التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 2, 2024

ما هي رسالة التحذير التي وجهها السيد حسن نصر الله للولايات المتحدة وإسرائيل 

فإن السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، قد خصص جزء كبير من خطابه الاخير للفتنة الذي التي قام بها حزب القوات اللبنانية وزعيمه “سمير جعجع” الاسبوع الماضي في منطقة طيونة ببيروت، ولم يذكر اسم سمير جعجع مباشرة، وقد غطت وسائل الإعلام الصهيونية والمحللون هذا الموضوع.

في الخطاب السياسي والاجتماعي، عدم ذكر اسم العدو يدل على إذلاله، وكانت هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الأمين العام لحزب الله عن عدد جنوده. لتوضيح أهمية عدد قوات حزب الله التي ذكرها السيد حسن نصر الله في خطابه، يكفي إلقاء نظرة على تقرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية عام 2016. وذكرت الصحيفة الصهيونية في ذلك الوقت أن التقديرات تشير إلى أن عدد قوات حزب الله ارتفع من 20 ألف في عام 2006 إلى 45 ألفًا.

بالإضافة إلى ذلك، يعمل 21 ألف عضو في حزب الله بشكل منتظم، والباقي في قوات الاحتياط، بحسب التقرير. وكتبت “الميادين” في مقال في هذا السياق أن الكشف عن عدد قوى المقاومة في لبنان أو جزء منها له تداعيات وأبعاد تتجاوز الساحة الداخلية للبنان وأحزابه. كما أن موضوع عدد جنود المقاومة مهم جدا، وقد أكد السيد حسن نصر الله في خطابه قبل 3 أشهر: إن عدد هذه القوات أهم بالنسبة لنا من العتاد. ويبدو أن الإعلان عن عدد قوات حزب الله، وهو غير مسبوق من نوعه، جاء رداً على مساعي بعض الأطراف لجر لبنان إلى حرب أهلية. لكنها كانت في الحقيقة رسالة تحذير للمفتنين الأجانب في لبنان، إضافة إلى أن السيد حسن نصر الله لم يذكر سمير جعجع، مبيناً أن تركيز الأمين العام لحزب الله ينصب على الالتزام بدماء شهداء حزب الله في فتنة الطيونة، ولا يعتبر سمير جعجع إلا أداة في خدمة المشاريع الخارجية الهادفة إلى جر لبنان وحزب الله إلى الفتنة والحرب الأهلية. مما لا شك فيه أن الإعلان عن عدد قوات حزب الله أو التعبير عن جزء من هذه القوات هو حدث يخطط للمستقبل، إذ أنه ذو أهمية كبيرة في عملية المشروع الاستراتيجي لمحور المقاومة ضد المشاريع الأمريكية والإسرائيلية. في غضون ذلك، السؤال الذي يطرح نفسه هو؛ لماذا أفصح السيد حسن نصرالله عن هذه المعلومة في سياق صراع داخلي في مواجهة شخصية متدنية الرتبة لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بمواجهة شاملة على المستوى الإقليمي؟

السبب الأول أن ما كشفه الأمين العام لـ «حزب الله» يشير إلى خطورة الفتن الأخيرة في لبنان التي يعتبرها «حزب الله» خطراً مركزياً.

والسبب الثاني أن السيد حسن نصر الله يرى الاضطرابات الأخيرة في لبنان محاولة أميركية لتفجير الوضع في لبنان وخلق مواجهة بين الجيش اللبناني وحزب الله.

أما السبب الثالث، فلا بد من القول إن جهات لبنانية أخرى ربما كانت تفكر في إثارة الفتنة والاضطراب، وعندما تتوافر الظروف اللازمة لها لخدمة مشاريع بلدان الخارجية، فإن الرسالة التحذيرية للسيد نصر الله المتمثلة في الكشف عن عدد محاربيه تدق ناقوس الخطر لجميع هذه الجهات.

في الواقع، كشف السيد حسن نصر الله مؤخرًا عن عدد مقاتلي المقاومة في لبنان هو رسالة رادعة للأحزاب الداخلية اللبنانية مفادها أن يتخلو عن خططهم لشن حرب أهلية تهدف إلى إشراك حزب الله في الشؤون الداخلية اللبنانية لصالح إسرائيل. وعليه، ومع عدد المقاتلين الموجودين تحت تصرف حزب الله، يمكنه نظريًا وعسكريًا أن ينتصر في أي معركة في أي مكان في لبنان وضد أي طرف، كبير أو صغير، أي أن هذه المعارك ليست أصعب من المعارك التي خاضها حزب الله ضد الإرهاب التكفيري. طبعا، حزب الله بالتأكيد لا يريد الحرب في لبنان ولا يسعى إليها، وسعى دائما للدفاع عن سلام لبنان واستقراره، وحتى لو أراد الأعداء الدخول في مثل هذه الحرب، سيتحملون عواقب هذه مغامرة داخل لبنان وسيقعون الضرر بأنفسهم. وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى إنهاء الحياة السياسية للأحزاب الداخلية اللبنانية التي توقع بلدها في الفتنة بالتعاون مع العدو.

الحالة الرابعة أن رسالة السيد حسن نصرالله هذه لم تكن موجهة فقط إلى “القوات اللبنانية” بل للجانب الأمريكي والإسرائيلي. وهذا يعني أنه إذا كان المحور الأمريكي الصهيوني يخطط للتحضير لهجوم واعتداء على لبنان، فإن رسالة السيد حسن نصر الله هذه تظهر أن حزب الله قادر على القتال على جبهات عدة في وقت واحد، ومعالجة شؤون لبنان الداخلية دون المساس باستراتيجية المقاومة ضد إسرائيل.

لعلّ تل أبيب وواشنطن تعتقدان أن الوضع الداخلي للبنان بات جاهزاً الآن لحرب أهلية ثم عدوان أجنبي شامل عليه، هذا في وقت يضعف فيه حزب الله نفسيا وعسكريا ويعتبر في الإعلام جماعة غير شرعية ومعزولة داخل لبنان. لكن رسالة الأمين العام لحزب الله كانت بمثابة تحذير للولايات المتحدة وإسرائيل من أن المقاومة لديها خطة جيدة التخطيط للدفاع عن البلاد في جميع الظروف. موضوع قوى المقاومة في لبنان هو موضوع ذكره السيد حسن نصر الله في آب الماضي. إلا أن العدد الدقيق لهذه القوات لم يذكر، ولكن في خطابه الأخير، لم يتحدث الأمين العام لحزب الله عن كل قوى المقاومة وعددها، والرقم المذكور لم يشمل المقاتلين غير اللبنانيين، لذا عدد قوى المقاومة أعلى من ذلك بكثير.

كان الكشف الأخير عن السيد حسن نصر الله بمثابة رسالة ردع تم إرسالها إلى الأعداء الخارجيين أكثر من إرسالها إلى الأعداء المحليين. خاصة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. يظهر خطاب السيد حسن نصر الله وشخصيته أن كشفه عن عدد قوى المقاومة لم يكن قرارًا عاطفيًا بل نية متعمدة على شكل رسالة تحذير. مع هذا التحذير، ربما يجب على الأمريكيين أن يفكروا جيدًا في خياراتهم في لبنان، وهم أفضل طرف لفك شفرات هذه الرسالة. كما تدرك إسرائيل ومراكز الفكر التابعة لها أنها بحاجة إلى تحديث معلوماتها عن حزب الله وقدراته. كما ذكرت مجلة فورين أفيرز: (قدرات) حزب الله تفوق بكثير مما يعرفه العالم عن الحزب.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق