التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 7, 2024

أبواق الأنظمة المُطبعة تشنّ حرباً إعلاميّة ضد فلسطين.. هل تنجح 

أن ينحاز الإعلام الأمريكيّ والغربي بشكل فاضح إلى العدو الصهيونيّ فهذا أمر طبيعيّ جداً باعتبار أنّ الكيان يُمثل المصالح الأمريكيّة والغربيّة ويفصل شرق الوطن العربيّ عن مغربه، ولكن من المعيب أن تنخرط بعض وسائل الإعلام العربية التابعة للأنظمة المُطبعة (سراً وعلانية) في تغطية العدوان على الفلسطينيين، لدرجة أنّها ساوت بين الجلّاد والضحية واستعمال مفردات لا تليق بالقضية وأبطالها، من قبيل “قتلى فلسطينيون” بدل “شهداء”، أو “الجيش الإسرائيلي” عوضاً عن “جيش الاحتلال أو قوات العدو”، أو “وقف إطلاق النار بين فلسطين وإسرائيل”، وكما يعلم المختصون في المجال الإعلاميّ فإنّ تلك القنوات الممولة من الأنظمة المُطبعة هي التي تُحدد ما يعرف بـ “سياسة الوسيلة الإعلاميّة”.

بمعنى آخر، إنّ حرب المصطلحات التي تخوضها القنوات الإخباريّة التابعة لعواصم العمالة والخيانة، ليست سوى “أداة إعلاميّة” بعيدة عن الحياد وتمثل في جوهرها سياسة ومواقف بعض البدان العربية التي أُدخلت في حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع العدو الغاشم، لجعل “دولة إسرائيل” اللقيطة مقبولة بين الشعوب العربية ونزع القدسية الدينيّة والقوميّة عن القضية الفلسطينيّة وتقديمها للمشاهد على أنها نزاع من ضمن النزاعات في العالم.

وإنّ أكثر ما يقلل من مصداقية تلك المحطات هو استخفافها المريب بعقل المشاهد وهذا لا يمكن وصفه إلا بـ “السقوط الإعلاميّ المدوي”، فالمشاهد يميز ببساطة شديدة القناة التي تناصر قضيته العادلة من سواها، ولا يمكن أن يبرر محاولة جعل “الشهيد” الذي استمات في الدفاع عن أرضه أو قُتل وهو مرابط في منزله ضمن مدينته المحاصرة “قتيلاً”، لزرع الشك والريبة في الإجماع العربيّ والإسلاميّ حول قدسية ومركزيّة القضية الفلسطينية.

وتستخدم “أبواق” أنظمة التطبيع واحدة من المغالطات المنطقيّة التي ترتكبها كثير من وسائل الإعلام بحق المتابعين من خلال تكرارها بشكل مستمر لشعار أو فكرة ما، لتحويل تلك الأفكار المُسيسة إلى ما يمكن اعتباره حقيقة ثابتة لتستقر في وعي المتلقي وضميره، وهو ما يسمى في علم المنطق بمغالطة التكرار “Argument by repetition”، ويرى مختصون إعلاميون أن هذا الأسلوب من شأنه أن يُؤتي أُكُله بشكل كبير في حالة سيطرة الدولة أو النخبة الحاكمة أو مجموعة المصالح أو جماعة أيديولوجية على وسائل الإعلام وإحكام قبضتها عليها فيغيب الرأي الآخر ويضمحل لتتدفق المعلومات والآراء في اتجاه واحد، ومن ثم تكتسب المغالطة بكثرة تكرارها وإلحاحها وضعًا أقرب للمسلمة أو البديهية أو الأطروحة التأسيسية التي لا يجوز مساءلتها أو الاقتراب منها أو التشكيك في صحتها ومصداقيتها.

بناء على ما ذُكر، كانت مهمّة إعلام الخيانة، تركز على تضليل المُتلقّين بعبارات توافق سياسة الأنظمة الممولة، ولجأت إلى تصوير العدوان على غزة وتدمير الأبراج السكنية فوق رؤوس ساكنيها على أنه مُجرد “حرب في غزة” أو “تصعيد إسرائيليّ” أو “ردّ على الصواريخ الفلسطينيّة” التي أُطلقت بالأساس عقب إجراميّ صهيونيّ استمر لأيام بعد المحاولات الفاشلة في سلب منازل الفلسطينيين في القدس.

وقد ضربت وسائل الإعلام تلك كل الأصول الأخلاقيّة والمهنيّة عرض الحائط، وتناست أنّ الاحتلال الصهيونيّ الإرهابيّ يستخدم قوته التدميريّة لإبادة الشعب الفلسطيني واحتلال أراضيهم وتدمير مقدساتهم، وهنا يجب على المتلقي أخذ الحذر من المغالطات التي تستخدمها تلك الوسائل وبنيتها الداخلية وآلية عملها، فوسائل الإعلام العميلة إما أنها تخدع المشاهد بهذا التكرار عبر تزييف الحقائق ومن ثم تريد غرس هذا الزيف الذي تروج له في وجدانه، أو أنها تريد التعمية على قضية مركزيّة أخرى عبر توريطه والقذف به داخل غابة كثيفة ومتشابكة الأشجار من التكرار بحيث يستحيل عليه الإفلات من براثنها فيبقى حبيس أطروحاتها ومفرداتها لتموت القضية المركزية في عقله وضميره ومن ثم في العقل والضمير الجمعيّ لسائر الجماهير.

في النهاية، ستفشل بالتأكيد محاولات التشويه التي تمارسها بعض وسائل الإعلام العربية المنخرطة في مشاريع التطبيع المُذلة، لأنّها تجهل مدى خصوصيّة فلسطين بالنسبة للعرب والمسلمين من جهة، ولأنّها تمارس سياسة “استغباء المشاهد” في أشد القضايا حساسيّة بالنسبة له، والدليل هو التضامن الشعبيّ العربيّ والإسلاميّ الواسع مع فلسطين، والذي ضم نشطاء وفنانين ومشاهير، من خلال منصات التواصل الاجتماعيّ، والذي أظهر الأنظمة المُطبعة على حقيقتها البشعة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق