولها 375 كلم، ما جعل المملكة من بين الدول الأكثر استقبالاً للسوريين، بعدد بلغ 1.3 مليون، نصفهم يحملون صفة “لاجئ”.

وكانت عمان قد أعلنت أواخر كانون الثاني 2019، عن رفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي في دمشق إلى درجة قائم بالأعمال بالإنابة، بعد أن كان يقتصر على موظفين إداريين فقط.

واختار الأردن، منذ بداية الأزمة في سوريا عام 2011، الحياد في مواقفه “المعلنة” إزاء ما يجري، مطالباً في المحافل الدولية بحل سياسي يضمن أمن واستقرار جارته.

وسيلة ضغط على الأردن لأهداف أخرى

يبدو أن الولايات المتحدة تسعى للضغط بكل أدواتها على دول المنطقة، ومن بينها الأردن، لتصفية القضية الفلسطينية وإتمام مخططاتها بالمنطقة، خدمة للعدو الصهيوني”.

ولكن لأردن يدرس قراراته من جميع النواحي، لمحاولة تخفيف الضغط الناجم عن تطبيق تلك القوانين وأثرها المباشر عليه، عبر اتصالات مستمرة مع المسؤولين الأمريكيين، الذين يدركون أن المملكة من أكثر الدول تأثراً بالأزمة في سوريا، وخاصة مع وجود 1.3 سوري على أراضيها”

ولكن الولايات المتحدة تريد من هذا القانون إحكام القبضة الاقتصادية وإضعاف دول المنطقة، وقطع الطريق أمام أي توافق عربي وإسلامي مشترك.

ما حجم التبادل التجاري بين عمان ودمشق؟

دائماٌ ما کانت أمريكا تهدد الأردن بأمور كثيرة، لكن يجب الأخذ بالحسبان أن العلاقة الأردنية ـ السورية لم تعد إلى سابق عهدها قبل الحرب، رغم إعادة فتح الحدود. حیث إن التجارة (بين البلدين) حالياً لم تعد حتى إلى 30% مما كانت عليه سابقاً. ويعاني الأردن أساساً من ظروف اقتصادية صعبة، فاقمتها تداعيات جائحة كورونا، التي دفعته إلى اتخاذ إجراءات احترازية لمكافحة الوباء، أبرزها إغلاق الحدود، ما أثر سلباً على النشاط الاقتصادي في المملكة.

يبدو ان العقوبات التي تهدد بها أمريكا، هي وسيلة ضغط على الأردن لتحقيق مآرب أخرى، وخاصة في ملفات إقليمية معروفة، في مقدمتها القضية الفلسطينية بكل أبعادها. ولكن على الجانبين الأردني والسوري أن يعلموا جيداً أن العلاقات بين الطرفين تصب في مصلحة الطرفين والشعبين الجارين ولا يجب أن يرضخوا للضغوط التي تمارسها واشنطن لضرب هذه العلاقات التي تمتد بجذور تاريخية قديمة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق