التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, أكتوبر 9, 2024

أسباب إعادة تدوير عجلة التوتر في العلاقات اللبنانية السعودية 

أحدث لقاء وزير الخارجية اللبناني مع قناة الحرة الأمريكية جولة جديدة من التوتر في العلاقات بين بيروت والرياض. حيث دافع وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، في مقابلة متلفزة، عن دور القوة العسكرية لحزب الله في مواجهة توسع الكيان الصهيوني وعدائيته ردا على تساؤلات المضيف المنحازة والموجهة حول سلاح المقاومة، ومن ناحية أخرى، انتقد بشدة سياسات الدول العربية، التي تسمي نفسها بالصديقة، والتي خلقت داعش. وقال: “المرحلة الثانية كانت عندما وصلت الدول الشقيقة والصديقة لداعش إلى السلطة من أجلنا وبدعمها المالي طورت هذه المجموعة الإرهابية في سهول نينوى والأنبار وتدمر (سوريا)”.

لكن في الجزء الأهم من هذه المقابلة التلفزيونية، كان العمل غير المهني خارج البروتوكولات الإعلامية الرسمية لشبكة الحرة التي قامت بدعوة خبير سعودي للمثول امام وزير الخارجية اللبناني وإهانة الرئيس اللبناني ميشيل عون، ورد وهبة أيضا منتقدا سياسة الرياض قائلاً: “من قتل خاشقجي في اسطنبول ليس له الحق في الحديث بهذه الطريقة”.

أصداء بيانات وزير الخارجية الواسعة على المستوى الداخلي

أثارت تصريحات وهبة موجة من ردود الفعل داخل لبنان.

وقد تبرأ الرئيس اللبناني ميشل عون، في بيان له، من تصريحات وهبة، قائلاً: “أقوال وهبة هي رأيه الشخصي وليست تعبر عن موقف لبنان إطلاقاً، وأنا خالف أي اهانة تتوجه الى الدول الشقيقة والصديقة، بما فيها السعودية، ولا سيما دول الخليج الفارسي.

وشدد الرئيس اللبناني على عمق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج وعلى رأسها رغبة السعودية ورغبة بيروت في استمرار هذه العلاقات وتعزيزها في كل المجالات، وقال: “أثارت بعض أقوال وهبه ردود فعل ومواقف سياسية كان الهدف منها الاخلال بالعلاقات بين لبنان وإخوانه العرب.

الى ذلك اعتذر وهبه يوم الثلاثاء قائلا إنه لم يكن ينوي مضايقة “الدول العربية الشقيقة” وإن تصريحاته أسيء فهمها.

وقال رئيس الوزراء اللبناني المستقيل حسان دياب إنه طلب من وهبه تفسيرا لذلك، مضيفا إن بلاده حريصة على الحفاظ على “أفضل العلاقات” مع السعودية والدول الخليجية.

كما انتقد رئيس الوزراء الحالي سعد الحريري -الذي يدين بالكثير من ثروة عائلته لدعم السعودية- وهبه قائلاً إن تصريحاته “لا تتماشى مع الأعراف الدبلوماسية”.

رد فعل في مجلس التعاون

من جهة أخرى، قوبلت تصريحات وزير الخارجية اللبناني بردود فعل انتقادية بين الدول العربية في الخليج الفارسي.

واستدعت السعودية السفير اللبناني لدى المملكة يوم الثلاثاء احتجاجا على التصريحات “المهينة” لوزير خارجيتها.

ونددت الخارجية السعودية في بيان لها بشدة بتصريحات وهبه “المهينة” قائلة إنها “تتعارض مع أبسط الأعراف الدبلوماسية”.

وفي بيان منفصل، دعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجراف وهبه إلى تقديم اعتذار رسمي للدول الخليجية عن تصريحاته “غير المقبولة” حسب وصفه.

كما استدعت وزارة الخارجية الكويتية القائم بالأعمال في السفارة اللبنانية في بيان يوم الثلاثاء لتسليم مذكرة رسمية احتجاجا على “الإهانة” التي قامن بها وزير الخارجية اللبناني، كما اتخذت الإمارات والبحرين خطوات مماثلة.

هذا واستدعت الإمارات السفير اللبناني واستنكرت تصريحات شربل وهبة، معتبرة أن تصريحات وزير الخارجية اللبناني ضد الدول الخليجية “مخزية وعنصرية”.

كما استدعت البحرين السفير اللبناني في المنامة وقالت إن تصريحات وزير الخارجية اللبناني تتعارض مع “الأعراف الدبلوماسية” و “العلاقات الأخوية” بين البلدين.

لبنان المرهقة من وقع الازمات الخارجية

شهدت العلاقات بين السعودية ولبنان توتراً في السنوات الأخيرة. السعودية، التي لطالما اعتبرت نفسها أحد الفاعلين المؤثرين في التطورات في لبنان ولها علاقات وثيقة مع بعض الفصائل السياسية اللبنانية، لكن مع توسع عملية تعزيز المقاومة في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية في هذا البلد المهم والجيوستراتيجي في العقدين الماضيين، استبدلت الرياض النهج الداعم للماضي بميل إلى قطع الدعم السابق وتصعيد الأزمة. في حين أن المجتمع اللبناني الفسيفسائي المتنوع من حيث الهوية ووجود آلية ديمقراطية تشاركية في الدستور قد وفر أرضا خصبة لعدم الاستقرار السياسي، ولا سيما فيما يتعلق بتشكيل حكومات مستقرة، فقد كان هذا ذريعة للجهات الفاعلة الاجنبية في السنوات الأخيرة، للتدخل وعداء المقاومة، مثل السعودية، لإعادة تدوير عجلة الأزمة في لبنان وإدامتها.

وفي حين أن الأزمة الاقتصادية في السنوات الأخيرة جعلت لبنان من أكثر البلدان مديونية في العالم، وتضررت الظروف المعيشية بشدة بسبب التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية وعدم قدرة البنوك على سداد ودائع الناس، زادت الأزمة السياسية الناشئة من ضغط الرياض على الجماعات اللبنانية، من اجل عدم التحالف مع حزب الله والمقاومة لتشكيل الحكومة، الى ذلك فاقم ايضا الوضع السياسي في البلاد من مشاكل لبنان ووضع البلد على شفا الانهيار.

وكانت السعودية أعلنت الشهر الماضي بذريعة تهريب المخدرات أنها ستعلق استيراد الفاكهة والخضروات من لبنان، ومن ناحية أخرى تضغط على الحكومة العراقية لعدم استضافة رئيس الوزراء حسان دياب حتى تفشل حكومة دياب في حل المشاكل الاقتصادية.

وفي ظل هذه الظروف، تعكس تصريحات وزير الخارجية اللبناني بطبيعة الحال نظرة الجمهور السلبية إلى التدخل السعودي في لبنان.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق