التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

جعجع والهروب المستحيل من أحداث الطيونة 

بعد أن تقدّمت بلدية “الغبيري” في العاصمة اللبنانيّة بيروت بدعوى قضائيّة ضد رئيس ميليشيا “القوات اللبنانيّة” سمير جعجع، واستدعائه للاستماع لشهادته في الجلسة التي كان من المقرر أن تعقد يوم الأربعاء الماضي، في ظل اتهامات من المقاومة اللبنانيّة “حزب الله” وحركة أمل المتحالفة معه بأنّ أنصار القوات اللبنانيّة قتلوا بالرصاص 7 من أنصارهما في اشتباكات وقعت منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، وأتت الدعوى في سياق الدفاع عن الحق العام وحقوق المواطنين حفاظاً على الأمن الاجتماعيّ والاقتصاديّ، لأن جريمة “الطيونة” تسببت بأذى معنويّ كبير للسكان بعد اضطرار بعضهم إلى إخلاء بيوتهم إثر عمليات القنص وتضررها نتيجة ذلك.

رغم أنّ الجيش اللبناني وعلى لسان أحد ضباطه الرفيعين أكّد أنّ عدداً من عناصر حزب القوات اللبنانيّة اعترف بالتحضير لأحداث الطيونة، إلا أنّ المئات من أنصار الحزب المعروف بجرائمه إبان الحرب الطائفيّة في لبنان، تظاهروا تضامناً مع جعجع بوجه ما اعتبروه استهدافاً سياسيّاً لعزله وكمينا محكما للنيل منه، فيما غاب زعيم الحزب المسيحي عن جلسة بمقر المخابرات العسكريّة حول هجوم الطيونة الدمويّ، حيث زعم جعجع أنّ تلك الاتهامات غير صحيحة قائلاً أنّه مستهدف دون وجه حق لدعمه التحقيق الذي يجريه القاضي طارق بيطار في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/ آب 2020.

وبالتزامن مع الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي يعيشها لبنان وحجم الأعباء الملقاة على عاتق الحكومة الحاليّة، زادت التصرفات الرعناء لرئيس حزب القوات من الأزمة السياسيّة والاحتقانات الموجودة أساساً في هذا البلد الممزق على جميع المستويات، وقد دفع مؤخراً بمناصريه إلى الطرق المؤدية إلى منزله، رافعين الأعلام اللبنانية ورايات الحزب، ورددوا شعارات داعمة لزعيم حزب القوات، دون تسجيل مناوشات أو إشكالات.

وفي الوقت الذي اعتبر مناصرو جعجع أنّ قائدهم “حدد معادلة استماعه” من خلال شرط توجه الأمين العام لحزب الله اللبنانيّ، السيد حسن نصرالله، تناسى الأخير وجماعته أنّ ما قاموا به يُعد جريمة تاريخيّة بحق لبنان وشعبه خاصة أنّ ذلك يفتح جراح الماضي ويعيد كرته من جديد، والدليل ما ذكره مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة، القاضي فادي عقيقي، بشأن توجيه الاتهام لثمانية وستين شخصاً بارتكاب جرائم القتل ومحاولة القتل وإثارة “الفتنة الطائفيّة”، كما شملت الاتهامات التحريض وحيازة أسلحة حربيّة غير مرخصة إضافة إلى التخريب في الممتلكات العامة والخاصة.

ومن المعروف أنّ رئيس ميليشيا القوات اللبنانيّة المدعوم أمريكيّاً وسعوديّاً والمُتهم باستهداف المتظاهرين الذين اعتصموا ضد القاضي طارق بيطار الذي يقود التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، بنيران القناصة، هو أحد قادة الحرب الأهليّة، وقد دخل السجن بعد انتهاء الحرب الأهليةّ (1975 – 1990) وخرج منه في 2005 في أعقاب خروج الجيش السوريّ من لبنان، بعد وجود عسكريّ دام ثلاثة عقود، والذي تم تحت غطاء الجامعة العربيّة ليضع حدًّا للحرب الأهليّة والنزاع العسكريّ.

ومن الجدير بالذكر أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” وصهر رئيس الجمهوريّة ميشال عون، النائب جبران باسيل، قال في تغريدة عبر تويتر: “عندما تحدثت عن تواطؤ ثنائي الطيونة قامت القيامة، هذا التواطؤ رأيناه في الشارع على دم الناس وفي مجلس النواب على قانون الانتخاب وحقوق المنتشرين، وغداً سنراه في المجلس وفي القضاء على ضحايا انفجار مرفأ بيروت والطيونة معاً”، مضيفاً: “لا لطمس الحقيقة بأكبر انفجار شهده لبنان والعالم مقابل تأمين براءة المجرم”.

في النهاية، إنّ المقاومة اللبنانيّة المتمثلة بـ “حزب الله” باتت كابوساً حقيقيّاً يؤرق الكيان الصهيونيّ الغاصب وعملائه، لأن الحزب استطاع بالفعل فرض معادلة ردع فريدة على العصابات الصهيونيّ العنصريّة ومؤيديها، الشيء الذي جعله حاضراً بقوّة على المستويين الداخليّ والخارجيّ، وبالرغم من كل العداوات التي تتربص بهذا الحزب المقاوم ومحاربته من خلال عملاء الداخل، لمحاولة تغيير قرار المقاومة في لبنان والمنطقة، وتغليب لغة المساومة، سيبقى حزب الله رمزاً للمقاومة بالنسبة للشعب اللبنانيّ أياً تكن الظروف الداخليّة التي كان منقذاً فيها رغم كل المخاطر، وقد تحدى الثالوث العربيّ العبريّ الغربيّ وأفشل كل الضغوط التي تمارس على اللبنانيين لتعزيز الانقسام الداخليّ حول المقاومة، ليبقى “العميل عميلاً والمقاوم مقاوماً”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق