كيف تغيِّر الانتفاضة الجديدة معادلات فلسطين المحتلة
مع بدء موجة جديدة من الانتفاضة الفلسطينية ضد جرائم الاحتلال الصهيوني في القدس في الأيام الأخيرة، أصبح هناك شعور قوي باحتمال اندلاع انتفاضة جديدة، الأمر الذي أرعب قادة الصهاينة.
إن الصهاينة المدعومين بالأجواء التي خلقتها اتفاقيات تطبيع العلاقات مع الأنظمة العربية الخائنة والتابعة والسعيدة بدعم الغرب، قد صعَّدوا من التعدي على الأراضي الفلسطينية والإجراءات القمعية لتهويد القدس، ولکن يجدون أنفسهم الآن في ورطة كبيرة في مواجهة فورة غضب الفلسطينيين والشعوب الإسلامية الأخرى، وإذا تشكلت الانتفاضة الجديدة واستمرت، فقد تنهي الفصل الأسود للاحتلال والقصة الطويلة لمعاناة الشعب الفلسطيني.
فلسطين بالکامل جاهزة للانتفاضة
لقد أظهرت التجربة التاريخية بوضوح أنه كلما قاوم الشعب الفلسطيني الصهاينة بشکل موحد، بغض النظر عن الخلافات السياسية والأيديولوجية، كانت النتيجة النهائية لهذه المقاومة والنضال هي انتصار فلسطين وتراجع وهزيمة الکيان الصهيوني.
ويمكن رؤية المثال الأخير على ذلك في قضية صفقة القرن، والتي أدت فيها وحدة الفلسطينيين ضد هذه الخطة الغادرة والخطيرة، على الرغم من الاستعدادات الكبيرة لتنفيذ هذه المؤامرة، إلى هزيمتها بشكل كامل، فذهبت هذه الخطة إلی مزبلة التاريخ إلى الأبد.
لقد كشفت التطورات الأخيرة عن الغضب الفلسطيني الذي کان کالنار تحت الرماد للتمسك بخيار المقاومة والانتفاضة، التي اندلعت بعد تطورات القدس، وأظهرت أن الضفة الغربية والفلسطينيين في الأراضي المحتلة، مثل قطاع غزة، هم على استعداد لمواجهة الصهاينة.
كانت رسالة تطورات القدس هي الوحدة الوطنية للفلسطينيين للدفاع عن أرضهم وقيمهم الدينية والوطنية، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية؛ ونظراً لتفشي الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الکيان الصهيوني، فإنها تبشر بقدوم فترة من التطورات الإيجابية في مسار تحرير الشعب الفلسطيني.
الواقع أن التطورات في القدس حولت نوم الأعداء وخونة القضية الفلسطينية لفترة ما بعد التطبيع إلى كابوس لهم؛ وانتفاضة القدس کعاصفة شديدة قد حطَّمت سفينة التطبيع في بداية رحلتها.
إنتفاضة الصواريخ
إن إحدى العلامات الواعدة لنجاح تشكيل انتفاضة فلسطينية جديدة ستكون في شكل وطريقة المواجهة مع الصهاينة، وهو أمر بالغ الأهمية.
الفلسطينيون، وخاصةً في قطاع غزة، لديهم الآن أسلحة قوية واستراتيجية وقوة عسكرية محنكة وقوية وذات خبرة بدلاً من الحجارة، وقد أثبتوا في السنوات الماضية فاعليتهم في إيقاف آلة الحرب الصهيونية وفرض هزائم متتالية على الجيش الصهيوني.
وفي الأيام الأخيرة، فإن الهجمات الصاروخية من قطاع غزة على عمق الأراضي المحتلة، قد أشاعت ظلالاً من انعدام الأمن والرعب على المدن الصهيونية.
وبالإضافة إلى الضربات العسكرية المكثفة على كعب أخيل الکيان الصهيوني، أدت هذه الهجمات دائمًا إلى تشكيل وتكثيف الأزمات السياسية في تل أبيب بسبب فشل أنظمة الدفاع المكلفة للکيان في صد هذه الهجمات.
وعليه، فإن تشكيل انتفاضة جديدة سيكون بالتأكيد قادرًا على قلب المعادلة الحالية بين فلسطين وکيان الاحتلال، وخاصةً في الضفة الغربية، واستعادة الثقة بالنفس لسكان الضفة الغربية، الذين لديهم تاريخ حافل بالكفاح المسلح والانتفاضة.
تحالف المقاومة والانتفاضة
البعد الجديد الآخر للانتفاضة الفلسطينية، والذي ظهرت بوادره بوضوح في الأيام الأخيرة، هو أن الشعب الفلسطيني ليس وحده في انتفاضته ضد الصهاينة.
حيث وقفت فصائل المقاومة بشکل موحد وقوي خلال الأيام الماضية لحماية قضية القدس التي تشکل الخط الأحمر، والاستعداد للقتال إلى جانب إخوانهم وأخواتهم الفلسطينيين.
إن هندسة القوة في المنطقة تتغير بشكل كبير، وتعزيز المقاومة الإسلامية في المنطقة وإضعاف جبهة المساومين ودعاة التسوية وتحطيم الجدران الأمنية للکيان الصهيوني، هي السمات الرئيسية للنظام الأمني الجديد في المنطقة.
لا شك أن فلسطين لن تكون وحدها في الانتفاضة الجديدة، وسوف يرى الصهاينة آثار توسيع حزام المقاومة الأمني حول حدودهم.
المصدر/ الوقت