السلطة الفلسطينة تمنع المساعدات من الدخول إلى غزة
في مطلع العام 2021 خصصت قطر منحة مالية لقطاع غزة بقيمة 360 مليون دولار وكان من المقرر صرفها على مدى عام كامل بمعدل 30 مليون دولار شهرياً وهي موزعة بين 10 ملايين لكهرباء القطاع، و10 ملايين لبرامج التشغيل الموقت فيما تصرف البقية لنحو مئة ألف عائلة فقيرة، بما يشمل موظفين من حكومة حماس. وذلك في إطار دعم الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، كما كان من المقرر أن تستخدم هذه المنحة لدفع رواتب الموظفين، وتقديم المساعدات المالية للأسر المتعففة، وتشغيل محطات الكهرباء، للحد من تفاقم الوضع الإنساني والظروف المعيشية الصعبة في القطاع.
المساعدات القطرية منذ عام 2009
منذ 2009 تتبنى دولة قطر مشاريع عملاقة لإعمار قطاع غزة، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر.
وبلغت المساعدات التي قدمتها قطر لقطاع غزة 180 مليون دولار عام 2019، وأسهمت الدوحة في إعادة إعمار 10 آلاف بيت دمرت في الحروب التي تعرض لها القطاع المحاصر.
ومنذ عام 2012 حتى 2019 بلغ مجموع ما قدمته قطر للفلسطينيين 1.032 مليار دولار، سواء في غزة أو الضفة الغربية المحتلة.
السلطة الفلسطينية تمنع دخول المساعدات إلى الضفة
قال رئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة في بيان مساء الجمعة “تراجع” السلطة الفلسطينية عن “تفاهمات” حول صرف جزء من المنحة القطرية عبر بنوكها لموظفي الحكومة التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة.
وأضاف السفير القطري محمد العمادي في بيان له إن السلطة الفلسطينية أبلغته “قرار تراجعها عن صرف منحة موظفي غزة (موظفي حكومة حماس) عبر البنوك التابعة لسلطة النقد بغزة، رغم التفاهمات الأخيرة”.
وأكد “قيام قطر بتحويل الأموال للسلطة تمهيداً للبدء بعملية الصرف خلال الأيام المقبلة”.
وأضاف العمادي أن “مبررات السلطة للتراجع تمثلت في المخاوف من الملاحقات القانونية وتوجيه الاتهامات للبنوك (الفلسطينية) بدعم الإرهاب”.
وشدد على أن اللجنة القطرية “تعمل حالياً على حل الإشكالية وإيجاد طريقة بديلة لصرف منحة موظفي غزة” دون مزيد من التفاصيل.
وكان العمادي أعلن الأسبوع الماضي التوصل لاتفاق مع السلطة الفلسطينية حول آلية لصرف المنحة القطرية، ومن بينها لموظفين من حكومة حماس، عبر البنوك المعتمدة لدى السلطة الفلسطينية وبإِشراف الأمم المتحدة.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أعلن الشهر الماضي التوصل إلى آلية جديدة لنقل أموال المنحة القطرية إلى غزة، والتي سيتم تنفيذها من خلال الأمم المتحدة وتحويلها عبر البنوك وباشراف إسرائيل.
ومنذ المواجهة العسكرية الأخيرة بين إسرائيل وحماس في آيار/مايو، توقف تحويل الأموال القطرية إلى غزة علماً أنّها كانت تنقل نقدا عبر معبر بيت حانون.
محاولات خبيثة من الاحتلال لتقوية السلطة وإضعاف حماس
يعمل الاحتلال في الوقت الحالي على تقوية السلطة في غزة والضفة وإضعاف حركة حماس، ومحاصرتها والتضييق عليها، من خلال محاولة منح السلطة صلاحية تولّي زمام المبادرة في عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وكذلك التحكم في دخول الأموال وغيرها، وهو يأتي أيضاً في ظلّ الرغبة الأمريكية في إحياء دور السلطة من جديد، لإعادة المفاوضات مع الاحتلال، بعد حالة الجمود التي شهدتها خلال فترة الرئيس السابق ترامب.
خاصة أن حركة حماس تمرّ الآن في مرحلة صعبة ويتم العمل على إضعافها وتحجيم دورها، وهو أمر قد يدفع إلى توجّه إقليمي ودولي للضغط على حلفاء الحركة الإقليميين، كتركيا وقطر، لإبعادهم عن دعمها، بهدف تقييد نفوذها، والضغط عليها لتقديم تنازلات في العديد من القضايا، بشروط أقلّ من التي تطرحها المقاومة في غزة.
فمنذ انتهاء العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة لم تتوقف مساعي السلطة الفلسطينية في كل الاتجاهات من إعاقة أي عملية إدخال أموال إلى قطاع غزة وهي تتلقى الأوامر بهذا الشأن من ولي الأمر الأمريكي والصهيوني وتمنع وصول هذه الأموال إلى الفئة الأشد فقراً في القطاع.
بالتزامن مع تشديد “إسرائيل” حصارها على قطاع غزة عقب انتهاء العدوان الأخير، لم تصرف السلطة الفلسطينية أي مخصصات للشؤون الاجتماعية، أو لذوي الأسرى والشهداء والجرحى، مما فاقم من معاناة الناس عامة، والفئات الأكثر احتياجاً خاصة.
السلطة تغذي خزينتها على حساب القطاع
تضع السلطة الفلسطينية شروطاً خاصة على المانحين من أجل إعادة إعمار قطاع غزة وذلك بإدخال المساعدات المالية للقطاع عبر بوابتها، وتهدف من وراء ذلك تغذية خزينتها المالية من تلك الأموال على حساب المتضررين.
كما أن السلطة لها تجربة سابقة في هذا المجال من خلال أموال إعمار القطاع من عدوان 2014 التي ذهبت لتمويل خزينة السلطة، فيما بقيت الكثير من المنشآت السكنية والاقتصادية مدمرة بغزة.
وترفض السلطة الفلسطينية تشكيل لجنة عليا للإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة في رغبة منها للتفرد بالأموال التي تصل دون حسيب أو رقيب فهي تجمع أموالاً من غزة أكثر من التي تنفقها في القطاع.
وتفرض السلطة إجراءات مشددة على الجمعيات الخيرية والمؤسسات العاملة في قطاع غزة عبر إعاقة التحويلات المالية لها عبر البنوك التي تخضع لسلطة النقد التابعة للسلطة في القطاع، وتفرض عليها قيوداً مشددة تمنعها من التحرك والعمل بأريحية بهدف إغاثة الفقراء والمحتاجين في القطاع.
تشديد الحصار بعد العدوان
عد نهاية عدوان الـ11 يوماً على قطاع غزة المحاصر كان الناس يتوقعون انفراجة بعد فترة طويلة من المعاناة والحصار من عدة أطراف لكن بعد انجلاء غبار الحرب شهد القطاع تشديداً للحصار من الاحتلال من جهة، والسلطة التي استكملت دورها السابق، وزادت من حدة إجراءاتها بحق المواطنين وحق الاقتصاد الفلسطيني عامة من جهة أخرى.
فمنذ عيد الأضحى، لم تصرف أي رواتب متعلقة بمخصصات الشؤون الاجتماعية رغم مرور وقت طويل على عدم صرفها، فيما لم تصرف مخصصات الأسرى والشهداء، وكل ذلك يأتي في سياق تشديد الحصار بعد الحرب الأخيرة.
ويرى العديد من المراقبين أن السلطة الفلسطينية تساهم مساهمة كبيرة في إعاقة أموال الإعمار إلى قطاع غزة حيث تتوقف مشاريع الإعمار، وينتظر المتضررون بارقة أمل تمكنهم من إعادة بناء منازلهم، إلا أنّ محاولات السلطة تعرقل دخول الأموال بدعوى أن هذه الأموال يجب أن تمر عبر خزينة السلطة رغم المطالبات بتشكيل لجنة عليا للإشراف على عملية الإعمار.
إن هذا الحصار المالي والاقتصادي ألقى بظلاله السلبية على مجمل الأوضاع الحياتية والمعيشية في غزة، وفاقم من ظروف الفقر والبطالة، والذي بسببه أغلقت عشرات المصانع بسبب عدم دخول المواد الخام، وتوقفت مشاريع البناء بسبب عدم توفر بناء المواد الأساسية والتي تصل من خلال الجانب الصهيوني، نظراً لوجود بعض السياسات التي تقوم بها السلطة من أجل تضييق الخناق وفرض المزيد من التشديد على القطاع.
إذاً هي مخططات أمريكية صهيونية الهدف منها تمكين حركة فتح والسلطة مرة أخرى وإضعاف حركة المقاومة حماس وتشديد الخناق عليها لأن المحتل الاسرائيلي شعر بالخطر بعد الحرب الأخيرة وأحس أن الضفة الغربية أيضاً ستصبح مسرحاً لقوى المقاومة وسيتم ضرب الكيان الصهيوني من الداخل في أي مواجهة قد تندلع في المستقبل.
المصدر / الوقت