التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

صحيفة بريطانية: طالبان تكشف وسط انتصارها عن سجن أمريكي ارتكبت فيه أهوال 

وكالات ـ الرأي ـ
نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا لمراسلها في كابول أنطوني لويد تحت عنوان “طالبان سيدة قاعدة باغرام الجديدة تكشف عن الرعب في السجن الأمريكي بأفغانستان”.

فقد جلس مولوي حافظ محب الله مكتاز، زعيم ديني من قندهار (35 عاما)، ضاحكا حيث تلاعب بلوح تحكم وكأنه يطلب مقاتلة، وحدق في القاعدة الجوية التي كلفت مليارات الدولارات وبحجم مدينة صغيرة وقال “في أحلامنا المتوحشة لم نكن نحلم أبدا أن نهزم قوة عظمى كأمريكا بكلاشينكوفات”.

وقريبا كانت هناك مرابط مئات المقاتلات وبهو المسافرين والمستشفى المكون من خمسين سريرا وعلى البعد حظائر الطائرات، ومساكن الجنود والعربات الأمريكية التي تركت مهجورة، والسجن الذي كان مسرحا لأحلك الحلقات من الاحتلال الأمريكي.

وقال “عندما تبدأ الجهاد تفتح لك كل الأبواب” و”درسنا هو أننا هزمنا أمريكا بإيماننا وبنادقنا ونأمل أن تكون باغرام قاعدة الجهاد لكل المسلمين”.

ويعلق لويد أنه لا توجد قاعدة أمريكية في أفغانستان تعبر عن السقوط المريع للمهمة الأمريكية التي استمرت 20 عاما أكثر من قاعدة باغرام. وكانت مرة مركز عمليات النقل والدعم اللوجيستي والقاعدة العسكرية الرئيسية لمهام قوات التحالف، إلا أنها تركت في ليلة بدون ضوء بداية شهر تموز/يوليو. وأطفأ الجنود الأمريكيون الكهرباء وقطعوا المياه عنها بدون إخبار القوات الأفغانية. وكانت لحظة زادت من حس الخيانة التي شعر بها الأفغان. وتعرض الرئيس جوزيف بايدن الذي أنهى خروجا فوضويا من أفغانستان يوم 31 آب/أغسطس للانتقادات على تركه القاعدة التي كانت لديها القدرة على إدارة عمليات الجلاء.
وبالنسبة لطالبان الذين يتجولون في القاعدة الواسعة فباغرام هي قطعة ملموسة عن النصر. وعلق مكتاز “على أي دولة تفكر بالهجوم على أفغانستان النظر إلى باغرام وتعلم الدرس قبل القيام بالمغامرة الحمقاء”. و”انظر كيف تواضعت التكنولوجيا المتفوقة أمام المجاهدين هنا”.

ويقول لويد إن مزاج المسؤول الطالباني تغير عندما أخذه في جولة حول القاعدة “أنا هنا من عشرة أيام، وهي ضخمة ولست قادرا على التكيف بعد مع الوضع الجديد”، وكان يقود سيارة تويوتا، العربة المفضلة للحرب لدى طالبان. وتوقف لمدة وجيزة لفحص مروحية تركها الأمريكيون. ونظر مكتاز على مدرج الطائرات وطوله 3.600 متر والذي أكمل تعبيده في 2006 بكلفة 68 مليون دولار وقادر على استقبال لوكهيد سي-5 غلاكسي وبوينغ سي-17 غوبلماستر وقال “النصر مثل الحلم قد نستفيق منه في أية لحظة”.

وتقع القاعدة على بعد 90 دقيقة من كابول في سهل شمالي كان مرة قاعدة للمقاومة ضد طالبان قبل الغزو الأمريكي لأفغانستان في 2001، وهربت منها القوات الأفغانية في 15 آب/أغسطس، عندما دخلت وحدات طالبان العاصمة. وأطلقت طالبان سراح مئات المعتقلين في السجن سيئ السمعة بمن فيهم أعداد من عناصر تنظيم داعش- ولاية خراسان. وكان السجن القديم معروفا بانتهاكه السجناء على يد جلاديهم- وعذب اثنان منهم على الأقل حتى الموت عام 2002، وتم بناء سجن جديد في 2009، والذي أصبح السجن الرئيسي للأفغان الذين ألقت القوات الأمريكية القبض عليهم. وفي ذروة عمله عام 2011 استقبل مقاتلين من حركة طالبان وإرهابيين بارزين بعشرة أضعاف ما استقبله معتقل غوانتانامو في كوبا.
وظل السجن محاطا بالجدل، ففي تقرير مسرب عام 2009 قال الجنرال ستانلي ماكريستال، أشهر القيادات العسكرية في أفغانستان وأكثرهم بعد نظر، إن سجن باغرام هو المكان الذي “يختلط فيه الإسلاميون الملتزمون مع المجرمين الصغار ومرتكبي الجرائم الجنسية ويستخدمون الفرصة لزرع التشدد في عقولهم وتثقيفهم.. مئات منهم اعتقلوا بدون توجيه تهم ولا يعرفون ماذا سيحدث لهم”. ولاحظ أن السجن الأفغاني أصبح مركز تجنيد وتخطيط خارجا عن السيطرة للمتمردين. وقال “هناك متمردون لكل قدم مربع في المركز الإصلاحي أكثر من أي مكان في أفغانستان” و”بدون رقابة ينتظر قادة طالبان/ القاعدة بصبر وينسقون ويعدون الخطة غير آبهين بتدخل حرس السجن أو الجيش”.

وتم نقل السيطرة على السجن للأفغان في 2012 مع احتفاظ الأمريكيين بسجن سري تحت الأرض أطلق عليه “السجن الأسود”. ولم يتم الكشف عن الموقع الذي أدارته الاستخبارات العسكرية وقوات العمليات الخاصة وأصبحت قصته أسطورة في الخيال المعاصر. ويقول الكاتب إنه التقى بعدد من قادة طالبان في القاعدة يوم الإثنين كانوا يبحثون فيها عن مكان وجوده، وبعد انتشار شائعات عن ترك الأمريكيين السجناء يموتون في الزنازين. ولأن طالبان لم تذكر القصة فمن غير المحتمل أنها أسطورة خاصة أنها لا تزال في أذهان من عاشوها. وكان من بين المعتقلين الكبار في السجن، أنس حقاني، الأخ الأصغر لسراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني وأحد الرجال الأقوياء في أفغانستان. وكان أنس في سن العشرين عندما اعتقل في البحرين عام 2014 وظل معتقلا في باغرام حتى اتفاق تبادل السجناء عام 2018.

ويقول لويد إن مكتاز ساق عربته عبر بوابة فولاذية كانت خارجة من جدار مجمع السجن. وقاد مكتاز الطريق إلى منشأة أمريكية معتمة، كآبة في أقفاص المعتقلين، وغرف التحقيق بشاشات المراقبة والتي انتشرت فيها معدات التحكم والأصفاد ومكافحة الشغب، هنا كان يقع الجانب السفلي لحرب أمريكا. وشكل ممر طويل العمود الفقري للسجن، وعلى جانب كانت هناك أقفاص بحجم المستودعات أسطح عليها علامات الحريق والتي قام بحراستها مرة الجنود الأمريكيون، وأضيئت لحرمان السجناء من النوم. وظهر خلفنا من فتحة في الجدار، قيادي من هيلمندـ مولوي أحمد شاه، 44 عاما إلى جانب حرسه والوفد المرافق له. وقد اعتقل هنا مرتين، مرة في السجن الأصلي عام 2002 وأخرى في السجن الجديد عام 2009، حيث ظل في عهدة الأمريكيين ثم الأفغان معتقلا في قفص لمدة ثلاثة أعوام ونصف.

وقال إنه عاد عشية الانسحاب الأمريكي لرؤية مكان اعتقاله لحظة النصر. ويتذكر أحمد شاه ما حصل له “في أول مرة عذبني الأمريكيون بشكل متكرر” و”جردت من ملابسي وتم رشي بالماء البارد وعلقت من الأصفاد وضربت. وتعرضت للإهانة بطرق لا أستطيع وصفها وتم تصوير ما حدث لي” و”في المرة الثانية اعتقلت لمدة أطول ولم يكن النظام سيئا مع أنه ظل قاسيا”. وفي تجوله بمجمع الأقفاص والذي كان فيه ما بين 24- 30 فرشة نظر إلى الصور التي رسمها السجناء على الجدران وقال “من الصعب تخيل أنني كنت محتجزا هنا. الجنود الأمريكيون يمشون على القضبان فوقنا ويحدقون بنا ويوجهون الضوء الساطع علينا في أي وقت أحبوا، وتمت مراقبتي طوال الوقت وحقق معي وأهنت”.

وهناك أقفاص صغيرة بدون نوافذ مما يقترح أوضاعا صعبة. وخلف السجناء علامات بالأصابع عملوها من الرماد كإشارة عن اليأس وغياب الأمل. وشاهد الكاتب كومة من الخوذ والأصفاد والستر الواقية وسط رائحة كريهة. وقال مكتاز متسائلا “طوال 15 عاما وأنا أقاتل الأمريكيين كمجاهد فكرت إن كنت سأسجن أو أموت”، “لكن هذا دليل على قوة الإيمان والله والجهاد ومن خلال النصر آمل أن تتحول قاعدة باغرام إلى مكان لنشر الجهاد في المنطقة وبقية العالم الإسلامي”.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق