ما قصة إنشاء خط عسكري مغربي- صهيوني ضد الجزائر
كشف مسؤول جزائري رفيع أن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الصهيوني يائير لابيد، إلى المغرب في إطار التطبيع بين الصهاينة والمملكة المغربية لها هدفان أساسيان هما: مواصلة الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الحصول على اعتراف واشنطن بمزاعم “مغربية الصحراء” من جهة، و إنشاء خط عسكري مغربي- صهيوني موجه ضد الجزائر.
و يوضح المصدر أن هذا التهديد، كان واضحا من خلال تصريحات الوزير الصهيوني من الدار البيضاء المغربية الذي ذكر الجزائر بالاسم حيث قال :”إسرائيل تعبر عن قلقها من دور الجزائر، التي أصبحت قريبة من إيران، والتي تقف وراء الحملة الأخيرة بهدف منع إسرائيل من الحصول على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي”.
وأكد أن تصريحات الدبلوماسي الإسرائيلي جاءت مدعمة لطلب النجدة الذي أطلقه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في ماي 2021، أمام لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية-الأمريكية، حيث ذهب يشكو من “خطر المناورات الإيرانية ” ضد المغرب.
تصريحات وزير الخارجية الصهيوني التي أعلن فيها الحرب بطريقة مقنعة على الجزائر، تتزامن مع تواجد الذراع الأيمن لفرحات مهني (رئيس حركة “الماك”، حركة استقلال منطقة القبائل) بالمملكة المغربية، حيث يتساءل المصدر، على تزامن تواجد هذه المنظمة التي صنفتها الجزائر “بمنظمة إرهابية ” بجانب إسرائيل في المغرب و الحرائق الكبيرة التي استهدفت منطقة القبائل و التي ذهب ضحيتها عشرات من المواطنين و العسكريين بالإضافة إلى الخسائر المادية الكبيرة. هذا ويرى المختصون في الشأن الأمني، أن أي اعتداء إسرائيلي يستهدف الجزائر من دولة حدودية يعتبر مغامرة لا تحمد عقباها، و هذا ما يدفع بالجزائر إلى شن هجمات شرسة ضد المغرب الذي يعتبر قاعدة خلفية للكيان الصهيوني بحسب الشروق.
كما يرى خبراء من المغرب وتونس أن مثل هذه الخطوات تشكل خطورة على الأمن القومي العربي، وأن هذا التعاون سيزيد من التوترات بين دول المنطقة وعلى رأسها الجزائر والمغرب. حيث قال العميد مختار بن نصر الخبير الاستراتيجي التونسي، إن مثل هذه الخطوات التي تتخذها المغرب مع إسرائيل لا تقبلها الجزائر، وتراها تهديدا لأمنها القومي، متوقعا أن يزيد ذلك من درجة التوتر بين البلدين.
فيما قال منذر ثابت المحل السياسي التونسي، إن دول شمال إفريقيا تنظر للتطبيع بين المغرب وإسرائيل على إنه إخلال بالأمن القومي العربي.
العقيد الجزائري المتقاعد، عبد الحميد العربي شريف، الخبير الأمني والاستراتيجي، قال في تصريحات إن “بعض الأطراف دائما ما تسعى لإفساد أي تقارب بين المغرب والجزائر، وأنها ليست من مصلحتها أن يحدث هذا الأمر”.
وقال شريف إن “فرنسا وإسرائيل ضمن الدول التي لا تريد التقارب بين البلدين، خاصة أن الانفتاح فيه مصلحة للدولتين، لكنه لا يخدم بعض الدول المعرقلة”.
وكان رئيس الوزراء الجزائري السابق عبد العزيز جراد قال إن هناك إرادة أجنبية حقيقية لوصول “الصهيونية” إلى حدود بلاده، واضاف، “هناك إرادة أجنبية حقيقية اليوم لوصول الكيان الصهيوني قرب حدودنا، يتعين على الطبقة السياسية والثقافية العمل على استقرار البلاد”، في إشارة إلى تطبيع العلاقات بين المغرب (الجارة الغربية للجزائر) وإسرائيل. وتابع “يجب أن نحل مشاكلنا الداخلية بيننا ويجب أن نعمل بجهود التضامن وبأخوة لإيجاد أحسن طريق للخروج من هذه الأزمة المتعددة ومحاولات استهداف الوطن “. وأكد جراد أن الشعب الجزائري يريد الوحدة والاستقرار والحرية انطلاقا من “احترام ثوابتنا الدينية”.
فيما يعتقد محللون ان الاختراق الإسرائيلي للمغرب ليس سهلاً، بل يعد خطيراً جداً، إذ يشكّل خطوة أولى لاختراق دول المغرب العربي كلها، ويمكن القول إنَّ “إسرائيل” يدها الآن على المغرب، لكن عينها على الجزائر وتونس وموريتانيا، وسيكون لهذا المشهد تداعيات خطرة على الصعيد الإقليمي، من المرجح أن تحدث في المنظور القريب، وهي تتمثل بتوظيف الاتفاقيات الأخيرة لتحقيق مطامع “إسرائيل” تجاه الدول المغاربية، أهمها استغلال “إسرائيل” للأراضي المغربية وإقدامها على إنشاء قواعد أمنية وعسكرية لها على حدود الجزائر، وخصوصاً بعد المواقف الجزائرية الأخيرة المناهضة لـ”إسرائيل” والرافضة لانضمامها عضواً في الاتحاد الأفريقي وتدشين حملة دولية للشأن نفسه، ناهيك عن الأهداف الأمنية الإسرائيلية الأخرى، وتحديداً على المنشآت العسكرية والاقتصادية في الجزائر.
ولتفكيك المشهد أكثر بعد هذا التحول المغربي الأخير، يجب ادراك أن غاية الكيان الصهيوني من وراء تطوير مسار التطبيع مع المغرب هي تحقيق انخراط الرباط بشكل فعلي في الحلف الذي بدأ بالإمارات، ثم البحرين والسودان، وقد تلحق به السعودية علانية في أي لحظة، خدمةً للمشروع الإسرائيلي في المنطقة. لكن هذا الحلف في حقيقته حلف وهمي والحقيقة التي يتغافل عنها المطبّعون هي أنّ “إسرائيل” وأطماعها ومشروعها، وهي التي تحتلّ فلسطين والمنطقة العربية، وتعمل على تقسيمها طائفياً وزرع الفتنة فيها، وتدفع بحروب طاحنة في داخلها، تشكّل خطراً حقيقياً كبيراً على الأمتين العربية والإسلامية.
وما القلق الصهيوني المزعوم من تقارب إيران والجزائر إلا ذريعة للتغطية على الانحدار سياسياً وأخلاقياً، إذ تتماهى دعايات المطبعين وسلوكهم مع تصريحات الإسرائيليين على الدوام والتي كان آخرها تصريحات وزير خارجية “إسرائيل” انطلاقاً من العاصمة المغربية الرباط والذي عبر عن قلقه من التقارب بين الجزائر وإيران.
ويرى كثيرون ان الجزائر مستهدفة اليوم لأنها أرادت ان تعود للواجهة الدبلوماسية فدخلت بقوة على الملفات الاقليمية والدولية من بينها قضية سد النهضة والتي تتدخل اسرائيل فيها وتدعم اثيوبيا حيث دخلت الجزائر للوساطة بين اثيوبيا والسودان ومصر، ووقوف الجزائر بقوة امام انضمام الكيان الصهيوني الى الاتحاد الافريقي كعضو مراقب، وسعي الجزائر إلى جمع وزراء خارجية الدول الفاعلة في الملف الليبي، من أجل التوصل إلى حل للأزمة الليبية نحو الذهاب إلى تأسيس ما يسمى بالقاعدة الدستورية على أساس توافق ليبي – ليبي، ومن ثم الذهاب إلى انتخابات. كل هذه الملفات الحساسة التي تقدم ذكرها تحركت فيها الدبلوماسية الجزائرية بشكل ربما أقلق الكيان الصهيوني ودفعه للتحرك وحرك من ورائه المغرب لكي يفكروا بإنشاء خط عسكري ضد الجزائر.
المصدر/ الوقت