التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

ما مدى جدية مزاعم التسامح الديني والعقائدي التي أطلقتها حركة “طالبان” 

في هذه الأيام، بينما تعزز حركة طالبان قوتها وسيطرتها على العاصمة الأفغانية، يتضاعف الاهتمام العالمي بهذا الحدث العظيم. ولقد أصدرت حركة طالبان مؤخرًا “عفوًا عامًا” في بيان لها عن كافة المسؤولين الحكوميين الافغان وطالبتهم بالعودة إلى العمل وطمأنت طالبان في البيان المجتمع الشيعي في مدينة “هرات” التي يسكنها غالبية الشيعة الافغان. وقال البيان انه لا يجوز الانزعاج من المراسم الحسينية التي يقيمها الاخوة الشيعة في مدينة “هرات”. وقال البيان: “صدر عفو عام عن الجميع .. لذلك يجب أن تستأنف حياتك الطبيعية بثقة تامة”. وسبق أن قالت طالبان إنها ستوفر الأمن للدبلوماسيين والموظفين الأجانب حتى يتمكنوا من مواصلة العمل بثقة. كما ورد أن بعض رجال شرطة المرور موجودون في أماكن عملهم ويقومون بتوفير الأمن. وعليه، أصدر نائب حركة طالبان “مولوي يعقوب” تعليمات لجميع رجاله في رسالة صوتية بعدم السماح لأي شخص بدخول منزل المسؤولين السابقين أو تهديدهم أو أخذ سيارة أو أسلحة. وأضاف أنه يتم اتخاذ إجراءات جادة ضد هؤلاء الأشخاص. كما أفادت بعض وسائل الإعلام أن طالبان كانت تقوم بنزع سلاح واحتجاز سيارات مسؤولين سابقين في الحكومة الأفغانية. واليوم أيضا، عادت موظفات التلفزيون الأفغاني إلى العمل.

ما مدى اختلاف طالبان عن الماضي؟

إن الأداء الميداني والسلوك الذي تعرضه طالبان حاليًا في أفغانستان مختلف تمامًا عما فعلوه في التسعينيات. وعلى عكس الفترة السابقة لحكم طالبان في أفغانستان، تمكن الشيعة في هذا البلد من إقامة مراسم حداد لعاشوراء والمراسم الحسينية دون أي مضايقات، كما أن طالبان كانت هي المسؤولة أيضًا عن تأمين هذه المراسم. بل إن بعض قادة طالبان حضروا مراسم عزاء شيعية في “هرات”، مؤكدين على ضرورة الوحدة الشعبية في أفغانستان. ويبدو أن طالبان تعلمت من أفعالها السابقة وهي تنوي هذه المرة اتباع نهج متسامح تجاه الأعراق والديانات الأخرى في أفغانستان. حتى أن طالبان تتحدث عن حقوق المرأة في أفغانستان في إطار الشريعة، وعلى عكس الفترات السابقة، ليس لديها مانع من مواصلة تعليم النساء في المدارس والجامعات.

هل ستستمر ممارسات طالبان الحالية؟

ومع ذلك، فإن بعض الخبراء يشككون في بعض مزاعم طالبان المتسامحة. وفي غضون ذلك، يبدو أن طالبان ليست جماعة متجانسة ومتشابهة تمامًا في التفكير، ولكن من حيث وجهات النظر، هناك تيارات فكرية مختلفة بين طالبان. وتبعا لذلك، وعلى الرغم من أن بعض جماعات طالبان تؤكد على حقوق المرأة وعودتها إلى العمل، إلا أن بعض الجماعات في طالبان لا تزال تعارض بشدة التسامح الديني. وقد تظهر في الايام القادمة الخلافات بين جماعات طالبان نفسها في تقسيم السلطة في كابول بين أعضائها. ويبدو الأمر كما لو أن أعضاء هذه المجموعة لم يتمكنوا بعد من الوصول إلى نتيجة محددة حول النظام السياسي وكيفية تقسيم المناصب والمواقف. لذلك، قد تظهر الخلافات بين أعضاء طالبان في المستقبل حول التسامح الديني للجماعة والسياسات الاجتماعية في كابول والمدن الأفغانية الأخرى.

الجدير بالذكر أنه انطلقت فعاليات قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يوم السبت الماضي في منطقة “شولبان آتا” بقرغيزستان. وتأتي هذه القمة في وقت تواجه فيه دول المنطقة، بما في ذلك بيلاروسيا وكازاخستان وروسيا وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، تحديات مشتركة في تطوير التعاون الاقتصادي وخلق سوق مشتركة في نهاية المطاف كهدف أساسي للاتحاد. وتشمل هذه التحديات الأمنية، وأزمة وباء كورونا، وتطوير التعاون وإزالة الحواجز التجارية. إن التنفيذ الناجح للقمة ليس بالمهمة السهلة. ومن دون شك، فإن أحد أهم التحديات والقضايا اليوم في آسيا الوسطى والاتحاد الاقتصادي الأوراسي هو أفغانستان. فقد أدت وتيرة التغييرات في أفغانستان بعد إعلان انسحاب القوات الأجنبية من البلاد، إلى سقوط كابول وسيطرة حركة “طالبان” على الشؤون الداخلية الأفغانية، لدرجة أن جيران أفغانستان كانوا قلقين من آثار وعواقب هذه التغييرات، لا سيما في الجانب الأمني. إن المخاوف الأمنية هي جزء آخر من التأثير المحتمل للتطورات في أفغانستان على آسيا الوسطى. وانتشار الإرهاب والتطرف والفتنة العرقية والطائفية هو الشاغل الأمني ​​الأهم لهذه الدول بسبب الفوضى التي تعيشها أفغانستان.

تهديد الولايات المتحدة لطالبان

في الوقت نفسه، تشكل بعض تحركات الجماعات المقربة من أجهزة المخابرات الأجنبية داخل طالبان التحدي الأكبر للجماعة. فبعض كبار قادة طالبان لديهم علاقات مع بعض الأجهزة الأمنية الإقليمية، بما في ذلك باكستان أو المملكة العربية السعودية ، ويمكن أن تكون هذه الروابط كعب أخيل للنفوذ الأمريكي في حركة طالبان. في الواقع، يجب على طالبان اتباع نهج مستقل، بعيدًا عن الاعتماد على الجهات الأجنبية، من أجل البقاء كحركة مستقلة. وقد تكون محاولة المملكة العربية السعودية التسلل إلى طالبان وسيلة للاستخبارات الغربية والأمريكية للتسلل إلى هذه الجماعة. فمن المهم للولايات المتحدة والغرب أن تستمر طالبان في التأكيد على الاختلافات الدينية كما فعلت في الماضي، بدلاً من السعي وراء التسامح الديني. لذلك، ربما يواصل بعض عناصر طالبان، تحت تأثير العوامل الخارجية المؤثرة، قرع طبول الفتنة والتشدد الديني. لذلك، فإن يقظة طالبان ضد مؤامرات الوكالات الأجنبية أمر حيوي للغاية لهذه الجماعة ووجودها المستقبلي في أفغانستان.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق