التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

عقب لقائه وفداً أمريكيّاً.. الرئيس التونسيّ في مرمى الانتقاد اللاذع 

في الوقت الذي يدافع فيه الرئيس التونسيّ قيس سعيد عن إجراءاته الاستثنائيّة، ويصفها بأنّها متوافقة مع الدستور وضروريّة لمواجهة حالة الشلل السياسيّ التي تعيشها البلاد ومؤسسات الدولة، والوضع الوبائيّ الخطير المرتبط بجائحة فيروس كورونا المستجد، دعت الولايات المتحدة سعيد إلى العودة لما أسمته المسار الديمقراطيّ، أي تعيين رئيس جديد للحكومة، والعودة للنظام الدستوريّ الذي يقوم فيه البرلمان المنتخب بدور كبير، فيما اعتبر كثيرون أنّ تطرق الرئيس التونسيّ إلى الوضع الداخلي خلال استقباله لوفد برلمانيّ أمريكيّ، محاولة لفتح الباب أمام التدخل الخارجيّ في الشؤون التونسيّة الداخلية، فيما انتقد آخرون بشّدة سماح السلطات التونسيّة باستقبال طائرة وفد الكونغرس القادمة مباشرة من مطار بن غوريون التابع للعدو الصهيونيّ الغاصب، معتبرين أن هذا الأمر يدخل في إطار “التطبيع” مع الصهاينة، رغم أنّ الرئيس التونسيّ عبر مراراً عن رفضه القاطع للتطبيع مع عدو العرب والمسلمين الأول، معتبراً ذلك “خيانة عظمى”.

جدلٌ واسع

بخلاف ما يُروّج من ادعاءات مغلوطة وافتراءات كاذبة، أكّد الرئيس التونسيّ خلال لقاء عضوي مجلس الشيوخ الأمريكيّ، كريس ميرفي وجون أوسوف، أنّ التدابير الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو/ تموز المنصرم، تندرج في إطار الاحترام التام لدستور البلاد، موضحاً أنّها تعكس إرادة شعبيّة واسعة وتهدف إلى حماية الدولة التونسيّة من محاولات العبث، حيث يسعى رئيس الجمهورية لتعديل الدستور لعدم رضاه عن النظام السياسيّ الحاليّ، وبعد شهر ونصف من قراراته الأخيرة، لم يكلف سعيد أيّ رئيس للحكومة، كما مدد تجميد عمل البرلمان لأجل غير مسمى.

وفي هذا الخصوص، تدعي الولايات المتحدة بأنّها ترغب بعودة تونسيّة سريعة إلى المسار الديمقراطيّ والإنهاء السريع لحالة الطوارئ، وتزعم أنّ مصلحتها الوحيدة هي حماية وتعزيز ديمقراطيّة واقتصاد سليمين للتونسيين، مع وقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف دون أيّ مصلحة في دفع أجندة إصلاحيّة على أخرى، في ظل ادعاءات بأن البيت الأبيض سيواصل دعم ديمقراطيّة تونس ويستجيب لاحتياجات الشعب التونسيّ ويحمي الحريات المدنيّة وحقوق الإنسان.

لكن هذا اللقاء والتصريحات التي صدرت عنه، أثارا جدلاً واسعاً في الأوساط السياسيّة التونسيّة، وتعرض الرئيس التونسيّ لانتقادات لاذعة بسبب حديثه عن تفاصيل الوضع الداخليّ لدى استقباله وفداً من الكونغرس الأمريكيّ دون أيّ حرج من ذلك، ما اعتبر أنّه فتح لباب التدخل الأجنبيّ على مصراعيه، وأشار آخرون إلى أنّ السيادة الوطنية لتونس تقتضي الرفض المطلق في التعاطي بشأن داخليّ مع قوى إقليميّة ودوليّة سواء كانت داعمة ومتفهمة لما جرى كمصر والسعودية والإمارات وفرنسا، أو معارضة له مثل الولايات المتحدة وتركيا وقطر.

أيضاً، عبر سياسيون تونسيون عن رفضهم كافة أشكال التدخل الأجنبيّ في الشأن الداخليّ التونسيّ، مطالبين رئيس البلاد بتوخي التشاركيّة والتفاعل الدائم مع القوى المجتمعيّة والمدنيّة والسياسيّة لتحصين القرار الوطنيّ ضد المحاولات السافرة لارتهانه للخارج، مؤكّدين على مقومات السيادة الوطنيّة من خلال العمل على معالجة التداين المفرط وإنعاش الاقتصاد وتصليب عود الديمقراطيّة والحكم الرشيد، بعيداً عن الأحاديث الدفاعية والتبريريّة والتعاطي غير المسبوق في الشأن الوطنيّ الداخليّ مع أيّ وفد أجنبيّ.

انتقاداتٌ لاذعة

تعرضت الحكومة التونسيّة لانتقادات كثيرة بسبب سماحها لطائرة الوفد الأمريكيّ بالهبوط في مطار قرطاج، رغم علمها المسبق بأنّها قادمة مباشرة من مطار بن غوريون التابع للكيان الصهيونيّ المجرم، ويشدّد التونسيون على التَّطبيع خيانة لا يمكن تبريرها وخطأ تاريخيّاً جسيماً، مطالبين بمحاسبة المسؤولين الذين أعطوا الإذن لطائرة (SPAR96) الوفد الأمريكي بالقُدُوم مباشرة من مطار بن غريون إلى مطار تونس قرطاج الدّولي سواء ديوان الموانئ الجوِّيَّة أو وزير ووزارة النَّقل أو رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهوريَّة حتى، لأنَّ تونس لا تعترف أبداً بالكيان المعتدي، والدول المعادية لهذا السرطان الإرهابيّ في المنطقة ترفض التعامل المباشر وغير المباشر مع تل أبيب، والدليل على ذلك أنّ طائرة وفد الكونغرس الأمريكي اضطرَّت للسَّفر من مطار بن غريون إلى مطار لارناكا في قُبرص ثُمَّ مطار رفيق الحريري الدّولي ببيروت ولم يسمح لها برحلة مباشرة بين المَطارين.

وينبع الموقف التونسيّ الشعبيّ والرسميّ الداعم للقضيّة العادلة والمحقة للشعب الفلسطينيّ وأرضه، بسبب سياسات الكيان الاستيطانيّة والإجراميّة ضدَّ أصحاب الأرض والمقدسات، وبسبب جريمتَي العُدوان الَّتي ارتكبها العدو في غُرَّة عام 1985 ضدَّ سيادة تونس وضيوفها من قيادة منظَّمة التَّحرير الفلسطينيَّة، في ضاحية حمَّام الشَّاطئ، وفي العام 1988 عندما اغتيل القائد أبو جهاد خليل الوزير في ضاحية سيدي بوسعيد، وهي جرائم حرب أدانها مجلس الأمن الدوليّ في القرارين 573/1985 و 611/1988 بأغلبيَّة 14 صوتاً مع تحفظ الولايات المُتَّحدة الأمريكيَّة دون استخدام حق النَّقض “الفيتو”، لهذا فإنّ التَّطبيع بنظر التونسيين هو خيانة لدماء الشُّهداء الطَّاهرة الزَّكيَّة وللقضيَّة الفلسطينيَّة المقدسة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق