حركة تغيير، ظهورها وأُفولها.. قصة حزب سعى للتغيير في كردستان
نشأت حركة تغيير في إقليم كردستان العراق بسبب خلافات داخلية في الاتحاد الوطني وعدم الرضا عن أداء الحزبين الحاكمين في الإقليم، إلا أنها خسرت الانتخابات الأخيرة حتى بالحصول على مقعد برلماني واحد، الأمر الذي أدى إلى استقالة رئيس وأعضاء المجلس التنفيذي.
تأريخ حركة تغيير
تعود فكرة تشكيل حركة تغيير إلى مقابلة نوشيروان مصطفى الزعيم الراحل لهذه الحركة مع جريدة الشرق الأوسط في 4 أبريل 2009. وتأثرا بالاستياء والانقسامات داخل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أعلن في ذلك الوقت أنه سيرأس قائمة جديدة في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة. في تجربتها السياسية الأولى وفي الانتخابات البرلمانية لإقليم كوردستان، فازت قائمة حركة تغيير بـ 25 مقعداً من إجمالي 111 مقعداً في البرلمان المحلي بتاريخ 7/25/2009 وأصبحت ثاني تيار سياسي بعد الحزب الديمقراطي الكردستاني في الساحة السياسية الكردستانية. في وقت لاحق، حصلت الحركة، كجهة سياسية رسمية، على ترخيص رسمي من وزارة الداخلية لإقليم كوردستان في 31 مايو 2010. وفي الانتخابات النيابية العراقية التي جرت في 7-3-2010 حصلت على 8 مقاعد بعدد 487181 صوتا وأصبحت الخامسة في سلم الكتل البرلمانية داخل البلاد. في انتخابات 2013، حصلت في الانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان على 24 مقعدًا، وفي انتخابات 2014 البرلمانية في العراق حصلت على 9 مقاعد. بدأ الاتجاه التراجعي لأصوات الحزب في عام 2018، عندما حصل على 5 مقاعد فقط في الانتخابات البرلمانية العراقية و12 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية الإقليمية في العام نفسه.
قيادة الاحتجاجات الشعبية
شهد يوم 17 فبراير 2011 احتجاجات شعبية ضد حكام إقليم كردستان العراق. ونزل سكان السليمانية والمناطق المحيطة بها إلى الشوارع بهدف إجراء إصلاح جذري لنظام إدارة الإقليم. وخلفت الاحتجاجات 62 قتيلا وأكثر من 500 جريح خلال 62 يوما. استطاعت حركة تغيير في ذلك الوقت أن تتصدر الاحتجاجات وأصبحت تحديًا خطيرًا للحزبين الكرديين الرئيسيين الديمقراطي والاتحاد الوطني. كان هذا التحدي أكبر بكثير بالنسبة للاتحاد الوطني الكردستاني، لأن حركة تغيير تأسست على أساس انشقاق عن الحزب وكانت منطقة نفوذه في السليمانية، في المقابل، تمكن الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي من حماية نفسه إلى حد ما في محافظتي أربيل ودهوك من نفوذ “تغيير”.
وفاة نوشيروان مصطفى
حركة تغيير قادها ونظّر لها نوشيروان مصطفى في الساحة السياسية والاجتماعية لإقليم كردستان. وكان نائب جلال طالباني في الاتحاد الوطني الكردستاني الذي انفصل عن الحزب عام 2009 وأطلق على حركته اسم حركة تغيير. هذه الشخصية الكردية العراقية كانت العامل الأهم في نجاح حركة تغيير في حياتها، حتى وافته المنية عام 2017 عن عمر يناهز 72 عامًا. بوفاته ورغم أن حركة تغيير اختارت “عمر سيد علي” قائداً جديداً، لكن بحسب خبراء سياسيين في إقليم كوردستان، مع خروجهم عن المبادئ التي وضعها وأكدها نوشيروان مصطفى، بدأ تراجع حركة تغيير.
المشاركة في حكم إقليم كردستان العراق
تسلمت حركة تغيير في الوزارة الثامنة لإقليم كردستان العراق، برئاسة نيجيرفان بارزاني، عددا من المناصب الوزارية في الإقليم. في الوقت نفسه، تم تسليم رئاسة البرلمان الإقليمي لممثل هذه الحركة. في نهاية المطاف، أدت الخلافات بين الحركة والحزب الديمقراطي الكردستاني حول تمديد رئاسة مسعود بارزاني وتعديل قانون رئاسة الاقليم إلى طرد يوسف محمد، رئيس مجلس النواب وفريق حركة تغيير من أربيل. هذه التجارب لم تمنع حركة تغيير من المشاركة في مجلس الوزراء التاسع لإقليم كوردستان برئاسة مسرور بارزاني، وأرسلت مصطفى سيد قادر إلى أربيل بصفته نائب نيجيرفان بارزاني في رئاسة إقليم كوردستان، بالإضافة إلى حصولها على عدة وزارات. كانت سياسة تغيير بمعارضة رئاسة الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي للإقليم، والذي يعتبر من ركائزه الأساسية، وتشديده على التغيير في الإقليم غير مبررة. وشهدت حركة تغيير تحولا في توجهات عدد من قياداتها الذين قادتهم مصالحهم نحو الاقتراب من حزب مسعود بارزاني وتولي مسؤوليات عليا في إقليم كوردستان. أدى هذا الوضع في نهاية المطاف إلى استياء عدد كبير من أعضاء وأنصار هذه الحركة في أجزاء مختلفة من إقليم كردستان.
تحدى فصيل مكون من خمسة أعضاء في حركة تغيير، بقيادة يوسف محمد، رئيس برلمان إقليم كوردستان الذي طرده حزب مسعود بارزاني من أربيل سابقا، سياسات حركة تغيير وانتقدوها وتوجهوا نحو الاتفاق السياسي المشترك مع الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، وعملياً، ومن خلال انتقادها الحاد لسياسات حكومة الإقليم، لا سيما في علاقتها ببغداد، أظهرت الحركة أداءً مختلفاً عن توجهات قيادات حركة تغيير الاصلية. وعقب الخلافات الداخلية والأوضاع في حركة تغيير، أعلن عدد كبير من أعضاء وأنصار هذا الحزب، وخاصة في أربيل، انفصالهم عنها. في الوقت نفسه، لم يؤد وجود فريق تغيير في حكومة مسرور بارزاني إلى تنفيذ حزمة الإصلاح المزعومة للحركة، وانضم قادة تغيير، المرتبكون من هذا الوضع، إلى الائتلاف دون مبرر مع الحزب الذي انفصلوا عنه في عام 2009. بمعنى آخر، في نفس وقت الاتفاق السياسي المشترك مع الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، دخلت حركة تغيير أيضًا في اتفاق وتحالف آخر مع الاتحاد الوطني الكردستاني، بل وتحدث البعض عن إعادة توحيد الاتحاد الوطني وحركة تغيير.
الهزيمة الانتخابية وتغيير القيادة
فشل التحالف المشترك بين حركة تغيير والاتحاد الوطني الكوردستاني، في تحقيق الأهداف التي حددها قادة الحزبين. وفاز التحالف في النهاية بـ 17 مقعدًا في البرلمان العراقي، جميعها من الاتحاد الوطني، ولم يترشح أي من حركة تغيير في البرلمان العراقي الجديد. خسرت حركة تغيير 5 مقاعد في الانتخابات الأخيرة و177311 صوتًا. وأدت تداعيات هذه الهزيمة الفادحة للحزب الذي ترأس إقليم كوردستان وقاد الاحتجاجات الشعبية إلى استقالة رئيس وأعضاء المجلس التنفيذي. واستقال عمر سيد علي، زعيم الحركة، ومن المقرر أن تقود لجنة من 10 إلى 15 عضوًا لقيادة الحركة للتغلب على الأزمة الحالية واستعادة ثقة الجمهور.
المصدر/ الوقت