التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

أوروبا تغلق أبوابها بوجه محمد بن سلمان.. الدوافع والأسباب 

في ظل المساعي الحثيثة للنظام السعوديّ الديكتاتوريّ لكم الأفواه المطالبة بأبسط الحقوق، باستخدام قانون “مكافحة الإرهاب” كغطاء للقمع الممنهج ضد السعوديين في الداخل والخارج، ورغم كل محاولات ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، للتغطيّة على ذلك، كشفت مواقع إخباريّة، نقلاً عن مصدر دبلوماسيّ غربيّ، رفض دول أوروبيّة عدة استقبال ابن سلمان على أراضيها، ربما بسبب إصرار الأخير على الاستمرار بنهج الاعتقالات التعسفيّة والانتهاكات ضد النشطاء المعارضين ودعاة الإصلاح، حيث لم تترك المنظمات الدوليّة المعنيّة بحقوق الإنسان، كلمة تنديد إلا واستخدمتها في بياناتها المتعلقة بحقوق الإنسان وحريّة الرأي والتعبير في المملكة، وقد ملّت المنظمات الدوليّة من كثرة ما انتقدت السلوك القمعيّ لولي العهد الذي يوجّه أجهزته الأمنيّة بشكل مباشر لتنفيذ حملاتها ضد المواطنين.

عزلة دوليّة

يوماً بعد آخر، يدفع محمد بن سلمان بلاده نحو هاويّة العزلة الدوليّة نتيجة سياساته التي يصفها السعوديون بـ “الصبيانيّة”، إضافة إلى استراتيجيّاته المفضوحة دوليّاً، لمحاولة تلميع انتهاكاته في مجال حقوق الإنسان، والتغطيّة على الصورة القبيحة التي طبعها عن بلاده في الأذهان الدوليّة، وهنا يشير المصدر الدبلوماسيّ، إلى أنّ “سفارات السعودية في بريطانيا وفرنسا ودول أوروبيّة أخرى سعت منذ أسابيع لترتيب زيارة رسميّة لولي العهد إلى تلك الدول، لكن الحكومات الأوروبية رفضت بشدة استقبال ابن سلمان في الوقت الراهن أو في المستقبل القريب”، وخاصة بعد سلسلة الإجرام المتواصلة التي يرتكبها حكام السعوديّة.

وعقب الفضائح الكبيرة التي وثّقت منهج ابن سلمان الدمويّ في التعاطي مع شعبه ومع الدول الأُخرى، أكّد المصدر أنّ ردود تلك الدول أجمعت على إمكانيّة زيارته بشكل سريّ، لكن دون أن يحظى باستقبال رسميّ، في تأكيد جديد على فشل محاولات الحكومة السعوديّة في تلميع سجلها “المُشين” في حقوق الإنسان، والتي أنفقت مليارات الدولارات على استضافة فعاليات ترفيهيّة وثقافيّة ورياضيّة كبرى، واعتمدتها كاستراتيجيّة مقصودة لحرف الأنظار عن جرائمها المتفشيّة.

بناء على ذلك، يحتاج ولي العهد السعوديّ، الكثير من الإجراءات الجديّة لتلميع انتهاكاته في مجال حقوق الإنسان، والتغطيّة على الصورة الحقيقيّة التي طبعها في الأذهان الدوليّة، وإنّ خلق “صورة إيجابيّة” للمملكة على الصعيد الدوليّ أمر صعب للغاية، بعد الفضائح الكبيرة التي وثقت المنهج الدمويّ الذي يتبعه حكام المملكة للبقاء في سدة الحكم، وبيّن المصدر الدبلوماسيّ أن المسؤولين في الدول الأوروبيّة لا يريدون الظهور مع ابن سلمان بأيّ شكل رسميّ خشية التعرض لانتقادات محليّة ودوليّة.

ما يعني أنّ ولي العهد السعوديّ تلقى صفعة مؤلمة، رغم كل المحاولات الحكوميّة لاستغلال الفعاليات الدوليّة المهمة لحرف الأنظار عن جرائمه الوحشيّة والحد من الانتقادات الدوليّة لانتهاكه الخطيرة، بما فيها جريمة تقطيع الصحافيّ السعوديّ الشهير، جمال خاشقجي، في قنصليّة بلاده باسطنبول، وتقويض الجهود المبذولة لمحاسبة المسؤولين السعوديين المسؤولين عن تلك الجريمة البشعة.

لهذا، لم ينفع كل التعتيم على انعدام الحقوق المدنيّة والسياسيّة منذ تولي ابن سلمان ولاية العهد عام 2017، لأنّ سلطات ولي العهد كثّفت من حملات الاعتقالات التعسفيّة بحق المعارضين، والناشطين، والمثقفين، والمنافسين من العائلة الحاكمة، بالتزامن مع مشاريع وفعاليات كان لها دور كبير في تجنب التدقيق في دور السعوديّة في الحرب على اليمن، بقيادة محمد بن سلمان باعتباره وزيراً للدفاع، حيث قصف التحالف الذي تقوده الرياض منذ عام 2015، المنازل والأسواق والمدارس والمستشفيات والمساجد بشكل غير قانونيّ وقتلت مئات المدنيين، وقد يرقى بعضها إلى “جرائم حرب”.

والدليل الأكبر على أنَ مملكة آل سعود فشلت في تلميع سجلها الحقوقيّ وهو غرضها الأساس من كل الفعاليات التي تقوم بها، هو رفض عدد من المشاهير والأشخاص المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعيّ السفر إلى الرياض، بسبب سجلها الحقوقيّ المريع، ويجد محمد بن سلمان نفسه معزولاً في ظل ما يتعرض له من مقاطعة دوليّة تتزايد حدتها مؤخراً على خلفية فضائحه وملاحقته قضائيّاً في المحاكم الأجنبيّة ما جعله منعزلاً أكثر من أيّ وقت مضى.

وتُتهم السلطات السعودية بمحاولة شراء المواقف الدوليّة بعد أن أصبحت في السنوات الأخيرة، قبلة فنية وثقافية وترفيهية عالميّة، يتوافد إليها نجوم الفن والغناء من مختلف دول العالم، في إطار خطط البلاد للانفتاح على ثقافات العالم بعد عقود من الانغلاق استناداً لتفسيرات دينيّة ما لبثت المملكة أن تخلت عنها، للتغطية على جرائم الحكومة بحق مواطنيها، ولكي تقنع الرياض الرأي العام العالميّ بأنّها أصبحت ديمقراطيّة في ليلة وضحاها، وخلق “صورة مختلفة” للمملكة على الصعيد الدوليّ.

خسارات متتاليّة

لا يخفى على أحد أنّ محمد بن سلمان، تفرغ لناشطي المعارضة بشكل كبير، بعد أن تخلص من أهم منافسيه من خلال حملات الاعتقالات التي شملت أبرز الأمراء وكبار المسؤولين في البلاد، إضافة إلى مجموعة من الوزراء الحاليين والسابقين وبعض رجال الأعمال، كما وسعت سلطاته حملات الاعتقالات، لتشمل الدعاة والعلماء والسياسيين والتجار، ولم تستثن الأقرباء المنافسين له كأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم، وفي آذار/مارس المنصرم، قررت منظمة “مراسلون بلا حدود” الدوليّة أن تقاضي ابن سلمان في ألمانيا بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانيّة، على خلفية قتل الصحفي خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018، منددة بمسؤوليّته عن قتل خاشقجي وسجن حوالي ثلاثين صحفياً آخر في المملكة.

وتلقت السعوديّة صفعة قويّة أواخر العام الفائت، بعد سلسلة الأعمال الإجراميّة المتواصلة التي يرتكبها حكامها بحق شعبهم، حيث خسرت فرصة مهمة للحصول على العضويّة في مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بسبب الرفض الدوليّ الذي يستند على السجل الدمويّ للرياض وانتهاكاتها في هذا المجال، فيما احتلت المرتبة الأولى في القمع والاستبداد، بحسب نتائج المسح الذي أجراه مركز “البيت الخليجيّ للدراسات والنشر” كأول إصدار بحثيّ متخصص بقياس درجة “المشاركة السياسيّة” بدول الخليج قبل أشهر، والذي صنّف السعودية كمملكة للقمع والحكم الاستبداديّ، حيث حلت مملكة آل سعود في المرتبة الأخيرة على مستوى دول الخليج في مؤشر المشاركة السياسيّة في ظل حظر التنظيمات السياسيّة والحريات العامة.

وقد أكّد تقرير للاستخبارات الأمريكية، في شباط/ فبراير الماضي، رفعت إدارة الرئيس جو بايدن السرية عنه، أن ابن سلمان أجاز عملية خطف أو قتل خاشقجي، وأن ولي العهد كان يرى فيه تهديدا للمملكة، وحدد التقرير 21 شخصاً، قال إن لدى الاستخبارات الأمريكيةّ، ثقة في أنهم متورطون بالاغتيال الوحشي للصحفي السعودي، وخلص إلى أن “سيطرة ولي العهد السعودي على أجهزة الاستخبارات والأمن تجعل من المستبعد تنفيذ العملية من دون إذنه”، في الوقت الذي يواجه فيه ولي العهد سلسلة دعاوى قضائيّة في الولايات المتحدة الأمريكية لطخت سمعته ودفعته أكثر نحو العزلة الدوليّة.

وما ينبغي ذكره، أنّ تعيش السعودية حالة من العزلة الدولية نتيجة السياسات المتهورة منذ عام 2017، أي عقب الانقلاب الذي نفذه الأمير الطائش، على ولى العهد السابق الأمير محمد بن نايف، فيما تشهد المملكة انتقادات دوليّة وحقوقيّة تصاعدت بشكل خطير منذ تولي ابن سلمان الحكم، وتنفيذه لسلسة جرائم واعتقالات وملفات فساد ماليّة وأخلاقيّة داخل المملكة وخارجها.

في النهاية، أصبحت العلاقة الرسميّة مع ولي العهد السعوديّ عاراً كبيراً، في ظل إصراره على الاستمرار بنهج الإجرام والاعتقالات التعسفيّة والانتهاكات ضد النشطاء المعارضين ودعاة الإصلاح، وإنّ رد الفعل الأوروبيّ على طلب زيارة ابن سلمان أمر طبيعيّ، لما لهذه الزيارة من تأثير سلبيّ على سمعة تلك الحكومات أمام شعوبها، وأمام المنظمات الدوليّة والعالم.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق