2300 يوم من العدوان على اليمن.. جرائم الرياض لن تُمحى من ذاكرة التاريخ
أدرجت الأمم المتحدة تحالف العدوان السعودي على القائمة السوداء في عام 2017 لقيام هذا الاخير بارتكاب الكثير من الجرائم الوحشية ضد أبناء الشعب اليمني ومهاجمة عشرات المدارس والمستشفيات، لكن الأمين العام للأمم المتحدة بعد ذلك قام بشطب اسم التحالف الغاشم الذي تقوده السعودية من القائمة السوداء للمنظمة، وفي هذا الصدد، أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن قيام الأمين العام للأمم المتحدة بحذف اسم تحالف العدوان السعودي من القائمة السوداء، على الرغم من استمراره في قتل المدنيين في اليمن، يعتبر وصمة عار في صفحة هذه المنظمة العالمية. ولفتت تلك المنظمة أن ازدواجية الأمم المتحدة في تعاملها تجاه تحالف العدوان السعودي تنبع من تلقيها الكثير من الأموال والرشاوي من النظام السعودي. وخلال السنوات الماضية تجاهلت الأمم المتحدة معاناة أبناء الشعب اليمني الذي يعيشون تحت وطأة حصار خانق منذ ما يقارب من خمس سنوات ونصف السنة وهذا الأمر يؤكد أن الأمم المتحدة منحازة بالكامل لدول العدوان ولها دور في قتل أبناء الشعب اليمني الذي بات على شفا مجاعة كبيرة.
لم يفرق تحالف العدوان بين طفل وشاب ورجل وامرأة، فقد حصدت صواريخه كل حي في اليمن، وكان الجُرم بحق الأطفال أدمى، وذلك لأنه جرت العادة في الحروب أن للأطفال حرمة لا تُمس، لكن تحالف العدوان على اليمن تجاوز كل حد، منذ ستة أعوام ونصف يقتل الأطفال مباشرة كما يقتلهم بتأثير الحصار ومجالات الحرب الأخرى بتواطؤ منظمة الأمم المتحدة. لقد عرَّض العدوان أطفال اليمن لجملة واسعة من المخاطر المباشرة وغير المباشرة من الانتهاكات وصولاً إلى المجازر التي ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، منذ بداية العدوان وأطفال اليمن يتعرضون للانتهاكات الأمريكية السعودية الإماراتية، منها الموت والتيتم والإصابة بالجروح والاحتجاز في سجون العدوان، والنزوح والافتراق عن الأسرة والتوقف عن الدراسة والاصابة بالأمراض والأوبئة، وكذلك الاكتئاب والتأثيرات النفسية المختلفة، التي تصنف طبيا بتأثير ما بعد الصدمة.
ولقد اتسم العدوان على اليمن بالطابع الاجرامي، متجاوزا كل القوانين والأعراف الدولية، بما فيها القانون الدولي الإنساني الذي تشكل من أجل مراعاته في الحروب، جاءت هذه القوانين لتهذب من ممارسة الحرب في الحد الأدنى وكانت مكسبا إنسانيا ورغبة بعدم تكرار فضائع الحرب العالمية الأولى والثانية. وتنص اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لعام 1977 على سلسلة من القواعد التي تولي للأطفال حماية خاصة وتتضمن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان ما لا يقل عن 25 مادة تشير إلى الأطفال تحديداً. وشكلت الأمم المتحدة غطاءً سياسياً وحقوقياً لإجرام تحالف العدوان الأمريكي السعودي، وقد تجلت التدخلات السعودية وصمت الأمم المتحدة في ملف أطفال اليمن بشكل بارز، حيث تمارس المملكة السعودية التأثير المالي على الأمم المتحدة لتغض الطرف عن جرائم العدوان بحق الأطفال اليمنيين. وهو ما يجعل أطفال اليمن يتبرعون للأمم المتحدة بمصروفهم المدرسي كرسالة احتجاج ورفض لهذا النهج غير الإنساني.
لقد عبر الشعب اليمني بجميع أطيافه وطوائفه وطبقاته ومذاهبه يوم أمس الاحد 2300 يوم من معاناته الإنسانية المؤلمة. عبرها من خلال شلالات من دماء الشهداء والجرحى، وأمضاها على جسرٍ من آهات الأمهات اللاتي حَزِنَّ لاستشهاد فلذات أكبادهن وَهُم أغلى ما يملكن في هذه الحياة الفانية، البنون، ومن لم يمت منهم بصواريخ “آل سعود وآل نهيان”، مات جوعا أو عطشا بسبب الحصار، أو بسبب المرض لنقصٍ في الدواء والرعاية. الأرقام التي بين أيدينا وقد نُشرت في العديد من وسائل الإعلام اليمنية والإقليمية والعالمية وهي مُخيفة جداً بشأن أعداد الشهداء والجرحى، والأرقام الأخرى من الضحايا الذين نحسبهم شهداء يموتون جرَّاء الأمراض المزمنة الذين تتجاوز أعدادهم الـ 44 ألف إنسان من مختلف الأعمار، وفق الأرقام المقدمة من الجهات ذات العلاقة في وزارة الصحة وحقوق الانسان.
وحول هذا السياق، كشف مركز “عين الإنسانية للحقوق والتنمية” في العاصمة اليمنية صنعاء “إحصائيات جرائم التحالف السعودي خلال 2300 يوم من العدوان الأمريكي السعودي على اليمن”. وقال مركز “عين الإنسانية” إن عدد ضحايا حرب التحالف السعودي على اليمن خلال 2300 يوم من العدوان “بلغ 43891 شهيداً وجريحاً مدنياً”. ولفت مركز عين الإنسانية إلى أن حرب التحالف السعودي على اليمن أسفرت عن “استشهاد 17176 مدنياً بينهم 3842 طفلاً و2400 امرأة، وأن عدد جرحى العدوان على اليمن خلال 2300 يوم بلغ 26715 جريحاً مدنياً بينهم 4225 طفلا و2832 امرأة”. ووفق مركز “عين الإنسانية”، بلغ عدد المنشآت المدمرة والمتضررة في البنية التحتية من جراء حرب التحالف السعودي على اليمن “10496 منشأة”. كما تسبب العدوان السعودي بـ”تدمير وتضرر 15 مطاراً و16 ميناءً و 308 محطات ومولدات كهربائية و 553 شبكة ومحطة اتصال، وتعمد العدوان السعودي تدمير واستهداف 2397 خزاناً وشبكة مياه و1983 منشأة حكومية و 5224 جسراً”.
وحسب المركز، بلغ عدد المنشآت الاقتصادية المدمرة والمتضررة نتيجة العدوان السعودي 23665 منشأة اقتصادية. كما أسفر العدوان عن تدمير وتضرر 396 مصنعاً و 352 ناقلة وقود و 11479 منشأة تجارية و 423 مزارع دواجن ومواشٍ. وبناء على “إحصائيات المركز تعمّد العدوان السعودي تدمير 7945 وسيلة نقل و 472 قارب صيد و931 مخزن أغذية و 397 محطة وقود و 685 سوقا و 858 شاحنة غذاء، وبلغ عدد المنازل المدنية المدمرة والمتضررة جراء العدوان 575353 منزلاً”. كما أدى العدوان السعودي على اليمن إلى تدمير 179 منشأة جامعية و 1446 مسجداً و369 منشأة سياحية و391 مستشفى ومرفقاً صحياً. كذلك تعمّد العدوان وفق المركز “تدمير واستهداف 1110 مدرسة ومركزاً تعليمياً و 7733 حقلاً زراعياً و 135 منشأة رياضية و 248 موقعاً أثرياً و 49 منشأة إعلامية”.
واليوم يرى العديد من المراقبين أن فشل العدوان السعودي على اليمن في تحقيق أهدافه بات أمراً مفروغاً منه، لأعداء السعودية وحلفائها، والحديث لم يعد يتعلق بما تخطط له الرياض عسكرياً لحسم المعركة لمصلحتها، بل يتركز حول الطريقة التي يجب أن تخرج بها من هذه الحرب، بعد استنفاد جميع الطرق والوسائل التي يمكن لأي طرف استخدامها في أي حرب يخوضها. فالسعودية حشدت برياً وحاصرت من البحر والجو، وشنت عشرات آلاف الغارات واستخدمت مختلف أنواع الأسلحة والصواريخ والآليات، ولم تستطع ليس فقط التقدم في مشروعها، بل خسرت معظم مكتسبات حلفائها بفعل التوسع الجغرافي للقوات اليمنية واللجان الشعبية. وبعد انقضاء العام الخامس من الحرب بـ”صنعاء آمنة” على إثر صد القوات اليمنية واللجان الشعبية لأوسع هجوم على العاصمة نهاية العام الماضي، دخل التحالف السعودي العام السادس مثقلاً بالإخفاقات، وها هو يدخل عامه السابع من الحرب منهاراً في مختلف جبهات القتال ولا سيما في مأرب، فيما تؤكد “حكومة الإنقاذ” أنها مستمرة في عملية تحريرها لمختلف المحافظات اليمنية، محددة وجهات جديدة كـ شبوة وحضرموت، كما جاء على لسان عضو المجلس السياسي في اليمن “سلطان السامعي”، منذ أيام.
لقد انتهى العام السادس من العدوان، والسعودية مازالت مستمرة في قتل الاطفال والنساء في اليمن، وذلك لأنها اصبحت غير قادرة على منع القوات اليمنية من استهداف منشآتها الحيوية، وعلى منعها من التقدم الجغرافي على الأرض وتحرير المحافظات، وغير قادرة أيضا على إعادة التماسك لحلفها المتضعضع بين فريقين أحدهما مدعوم من شريكها الإماراتي. هي حقائق تظهرها الوقائع الميدانية والسياسية، بعد أن كان ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” يسعى لفرض نفسه زعيماً إقليمياً من بوابة الحرب على اليمن. وهنا ينبغي القول إن الرياض لو استمرت في هذه الحرب العبثية فإنها لن تستطيع الحصول على أي مكاسب على الساحة الميدانية سوى الاستمرار في ارتكاب المزيد من الجرائم في حق الاطفال والنساء ولهذا يجب عليها الاستجابة لكل المطالب اليمنية للخروج بماء الوجه من المستنقع اليمني.
وفي الختام يمكن القول إن الحرب التي شنتها السعودية على اليمن كان لها عدد من الرسائل تخطت قضايا البلدين فالسعودية تريد إفهام الدول العربية انها صاحبة الكلام الأول والدور الاعلى والاهم في شبه الجزيرة العربية لكن اذا نجح الشعب اليمني في تقرير مصيره بنفسه خلال الفترة المقبلة فإن تبعات هذا الفشل ستكون كبيرة على السعودية وستخسر الرياض سيطرتها على دول الجزيرة العربية وستنجح دول محور المقاومة في تنفيذ سياساتها المقاومة في المنطقة بكل قوة وستتضافر الجهود الدولية وجهود محور المقاومة في مكافحة الارهاب والتطرف في دول مثل العراق وسوريا.
المصدر/ الوقت