المؤتمر الدولي لرفع الحصار عن سوريا؛ الخلفيات والأسباب
قبل ايام قليلة وبدعوة مشتركة من المؤتمر القومي العربي والمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن عبر تطبيق “زوم” شهدنا انعقاد المنتدى العربي الدولي من أجل رفع الحصار وإلغاء العقوبات بحق سورية، ودعا المنتدى إلى إطلاق حملة شعبية عربية ودولية لإنهاء الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على سورية.
ويأتي هذا المنتدى استكمالاً لاجتماع تحضيري انعقد في بيروت في أوائل حزيران 2019 حضره حوالي مئة شخصية وهيئة شعبية عربية واصدر جملة توصيات للمساهمة في اسقاط الحصار.
وفي كلمته خلال المنتدى شدد رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن معن بشور على أن ما يسمى “قانون قيصر” المفروض على سورية يشكل مخالفة لكل شرائع السماء وقوانين الأرض مؤكداً رفض هذا القانون الجائر وأهمية إطلاق حملة شعبية لرفعه.
بدورها اعتبرت الدكتورة بثينة شعبان المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية أنه “لا مبرر لأي حكومة أو طرف بالسكوت عما يمارس من عقوبات جماعية بحق الفلسطينيين والسوريين واليمنيين والعراقيين” مشددة على أن الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة وحصارها للملايين من المدنيين الأبرياء في سورية لا تكتسب أي صفة قانونية أو شرعية ولكنها ظلم القوة العسكرية المهيمنة المستخدمة لقهر شعب آمن مستقر مسالم فتح أبوابه وحضنه لكل من تعرض لظلم عبر التاريخ وكان عضواً مؤسساً للأمم المتحدة وسعى دائماً كي يكون العالم أكثر وئاماً وأمناً واستقراراً.
المؤتمر يأتي في وقت حساس جداً، اذ يشتد خناق العقوبات على الشعب السوري يوما بعد يوم، لاسيما وان الاحتلال الامريكي لا يزال يتواجد على الارض السورية وينهب خياراتها من ثروات باطنية ومحاصيل زراعية، ورغم احتلاله وسرقاته التي لا تعد ولا تحصى يعاقب الشعب السوري ويحرمه من أبسط حاجياته ويطبق الخناق عليه يوما بعد يوم في محاولة لدفعه للاستسلام والانقلاب على الدولة السورية في اللحظات الاخيرة، على اعتبار ان دمشق تمكنت من دحر الارهاب خلال السنوات الماضية وهذا الامر غير مرضي اطلاقا للولايات المتحدة الامريكية والغرب عموما، لأن ذلك يعني اعادة الاستقرار وهذا آخر ما تريده واشنطن، لذلك لم يعد أمامها اي حل سوى تجويع الشعب السوري بعد أن فشلت جميع مخططاتها العسكرية.
من هنا يكسب هذا المؤتمر أهمية كبرى على اعتبار أنه يضم مئات الشخصيات العربية والدولية، من عدد من الدول والأحزاب والاتحادات والهيئات الشعبية العربية والدولية ومن القارات الخمس، وهذا الأمر يساهم في ايصال صورة واضحة وحقيقية عما يعانيه الشعب السوري في ظل وجود الاحتلال الامريكي على اراضيه وتكالب الغرب على حصار سوريا.
من يعاقب السوريين؟
مع بداية الأحداث في سوريا مطلع العام 2011، سارعت الدول الغربية إلى إنشاء ما عرف حينها بمجموعة “أصدقاء الشعب السوري”، وهي مجموعة دول عربية وأوروبية، إضافة إلى أميركا. أقرت هذه الدول حزمة عقوبات على دمشق، بهدف إحداث شلل كامل في بنية الاقتصاد السوري، وبررت قرارها حينها بأن الهدف هو شل قدرة النظام على مواجهة من أسموهم بـ”الثوار”.
في نيسان/أبريل 2011، أقرت العقوبات الأوروبية على سوريا. أعلن الاتحاد الأوروبي، وبشكل تدريجي، أكثر من 15 حزمة عقوبات، بدأها بحظر السلاح، إضافة إلى عقوبات على القطاع النفطي الحيوي للبلاد، كما ألزمت دول الاتحاد بتفتيش كل السفن والطائرات التي يعتقد أنها متجهة إلى سوريا، لمنعها من حمل كل ما أقرته العقوبات إليها.
من جهتها، فرضت الجامعة العربية جملة من العقوبات تمثلت في حظر أي استثمار عربي في سوريا، وتشديد التعاملات مع البنك المركزي، ومراقبة التحويلات المصرفية والاعتمادات التجارية.
لم تحظَ العقوبات العربية والغربية بإجماع عربي، وسعت بعض الجهات في لبنان إلى الحفاظ على علاقتها بسوريا، كما امتنع العراق والجزائر عن تطبيقها، ما مكن البلاد من تأمين الحد الأدنى من حاجات المواطن.
في تموز/يوليو 2019، ظهرت أولى بوادر العقوبات القاسية التي تتجه الدول الأوروبية لتطبيقها على سوريا. أعلنت شرطة ما يعرف بحكومة جبل طارق التابعة لبريطانيا أنها أوقفت ناقلة نفط إيرانية متجهة إليها، وبررت الأمر بأنه تطبيق للعقوبات الأوروبية المفروضة عليها.
ردت حينها طهران باحتجاز ناقلة نفط بريطانية في منطقة الخليج، ما خلق أزمة بين إيران وأوروبا. لم تفرج طهران عن الناقلة البريطانية إلا بعد أن أفرجت بريطانيا عن الناقلة الإيرانية التي تابعت مسيرها إلى قبالة السواحل السورية، وأفرغت الحمولة عبر قوارب صغيرة.
بالعودة إلى قانون قيصر يجب أن نقول أن هذا القانون هو المثال الصارخ للحرب الاقتصادية الارهابية من وجهة نظر باحثون متخصصون في الشؤون الدولية ونواب الضغط على سوريا وحلفاءها والشعب السوري خصوصا كما يستهدف تعطيل خطة اعادة اعمار سوريا وعزلها عن محيطها الطبيعي لان دور سوريا القومي هو دور متميز وهي عقدة التوازنات في المنطقة.
ان سوريا وحلف المقاومة استطاع ان يحقق انتصارات جلية ضد الارهاب في سوريا بالاضافة الى تحقيق تطور هام على المستوى الاقتصادي فهناك علاقات اقتصادية قوية تربط سوريا بايران وروسيا والصين ولبنان والعراق كما ان سوريا تعد بوابة طريق الحرير.
أما هدف امريكا من الضغط على سوريا وحلفائها هو تحقيق بعض مصالحها التي تتقاطع مع مصالح الكيان الاسرائيلي. وإن هذه الضغوط التي تمارسها واشنطن تريد ان تبعث من خلالها برسالة ان اي تسوية مقبلة في سوريا لن تتم الا اذا اخذ بعين الاعتبار المصالح الامريكية في المنطقة وعلى رأس هذه المصالح امن وبقاء الكيان الاسرائيلي وان تجبر سوريا بالجلوس على طاولة المفاوضات للتفاوض على الجولان المحتل وصفقة ترامب .لذلك فان الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة هي للتذكير دائما ان العامل الاسرائيلي يجب ان يكون موجود في اي تسوية مستقبلية.
المصدر/ الوقت