التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

بيان مجلس التعاون المعادي لإيران… محاولة إخفاء الخلافات عبر اللجوء إلی إيران فوبيا 

بالنظر إلى قبول إيران مؤخرًا كعضو دائم في منظمة شنغهاي للتعاون، ودبلوماسية طهران المتعددة الأطراف على مختلف المستويات لزيادة العلاقات مع مختلف البلدان، بما في ذلك الجيران الإقليميين وكذلك الجهات الفاعلة عبر الإقليمية، يبدو أن استراتيجية إيران فوبيا في العالم العربي قد عادت إلى جدول أعمال المسؤولين الأمريكيين. ويمكن رؤية مثال واضح له في الاجتماع الأخير لمجلس التعاون، والذي أثار اتهامات واهية ضد إيران بشکل غير مسبوق.

بيان مجلس التعاون

في البيان الختامي للاجتماع الـ 149 لمجلس التعاون على مستوى وزراء الخارجية، والذي عقد الخميس الماضي، وُجهت اتهامات متكررة لا أساس لها ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وجدد البيان ما تسمى “سيادة الإمارات” على جزر “طنب الكبرى” و”طنب الصغرى” و”أبو موسى”، وزعم أعضاء مجلس التعاون أن “أي إجراء تتخذه إيران على هذه الجزر الثلاث باطل، ولن يؤثر على سيادة الإمارات على هذه الجزر”.

كما وجَّه البيان اتهامات لإيران بشأن المحادثات النووية، وزعم مجلس التعاون أن “أي مفاوضات مستقبلية يجب أن تحل سلوك إيران المثير للتوتر في المنطقة، ودعمها للإرهاب والميليشيات الطائفية، وبرنامج إيران الصاروخي، وتوفير الأمن البحري الدولي والمنشآت النفطية؛ وعلى دول مجلس التعاون أن تكون حاضرةً في كل هذه المفاوضات والاجتماعات الدولية والإقليمية الأخرى، لأن هذه القضية تتعلق بالأمن والاستقرار الإقليميين”.

حتی أن بيان المجلس ومن خلال تصريحات تدخلية، يدين “عدم امتثال إيران لالتزاماتها وزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم لديها”، ويطلب من طهران الالتزام بتعهداتها للوكالة الدولية للطاقة الذرية والتعاون اللازم”.

بالنظر إلى الأحكام والمحاور المذكورة، هناك نقطتان لافتتان للغاية؛ الأولی هي أنه على الرغم من حقيقة أن دول مجلس التعاون لها مواقف مختلفة من إيران، وأن نوعية علاقاتها مع طهران ليست موحدةً بأي حال من الأحوال؛ على سبيل المثال تتمتع عُمان وقطر والكويت بعلاقات سياسية واقتصادية جيدة مع إيران، فلماذا اتفقت فجأةً على إصدار بيان ضد إيران؟

والنقطة المهمة الأخرى هي، لماذا كرَّس مجلس التعاون، بدلاً من مناقشة المستوى العالي من الخلافات بين الدول الأعضاء، معظم بيانه للقضايا المتعلقة بإيران؟

البيان المعادي لإيران يشير إلى عدم القدرة على حل الخلافات الداخلية

في الوقت الحاضر، يمكن للمرء أن يلاحظ فجوةً واضحةً للغاية في مجلس التعاون فيما يتعلق بالعلاقات مع طهران.

ففي حين أن السعودية والبحرين، وبدرجة أقل الإمارات، تتخذ مواقف معادية تجاه إيران، من ناحية أخرى تمكنت طهران من إقامة علاقات جيدة مع أعضاء آخرين في مجلس التعاون.

على سبيل المثال، تستمر العلاقات الدبلوماسية بين إيران وسلطنة عمان على أعلى مستوى ممكن، وإلى جانب العلاقات السياسية الوثيقة، لعبت مسقط دورًا مهمًا في بدء المحادثات النووية بين طهران والغرب في السنوات الأخيرة، وهي تتوسط الآن في الأزمة اليمنية.

كما أن علاقات إيران السياسية والاقتصادية مع قطر والكويت تجري على مستوى مناسب، وقد دعت الدوحة مرارًا إلى الوساطة ودفع الحوار لتقليل الخلافات بين إيران والسعودية.

ولذلك، فإن الإجماع المعادي لإيران في مثل هذه الأجواء، يشير بوضوح إلى ضغوط أمريكية على الأعضاء لإعادة بناء التحالف المناهض لإيران في دول مجلس التعاون، والذي تم إضعافه بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

ورداً على السؤال الثاني، يمكن القول إن تكرار الاتهامات السابقة التي لا أساس لها بشأن إيران، هو مؤشر أكثر من أي شيء على عدم قدرة الدول الأعضاء في هذا المجلس على مناقشة الخلافات الجدية وتقليص مستوى الثغرات في المجلس، بحيث أن البيان كله مخصص للاتهامات الدائمة ضد إيران والتي باتت بنداً نمطياً في بيانات المجلس. والحقيقة هي أن الخلافات الواسعة في مجلس التعاون جعلت هذه المنظمة الإقليمية غير فعالة.

كانت الخلافات الأيديولوجية والاستقطابات السياسية الإقليمية بين أعضاء مجلس التعاون في محوري “الإخواني والمناهض للإخوان”، المحور الرئيسي للفجوة في العالم العربي في السنوات الأخيرة.

حيث جعلت الإمارات والسعودية معارضة جماعة الإخوان المسلمين في غرب آسيا وشمال إفريقيا، الاستراتيجية الرئيسية لسياستها الخارجية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، ولم تدخرا أي إجراء معاد لهذا المحور الذي تقوده تركيا وقطر.

من ناحية أخرى، هناك خلافات حدودية وسياسية واسعة النطاق بين دول مجلس التعاون. وإضافة إلى ذلك، فإن سباق التسلح بين الأعضاء وعدم التوافق حول الأزمات المختلفة على الصعيدين الإقليمي وعبر الإقليمي، أدى إلى التشكيك بشكل خطير في فعالية مجلس التعاون، ما يجعله هيئةً غير فعالة وغير مؤثرة.

وفي مثل هذا المستوى من الخلافات، يبدو أن إصدار بيان مشترك معارض لإيران، يشير قبل كل شيء إلى وجود ضغوط خارجية على الأعضاء(بطبيعة الحال من الولايات المتحدة)، لتنحية الخلافات حول قضية العلاقات مع طهران المثيرة للجدل بشدة.

وبناءً علی ما تقدم، فإن الخلافات العميقة والواسعة النطاق بين الدول الخليجية قد تركت مجلس التعاون في الغيبوبة، حتى أن المحاولات الأمريکية لا يمكن أن تمنعه من الانهيار الهيكلي، ما لم يتحول مجلس التعاون من أداة أمريكية إلی منظمة لحل الخلافات وتغيير السياسات الكلية لتعزيز السلام والتعاون الإقليمي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق