التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024

تجدد الخلافات القديمة… لماذا لم يدم اتفاق “العلا” 

بينما كان من المتوقع أن تنحسر الخلافات بين دول مجلس التعاون بعد اجتماع “العلا” وتهدأ التوترات بين الدول الخليجية، عادت التوترات الكلامية بين قطر وبعض دول الجوار الأخرى في الآونة الأخيرة.

هذا في حين أنه في الاجتماع الحادي والأربعين لمجلس التعاون في يناير 2021، والذي عقد في مدينة العلا السعودية بهدف المصالحة بين قطر والدول الأربع وهي السعودية والبحرين والإمارات ومصر، أصدرت الدول المذكورة بيانًا أعلنت فيه انتهاء الخلافات مع الدوحة واستأنفت علاقاتها مع قطر.

ومع ذلك، لم يكن الكثيرون في الوقت نفسه متفائلين بشأن الاتفاقية، وتوقعوا أنه على الرغم من توقيع اتفاقية رفع العقوبات عن قطر من قبل الدول الأربع، أي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، إلا أن شبح الصراع والخلافات بين الطرفين لا يزال قائماً، وبالفعل عادت الخلافات الآن إلی الظهور مرةً أخری.

تجدد الخلافات الحدودية القديمة

البحرين وقطر على خلاف حول الحدود المائية منذ عقود، بما في ذلك السيادة على جزر حوار، الزبارة، جنان، فشت الديبل ومنطقة جرادة على الشاطئ الجنوبي للخليج الفارسي.

كان البلدان راضين في عام 2001 عن الحكم النهائي لمحكمة العدل الدولية لإنهاء نزاعاتهما، حيث قضت هذه المحكمة بسيادة المنامة على جزيرة حوار ومنطقة جرادة، وسيادة الدوحة على جزر الزبارة وجنان وفشت الديبل.

لكن بعد حوالي 20 عامًا من هذا الحكم، استؤنفت الخلافات بين البلدين حول هذه الجزر والمناطق، واتهمت المنامة الدوحة بإثارة مطالبات جديدة بالسيادة على جزر “حوار”.

وفي هذا الصدد، أفاد موقع “إرم نيوز” الإماراتي أن مستشار ملك البحرين “خالد بن أحمد آل خليفة” ردَّ على مزاعم قطر بالسيادة على جزر حوار. وغرد هذا السياسي والدبلوماسي البحريني قائلاً إنه من جاء اليوم لم يكن بالأمس، و”حوار” و “الزبرة” للشعب البحريني، ولشعبنا فيها حقوق لن تضيع.

هذا المسؤول الذي شغل سابقًا منصب وزير خارجية البحرين لنحو 15 عامًا، أضاف في تغريدته: “لدينا 83 وثيقة مزورة تريدون الادعاء بها، لكن محكمة العدل الدولية قضت بأن جزيرة حوار هي بحرينية. و(بناءً على هذا الحكم) بقيت الزبارة لأهل البحرين، ولن تضيع حقوقهم مهما طال الوقت.”

وردَّ هذا الدبلوماسي البحريني على حملة مماثلة عبر تغريدة كتب فيها العديد من القطريين هاشتاغ # الحوار القطري، داعين إلى إزالة سيادة البحرين على جزيرة حوار وقبول سيادة بلادهم على هذه الجزيرة.

وطالب القطريون المشاركون في الحملة، بمن فيهم أفراد من أسرة آل ثاني القطرية الحاكمة، بأن تكون جزيرة حوار تحت سيادة بلادهم. في هذه الأثناء، فإن رد “الشيخ خالد بن أحمد” مستشار ملك البحرين، له صفة رسمية يطالب فيها بحقوق البحرين في جزيرة الزبارة(التي تحکمها قطر).

وفي هذا الصدد، كانت تصريحات “شاهين السليطي”، عميد المخابرات القطرية المتقاعد، في حملة المطالبة بسيادة بلاده على جزيرة حوار، لافتةً ومهمةً. حيث قال إن “حوار قطرية وستعود عاجلاً أو آجلا.. بالطيب أو بالقوة”.

كما شاركت في الحملة مريم آل ثاني من الأسرة القطرية الحاكمة والكاتب القطري حسن حمود، متمنيين أن يكون أحد أهداف البرلمان المقبل إعادة “حوار” إلى قطر.

في المقابل، ردَّ كثير من البحرينيين على هذه الاتهامات، وبهاشتاغ “# حوار بحرينية” نشروا صوراً لوثائق الامم المتحدة التي تدعم سيادة بلادهم على الجزيرة. وهم يعتبرون الوثائق القطرية مزورةً.

الإمارات تؤجج الخلاف بين قطر والبحرين

مع تصاعد التوترات بين قطر والبحرين، انتهزت الإمارات الفرصة لإشعال هذه الخلافات. وتحقيقاً لهذه الغاية وبالتزامن مع التوتر اللفظي بين قطر والبحرين، التقى ولي عهد أبوظبي مع ملك البحرين خلال زيارة للبحرين وبحثا العلاقات الثنائية والقضايا الراهنة. في غضون ذلك، كان ادعاء البحرين بالسيادة على الجزر المتنازع عليها مع قطر أحد مواضيع النقاش.

في الواقع، لا تزال البحرين والإمارات، الجارتان لقطر، مترددين في تطبيع التوترات مع قطر وحلها، على الرغم من الاتفاق الأخير في السعودية لتطبيع العلاقات مع الدوحة.

وأظهرت قناة الجزيرة القطرية، الذراع الإعلامية القوية للدوحة، في فيلم وثائقي مؤخرًا، أن الإمارات قدمت أموالًا لهوليوود لصنع فيلم ضد قطر من أجل التأثير سلبًا على هذا البلد.

كما كشف برنامج “ما في خفي أعظم” علی قناة الجزيرة القطرية، أن الشركة الإماراتية طلبت من منتج الفيلم ومخرجه تضمين مقاطع سياسية محددة للهجوم السياسي على قطر، وربط هذه الدولة بدعم الإرهاب.

بناءً على ذلك، يمكن الاستنتاج أنه على الرغم من أن اتفاق العلا طبَّع العلاقات القطرية مع السعودية إلى حد كبير، بل وأدى إلى زيارة أمير قطر للرياض والاجتماع مع ولي العهد السعودي، إلا أن العلاقات الإماراتية البحرينية مع قطر لا تزال متوترةً.

تغيير الاصطفافات في دول مجلس التعاون

ليس من غير المعقول تقسيم دول مجلس التعاون إلى عدة جبهات مختلفة، منذ تصاعد التوتر الدبلوماسي في قطر.

من بين الدول العربية الست الأعضاء في هذا المجلس، كانت الإمارات والسعودية والبحرين في جبهة واحدة حتى الآن ضد قطر، بينما حافظت الكويت وعمان على علاقات وثيقة مع الجانبين في جبهة محايدة.

ومع ذلك، منذ عام مضى يبدو أن التحالف الثلاثي للإمارات والبحرين والسعودية في مجلس التعاون آخذ في الانهيار. حيث أن السعودية تشهد منذ فترة طويلة بروز خلافات جوهرية مع الإمارات، ولم نعد نجد مواقف مماثلة ومنسقة بين أبو ظبي والرياض.

وقبل أقل من شهر، تصاعد الخلاف بين السعوديين والإماراتيين في أوبك، لدرجة أنه أخَّر الإجماع في أوبك بلس لعدة أسابيع، وأدى في النهاية إلى تراجع السعودية.

قبل ذلك، وعلى مدار عامين على الأقل، كانت القوات السعودية تقاتل بشكل علني القوات التابعة للإمارات في جنوب اليمن، ومن الواضح أن للسعودية والإمارات طريقين وأهداف مختلفة في اليمن.

تسعى الإمارات إلى انفصال جنوب اليمن، وترى السعودية أن تقسيم اليمن يضر بها ويهدد مصالحها، ولذلك تواجه الانفصاليين المدعومين من الإمارات في جنوب اليمن.

من ناحية أخرى، يقوم التحالف السعودي والإماراتي، إلى جانب بعض الدول العربية الأخرى، بقصف اليمن منذ ست سنوات على الأقل، ولكن كلما طالت عمليات التحالف الفاشلة في اليمن، زاد الخلاف بين البلدين حول مستقبل الحرب وأهدافها، إلی أن اعتبرت الإمارات أن استمرار هذه المعركة لا يؤدي إلی نتيجة تذکر، وأعلنت انسحابها من التحالف قبل نحو عامين.

من ناحية أخرى، تشعر السعودية بالغضب الشديد من انسحاب أبو ظبي من جانب واحد من الحرب علی اليمن في عام 2019، دون التنسيق والتشاور المسبق مع الرياض.

وكانت الإمارات قد أعلنت انسحابها من الحرب اليمنية تفادياً لخسائر فادحة في صفوف قواتها، وكذلك تجنباً لهجمات الجيش اليمني وحركة أنصار الله في استهداف دبي وأبوظبي بالصواريخ، لتكون قادرةً على التركيز على هيمنتها على جنوب اليمن، والحيلولة دون العودة الكاملة لحكومة عبد ربه منصور هادي المستقيلة إلى عدن، العاصمة الثانية لهذا البلد، وتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي والجيش المستقل التابع لها هناك.

في الوقت نفسه، أصبحت الخلافات بين السعودية والإمارات، وخاصةً فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع قطر، أكثر علنيةً. وكانت اتفاقية مصالحة “العلا” اتفاقيةً ثنائيةً بالكامل بين الرياض والدوحة، تم تشكيلها دون تنسيق وإطلاع حلفاء السعودية أي البحرين وأبو ظبي، وربما مصر.

تم التوصل إلى هذا الاتفاق من قبل السعودية في وقت كانت العلاقات بين الدوحة وأبو ظبي راكدة تمامًا وأسوأ مما كانت عليه في الماضي، وقد أعلنت السعودية فجأةً أنها تسعى إلى المصالحة مع قطر.

الإمارات العربية المتحدة، من ناحية أخرى، متشائمة من السعودية في تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، وتشعر أن قادة الرياض تآمروا في الواقع على تشجيع أبو ظبي على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وبينما توقعت الإمارات أن يحذو السعوديون حذوها، بحسب بعض الوعود، بعد تطبيع العلاقات مع تل أبيب، لكن الآن وبعد قرابة 9 أشهر، لا يوجد تطبيع للعلاقات بين الرياض وتل أبيب، وكل ضغوط الرأي العام في العالم الإسلامي تتركز على الإمارات والبحرين. كما أعلنت السعودية أنه ليس لديها خطط لتطبيع العلاقات مع تل أبيب في هذا التوقيت.

في غضون ذلك، أشعلت بعض المنافسات والأهداف الاقتصادية بين السعودية والإمارات فتيل الخلافات السياسية بين الجانبين. إذ تعتبر الإمارات مشروع مدينة نيوم السعودية الذكية والاقتصادية منافسًا قويًا لدبي، وتفكر من الآن في تسوية الحسابات الاقتصادية مع السعوديين.

وعليه، ونظراً لتزايد الخلافات بين الإمارات والسعودية، يبدو أننا سنشهد من الآن فصاعدًا انهيار وزوال التحالف الثلاثي بين الإمارات والبحرين والسعودية، والخلافات الإماراتية السعودية هي التي برزت بين الدول الخليجية هذه الأيام.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق