التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

هل نجم الصهيونية في الغرب في أفول 

من أهم الأحداث غير المسبوقة في حرب الـ11 يومًا الأخيرة على فلسطين وأبرزها مقارنة بالحروب السابقة، رد الفعل العالمي النقدي المتزايد على النظام الصهيوني ودعمه للفلسطينيين، خاصة في الغرب، وبواسطة الرأي العام وأحيانا السياسيين الغربيين. خلال الحرب، لم تكن هناك احتجاجات واسعة النطاق فقط لدعم الشعب الفلسطيني وقطاع غزة في الغرب على الرغم من قيود فيروس كرونا، ولكننا رأينا أيضًا مسؤولين وسياسيين غربيين يتخذون مواقف غير مسبوقة وأحيانًا متطرفة ضد الصهاينة. هذا تطور مهم للغاية في الوقت الذي يهيمن فيه الإعلام الصهيوني على الغرب وتواصل اللوبيات الصهيونية الهيمنة على الأنظمة السياسية الغربية والتأثير على الأسواق الاقتصادية هناك، بالإضافة إلى العمل الجهيد لتشويه الحقيقة حول طبيعة هذا النظام للرأي العام الغربي، وهناك عقوبات صارمة لكل من يشكك بحدوث أسطورة الهولوكوست. الآن، مع هذه العلامات، يجب على المرء أن يسأل هل نجم حظ الصهاينة آخذ في الأفول في المجتمعات الغربية؟

الصهيونية ليست يهودية

إن أهم تطور في فهم العالم، وخاصة بين الرأي العام الغربي للنظام الصهيوني، هو الوعي المتزايد بعدم المساواة في الأيديولوجية الإمبريالية والاستعمارية للصهيونية من جهة، وبين اليهودية كدين وفقًا لتعاليم النبي موسى عليه السلام من جهة أُخرى. لم يكن ميلاد الأيديولوجية الصهيونية في ذروة التنافس بين القوى الأوروبية على المستعمرات حول العالم، وخاصة في المنطقة العربية الواقعة تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية، من قبيل الصدفة. في وقت لاحق، استخدم الغربيون أجواء ما بعد الحرب العالمية الثانية وخصوصاً أسطورة الهولوكوست ومذبحة 6 ملايين يهودي في غرف الغاز من قبل ألمانيا النازية، وواصلوا مشروع إعادة توطين اليهود في فلسطين لتشكيل الدولة الصهيونية، ومن ثم فسح المجال لتدخلهم في هذه المنطقة الاستراتيجية الغنية بالنفط. في الواقع، الصهيونية مشروع سياسي له أهداف جيوسياسية بحتة لحماية مصالح الغرب. على مدى العقود الماضية، حرّمت الأنظمة الغربية الحق في حرية التعبير لانتقاد الصهيونية بذريعة معاداة السامية والعنصرية، وشوهت الحقيقة بتثقيف المواطنين على أساس أفكار تساوي بين الصهيونية واليهودية. ولكن ومع التوسع في استخدام وسائل الإعلام على الإنترنت والشبكات الاجتماعية الافتراضية، ظهر صوت منتقديها مسموعًا بشكل أكثر وضوحًا على الرغم من كل الجهود المدروسة والمكلفة في قلب حقيقة الكيان الصهيوني أمام الرأي العام الغربي.

وفي سياق متصل، قال الحاخام اليهودي ” یسرول دوید ویس” المعروف باسم “هاردی” في مقابلة مع التلفزيون الروسي الحكومي “الصهيونية هي تحول اليهودية من دين ومن طاعة لله إلى مفهوم مادي للقومية، هذا غير مقبول لمن يريدون خدمة الله، لخلق هذه القومية، يزيلون الله من المعادلة”. وقال أيضاً، “حذرنا الأنبياء من أننا سنطرد من الأرض المقدسة، وقد حدث هذا مع تدمير الهيكل [في القدس] قبل 2000 سنة؛ يجب ألا نعود بأعداد كبيرة – يجب أن نُصر على المنفى- ويجب ألا نثور على أي أمة نعيش فيها، يجب أن نكون مواطنين مخلصين ونصلي من أجل رفاهية الأرض التي تستضيفنا، يجب ألا نحاول أبدًا إنهاء الترحيل. “

في الواقع، هذه المجموعات من اليهود، الذين لا تسمع أصواتهم من قبل وسائل الإعلام الكبرى والمنابر السياسية بسبب تأثير الصهيونية في الغرب، يريدون أن يفهم الناس حقيقة أن هناك فرقًا جوهريًا بين الصهيونية واليهودية. وقال الحاخام “ویس”: “إنهم يزعمون للعالم أنهم يفعلون إرادة الله، حتى يتهم كل من يجرؤ على التحدث ضدهم بأنه معاد للسامية، هذا سخيف وكارثي، لأنهم لا يتبعون التوراة”. وقال الحاخام ویس إنه لا يخشى الإعلان عن لقاء مع قادة حماس وحزب الله اللبناني. فقيادة حماس تقول أنهم ليس لديهم مشكلة مع اليهود وتريد أن نعيش معا. حماس وحزب الله يريدان الإطاحة بالحكومة الصهيونية بصورة سلمية، ونحن نريد نفس الشيء. نحن نفهم أن المشكلة الرئيسية ليست حماس، القضية هي أنه في عام 1948 تم بناء وحشٍ يسمى النظام الصهيوني لإسرائيل، وجاء واحتل أرضًا الآخرين، كل ما يحدث من الفلسطينيين هو مجرد رد فعل على هذا الظلم الرهيب”. بالتأكيد، فإن الترويج للواقع الذي يخشى الصهاينة ورجال الدولة الغربيون التعبير عنه؛ سيؤثر بمرور الوقت على اتجاه الرأي العام الغربي في التمييز بين اليهودية والإيديولوجية الإمبريالية للصهيونية، كما يمكن رؤيته الآن في تأييده للمنظمات غير الحكومية والتجمعات المؤيدة لفلسطين.

لم يعد من الممكن إنكار الفصل العنصري

تطور مهم آخر خلال الأيام الأخيرة من حرب غزة هو الموقف غير المسبوق للسياسيين وحتى رجال الدولة الغربيين تجاه النظام الصهيوني، أو على الأقل نتنياهو نفسه. الكلمات القاسية لرشيد طالب، العضو العربي الأصل في الكونجرس الأمريكي ضد جرائم النظام الصهيوني في حرب غزة، والانتقاد الحاد لبيرني ساندرز، وهو ديمقراطي آخر في مجلس الشيوخ، لبيع أسلحة للنظام الصهيوني وتورط الولايات المتحدة في قتل الأطفال في غزة. تصريحات وزير الخارجية الفرنسي “لودريان” حول إمكانية تشكل حالة فصل عنصري طويل الأمد في فلسطين في غياب خطة فصل الدولتين، هي الأحدث في سلسلة الانتقادات. وكما هو واضح، فإن دور الرأي العام في إجبار السياسيين الغربيين على انتقاد سياسة الفصل العنصري التي ينتهجها النظام الصهيوني وسياساته العنصرية ضد الفلسطينيين، دور خطير للغاية. وهذا يظهر قبل كل شيء أن الحكومات وحتى وسائل الإعلام الرسمية, لم تعد قادرة على تبرير الفصل العنصري ضد الفلسطينيين بحجة الدفاع عن النفس وإضفاء الشرعية بسهولة على دعمهم السياسي والعسكري للكيان الإسرائيلي.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق