دول أوروبيّة تستأنف عملها الدبلوماسيّ في سوريا.. هل دخلت دمشق مرحلة الانتصار السياسيّ؟
عقب الانتصارات الكبيرة التي حققتها سوريا في الميدان العسكريّ بعد دحر الجيش السوريّ المجموعات الإرهابيّة المسلحة في أغلب المناطق السورية وسيطرته على معظم مساحة البلاد، ومؤخراً بعد النصر المؤزّر الذي حققه الرئيس السوريّ، بشار الأسد، في الانتخابات الرئاسيّة السوريّة لعام 2021 بنسبة كبيرة عكست نتائجها جماهيريّته داخل البلاد وخارجها، تعود الدول الأوروبيّة التي قاطعت وحاربت دمشق لسنوات طويلة إلى العاصمة السوريّة عبر الطريق الدبلوماسيّ، والدليل على ذلك ما ذكرته صحيفة “الوطن” المحليّة، حول أنّ دبلوماسيين من اليونان وهنغاريا وصربيا، وصلوا بالفعل إلى دمشق، موضحة أنّ الاستعدادات جاريّة لاستئناف العمل الدبلوماسيّ، باستثناء الأقسام القنصليّة التي تحتاج إلى عدد كبير من الدبلوماسيين، في تغير متوقع من الناحيّة السياسيّة، وقد سبق تلك الدول تقارب بين سوريا وأكثر الدول عدواناً على السوريين، ألا وهي السعودية التي مولت الجماعات الإرهابيّة هناك، وسعت بكل قوتها لإسقاط النظام الحاكم في البلاد، وبالطبع فشلت كل التحالفات السياسيّة والعسكريّة في مشاريعها التدميريّة، وهذا ما جعلهم اليوم يعودون بحقائبهم الدبلوماسيّة.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه تحليلات إعلاميّة أنّ سوريا وصلت إلى بداية نهاية أزمتها التي دخلت عامها الحاديّ عشر، كشفت مصادر دبلوماسيّة غربيّة في الجمهوريّة العربيّة السوريّة أنّ عدداً من السفارات الأوروبية تستعد لاستئناف نشاطها في دمشق في القريب العاجل، مؤكّدة أنّ إيطاليا وافقت مؤخراً على اعتماد دبلوماسيّ سوري كممثل لمنظمة الأغذيّة والزراعة “الفاو” في روما وقد يصل إليها في القريب العاجل لمباشرة مهامه.
وفي هذا الصدد، وقّعت نقابة المحامين السوريين مؤخراً عقداً مع سفارة قبرص لاستئجار الجانب القبرصيّ مبنى في منطقة أبو رمانة، تابع للنقابة لإعادة فتح سفارتها في العاصمة السوريّة، وذلك في ظل الانتصارات الميدانيّة الهامة التي حققتها سوريا بعد 10 سنوات من الحرب السورية عليها، والتي تسببت في إزهاق أرواح مئات آلاف السوريين، ونزوح وتشريد ملايين السكان داخليّاً وخارجيّاً، وألحقت أضراراً هائلة بالاقتصاد السوريّ ودمرت البنى التحتية في مناطق كثيرة في البلاد.
ورغم أنّ الدول الغربيّة شنّت عاصفة تشكيك في الانتخابات السوريّة التي صدمت الجميع في نسبة المشاركة داخليّاً وخارجيّاً، إلا أنّها عادت دبلوماسيّاً إلى العاصمة السوريّة المنتصرة، بعد حصول الرئيس السوريّ على 95.1% من الأصوات، بحسب النتائج التي أعلنها رئيس مجلس الشعب السوريّ حموده صباغ، ويُنظر لهذه الانتخابات كفصل أخير من تلك الحرب الشعواء، وأنّ الاقتراع كان دليلاً على عودة البلاد إلى طبيعتها نسبيّاً، بعد أن دخل الأسد السباق الرئاسيّ بشعار: “الأمل بالعمل”، وشملت حملته إعادة الإعمار، بعدما تمكن الجيش السوريّ بدعم من حلفائه من استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد.
ومن الجدير بالذكر أنّ مواقع التواصل الاجتماعيّ عجت بصور أعلام في دمشق على كل من سفارة اليونان وهنغاريا وصربيا، إلى جانب علم الاتحاد الأوروبّي الذي يفرض عقوبات على دمشق في مفارقة غريبة أثارت استغراباً شعبيّاً كتلك التي أحدثتها زيارة الوفد السعوديّ برئاسة رئيس المخابرات، خالد الحميدان، إلى دمشق قبل مدة، والتي التقى فيها مع الرئيس السوري، بشار الأسد، ونائب الشؤون الأمنيّة، اللواء علي المملوك، لتمهيد فتح السفارة السعودية لدى سوريا واستعادة العلاقات على كافة المستويات.
في النهاية، دخلت دمشق الآن مرحلة الانتصارات السياسيّة التي تلت مرحلة الانتصارات العسكريّة الميدانيّة بدعم من حلفائها وبالأخص محور المقاومة، وإنّ الدول التي طالبت بإسقاط الحكومة السوريّة من خلال الحرب العسكريّة المباشرة، توصلت إلى استنتاج مفاده أنّ عليها تغيير وجهة نظرها من حكومة دمشق والانخراط معها في تفاهمات عدة، وإنّ تلك الانتصارات هي نتيجة طبيعية لصمود وتضحيات الشعب السوريّ الذي ذاق الأمرّين، بعد أن ساهمت تلك الدول بشكل مباشر في افتعال وتدويل الأزمة لتدمير بلادهم ومؤسساته وتحقيق مصالحها في المنطقة.
المصدر/ الوقت