الأمم المتحدة: الأموال المخصصة لإطعام ملايين الأشخاص في اليمن آخذة في النفاد
خلال السنوات السبع الماضية كان تحالف العدوان السعودي يبرر عدوانه الغاشم على اليمن انه لدواعي حماية الأمن الوطني واﻻقليمي، إضافة الى ذريعة عودة الشرعية المزعومة، ولكن في ضوء المسارات التي اخذها العدوان وكشفه لكثير من الحقائق التي تستبعد تماماً صحة تلك المزاعم، تجلت الحقيقة في أن أبرز الأسباب الأكثر وضوحاً لهذا العدوان البربري على أبناء الشعب اليمني، يتمثل في أن السعودية والامارات تنوبان عن امريكا واسرائيل في خوض هذا العدوان الذي هو عدوان بالدرجة الأولى من اجل اسرائيل وحماية المصالح الأمريكية وخوفاً من الصحوة التي تفجرت عند كثير من الشرفاء في المنطقة وبروز قيادة قادرة على تحريك الشعوب ضد هيمنة قوى الطغيان والجبروت امريكا واسرائيل. وليس من المستغرب أن تخوض هذه الدويلات العدوان بالنيابة عنهما لأن قوى الطغيان تلك تتعامل معهما كوﻻيات تابعة لهما وقد اقتضت مصلحتها ان تبدو الحروب التي يشعلانها في المنطقة حروبا عربية عربية وأن تحمل هذه الدويلات عنها التبعات الاقتصادية والبشرية واﻻخلاقية والقانونية والسياسية.
وحول هذا السياق، ذكرت الأمم المتحدة، إن ملايين الاشخاص في اليمن، يقفون على عتبة المجاعة، لافتة إلى أن 20 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة. ولفت منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن “ديفيد غريسلي”، في مؤتمر صحفي بجنيف يوم أمس، إنه بعد 7 أعوام تقريباً من الصراع، يحتاج 20 مليون شخص أي ثلثي السكان، للمساعدة. وأضاف: “5 ملايين يقفون على عتبة المجاعة، بينهم 400 ألف طفل”. وتابع “غريسلي”، أن الاقتصاد اليمني منهار، وأسعار الغذاء ارتفعت، ويصعب توفير السلع. وتسبب اتساع الصراع في تفاقم الوضع بالنسبة لعدد لا حصر له من الأشخاص وخصوصا جنوب البلاد، حسب المبعوث الأممي الذي قال إن “أسوأ أزمة انسانية في العالم تتأجج في اليمن”. لكنه لفت إلى أن الاستجابة لمتطلبات توفير الأمن الغذائي تحسنت، إذ تلقت الأمم المتحدة تمويلا سمح بتوسيع رقعة المستفيدين من 10 ملايين إلى 13 مليونا. ويشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80% من السكان (البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة) يعتمدون على الدعم والمساعدات في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وعلى نفس هذا المنوال، حذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من أن الأموال اللازمة لإطعام ملايين الأشخاص في اليمن الذي مزقته الحرب قد تنفد في غضون أسابيع ، ودعا المانحين إلى ضخ المزيد من الأموال لتجنب مجاعة واسعة النطاق. وقال “ديفيد بيزلي” المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي لرويترز إن النصف الأول من عام 2022 سيكون قاسيا بالنسبة لليمن الذي يتأرجح على شفا المجاعة بعد قرابة سبع سنوات من الحرب بين تحالف العدوان السعودي وقوات صنعاء. وقال “بيزلي”، “نفد المال لدينا في غضون أسابيع قليلة. لا أرى كيف لا نتجنب، في هذه المرحلة، مجاعة ذات أبعاد، دون ضخ كميات جديدة من الاموال الإضافية.”
وتسببت الحرب والانهيار الاقتصادي وكذلك قيود تحالف العدوان السعودي على الواردات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات صنعاء، في ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم ، حيث يواجه 16 مليون شخص المجاعة. وقال برنامج الأغذية العالمي في يونيو / حزيران الماضي إنه استأنف التوزيعات الشهرية لنحو ستة ملايين شخص في المناطق اليمنية التي تشهد أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي بعد أن استجاب المانحون للتحذيرات. لكن في سبتمبر / أيلول الماضي، دقت الوكالة الأممية ناقوس الخطر مرة أخرى، قائلة إن هناك حاجة ماسة إلى 800 مليون دولار إضافية في الأشهر الستة المقبلة. وقالت إنه سيتعين خفض الحصص إلى 3.2 مليون شخص بحلول أكتوبر تشرين الأول وخمسة ملايين بحلول ديسمبر كانون الأول دون مزيد من الأموال. وتصاعدت المعارك في الأسابيع الأخيرة في المناطق الغنية بالطاقة في مأرب وشبوة، مما زاد من إعاقة تدفق المساعدات في بلد يحتاج 80٪ من سكانه البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى المساعدة. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في وقت سابق من هذا الشهر إن أربعة من كل خمسة أطفال يحتاجون إلى مساعدات إنسانية ، بينما يعاني 400 ألف من سوء التغذية الحاد.
وفي هذا المنوال، حذر تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية قبل عدة أيام من أن الوضع في اليمن يتدهور بسرعة، وفقا لتقرير البرنامج الذي أعرب عن مخاوفه حيال إمكانية تسجيل زيادات هائلة في عدد اليمنيين الذين يواجهون خطر المجاعة خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة. ونقلت هذه الصحيفة عن “أنابيل سيمنغتون”، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي في اليمن، قولها إن اليمنيين في موقف لا يمكنهم فيه في الوقت الراهن تحمل تكلفة إمدادات الغذاء الأساسية. وأضافت المتحدثة: “الأسباب وراء أزمة الجوع في اليمن ربما تنطوي على قدر كبير من التعقيد، لكن أثر الجوع على اليمنيين واضح للعيان. فالتراجع الحاد في قيمة الريال اليمني وارتفاع أسعار الغذاء جعلت من المستحيل تحمل اليمنيين العاديين نفقات الغذاء الأساسي”. وشددت المتحدثة باسم البرنامج العالمي على ضرورة توفير 797 مليون دولار من أجل الاستمرار في توفير المستويات الحالية من المساعدات الغذائية على مدار الأشهر الستة المقبلة التي تبدأ في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
واستمرارا للمآسي التي يعيش فيها أنباء الشعب اليمني جنوبا وشمالا، كشفت الأمم المتحدة، قبل عدة أسابيع، أن نحو نصف الشعب اليمني يفتقرون إلى مياه الشرب النقية وخدمات الصرف الصحي، بسبب الصراع الدائر في اليمن للعام السابع على التوالي. وذكرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة عبر حساب بعثتها في اليمن على “تويتر”، أن “اليمن يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وما يقرب من 15.4 مليون شخص يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي”. وقالت المنظمة إنها “زودت 2.1 مليون شخص بخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة العام الماضي في اليمن”. ومنذ أيام، أعلنت الأمم المتحدة أن طفلاً واحداً يموت في اليمن كل عشر دقائق لأسباب كان من الممكن تفاديها بما في ذلك من جرّاء الجوع والأمراض.
ويعتقد عدد من المراقبين أن صمت الأمم المتحدة على مثل هذه التقارير، والتباكي على الشعب اليمني المكلوم، يكشف مستوى الضحالة الاخلاقية التي باتت تسير عليها الأمم المتحدة، باتخاذ اليمن أداة للتسول، بغرض إثراء جيوب مسؤولي الأمم المتحدة. وخصوصاً أن المنظمات الدولية العاملة في اليمن، تواجه اتهامات بالمتاجرة بالأزمة الإنسانية التي صنعها التحالف في اليمن. وعلى صعيد متصل، ذكر العديد من المراقبين، أن الأمم المتحدة شريك أساسي في الابادة الجماعية التي تحدث للشعب اليمني من خلال صمتها وموفقتها على الحصار الجائر الذي تفرضه قوات العدوان على ميناء الحديدة منذ اكثر من خمس سنوات ونصف السنة والذي بدوره يهدد بكارثة انسانية بكل المستويات والمقاييس وعلى راس ذلك القطاع الصحي. وأكد اولئك المراقبين، أنه لن تعود الحياة والحق في العيش على هذه الارض الا بالقضاء على الشرذمة التي تدعي أنها إنسانية وهي اليد الاساسية في كل الخراب في العالم. وطالب المراقبين الاحرار والكّتاب بتعرية الامم المتحدة أمام الملأ وكشف مخططاتها والجرائم التي تقوم بها.
المصدر/ الوقت