التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, أكتوبر 10, 2024

هل تستجيب الرباط لدعوة الجزائر لتوضيح ما قام به سفير المغرب في الأمم المتحدة 

دعا ملك المغرب محمد السادس الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى العمل معا من أجل تطوير العلاقات بين البلدين بما يعكس عمق العلاقات الأخوية والكفاح المشترك بين الشعبين.

وأكد في خطاب الذكرى الثانية والعشرين لـ”عيد العرش” أنه من غير المنطقي بقاء الحدود بين الشعبين مغلقة. كما شدد على أن المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين فهما توأمان متكاملان، وأن ما يمس أمن الجزائر يمس أمن المغرب، والعكس صحيح.

واعتبر أن إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي ومبدأ قانوني أصيل، تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، التي تنص على حرية تنقل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين دوله.

بدوره رد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على دعوة ملك المغرب محمد السادس وقال تبون خلال لقائه الدوري مع الصحافة الجزائرية يوم الأحد، إن بلاده لم تتلق استجابة من المغرب بخصوص التوضيحات التي طلبتها من الرباط حول ما قام به السفير المغربي في الأمم المتحدة.

وأكد أن المشكل الظرفي الحالي هو الأهم، خاصة وأن الدبلوماسي المغربي عمر هلال صرح بأمور خطيرة جدا جعلت الجزائر تسحب سفيرها من الرباط. وأضاف “رغم هذا لم يأت تجاوب من المغرب”.

وأفاد تبون بأن قضية الصحراء في يد الأمم المتحدة ولجنة تصفية الاستعمار، مشددا على أن الجزائر “تلعب دور الملاحظ النزيه فقط”. وأكد أن بلاده “مستعدة لحل المشاكل بين الطرفين واحتضان لقاء بينهما على أرض الجزائر ولكن بما يرضي الطرفين”.

وفي هذا الشأن قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بوحنية قوي، إن “الحديث عن علاقات حقيقية بين البلدين تبداً من سحب أسباب الخلافات، وفصل الملفات التي لا يجب أن تتأثر بالخلافات السياسية بينهما، كقضايا التعاون المالي والاقتصادي والأمني، وملف الحدود”.

قوي، أشار إلى أن “الرسائل بين الطرفين غير كافية”، مشدداً على ضرورة أن يعطي المغرب توضيحات بخصوص تصريحات سفيره في الأمم المتحدة عمر هلال بشأن “منطقة القبائل، التي تعتبرها الجزائر خطيرة”.

من جهته يرى المحلل السياسي والخبير في العلاقات المغربية الجزائرية ونزاع الصحراء؛ نوفل البعمري؛ أن “حوار الرئيس الجزائري عبد المجيد لا يمكن اعتباره ردا على مبادرة المغرب التي أطلقها محمد السادس، لأن الرد تلقاه المغرب من خلال مجلة الجيش قبل أيام من خرجة تبون، المجلة التي ردت بعنف مبالغ فيه، وتعاطت مع المغرب بلغة حربية استفزازية “.

ويرى رضوان بوهيدل، الأستاذ بكلية العلوم السياسية في جامعة الجزائر، أن سيناريوهات التصعيد المحتملة من الجزائر تجاه الرباط مرتبطة بموقف الجزائر أكثر من المغرب. وقال بوهديل، إن “المغرب من وضع نفسه في حالة ضعف وحرج، وأدخل نفسه في فضيحة دولية”.

وأضاف: “المغرب يدافع عن نفسه، بينما قامت الجزائر بمبدأ المعاملة بالمثل، وتصعيد مبدئي باستدعاء سفيرها بالرباط للتشاور”. وأشار بوهيدل، إلى أنه “في حال عدم رد وتجاوب المغرب مع الطلب الجزائري، من حق الجزائر التصعيد إلى درجة أكبر”.

ولفت إلى أنّه “يمكن للجزائر إطالة بقاء السفير مع تقليص البعثة الدبلوماسية والذهاب ربما إلى طرد السفير المغربي وقطع العلاقات مع الرباط”. وأوضح بوهيدل، أن بلاده “لا تزال تتعامل بحكمة وتنتظر ردة فعل الرباط التي تبحث عن مبررات لقطع العلاقة مع الجزائر“.

واستطرد: “تجلى ذلك بإصدار مذكرة مزعومة وتوزيعها على أعضاء حركة عدم الانحياز بالأمم المتحدة وهو أمر مرفوض”. واعتبر أنّه “لو كان الأمر مجرد تصريح، كان بالإمكان احتواؤه من قبل المغاربة، والقول إنّه زلة لسان، وموقف يخص السفير وحده”.

وقال بوهيدل: “هذه المذكرة التي وزعها السفير المغربي بالأمم المتحدة لا تكون إلاّ بموافقة السلطات العليا في بلاده”. ورجح أن “التصعيد سيزيد في ظل الوضع المتأزم بين البلدين”.

وفي 17 يوليو، طالبت الجزائر المغرب بتوضيحات بشأن ما وصفتها بـ”تصريحات عدوانية” لسفير الرباط لدى الأمم المتحدة، يعلن فيها دعم حركة انفصالية، في إشارة إلى “الحركة من أجل استقلال القبائل” (الماك).

حالة التوتر لم تتوقف عند هذا الحد فقط، بل عقّدت قضية برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” الأزمة بين البلدين.

من جهته، يعتقد رضا شنوف، الصحفي المختص بالعلاقات الجزائرية المغربية، أنّ “تجسس المغرب على شخصيات جزائرية سامية وأخرى سياسية من المعارضة وصحفيين، جاءت بعد موقف مغربي غير مسبوق بإعلانه رسميا دعم مزاعم تقرير مصير شعب القبائل”.

وقال شنوف، إنّ “مواقف وتصرفات المغرب زادت من تعقيد الأزمة بين البلدين الجارين”، وأضاف: “احتفاظ الجزائر بحق الرد يحيل إلى توقع سيناريوهات عدة حول طبيعة ردها”.

واستطرد: “لا أتصور أن يكون الرد خارج الأطر الدبلوماسية المعهودة للعقيدة الجزائرية في التعامل مع الأزمات المحيطة بها، خاصة مبدأ التعامل بالمثل سواء ما تعلق بقضية دعم تقرير مصير شعب القبائل، وهي خطيئة كبرى ارتكبها المغرب في حق نفسه قبل الجزائر”.

ويرى مراقبون أن الرئيس الجزائري اختار عدم الرد المباشر على المبادرة المغربية، مُبدياً تمسّك بلاده بموقفها من ملف أزمة القبائل، معتبراً أن المغرب لا تزال تغض الطّرف عمّا طُلب منها من توضيحات تُعتبر شرطاً أساسياً لفتح أيّ باب أمام أي مبادرة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وكسر حاجز الجليد بينهما.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق