التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

خطيئة تاريخيّة لرئيس الاتحاد الدوليّ لكرة القدم.. هل تجعل “الفيفا” أداة سياسيّة خطيرة 

عقب أكثر من عام على توقيع اتفاق العار أو “التطبيع” بين العدو الصهيونيّ القاتل والإمارات دون قراءة أيّ من بنوده، وبعد أن أصبحت بذلك أبو ظبي “عرابة الخيانة” وضمت إلى حلفها الخانع كلاً من البحرين والمغرب والسودان، لم يترك أبناء الراحل زايد بن سلطان، أول رئيس لدولة الإمارات، فصلاً من فصول الخيانة إلا وارتكبوه بحق الفلسطينيين، بعد العلاقة التي كانت توصف بالدافئة في عهد والدهم، حيث عملوا على تقويض تلك العلاقة وتمادوا في معاداة فصائل المقاومة الفلسطينيّة الإسلاميّة وكل ما يمت لفلسطين، حيث تحالف حكام الإمارات الحاليين مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كافة القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، في ظل تعزيز العلاقات معه في كافة المجالات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والتكنولوجيّة والطبيّة والثقافيّة والدينيّة والإعلاميّة والاستخباراتيّة والسياحيّة، ومؤخراً في الرياضة، لدرجة أنّ رئيس الفيفا (هو نظام تصنيف للمنتخبات الوطنية للرجال في اتحاد كرة القدم)، جياني إنفانتينو، اقترح أن ينظّم محتل الأرض العربيّة كأس العالم لكرة القدم بالمشاركة مع الإمارات عام 2030.

تطبيع رياضيّ

بعد أن أدهشت الإمارات العدو الصهيونيّ نفسه بحجم خيانتها وعمالتها، يبدو أنّ الجانبين الإماراتيّ – والإسرائيليّ يريدان إرسال رسالة واضحة للجميع بأنّنا أصبحنا مع الإمارات “جسداً واحداً”، وذلك استكمالاً لنهج التعاون الكبير بين الإمارات والعدو الصهيونيّ الباغي، بعد الخيانة العظمى التي ارتكبتها أبو ظبي بحق فلسطين والعرب، والدليل على ذلك أنّ رئيس الاتحاد الدوليّ لكرة القدم في الأراضي المحتلة، قبل أيام، التقى رئيس وزراء العدو، نفتالي بينيت، ولم يتوانَ رئيس “الفيفا” بأن يقترح على بينيت أن ينظّم الكيان الغاصب كأس العالم لكرة القدم بالتشارك مع الإمارات عام 2030.

ووسط الذهول الكبير من وصول العلاقات والتطبيع بين الصهاينة والإماراتيين إلى حد التشارك الرياضيّ في تصعيد كبير وتحدٍ خطير للإرادة الشعبيّة الإنسانيّة والعربيّة والإسلاميّة، وهو اقتراح سيلقى بلا شك ترحيباً واسعاً من الصهاينة ومعهم الإماراتيين، بعد اتفاق العار بينهما الذي أدى إلى ازدياد التقارب بينهما في مختلف المجالات، ومن ضمنها الرياضة، من خلال اتفاقيات للعب مباريات في كيان الإحتلال والإمارات، وشراء الإماراتيين لأندية صهيونيّة والاستثمار في رياضة العدو.

وقد مهدت العلاقة المتناميّة بشدّة بين أبو ظبي وتل أبيب لمثل هكذا حدث، بعد أن شكلا تحالفاً جديداً يزداد نمواً بشكل سريع للغاية، حيث، إنّ الهدف الماديّ والاستثماريّ ليس وحده الذي تصبو إليه “إسرائيل” والإمارات من خلال الرياضة، إذ إنّها تحاول الاستفادة من “التطبيع الرياضيّ” لإظهار أن الرياضة “تقرّب بين الشعوب”، كما يردّد “الإسرائيليون” دائماً، وذلك في إطار محاولة التأثير على الوعي وتغيير المفاهيم والثوابت ونظرة الشباب العربيّ إلى محتل أرضهم وقاتل أطفالهم، وهذا ما يستدعي تصدّياً ومواجهة من خلال التأكيد الدائم على أنّ الرياضة في كيان الاحتلال باطلة كما المحتل، وهي جزء لا يتجزّأ من مؤمراته الخطيرة.

زيارة خطيرة

استنكر العرب وماتسمى “جامعة الدول العربيّة” بشدّة قيام رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، بالمشاركة بافتتاح ما يدعى بـ”متحف التسامح” في زيارته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرين إلى أن تلك المشاركة تخالف مبادئ النظام الأساسيّ للاتحاد الدولي لكرة القدم، وتعد “تسييسا مرفوضاً له، كما أنها تعبر عن انحياز صارخ لدول الاحتلال على حساب الفلسطينيين، خاصة أن هذا المتحف مقام قسراً على مقبرة “مأمن الله” الإسلامية الأثرية في العاصمة الفلسطينية القدس، والتي يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر الميلاديّ.

وفي الوقت الذي رفضت فيه السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس عدم استقبال إنفانتينو، فإنّ زيارة المسؤول الرياضيّ الدوليّ أثارت غضباً واسعاً حيال تصرف رئيس الفيفا وما يمثله من استفزاز لمشاعر الفلسطينيين والشعوب العربيّة، فيما أصدر الاتحاد الفلسطينيّ لكرة القدم بيانا قال فيه إنه تلقى الخميس االفائت رسالة رسميّة من رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم يبلغهم فيها برغبته في زيارة المنطقة، وأن هذه الزيارة ستبدأ بزيارة فلسطين يوم الاثنين للقاء أسرة كرة القدم الفلسطينية والمستوى السياسيّ والمشاركة في أيّة أنشطة وفعاليات مقترحة، على أن يقوم رئيس الاتحاد بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدها للمشاركة في فعاليات وأنشطة رياضية وعقد عدد من اللقاءات الرسميّة، في ظل العراقيل التي يضعها الاحتلال أمام الملفات الرياضيّة العالقة، والتي لازالت تشكل عثرة كبرى أمام قدرة الاتحاد الرياضيّ الفلسطيني على النمو والتطوير، ومن باب الاحتياط قام الفلسطينيون بلفت نظر مساعدي رئيس الاتحاد الدولي إلى ضرورة عدم مشاركته بأيّة أنشطة رياضيّة أو سياسيّة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقيّة، وهذا لم يحدث بالطبع.

ورغم المخاطر الكبيرة والكثيرة لزيارة رئيس الاتحاد الرياضيّ الدوليّ للأراضي التي يسيطر عليها العدو ورغم التحذيرات الفلسطينيّة من القيام بها، إلا أن الآذان الدوليّة لم تصغِ للمطالب الفلسطينيّة الشعبيّة والرسميّة وتمت المشاركة في افتتاح ما يدعى بـ”متحف التسامح” الذي لا يمت للرياضة بصلة، خاصة وأن الكثير من الدول ذات العضويّة في الاتحاد الدولي لكرة القدم ترفض بشكل قاطع تسييس رياضة وتؤكّد أنّ ذلك لن يخدم لا قضية السلام، ولا التسامح، وهي القضايا التي عبّر رئيس الاتحاد الدولي عن دعمه لها في أكثر من مناسبة.

واعتبر كثيرون أن هدف هذه الزيارة هو إيقاع الأذى بمنصب رئيس الفيفا والمنظومة الرياضية العالميّة بشكل كامل، ويتناقض مع جهود المنظومة الكروية القارية والدولية في تعزيز قيم السلام والتعايش والتسامح وفقاً للمبادئ المنصوص عليها في النظام الأساسي للفيفا والميثاق الأولمبي وكافة النظم والمبادئ ذات العلاقة، وإن اقتراح إنفانتينو أن تنظّم تل أبيب وأبو ظبي أهمّ حدث رياضي في كرة القدم وهو المونديال،وهذا يقدم فرصة ذهبيّة للكيان العنصريّ والمحتلّ لأرض فلسطين والذي دائماً يستغلّ الرياضة لمحاولة تلميع صورته الإجراميّة والوحشيّة، فكيف إذا كان ذلك من خلال “كأس العالم”؟

يشار إلى أنّ هذا المقترح الخطير مرفوضٌ بشكل قاطع من قبل الكثير من الدول وشعوبها والرياضيين، الذين يؤكّدون دائماً على تمسّكهم بثوابتهم من خلال رفض التطبيع مع هذا الكيان المستبد، كما حصل تماماً في “أولمبياد طوكيو” والموقف المشرّف للبطلين فتحي نورين من الجزائر ومحمد عبد الرسول من السودان، وكذلك الكثير من الرياضيين غيرهم في الكثير من البطولات، ليبقى السؤال ناذا سيفعل العدو الصهيونيّ و “الفيفا” عندما ستمتنع المنتخبات واللاعبون عن خوض البطولة وقبلها مبارياتها التأهيلية؟، ناهيك عن الرفض الشعبيّ وتضرر السمعة المستقبليّة للمنتخبات التي ستخوض الجولات مع المحتل في حال تم ذلك.

بناء على كل ما ذُكر، اعتاد الفلسطينيون والعالم على تسييس منظمة “الفيفا” التي عودتنا على الانحياز الدائم للكيان الباغي، وهذا ما حصل كثيراً، وبينها قبل 4 أعوام عندما توجَّه الاتحاد الفلسطينيّ لكرة القدم إلى نظيره الدوليّ بطلبٍ لمُعاقبة ووقف نشاط أندية المستوطنات التي تلعب في الضفة الغربيّة المحتلة بما يخالف قوانين “الفيفا”، لكن جميع المحاولات باءت بالفشل، إذ إن “الفيفا” رفض اتّخاذ قرار حول المسألة وزعم “الحياد” وأبقى الأمور على وضعها، ليصبح المُتضرّر الوحيد من تلك القرارات الغير شرعيّة هو الفلسطينيون، ما يجعل “الفيفا” أداة سياسيّة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق