العلاقات الإماراتية الإيطالية على صفيح ساخن.. من المستفيد من تدهورها
رداً على القرار الإيطاليّ بوقف تصدير الأسلحة للإمارات بسبب تورطها في الحرب على اليمن، طردت السلطات الإماراتيّة القوات الإيطاليّة من قاعدة عسكريّة في دبي، وفقاً لعضو البرلمان الإيطاليّ وعضو لجنة الدفاع البرلمانيّة، ماتيو بيريجو دي كريمناغو، الذي أشار إلى أن قوات بلاده في قاعدة “المنهاد” العسكريّة مُنحوا حتى الثاني من يوليو/ تموز القادم لمغادرة الإمارات، في تدهور جديد للعلاقة بين روما وأبو ظبي عقب استدعاء السفير الإماراتي عمر الشامسي قبل مدة من قبل الخارجية الإيطاليّة احتجاجاً على منع دخول طائرة عسكريّة إيطاليّة كانت متجهة لأفغانستان عبر الأجواء الإماراتيّة.
وُصف العلاقات بين البلدين بـ”المتصحّرة” في الفترة الأخيرة، وكان من المتوقع بالنسبة لروما أنّ القرار الإماراتي بمنع دخول الطائرة العسكرية الإيطالية بمثابة تحذير أخير قبيل إغلاق قاعدة “المنهاد” الجوية الإيطالية في دبي، والتي تملك أهمية استراتيجيّة خاصة وكانت تستخدم من قبل القوات المسلحة الإيطاليّة منذ عام 2002 للربط بين وحداتها العسكريّة في كل من أفغانستان والكويت والعراق.
وفي الوقت الذي ترفض فيه السلطات الإماراتيّة الحكم على انخراطها في حرب اليمن باعتباره عدواناً، وتعارض بشدّة هذا الاتهام الذي على أساسه، فرضت حكومة رئيس الوزراء الإيطاليّ السابق، جوزيبي كونتي، حظر بيعها لقنابل وصواريخ وقاذفات أسفر استخدامها عن سقوط ضحايا مدنيين باليمن، ولا يخفى على أحد ما قامت به الإمارات من تقويض حل الصراع وبث الشقاق بين صفوف المجتمع اليمنيّ، والسيطرة على الموانئ، ووأد طموحات التغيير لضمان تمكين أدواتها المحليّة في الجنوب من تمام السيطرة وفرض مشروع الانفصال.
وفي هذا الصدد، يؤكّد السياسي الإيطالي ماتيو كريمناغو، وفق موقع “ديفينس نيوز” الأمريكي، أنّ القوات الإيطاليّة بدأت الانسحاب بالفعل، فيما تسعى روما لتأمين إلغاء الإخلاء في اللحظة الأخيرة، وشكك في نجاح المحاولة الإيطالية لوقف طرد القوات من القاعدة الإماراتيّة، معتبراً أنّ “العلاقات عندما تنهار في الخليج، من الصعب للغاية إعادة إحيائها”.
ووفق قائد القوات الجوية الإيطاليّة السابق، الجنرال ليوناردو تريكاريكو، الذي يشغل الآن منصب رئيس مركز أبحاث ICSA في روما، فإنّ آخر طائرة إيطاليّة غادرت القاعدة يوم الخميس المنصرم، ولم يتبق سوى معدات سيتم جمعها لاحقاً، معتبراً أنّ الإخلاء كان مجرد جزء من المعاملة القاسية التي تتعرض لها إيطاليا من الإمارات التي تستضيف في قاعدة “المنهاد” في دبي طائرات من دول مختلفة، وكانت ذي أهمية كبيرة لإيطاليا منذ أن اتخذت مساحة هناك عام 2015 لتنظيم رحلات جويّة فوق الأجواء العراقيّة، كما استخدمت كقاعدة للرحلات الجويّة لدعم العمليات متعددة الجنسيات في القرن الأفريقيّ والمحيط الهنديّ، وكمحطة توقف في طريق القواعد الإيطاليّة في أفغانستان، الشيء الذي سيعرقل بشكل كبير انسحابها المستمر من هذا البلد.
ويرتبط هذا ارتباطاً وثيقاً بقرار إيطاليا في يناير/ كانون الثاني بفرض حظر على بيع ذخائر وصواريخ للإمارات والسعودية بسبب مخاوف من الحملة العسكريّة لدول الخليج على اليمن، الذي يحتاج 80 بالمئة من سكانه إلى المساعدة وفقا للأمم المتحدة، وقد نُفذ الحظر الإيطاليّ من قبل الحكومة الائتلافية بقيادة رئيس الوزراء السابق جوزيبي كونتي، والتي دعمها الحزب الديمقراطّي يسار الوسط وحزب الخمس نجوم المعارض للدولة.
ومن الجدير بالذكر أنّ صحيفة “لاريبوبليكا” ذكرت في وقت سابق أنّ الخطاب الإماراتي الذي لم تضفِ عليه أبوظبي مطلقاً الطابع الرسميّ لكن تم نقله بوضوح إلى كبرى الشركات الصناعية الإيطاليّة، هو أن “استمرار حظر توريد السلاح للإمارات لن يمكّنها من أن تكون شريكاً تجاريّاً ولا حتى حليفاً عسكريّاً مع روما، في ظل تنامي الغضب الإماراتيّ مؤخراً من التعاون الإيطاليّ مع قطر الإخوانيّة المتصارعة مع الإمارات، والتي تزودها إيطاليا حالياً بأسطول حربيّ متطور ومتكامل بما في ذلك تدريب طواقم سلاحها البحريّ.
كما بيّنت الصحيفة أنّ أبوظبي تطالب روما بتقديم اعتذار واضح وإلغاء الحظر المفروض عليها، إضافة لضمانات بشأن نزاعات أخرى حصلت في الآونة الأخيرة مثل قضية الشركة بين أليتاليا-الاتحاد، التي تخضع لتحقيقات النيابة في مدينة شيفيتافيكيا حول إدارة الاتحاد، حيث وُجهت اتهامات لمديرين عامين فيها وطُلبت تعويضات، مع وجود ضغائن أخرى لم تنحسر أبداً بشأن قضية شركة “بياجّو” الإيطالية للطيران التي اشترتها الإمارات في السنوات الماضية لتصنيع طائرات مسيّرة متطورة ظلت حتى الآن في مرحلة تصنيع نموذجها الأوليّ.
ختاماً، تسير العلاقات بين الإمارات وإيطاليا نحو التدهور الأكبر، وهذا بالطبع لمصلحة العلاقات القطريّة – الإيطاليّة التي ستشهد تطوراً لافتاً في الأيام القادمة، ومن غير المستغرب أيضاً أن نشهد رداً إيطاليّاً على الإجراءات الإماراتيّة حفظاً لماء الوجه داخليّاً من جهة، وانتقاماً من نظام أبو ظبي الذي بات الإعلام الإيطاليّ يصفه بالمستبد من ناحية أخرى.
المصدر/ الوقت