التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 7, 2024

قراءة استراتيجية في رسالة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية إلی الشعب الفلسطيني بعد انتصار المقاومة 

بقبول الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار، أضيفت ملحمة الانتصار في حرب الـ 12 يومًا على غزة إلى السجل الرائع والناجح للمقاومة الفلسطينية ضد الکيان الصهيوني القاتل للأطفال؛ حتى يتسنى للفلسطينيين والأمة الإسلامية أن يشهدوا مرةً أخرى تحقيق الوعد الإلهي بانتصار جبهة الحق على الباطل والتدمير الكامل للکيان الصهيوني، الأمر الذي أعلنه قبل سنوات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية.

الآن وقد أصبح الشعب الفلسطيني أكثر أملًا بالمستقبل، أكد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، في رسالة تهنئة للشعب الفلسطيني، على قضايا مهمة للغاية يمكن أن تكون منارةً للنضال حتى تحقيق الأهداف. وفيما يلي، سنشير إلی أهم القضايا التي وردت في رسالة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية.

في جزء من رسالته للشعب الفلسطيني، أشار المرشد الأعلى إلى عجز العدو الصهيوني المتوحش أمام الانتفاضة الفلسطينية الموحدة، وقال: “أظهر اختبار التعاون بين القدس والضفة الغربية مع غزة والأراضي الـ 48 والمخيمات، الاستراتيجية المستقبلية للفلسطينيين.”

من المؤكد أن إحدى السمات المميزة للحرب الأخيرة عن الحروب الأخرى بين غزة والکيان الصهيوني، كانت وحدة انتفاضة الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، وحتى أبعد من ذلك النازحين الفلسطينيين في مخيمات الدول المجاورة لفلسطين في الأردن ولبنان وسوريا.

لقد اندلعت الحرب الأخيرة بسبب الخطأ الاستراتيجي للکيان الصهيوني في توسيع احتلاله نحو القدس وتطهيرها من الفلسطينيين، وخاصةً في منطقة الشيخ جراح، وهو ما جاء نتيجةً لفهمه الخاطئ للوضع الإقليمي(بعد تشكيل عملية التسوية) وقوة المقاومة الفلسطينية.

في الواقع، لم يعتقد الصهاينة أبدًا أن مقاومة غزة ستحمل السلاح للدفاع عن مواطنيها في الضفة الغربية، وخاصةً في القدس. حتى أن انتفاضة القدس استطاعت جلب الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة عام 1948 إلی الميدان، الذين تصوَّر الصهاينة أنهم قد اندمجوا في المجتمع الصهيوني ونسوا هويتهم، مما تسبب في إزعاج كبير للجبهة الداخلية للکيان الإسرائيلي.

وهذا يدل على أن الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة لم يحتفظوا بهويتهم الفلسطينية فحسب، بل ظلوا ملتزمين بشكل أساسي بتطلعات الشعب الفلسطيني، ولديهم إمكانات كبيرة لمواصلة النضال حتى التحرير الكامل لفلسطين. وكانت ضربة هذا التحالف للهيکل الأمني ​​للکيان الصهيوني شديدةً، لدرجة أن الصهاينة كانوا يعدون اللحظات للوصول إلى وقف إطلاق النار.

ولا شك أن هذا التحالف التاريخي المجيد أصبح نقطة تحول في نضال الشعب الفلسطيني ضد الکيان الصهيوني المحتل، وأثبت جيدًا أنه إذا توحد الفلسطينيون، فيمكنهم إجبار الصهاينة على التراجع وقبول الهزيمة في أي نضال. وهذه حقيقة يعتبرها المرشد الأعلی للثورة الإسلامية الإيرانية على أنها الحل المستقبلي للفلسطينيين، من نظرته الثاقبة.

وفي جزء آخر من رسالة المرشد الأعلی إلی الشعب الفلسطيني، وعد الفلسطينيين بأن “استعداد الشباب الفلسطيني، واستعراض الجماعات الجهادية القيمة لقدراتها، والإعداد المستمر للقوة، سيجعل فلسطين أقوى يوما بعد يوم، والعدو المغتصب أضعف وأضعف يوماً بعد يوم”.

اليوم، المعادلة الفلسطينية لا تضاهى بأي حقبة أخرى، من حيث تعزيز القوة القتالية للفلسطينيين. واليوم، في ظل اتباع استراتيجية المقاومة الإسلامية ضد الصهاينة، لم يعد الفلسطينيون خاليي الوفاض، وليسوا مضطرين للدفاع عن أنفسهم ضد دبابات ومدفعية العدو بالحجارة.

والمقاومة في قطاع غزة ليس فقط مجهزة بصواريخ دقيقة عالية القوة وطائرات مسيرة هجومية لتحدي أمن الکيان الصهيوني، بل الأهم من ذلك أنها قد اكتسبت التكنولوجيا اللازمة لتصنيع هذه الأسلحة.

اليوم، نشهد توازن الرعب بين المقاومة والکيان الصهيوني، وقد انتهى زمن الهجمات الصهيونية من جانب واحد. وعلى العكس من ذلك، خلال هذه الفترة نفسها، يمكننا أن نرى أدلةً على زوال الصهاينة بشکل واضح وجلي.

اليوم، لم يعد هنالك أثر لأسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يُقهر، والذي هزم الجيوش العربية في غضون أيام قليلة؛ وقد تغلب اليأس على الهيکل العسكري للکيان الإسرائيلي.

وإذا نظرنا إلى تشكيل هذا الوضع في مسار تاريخي، فإننا نرى أنه قبل أربعة عقود، مع انتصار ثورة الإمام الخميني، تشكل خطاب المقاومة الإسلامية في المنطقة، ونفخت حياة جديدة في النضال التاريخي للشعب الفلسطيني؛ مرحلةٌ قلما تصوَّر أحد الوصول إليها.

والآن أيضًا، باتباع طريق المقاومة، من المؤکد أن المستقبل سيكون مشرقًا ومفعمًا بالأمل للشعب الفلسطيني، وأكثر هوانًا وذلةً للصهاينة.

ثم اعتبر المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية في رسالته، أن المستوطنين الصهاينة هم مرتزقة هذا الکيان؛ وقدَّم بوضوح حلاً لواحدة من أكثر القضايا إثارةً للجدل في القضية الفلسطينية.

على مدى العقود الماضية، كلما كان هناك حديث عن تحرير فلسطين وحل ديمقراطي للقضية الفلسطينية، كان موضوع مستقبل المستوطنين عاملاً في تضليل الرأي العام العالمي؛ وخاصةً بين الشعوب الإسلامية على أيدي وسائل الإعلام الغربية والعربية.

في الواقع، عندما يقال إنه يجب إعادة فلسطين إلى أصحابها الأصليين؛ فإن مسألة مستقبل أولئك الذين تم تهجيرهم من جميع أنحاء العالم إلى هذه المنطقة، مع وعود بالازدهار الخيالي وكسب رأس المال وحتى استخدام القوة والتهديدات من قبل الحركة الصهيونية العالمية، ليس لها أساس ديمقراطي على الإطلاق.

حتى أن الكثير من هؤلاء لا يزالون يعتبرون أنفسهم ينتمون إلى مكان آخر غير إسرائيل، وإذا تركت لهم الحرية في اختيار مكان إقامتهم، فسيعودون إلى وطنهم.

وعليه، فإن مستقبل فلسطين ليس للمستوطنين، بل هم جيش من المرتزقة اغتصب أرض فلسطين لتبرير القمع والاحتلال. في هذه الأثناء، بطبيعة الحال، لليهود والمسيحيين من أصل فلسطيني، إلى جانب المسلمين الفلسطينيين، حق تقرير مستقبلهم بأنفسهم.

وفي جزء آخر من رسالة التهنئة التي وجهها إلى الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية، أشار المرشد الأعلی السيد خامنئي إلی مهمتين تقعان علی عاتق الشعوب والدول الإسلامية.

الأولی، يجب على الدول الإسلامية أن تتصرف بناءً علی الواجب الديني لتقديم الدعم العسكري والمالي للشعب الفلسطيني وإعادة بناء أنقاض الحرب، ويجب على الشعوب الإسلامية أن تطالب الحكومات بهذا المطلب.

ومن المؤسف أن بعض الدول الإسلامية، التي كانت تدعم في الماضي الشعب الفلسطيني وتقود العالمين الإسلامي والعربي، أصبحت هي نفسها الآن أداةً للمضي قدماً بالمخططات الغربية والصهيونية. وفي ظل هذه الظروف، فإن ضغط الرأي العام للشعوب الإسلامية ضروري للغاية لإجبار رجال الدولة هؤلاء على دعم القضية الفلسطينية وتجنب التسوية.

والمهمة الأخرى في نظر المرشد الأعلى للثورة، والتي تخاطب الضمير الدولي اليقظ حتى خارج إطار الأمة الإسلامية، هي متابعة معاقبة الحكومة الصهيونية الإرهابية والسفاکة وجميع العناصر المؤثرة في هذا الکيان ونتنياهو المجرم شخصياً في المحاكم الدولية والمستقلة.

لا شك أنه بسبب انفجار عصر المعلومات والاتصالات، فإن الوعي العالمي بواقع المشهد الفلسطيني آخذ في الازدياد، ولم يعد بإمكان الصهاينة وأنصارهم استبدال مکان القاتل والضحية بسهولة، وخداع الرأي العام.

اليوم، في قلب أوروبا والولايات المتحدة، تسمع أصوات دعم لفلسطين ومقاطعة إسرائيل أعلى من أي وقت مضى، وهذا ما يعزز الرغبة في معاقبة قادة الكيان الصهيوني وداعميه على جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق