التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

قمة الناتو الباهتة… والنتيجة العداء لروسيا والمصيدة للصين 

أختتمت قمة الناتو في بروكسل يوم الاثنين باجتماعات ثنائية بين قادة هذا الحلف العسكري وإصدار بيان ختامي. وقد حظي الاجتماع باهتمام جاد من المراقبين السياسيين والإعلاميين، لأنه تزامن مع نهاية رئاسة دونالد ترامب وصعود جو بايدن الذي يتبع نهجًا عبر أطلسي.

من المهم أن نلاحظ ما حدث في قمة الناتو بحضور جو بايدن، وماذا كانت نتيجة القمة. ومع ذلك، وعلى الرغم من رغبة الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن في الاقتراب أکثر من أعضاء الناتو الآخرين، إلا أن أهداف هذا الحلف لا تتماشى مع استراتيجية واشنطن العسكرية والسياسية الجديدة في النظام الدولي، والتي تتمحور حول مواجهة الصين واحتواءها.

إصلاحات 2030 مركز اهتمام قمة الناتو

في الاجتماع الأخير لقادة الناتو، وفقًا لقادة هذا الحلف ووسائل الإعلام، كانت “خطة الإصلاح 2030” هي المحور الرئيس للمفاوضات بين الأعضاء. يبدو أن هذه الخطة لها عدة محاور أساسية، وهي:

1. تبني برنامج طموح في مجال الأمن والدفاع الجماعي، والتقدم نحو تعزيز البنية التحتية وسلاسل توفير الأمن.

2. اتخاذ خطة شاملة واستراتيجية لاعتماد سياسة دفاع إلكتروني جديدة، ويؤكد جميع قادة الناتو على بذل الجهود لتطوير هذا المجال.

3. تقديم مبادرات أمنية طموحة واتخاذ إجراءات للحفاظ على التفوق التكنولوجي لحلف الناتو على المنافسين، وخاصةً روسيا والصين.

4. يمكن اعتبار بند آخر في إصلاحات 2030، إعداد “مفهوم استراتيجي جديد” حتى قمة 2022 في إسبانيا.

5. تحديد ثمانية مجالات للتحديث من قبل الناتو على المدى القصير، من تغير المناخ إلى التمويل المستدام للعمليات العسكرية.

6. إعداد الوثيقة الرسمية الرئيسية لاستراتيجية الناتو، التي تدعو إلی استعداد الأعضاء لمواجهة القدرات العسكرية المتنامية للصين والمنافسة الاستراتيجية مع روسيا.

من وجهة نظر المراقبين السياسيين، فإن الهدف من مقترحات الإصلاح هذه التي نوقشت في اجتماع قادة الناتو في بروكسل، هو إقناع جو بايدن بدعم الناتو بقوة وتهدئة الحلفاء غير الراضين عما يصفونه بتقاعس الحلف في التنسيق علی المستوى السياسي.

تظل روسيا العدو الأول

ما لا شك فيه، مثل كل قمم الناتو على مدى العقد الماضي، کانت روسيا محط اهتمام قادة الناتو مرةً أخرى باعتبارها المرکز الرئيس للتهديد.

وفي هذا الصدد، نرى في البيان الختامي لهذه القمة، إدانة قادة منظمة حلف شمال الأطلسي لتعزيز القوة العسكرية لروسيا، وبينما يطالبون موسكو باحترام قواعد القانون الدولي، يحذرون قائلين: “لن تکون هناك عودة إلى الوضع الطبيعي ما لم تحترم روسيا القواعد الدولية وتفي بالتزاماتها”.

على صعيد آخر، إضافة إلى روسيا، درست قمة الناتو الأخيرة المواجهة مع الصين أيضًا. وفي هذا الصدد، وصف قادة الناتو نهج الصين الطموح وصعود قوتها النووية العسكرية بأنه تحديات هيكلية. حيث جاء في البيان الختامي للقمة أن “نهج الصين وطموحاتها المعلنة يشكلان تهديدات هيكلية للنظام العالمي”.

ولكن إضافة إلى الصين، تم تناول قضايا مثل إيران وأفغانستان وتركيا وأوكرانيا في قمة الناتو الجديدة.

وفي البيان الختامي، شدد قادة الناتو على “نجاح” 20 عامًا من الوجود العسكري في أفغانستان والانسحاب منها، مؤكدين أنهم سيضمنون مع استمرار تشغيل مطار حامد كرزاي الدولي في كابول ببرنامج “تحويل مالي”، للحفاظ على اتصال أفغانستان بالعالم.

وقال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي في نهاية القمة، إن الناتو سيواصل العمل مع أفغانستان بعد انسحاب القوات الدولية من هذا البلد، لكنه لم يخض في مزيد من التفاصيل.

وجاء في البيان: “نعيد التأكيد على القرار المتخذ في قمة بوخارست 2008 بأن أوكرانيا ستنضم إلى خطة العمل كجزء لا يتجزأ من عملية عضوية الائتلاف؛ ونحن نؤيد جميع أجزاء هذا القرار إضافة إلى القرارات اللاحقة، بما في ذلك حقيقة أن كل شريك سيتم تقييمه بناءً على مزاياه الخاصة. کما أننا نؤيد بقوة حق أوكرانيا في تقرير مستقبلها وسياستها الخارجية دون تدخل خارجي.”

الولايات المتحدة تفكر في مواجهة بكين، وأوروبا تفكر في إيجاد حليف لمواجهة موسكو

يمكن اعتبار محاولة الإدارة الأمريكية إشراك أعضاء الناتو في المواجهة مع الصين من القضايا المهمة في قمة الناتو الجديدة، والتي بالطبع لقيت ترحيباً بارداً جداً من قبل الأوروبيين.

وفي هذا الصدد، دعا جو بايدن في بروكسل أعضاء الناتو إلى مراقبة تحركات الصين بقوة أكبر.

لكن على عكس وجهة النظر الأمريكية، فإن البيان الختامي ونص قمة الناتو خصَّص فقرتين فقط للصين، بالمقارنة مع روسيا التي تم تناولها بالتفصيل في النص المؤلف من 40 صفحة لرؤساء هذه الدول.

جاء في الفقرتين المتعلقتين بالصين، أن بكين تعمل بسرعة على توسيع ترسانتها النووية، وتتعاون “مع روسيا في المجال العسكري بما في ذلك المشاركة في المناورات الروسية في المنطقة الأوروبية الأطلسية”.

وهذا يدل بوضوح على أن الدول الأوروبية تحجم عن الدخول في المعارضة القصوی للصين، على عكس رغبات واشنطن. وفي السياق نفسه، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن قرارات حلف شمال الأطلسي بشأن الصين: “علينا أن نحقق توازناً … لأن الصين منافس في العديد من الأمور، لكن الصين أيضًا شريك في العديد من الأمور(…) لذا لا ينبغي المبالغة في الاهتمام بها اليوم.”

حتى تصريحات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تظهر أن الأوروبيين، وحتى بريطانيا التي لديها أقرب العلاقات الثقافية والتاريخية مع الولايات المتحدة، ليس لديهم شهية في الدخول في أزمة جديدة تتمحور حول الصين.

حيث قال رئيس الوزراء البريطاني للصحفيين: “الصين اعتبار أمني للناتو”، وأکد على الفور “لا أعتقد أن أحداً (في الناتو) يريد حرباً باردةً مع الصين”.

وأضاف: “بالطبع، الدول تنظر إلى الصين على أنها تحد”. ومع ذلك، صرَّح أنه إضافة إلى هذه التحديات، هناك أيضًا فرص. في الواقع، يمكن أن تفوق الفوائد التجارية والاقتصادية للعمل مع الصين فوائد العمل مع الولايات المتحدة على المدى الطويل.

كما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى عدم إساءة فهم الأهداف. لأن “الناتو حلف عسكري؛ ومحتوى علاقتنا مع الصين ليس عسكريًا فقط، وأن حلف الناتو يركز بشكل أساسي على شمال الأطلسي. ولا علاقة للصين بشمال الأطلسي کثيرًا.”

بشكل عام، يمكن القول إنه في الوضع الحالي، تبحث الولايات المتحدة في الناتو عن حلفاء ضد الصين، وأوروبا تبحث عن حليف ضد روسيا في الولايات المتحدة. وأعضاء الناتو ليسوا متحمسين للترکيز علی الصين کثيرًا.

استمرار السير على طريق الأزمات والفجوات

على الرغم من جهود أعضاء الناتو لتنفيذ إصلاحات 2030، ولکن يمكن اعتبار القضية الأساسية المتعلقة بحلف الناتو على أنها إضعاف لأسس هذه المنظمة، رغم وصول جو بايدن إلی السلطة.

وعلى الرغم من أن السنوات الأربع لرئاسة دونالد ترامب أدت إلى تصعيد الخلاف بين أعضاء الناتو، إلا أن الخلاف بين قادة الناتو خلال هذه الفترة كان فقط المظهر الحقيقي للخلاف المتراكم في الناتو.

كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أواخر عام 2019، بعد هجوم تركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي على مقاتلي المعارضة المدعومين من الولايات المتحدة في سوريا، بأن الناتو “يعاني من موت دماغي”.

حتى في العامين الماضيين، تم النظر في مناقشة الخطة الأمنية الأوروبية من قبل قادة ألمانيا وفرنسا.

في الواقع، سياسات ترامب الأحادية، ليس فقط في أفغانستان ولكن أيضًا في سوريا والعراق، أظهرت لحلفاء الناتو الأوروبيين أنه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الحماية الأمريكية الكبرى.

لكن حتى مع انتهاء رئاسة ترامب للولايات المتحدة، من الواضح لأوروبا أنه يجب عليها في المستقبل أن تقف على قدميها وأن تدافع عن أمنها، كما يصر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وفي هذا الصدد، تحدث ماكرون عن “الاستقلال الاستراتيجي” لأوروبا.

يری جو بايدن بأن النهج الأطلسي يمكن أن يخرج الناتو من الأزمة. لكن حقيقة الأمر أن تفاؤل بايدن وتصريحاته لا يمكن أن تغطي الفجوات والأزمات التي تراكمت بين أعضاء هذا الحلف العسكري – السياسي والأمني.

ولذلك، على الرغم من الرسائل الدافئة من رئيس البيت الأبيض الجديد، ولکن لا يمكن إصلاح العلاقات المتضررة بين أعضاء الناتو بسهولة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق