“إسرائيل” تتبع سياسة جديدة.. بينیت يفتح النار ضد حماس وغزة
مهام ثلاث في قطاع غزة تحدث عنها رئيس الوزراء الصهيونيّ، نفتالي بينيت، وذلك في مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة الثلاثاء الماضي، مشيراً إلى موافقته على صفقة لتبادل الأسرى مع حركة “حماس” في ظروف معينة لم يذكرها، فيما انتقد سلفه بنيامين نتنياهو قائلاً: “نحن في النقطة نفسها بالضبط”، حيث إنّ الصهاينة كانوا في جولة قتال قبل أربعة أشهر، في عملية حارس الجدران ضد معركة “سيف القدس” أواخر مايو/ أيار، التي سبقت توليه المنصب بشهر تقريباً، وقد أطلقت حركة المقاومة الفلسطينيّة حماس صواريخ على القدس وتل أبيب، وفي 22 مايو/ أيار المنصرم، بدأ وقف لإطلاق نار بين فصائل المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيونيّ برعاية مصرية، أنهى هجوماً عسكريّاً إسرائيليّاً استمر 11 يوماً ورافقه ردٌ مُزلزل من حماس التي اعتبرها بينيت “منظمة نقشت على رايتها قتال الصهاينة حتى النهاية”.
نهجٌ جديد
بيّن رئيس وزراء العدو أنّه يتبع نهجاً جديداً وهو قصف أهداف في القطاع المحاصر منذ أكثر من 10 سنوات، ليس فقط مقابل كل صاروخ، بل أيضاً مقابل كل بالون حارق يتم إطلاقه من غزة، والتي تُطلق بالأساس نتيجة التصعيد الإسرائيليّ المتواصل، وفرض حصار خانق لتجويع سكان قطاع غزة، الشيء الذي أُجبر نشطاء المقاومة الشعبيّة على توسيع عمليات إطلاق البالونات الحارقة وتطويرها، لتتسبب في اندلاع الحرائق في أحراش المستوطنات المحاذية لغزة، وقد اعتاد الجميع على إطلاق مثل تلك البالونات الحارقة والمفخخة باتجاه مستوطنات الاحتلال القريبة من غزة، بسبب طغيان عصابات الكيان على هذا الشعب المُهدد في أرضه.
وأوضح الصهيونيّ المتشدّد أنّ لديه 3 مهام في قطاع غزة، الأولى هي منع إطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة التي طورها الفلسطينيون لردع الكيان الصهيونيّ المجرم عن حصاره واعتداءاته، وشكلت رعباً حقيقاً للعدو بسبب بساطة تصنيعها وسهولة إطلاقها وتسببها بحرائق كبيرة في الأراضي الزراعيّة، ولم تفلح قوات العدو بإيجاد منظومة ردع لهذا السلاح رغم محاولاتها الحثيثة والمستمرة، لأنّ إطلاق تلك البالونات على الأراضي المحتلة، يجبر الدفاع الجويّ العدو على استخدام صواريخ باهظة الثمن عبر “نظام القبة الخشبيّة” لاعتراضها، وقد رأينا في الماضي أن بعض المقذوفات قد مرت عبر الحاجز الدفاعيّ لهذا النظام الدفاعي وفي حالة وجود عدد كبير من إطلاق النار وعشرات من هذه البالونات أو الطائرات بدون طيار الحارقة، فإن نظام دفاع العدو لن يكون لديه صاروخ واحد للتعامل مع تلك التهديدات.
وتتلخص المهمة الثانيّة وفقاً لبينيت بمحاولة وقف تعاظم قوة “حماس” مقابل هدوء مؤقت، مثلما حدث في لبنان خلال الـ 15 عاماً الأخيرة، حيث باتت المقاومة اللبنانيّة “حزب الله” تمتلك 150 ألف صاروخ، لكن حماس وباعتراف الجميع باتت أكثر استعداداً مما مضى وإنّ الحاضنة الشعبيّة أشد التفافا حولها، وهي لا نستعجل الحرب، وإذا فكر العدو من الاقتراب من دماء الشعب الفلسطينيّ فسوف يفاجأ بما لم يتوقع وسيعود مهزوماً، خاصة أنّ المقاومة الفلسطينيّة على يقيت بأنّ اليوم الذي يمر دون إحراز تقدم في قدراتها العسكريّة والتكتيكيّة يطيل من عمر الكيان ويزيد من إجرامه واعتداءاته المتواصلة، فالسنوات التي مرت على المقاومين المحاصرين، زادت رغبتهم في اجتثاث سرطان الإجرام من بلادهم، ما جعل قوتهم وخبرتهم أكبر وحنكتهم أعظم و صواريخهم أشد قوة وأبعد مدى.
أما المهمة الثالثة تتمثل في إعادة 4 أسرى ومفقودين إسرائيليين لدى حماس، وإنّ موقف الحركة واضح وجليّ في مفاوضات تبادل الأسرى، وقد تحدثت مراراً أنّ الاحتلال يعلم هذا الموقف وأن الوسطاء الأمميين والقطريين والمصريين يدركون ذلك، وتؤكّد أن ما يتعلق بقضية الأسرى وما لدى المقاومة من أسرى إسرائيليين، هو حق إنسانيّ وقضية سياسيّة وإنسانيّة لا يقابلها إلا الإفراج عن الأسرى في سجون الاحتلال، ولم تمانع المقاومة الفلسطينيّة أبداً في السير ضمن خطين متوازيين، خط تثبيت التهدئة مع الكيان الصهيونيّ وانتزاع مطالب الفلسطينيين وإعمار ما دمره الاحتلال، والخط الآخر ما يتعلق بالإفراج عن الأسرى، لأنّ الأسرى الفلسطينيين بالنسبة للشعب الفلسطينيّ أهم بكثير من صفقات العدو في الغذاء وإعادة الإعمار، والصهاينة يريدون وضع الفلسطينيين في مأزق كبير وحرمانهم من أبسط حقوقهم، رغم أنّهم ببساطة يستطيعون حل تلك المسألة من خلال الإفراج عن مئات من الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون أشد معاناة داخل سجون العدو الغاشم.
وفي الوقت الذي يفرض فيه العدو العنصريّ حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على قطاع غزة الذي يقطنه نحو مليوني نسمة منذ عام 2006، يُقدر عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون التابعة للعدو، حتى 6 سبتمبر/أيلول الجاري، بنحو 4 آلاف و650، بينهم 40 امرأة ونحو 200 قاصر، إضافة إلى 520 أسيراً إداريّاً (من دون أيّ تهمة ولا محاكمة)، وفق منظمات فلسطينيّة معنية بهذا الشأن.
إعلان حرب
اعتُبرت تصريحات بينيت التي أطلقها مساء الثلاثاء الماضي “إعلان حرب” على الفلسطينيين بجميع مكوناتهم، وشملت المقاومة والفلسطينيين وحركة “فتح” التي تربطها علاقات أمنيّة بالعدو، حيث أكّد أنّه لا يرى أيّ منطق في لقاء يجمعه بالرئيس الفلسطينيّ، محمود عباس، مجدداً رفضه إقامة دولة فلسطينيّة، قائلاً: ليس هناك منطق أن أتحدث مع شخص رفع دعوى قضائيّة ضد قادة الجيش الصهيونيّ في المحكمة الجنائيّة الدوليّة بلاهاي، في إشارة التحقيق الذي أطلقته المحكمة حول ارتكاب مسؤولين صهاينة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث بدء التحقيق منذ مارس/ آذار الماضي.
وتعليقاً على لقاء جمع وزير الحرب الصهيونيّ بيني غانتس، بالرئيس عباس، في مقر الرئاسة الفلسطينية وسط الضفة الغربية المحتلة برام الله أواخر الشهر الفائت، نوّه بينيت إلى أنّ تصوره يختلف عن غانتس رغم أنهما يعملان بانسجام، فإنّ يعارض “إقامة” دولة فلسطينيّة، مبرراً موافقته على طلب وزير الحرب لزيارة الرئيس الفلسطينيّ، لأنّه “تولى مسؤولية عملية التسوية في غزة”، وكان هذا اللقاء مرفوضاً من حركتي “حماس” و”الجهاد” الإسلامي، حيث استنكرتا ذلك واعتبرتا أنّه مرفوض من الكل الوطني، و”شاذ” عن الروح الوطنية للشعب الفلسطينيّ.
وفي هذا الشأن، قالت وزيرة الداخلية في حكومة العدو، أيليت شاكيد، في وقت سابق، أنّ الرئيس الفلسطيني “ليس شريكاً”، مضيفة في تصريحات نقلتها قناة “كان” الرسميّة أنّ رئيس الوزراء بينيت “لن يقابله ولا ينوي ذلك”، وذلك في ظل استمرار حركة “فتح” برئاسة محمود عباس بالتنسيق الأمنيّ مع العدو المستبد وتبجح المؤسسة الأمنيّة والعسكرية الصهيونيّة في تمجيد دور ذلك التنسيق في الحد من الأعمال الفدائيّة ضد قوات الكيان الإرهابيّ ومستوطنيه، وتشجيعها جنود الاحتلال والمستوطنين على العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين من خلال مخطّطات العدو الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس، فيما لا تزال تل أبيب تعتبر السلطة الفلسطينيّة عدواً، وتسعى للحفاظ على هيمنتها على الأراضي الممنوحة لها في اتفاق التسوية، ما يؤكّد أنّ التصدي والمقاومة هما السبيل الوحيد لإنقاذ فلسطين من عدوان الصهاينة المتصاعد وحماية فلسطين وشعبها ومقدساتها.
المصدر/ الوقت